بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد لله الذي أعاننا على الصيام والقيام، وأسأله عز وجل أن يوفقنا لذكره وشكره وطاعته على الدوام، والصلاة والسلام على إمام كل إمام، والشفيع الأعظم لجميع الأنام يوم الزحام؛ سيدنا محمد وآله الكرام وصحابته العظام، وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين .. آمين آمين يارب العالمين
ما الذي يجعل القلب يكتسب الرقة ويكون قلباً رقيقاً؟
القلوب الرقيقة هي القلوب القريبة من الله، المحببة إلى سيدنا رسول الله، المملوءة بالشفقة والرحمة والعطف والحنان على جميع خلق الله.
وكي يصير قلب الإنسان رقيقاً فإن له علامات على هذه الرقة، وعلامة رقة القلب أن صاحبه دائماً تفيض عيناه بالدمع عند تلاوة آيات كتاب الله، أو عند سماع موعظة حسنة، أو عند موقف يتأثر به يكون له فيه عبرة، فتراه تتدفق من عينيه الدموع ولا يستطيع ايقافها، وهذا دليل على رقة صاحب هذا القلب لأن قلبه أصبح قريباً من القريب سبحانه وتعالى.
شروط رقة القلب
لكي يصل الإنسان لهذه الحالة فهناك عدة شروط:
الشرط الأول: المطعم الحلال:
فإن المطعم الحلال يجعل أعضاء الإنسان الظاهرة والباطنة كلها تستجيب لله، وكلها تستجيب لأوامر ونواهي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجعل أهلها كلهم لينة أعضاؤهم وأجسادهم في طاعة الله، ويلينون في أيدي إخوانهم في الله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:
فلا يكون متصلب الرأي، عنيد الطبع، عنده غلظة في التعامل مع غيره، فإن ذلك علامة فقدان الرقة لله تبارك وتعالى في قلبه.
والمطعم الحلال يقول فيه سيدنا عبد الله عباس رضي الله عنهما فيما معناه: (اللقمة الحلال إذا نزلت إلى البطن تجعل الأعضاء تستجيب لطاعة الله، وتتعاصى عن كل شيء يُغضب الله).
فأول أمر في هذا الباب هو قوله صلى الله عليه وسلَّم:
فيكف يكون رقيق القلب أو من المقربين؟! لا يكون ذلك أبداً، ولذلك كلما نظرت إلى إنسان ليس عنده شفقة أو رحمة أو حنانٌ بخلق الله، فاعلم أن هذا هو الذي يقول فيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلَّم:
فهو موضع تنزل رحمة الله في قلبه، ويظهر أثر ذلك فيمن حوله من خلق الله تبارك وتعالى.
الشرط الثاني: قراءة القرآن بالتدبر:
فإن الله نعى على قوم فقال: ” فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الله ” (22الزمر) والويل هنا معناه البعد، ومعناه الهلاك، ومعناه كما قيل: واد في جهنم تستجير منه جهنم، ولكن معناه الذي نحتاجه الآن هو الصدود عن طاعة الله، والإعراض عن سماع وتلاوة كتاب الله، والضيق عندما يتحرك لسانه أو يسمع حوله ذكرٌ لمولاه، وذلك نراه في القاسية قلوبهم الذين قد يعيشون بيننا أو حولنا، نسأل الله أن يحفظنا من هذا لحال أجمعين، ويجعلنا من الذين يقول فيهم: ” ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ” (23الزمر).
فتلاوة القرآن بالتدبر هي باعثٌ حثيث على رقة القلب والفؤاد، ولذلك كان صلى الله عليه وسلَّم وهو يجهز أصحابه للتلاوة السديدة الرشيدة يقول لهم:
يعني إذا لم يكن البكاء سجيةٌ وطبيعةٌ للمرء لرقة القلب، فليتصنع البكاء، وذلك عندما يكون يقرأ بمفرده، أما الذي يتصنع البكاء عندما يكون إماماً يُصلي بالناس فهذا لا يجوز، ولا يصل إلى قلوب الحاضرين أو السامعين أو المصلين خلفه، لأن ما كان من القلب وصل إلى القلب.
وكان صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه الكرام ديدنهم في تلاوة القرآن أن تسِّح الدموع من عيونهم عند تلاوته، وخاصة عند الآيات التي فيها ذكر النار، أو الآيات التي فيها ذكر أهوال يوم القيامة، أو الآيات التي فيها ذكر الموت.
ولذلك نعجب عندما نسمع قارئاً يقرأ في محفل ويقرأ آيات تتحدث عن القيامة أو عن جهنم، والجمهور يقول (الله) فهذا دليلٌ على أن هؤلاء هم الذين يعنيهم الإمام علي عندما يقول رضي الله عنه وكرم الله وجهه: (الناس ثلاثة: عالمٌ رباني، ومتعلمٌ على سبيل النجاة، وهمجٌ رعاعٌ أتباع كل ناعق).
هم همج رعاع، لأنه لا يميز ما يسمعه، وكأنه لا يعي الكلام، ولا يتدبر في معنى هذا الكلام، لأنه إذا تدبر الكلام يقول مثلاً: يا حفيظ يا سلام كما يقول القوم المتدبرون عندما يستمعون إلى آيات النار أو آيات القيامة يقول: يا حفيظ احفظنا، يا سلام سلمنا، ويسأل الله الحفظ والسلامة مما سمعه في كتاب الله تبارك وتعالى.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلَّم يُعلِّم أصحابه أن يعملوا في القرآن بما أمر الرحمن، فإن الله قال عن القرآن: ” وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ ” (17القمر) لم يقُل: للتلاوة، ولكن (للذكر) والذكر يعني التذكر والتفكر والتدبر: ” فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ” (17القمر) لم يقُل هل من تالٍ.
والذين يعُدُّون ختمات في رمضان، هل يعدون نعم الله عليهم في كل طرفة عين؟!!، فإذا كان الله لا يعُد علينا نعمه، فكيف نعد التلاوة التي نتلوها لحضرته؟ ولكن كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (لأن تقرأ إذا زُلزلت الأرض زلزالها بتدبر، خيرٌ لك من أن تقرأ القرآن كله هزرمة) وهزرمة يعني يقرأ بسرعة وبدون فهم، فيجد نفسه أنهى جزأين من القرآن وهو غير منتبه أنه في أول الجزء أو في نصف الجزء أو في آخر الجزء، فهذه تلاوة يضحك بها على نفسه، ويوهم نفسه أنه يقرأ كتاب الله.
ولكن: ” وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ” (106الإسراء) يعني يقرأه بتأني وبتدبر طوال العام وليس في شهر رمضان فقط، فإن هذه التلاوة هي التي يحبها الرحمن تبارك وتعالى.
وأعلى هذه التلاوات هي قوله سبحانه وتعالى في القرآن: ” اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاكْرَمُ ” (3العلق) والواو هنا واو المعية، يعني اقرأ مع ربك، وتذكَّر عندما تقرأ القرآن أنك تقرأ مع الله، كما ورد بالأثر: ((من أراد أن يناجي الله بغير ترجمان فليقرأ القرآن)).
أنت تناجي الله بكلامه، وتستمع إليه وهو يتلو كلامه، لأنه كلام الله سبحانه وتعالى، والذي يأمر والذي ينهى والذي يُوصي في الآيات هو الله تبارك وتعالى، هو الذي يتلو عليك القرآن.
فقراءة القرآن بالتدبر والتمعن هي عاملٌ قويٌ جداً لحدوث رقة القلب، ولذلك نجد التالين للقرآن دائماً وأبداً داخلين في قول الله: ” وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ” (60المؤمنون) دائماً في قلوبهم وجلٌ من الله، وخوفٌ من الله، ومراقبةٌ دائمةٌ لحضرة الله لأنهم يعيشون مع الله على الدوام في تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى.
الشرط الثالث: مجالسة الصالحين:
مجالسة الصالحين، وسماع العلوم الوهبية من العارفين ترقق القلب، فإن مجالسة العارفين يقول فيها صلى الله عليه وسلَّم:
ويعني هنا الفقراء إلى الله: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ” (15فاطر) لأنهم يشعرون في كل أنفاسهم بأنهم لا يستطيعون حركة ولا سكنة ولا فتح اللسان بكلمة ولا عمل أي شيء إلا بتوفيق الله ومعونة الله وحول الله، ودائماً يفتقرون إلى الله ليمدهم بمدده ويوفقهم في العمل الذي يحبه ويرضاه.
وكما ورد ببعض الأثر: ((جالسوا الفقراء، فإن رحمة الله لا تبعد عنهم طرفة عين)) تتنزل عليهم الرحمات من الله على الدوام، وتتنزل عليهم السكينة، وتحفهم الملائكة بأجنحتها في كل مجالسهم، لأن مجالسهم إما مجالس ذكر، أو تذكير، أو مجالس قرآن، أو مجالس في سيرة النبي العدنان، أو في سير الأنبياء والمرسلين، أو حكاياتٌ عن الصالحين، وكل هذه المجالس تحفها الملائكة بأجنحتها من الأرض إلى السماء، وتتنزل عليهم الرحمة، وتغشاهم السكينة، ويذكرهم الله تعالى فيمن عنده.
ولذلك مجالسة الصالحين أساس قوي في رقة القلب لأي سالك في طريق رب العالمين تبارك وتعالى.
والمجالسة تقتضي المؤانسة لأن الكثير يظن أنه يستطيع أن يُحصِّل ذلك من الكتب التي تتحدث عن الصالحين، أو من السماع ولو عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي كما نرى، ولكن الإمام أبو العزائم رضي الله عنه يقول: (نَفَسٌ مع العارف حياةٌ للقلب، ونَفَسٌ في حياة القلب خيرٌ من حياة الفردوس).
لأن القلب لا يحييه إلا مواجهته لحيٍّ، فالرجل الذي أحيا الله قلبه هو الذي يحيي قلوب من حوله بمجرد مجالستهم له، فالمجالسة تقتضي المجانسة، والمجانسة تقتضي المؤانسة.
عدة السالكين
أما الأمور التي يستعين بها من يريد رقة القلب فهي الأمور التي اتفق عليها الصالحون أجمعون، وهي الإقلال من الكلام، والإقلال من الطعام، والإقلال من المنام، وذكر الله تبارك وتعالى على الدوام، وهذه عُدة لا بد منها لأي سالك في طريق الله.
الإقلال من الكلام
والإقلال من الكلام يعني لا يتكلم إلا لضرورة مع الخلق، وإذا لم يُضطر إلى الكلام فالصمت خيرٌ من الكلام، كما ورد بالأثر: ((الصَّمْتُ حُكْمٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ)) وقال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: ((كنا نتعلم الصمت كما تتعلمون الكلام)).
وكان رضي الله عنه يضع تحت لسانه حصاة، فسُئل عن ذلك، فقال: (هذا الذي أورني الموارد) يعني يجعلها كفرامل، فلا يتكلم اللسان إلا إذا اضُطر إلى هذا الكلام، وقبل أن يخرج الكلام من فيه يتمعن فيه ويتدبر فيه قبل خروجه، فإن الكلمة إذا لم تخرج منك ملكتها، وإذا خرجت منك ملكتك.
إذا قلت كلمة لإنسان مؤذية تندم عليها، وتحاول أن تعتذر وربما لا يقبل العذر، وتسوق إليه من هنا وهناك حتى يقبل العُذر، ما الذي دعاك إلى هذا؟!!، فالرجل الحكيم لا يتكلم إلا إذا وُجد هناك ضرورة لهذا الكلام.
سيدنا لقمان الحكيم سُمي حكيماً لأنه كان لا يتكلم إلا لضرورة، سأله رجلٌ أن يذبح شاة، ثم قال له: ما أحسن ما فيها؟ فأشار إلى اللسان وإلى الفرج، ثم قال له: وما أسوأ ما فيها؟ أشار أيضاً إلى اللسان وإلى الفرج، إن إستعملهما فيما يُرضي الله نال رضاه، وإن تركهما هملاً وترك النفس تفعل ما تشاء كان همجاً رعاعاً من الذين لا يقيمون للحق سبحانه وتعالى شرعاً، ولا يهتم بحكمه ولا أحكامه ولا نواهيه ولا أوامره تبارك وتعالى.
ذهب سيدنا لقمان إلى سيدنا داود، وكان سيدنا داود في هذا الوقت قد ألهمه الله صناعة الدروع، ومن أجلها ألان الله تبارك وتعالى له الحديد: ” وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ” (10سبأ) فكان الحديد في يده كالعجينة يُصنعها كيف يشاء، فذهب إليه لقمان وهو يصنع الدروع، فقال: قالت لي نفسي: سله ماذا يصنع؟ قال: فقلت لها: ولِمَ أسأله؟! إن كان شيئاً لا بد لي من معرفته فسيُخبرني به بغير سؤال، فإذا به يقول لي: هذه درعٌ نلبسها في الحرب حتى تقينا من ضربات السيوف والرماح والسهام.
فجاءت الإجابة بغير سؤال، وهكذا معاملة الصالحين في الكلام في حياتهم الدنيا، يتدبر الكلام ومعانيه في باطنه وفي عقله وفي فؤاده قبل أن ينطق به، فإن كان ما ينطق به سيكون في صحيفة حسنته تكلم به وأمضاه، وإن وجد أنه سيسبب له أذى في نفسه في الدنيا، أو يُكتب في صحيفة سيئاته في الآخرة، نهى نفسه عنه والتزم الصمت، والصمت هو الحكمة، قال صلى الله عليه وسلَّم:
يُلَقَّنُ أو يُلَقِّنُ الحكمة، يعني يأخذ الحكمة إذا مشى على منهج الصمت، ونأخذها أيضاً من الرجل الصامت الذي لا يتكلم إلا نذراً، أما الذي يتكلم كثيراً قال عنه الخبير الرباني صلى الله عليه وسلَّم:
والثرثار الذي يتكلم بصفة دائمة، والمتشدق الذي يُخرج الكلام من أشداقه ويتظاهر بالفصاحة، فيكره صلى الله عليه وسلَّم ويبغض الثرثارون الذين يتحدثون بغير توقف، وفي أي أمر، كما نرى كثيراً من أهل العصر، يريدون الكلام في أي موضوع ولو كان ليس له شأنٌ به، ولا من تخصصه ولا سبق له معرفةٌ به، لكن يريد أن يُري الخلق حوله أنه عارفٌ بكل شيء.
الإقلال من الطعام
وكذلك الإقلال من الطعام وهو أن لا يأكل إلا إذا جاع، وإذا أكل لا يشبع، ويعمل بالحكمة النبوية:
إذاً ما المقدار الذي أضعه في المعدة من الطعام؟ كما أمر الحبيب المصطفى، لا يزيد عن الثُلث، بالله عليكم من حافظ على ذلك هل يُصاب بمرض؟ أبداً.
والمفروض في شهر الصيام أن المستشفيات والعيادات تُغلق، لكن أكثر شُغل الأطباء في المستشفيات والعيادات في شهر رمضان، لماذا؟ لأن الإنسان طوال اليوم يكون صائماً، وعند الفطور لا يستطيع أن يكُفَّ نفسه عن الطعام، ولذلك نجد كثيراً من الناس في صلاة التراويح يقاوم النوم، ولا يستطيع الصلاة من كثير الطعام الذي فيه، والدم كله متحول إلى المعدة للهضم، فالدم الواصل إلى المخ قليل فيكون الإنتباه غير موجود، ويريد أن ينام.
وكثيرٌ منهم عندما يرى حاله كذلك يقول أنام بعد الفطور وعندما أستيقظ أُصلي العشاء والتراويح، وهذا مخالفٌ تماماً لسُنَّة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلَّم.
الإقلال من المنام
الأمر الثالث المساعد هو الإقلال من المنام، فالمؤمن لا ينام إلا إذا غلبه النوم، لكن لا يتصنع النوم ويقول: حدث لي أرق، ومكثتُ ساعتين أو أكثر ولا أجد النوم، فيبحث عن الحبوب المنومة أو ما شابه، فليست هذه من عادات المسلمين.
إذا كنت في يقظة فإن الله يريدك أن تجالسه، إن لم تستطع أن تقف بين يديه مصلياً، فكن له ذاكراً، فقد قال عز وجل في حديثه القدسي:
ماذا عليك لو أخذت في ذكر الله أو الاستغفار أو الصلاة على رسول الله وأنت نائم؟! مع إني على يقين لو أنك فعلت ذلك فإن النوم سيأتي فوراً، لأن الشيطان لن يتركك تذكر الرحمن، وسيُحسب لك هذا النوم ذكر لله تبارك وتعالى لقوله صلى الله عليه وسلَّم:
وقيل: (من نام على ذكر الله كُتب طوال نومه هذا قائماً ذاكرا، فإذا استيقظ قيل له: ادعو فإن لك دعوة لا ترد) فيكون نائماً ومكتوباً عند الله قائماً ذاكراً لله سبحانه وتعالى.
ذكر الله على الدوام
الأمر الأخير: المداومة على ذكر الله، وهل هناك عُذرٌ بعد قول الله: ” الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ” (191آل عمران) ليس هناك عُذر لمؤمن في ترك ذكر الله بعد ذلك
والذكر لا يحتاج إلى وضوء ولا حتى إلى طهارة، يعني حتى لو كنت على جنابة تستطيع أن تذكر الله، ولا يحتاج إلى اتجاه لقبلة ولا حالة خاصة، ولكن قياماً وقعوداً وحتى وأنت نائم.
فالذاكرون الله كثيرا والذاكرات هم في أعظم المقامات، يصلون إلى ذلك بالإكثار من ذكر الله، وقد قال صلى الله عليه وسلَّم في حديثه الصحيح:
{ القَلْب يَصْدأُ كَمَا يَصْدَأ الحَدِيد، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا جِلَاؤُه؟ قَالَ: تِلَاوَة القُرْآن وَذِكْرُ الله تَعَالَى }[12]
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده الذاكرين الفاكرين الحاضرين مع حضرته في كل وقت وحين، وأن لا يشغلنا بالدنيا عن عبادته وطاعته أجمعين، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
[1] سنن أبي داود والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما