• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

1فبراير 2013م

برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية_حلقة 16_ مجلس طفنيس الأقصر 1-2-2013

شارك الموضوع لمن تحب

الحلقة السادسة عشر

********

  • الحرية في الإسلام

  • الإبداع في الإسلام

  • توظيف الرسول صلى الله عليه وسلم لإمكانات صحابته

  • حل مشكلة العنوسة

  • الاعتدال في الفكر

  • جسد الوَلي بعد الموت

 

الحرية في الإسلام

سؤال: ما مفهوم الحريات في الإسلام؟

=======================

الإسلام أعطى للمسلم حرية في اتخاذ العقيدة الصحيحة التي يريدها في دنياه، فليس لدى المسلم صلاحيات أن يرغم أحداً غير مسلم – أو يُكرهه – على الدخول في الإسلام، لأن الله عزَّ وجلَّ قال: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [256البقرة]. وقال للنبي صلى الله عليه وسلم بذاته: ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [99يونس].

إن الإيمان لا ينفع إلا إذا كان عن اقتناع ورضا من الإنسان، هذا في البداية، ثم بعد ذلك إذا دخل المؤمن في دائرة الإيمان أصبحت حريته مرتبطة بأسوار شريعة حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ، لأن من ارتضى الإيمان لابد له من مراعاة شرع الرحمن.

فأنت حُرّ ما لم تَضُرّ، ما لم تضر نفسك أو غيرك، أنت حرٌّ في أنواع الطعام التي تأكلها بشرط أن تكون من أبواب حلال، لكن لست حرًّا في أن تأكل ما حرَّم الله وتقول أنا حرّ، وأيضاً لست حرًّا في اختيار طريقة الكسب التي تُحصل بها الأرزاق لأنها لابد أن تكون مطابقة لشرع الله عزَّ وجلَّ.

أنت حرٌّ في أن تشرب ما تشتهي، بشرط ألا تكون من الأصناف التي نَهى عنها الله، تشرب ما شئت من أنواع المياه، تشرب ما شئت من أنواع المشروبات، على ألا تذهب في دائرة المخدرات، لأن هذه دائرة حمراء نَهى عنها الله، وبغَّضها ونَهى عنها سيدنا رسول الله، فلا تقول أنا حرّ وتشرب البانجو، أو الحشيش، أو الهيروين، أو تتناول الحبوب المخدرة.

الإسلام أمرك أن تحافظ على أشياء، أن تحافظ على نفسك وعلى غيرك، وأن تحفظ عقلك، وأن تحفظ نسلك بأن يكون من حلال، وأن تحفظ دينك، وأن تحفظ عرضك، هذه خمسة أشياء قامت عليها الشريعة الغراء في حرية المسلمين.

أنت حرٌّ في شأن إتيان زوجك، على أن يكون ذلك بالطريقة التي وضحها كتاب الله وبيَّنها رسول الله، تأتيها من أي جهة أو على أي هيئة، لكن يَحْرُمُ ذلك في فترة حيضها، لأن النبيَّ نَهى عن الجِمَاع في فترة الحيض، وكذلك يحرم أن تأتيها في دبرها فقد قال صلى الله عليه وسلم: { مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا} (سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه).

إذاً ما دمتُ دخلتُ في حظيرة الإيمان أصبحت حريتي مقيدة بشريعة الرحمن عزَّ وجلَّ، لا أقول أنا حرٌّ وفقط، لكن أقول أنا حرٌّ في حدود شريعة الله.

لا تقل أنا حرٌّ في مالي وميراثي أوزِّعه في حياتي كما أحبُّ وكما أريد، إذاً أنت تضرب بتشريع الميراث – في كتاب الله – عرض الحائط. أنت حرٌّ في مالِك في حياتك وتحت الحدود الشرعية الحاكمة للتصرف فى المال، فمثلاً تُجهِّز إحدى بناتك بخمسين ألف جنيه، لأن ظروفها اقتضت ذلك، ثم بعد فترة جهَّزت أختها بسبعين ألف جنيه، لأن ظروفها تقتضى ذلك، هل أعوض الأولى لأن نفقتها كانت أقل؟ لا ..

كذلك أنت تُنفق على ابنك الذي دخل كلية الطب مبالغ كبيرة، وأنفقت على أخيه الذي أخذ معهد متوسط مبالغ أقل، فلا تعوضه بما أنفقته على أخيه، لأن لكل فرد ظروفه.

أنت حرٌّ أن تُعِينَ – عند الزواج – هذا بكذا، وتعين هذا عند البناء بكذا، لأنك حرٌّ في حياتك، لكن لا تقترب من التوريث، إياك أن تكتب ميراثاً لأحد، لأن هذا ينافي شرع الله عزَّ وجلَّ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { مَنْ حَرَّمَ وَارِثًا إِرْثَهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ } (قَالَ الْجَدُّ: لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِهَذَا، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ حَدِيثُ أنس رضي الله عنه).

فالمال مال الله، وأنت تتمتع به في الدنيا ثم تتركه للورثة يقسمونه بينهم على شرع الله كي تدوم بينهم المحبة والمودَّة، وتفرح بِهم يوم تلقى الله عزَّ وجلَّ.

هذه هي الحرية في الإسلام.

******************

الإبداع في الإسلام

سؤال: كيف يُنمي الإسلام الإبداع، مع أنه منهج يقوم على السمع والطاعة؟

=======================

الإسلام تستطيع أن تقول إنه أبو الإبداع في الوجود كله، ما الإبداع؟ هو اختراع شيء غير موجود في الدنيا على غير مثال سبق، كالإتيان بفكر أو رأي غير موجود بالكتب، أو اختراع آلة يحتاجها الناس وليست موجودة في دنيا الناس،  وغير ذلك. هذه الطاقات تأتي عن طريق شيء إسمه الإلهام، والإلهام مَلَك على قلب كل مسلم يوجهه الله عزَّ وجلَّ له، فيوجهه إلى الخير له في دنياه، والخير الذي إذا عمله نال السعادة في أخراه.

ما الذي يُنمي الإلهام؟ التقوى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ﴾. [282البقرة].

عندما يتَّقِي المسلم الله عزَّ وجلَّ يلهمه الله عزَّ وجلَّ في مجاله، إن كان مهندساً سيلهمه تصميمات هندسية لم يسبقه إليها الآخرون، وإن كان طبيباً سيلهمه الله عزَّ وجلَّ إجراء العمليات بسهوله ويسر ونجاح بطريقه لم يسبقه إليها الغربيون . في أي مجال سيلهمه الله عزَّ وجلَّ الجديد الفريد الذي لم يسبقه إليه أحد من العبيد،كل هذا طريقه التقوى.

*********************

توظيف الرسول صلى الله عليه وسلم لإمكانات صحابته

سؤال: كيف وظَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم إمكانيات صحابته المتفاوتة

في خدمه الدِّين والحياة؟

==========================

رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه الله بصيرة نورانية، فكان يتفرَّس في وجوه العباد، فيعرف قدراتهم وطاقاتهم وإمكانياتهم، فيضع الرجل المناسب في المكان المناسب – وهذا ما نحتاج إليه الآن – لصلاح أحوال أُمتنا، وقيام دولتنا إن شاء الله.

ماذا نحتاج؟ الكفاءة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى هذا الرجل يصلح لهذه المهمة، فيُكلفه بها، ولو كان داخلاً إلى الإسلام حديثاً، وغيره من السابقين في دين الله ومن المقدمين في الإسلام، ولكن هذا يصلح لهذه المهمة خيراً منه!! دخل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص في الإسلام في عام الفتح، وكان النبيُّ على وشك عقد الراية لجيش يغزو في إحدى جهات الجزيرة العربية، وعندما أسلم عمرو أصدر له في الحال قراراً لقيادة هذا الجيش، وكان من جنود هذا الجيش أبو بكر، وعمر وهما من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!! لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

بيَّن صلى الله عليه وسلم خصائص أصحابه ليراعوها عند توظيف قدراتهم وإمكانياتهم في المجالات المختلفة، فقال صلى الله عليه وسلم: {أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ} (سنن الترمذي وابن ماجة ومسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه).

فوزَّع التخصصات صلى الله عليه وسلم على حسب الكفاءات، وكان صلى الله عليه وسلم لا يستحي في ذلك، فعندما احتار المؤمنون في الكيفية التي ينادون بها إلى الصلاة، بعضهم قال نتخذ بوقاً – مثل الذي يستخدمه اليهود، وبعضهم قال نتخذ ناقوس بجرس – مثل الذي يستخدمه النصارى. لكن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كره ذلك، فذهبوا مشغولين بهذا الأمر، وكانوا من شدة شغلهم تنام أجسادهم وتصعد أرواحهم إلى ملكوت ربِّهم لتأتي بالخبر من عند الله عزَّ وجلَّ. فرأي سيدنا عبد الله بن زيد رؤيا في منامه يرويها فيقول: { طَافَ بِي، وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ: أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى.قَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.

ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ – إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلاةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.

فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَ بِلالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ، وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي أُرِيَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ } (مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وأبي داود).

من الذي رأي الأذان؟ عبد الله بن زيد رضي الله عنه، إذاً مَن الأَوْلى بالأذان؟ من وجهة نظرنا وفكرنا نحن يكون عبد الله بن زيد، ولكن المصطفى صلى الله عليه وسلم اختار شخصاً صوته ندي، لأن صوته الندي سوف يؤثر في القلوب ويشدِّها إلى الله عزَّ وجلَّ.

ليس هناك مجاملة لقريب أو عزيز، ولا حياء في دين الله، فالأهم الكفاءات وليس القرابات، ولا نراعي المجاملات، ولا المحسوبيات، وهي التي نراها في زماننا هذا، ولكن يجب أن نراعي الكفاءات، حتى تنصلح أحوالنا ونصل إلى المراد، كما كان يفعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم.

******************************

حَلُّ مشكلة العنوسة

سؤال: ما حَلُّ مشكلة العنوسة؟

====================

لِمَ لا نُيسِّر الزواج؟! لماذا التشدد في مسائل ليست من دين الله عزَّ وجلَّ؟!

لماذا نُكبِّد الرجل الذي سيتزوج، ونُكبِّد أبو الزوجة ما لا يستطيع تحمله؟

لماذا لا نُيسِّر هذا الأمر ونسير على شرع الله عزَّ وجلَّ؟!.

إحدى صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يحبها، إسمها أم سليم، وهي أم سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، جاء لها رجل إسمه أبو طلحه ليخطبها، وكان مازال مشركاً، وكانت عاقلة وحكيمة فقالت له: أنا موافقة، ولكن هل تستطيع على مهري؟ فقال لها: ما مهرك؟ فقالت له مهري هو (لا اله الا الله محمد رسول الله)!! قال لها: أفكر ثم أرد عليك، فذهب وفكر وقدر ثم رجع وقال لها: أنا موافق، فقالت: على بركه الله، ثم قالت لأنس وكان عمره عشر سنين، أي ما زال طفلا: زَوِّج عمك طليحه، أي أنها وكَّلت إبنها أنس في عقد الزواج وهو طفل ابن عشرة سنوات.

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: {أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: أَعْطِهَا ثَوْبًا، قَالَ: لا أَجِدُ، قَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي).

هذا منهج النبيِّ الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: { أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا} (الحاكم في المستدرك وسنن اليهقي عن عائشة رضي الله عنها).

ليتنا نتفق مع بعضنا ونتعاهد كما حدث مع أهل قرية الكلح في البوصيليه بأسوان بالصعيد منذ عدة سنوات، حيث اتفق رؤساء العائلات على أن الشَبْكة تقتصر على دبلتين، ولا توجد حفلات، لأن هذه الحفلات مكلِّفة ولا فائدة منها، والوليمة وتكون على قدر الاستطاعة، سيدنا رسول الله كانت ولائمه حسب الاستطاعة، فمرة تكون لبن، ومره يحضر لهم بعض التمر، فمن ليس عنده استطاعة ليس عليه وليمة: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾. [286البقرة].

واتفقوا كذلك على ألا يزيد الجهاز على حجرتين متوسطتين، حجرة نوم وحجرة جلوس متوسطة، والأجهزة التي لا غنى عنها، ولو نظرنا نجد أننا كلنا قمنا بالتجديد في حياتنا، وكلنا اشترينا الأجهزة التي نحتاجها بعد الزواج.

لا نريد أن نضيق على أنفسنا عند الزواج، لا نضيق على الأب بالنسبة للولد، أو الأب بالنسبة للبنت، ونحمِّله بما لا طاقه له به، ونجبره أن يشتري الأجهزة بالقسط، وكلنا يعلم أن القسط أعباء، إذا كانت السلعة بألفين جنيه يشتريها بالقسط بأربعة آلاف جنيه، هذا هو الذي يحدث الآن، فأصبح هَمٌ عليه ودَين، والدَيْن همٌ بالليل ومذلَّة بالنهار، وقد يموت وعليه هذا الدَيْن، وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل مات أخوه وعليه دَيْن: {إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ} (مسند الإمام أحمد وابن أبي شيبة وسنن ابن ماجة عن سعد بن الأطول رضي الله عنه).

أمر آخر ينظر له الناس في الزواج، وهو لابد من الشهادات، لكن الشهادات تتوقف على العمل الذي سيعمل به الإنسان بهذه الشهادة، لو شخص حاصل على دبلوم ولديه عمل يدر عليه ألفين جنيهاً شهرياً، وآخر لديه ماجستير أو دكتوراه ويحصل في الشهر على خمسمائة جنيه، أيهما أفضل؟ الأفضل الذي يستطيع أن يكفي المرأة، ويكفل لها ما تحتاج إليه. والبعض يقف عند هذا الأمر!! لكن والحمد لله هناك الكثير الذي تخلص من هذه القضية، فهناك من يكون حاصلاً على الإعدادية ويتزوج بنت حاصلة على كلية، لأن الأهم في الشخص خُلُقه ودينه ورزقه الذي سيكفيها ويكفلها به، فلا نتوقف على الشهادات في هذا الباب.

وهناك من لا يريد للبنت أن تتزوج خارج العائلة، ولا الولد يتزوج بعيد عن العائلة، لماذا؟! مع أن الخبر الوارد الذي اشتهر بأنه حديث ولكنه من كلام العرب: {اغترِبُوا لا تُضْووا}.

ونحن نرى ذلك في زراعاتنا، التقاوي إذا لم أغيرها خلال أربع أو خمس سنين تضعف، ولا بد من تقاوي جديدة، فإذا كان الزواج من قرابة قريبة – وظهر ذلك في الدراسات الحديثة – فكل الصفات الضعيفة التي في الزوج، والصفات الضعيفة التي بالزوجة تأتي في الأولاد!! وعلى النقيض إذا كان الزوجان غريبان، فكل الصفات القوية التي بالزوج والصفات القوية التي بالزوجة تأتى في الأولاد.

ولقد أخبرنا المولى عزَّ وجلَّ فقال: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [13الحجرات]، للتعارف!! فالعائلة الواحدة يعرف بعضهم بعضاً، لكن هل هناك مانع أن نعرف عائلة أخرى؟! لا، وبدلاً من أن نكون عائلة واحدة نصبح عائلتين، لتصير بيننا مودة. ولذلك نريد لهذا الأمر أن ينتهي، ننتهي من العصبية، وننتهي من الشكليات في الشهادات، ونيسِّر الزواج حتى يقضي الله عزَّ وجلَّ على العنوسة في مجتمعنا بين الفتيات.

الاعتدال في الفكر

سؤال: كيف يكون المسلم معتدلاً في أفكاره في ظل الاختلافات الفكرية المعاصرة؟

=======================

يوجد فئة أخذوا بجانب التشدد في الدين، وهناك فئة أخرى منفلتين تركوا الدين وعندما تكلمه يقول لك إن الله غفور رحيم، ولا ينفع هذا ولا ذاك، وإنما يجب علينا أن نأخذ بالمنهج الوسطي الذي قال فيه الله: ﴿َكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [143البقرة]. والمنهج الوسطي هو الذي درسناه ونُدَرسه في الأزهر الشريف.

الفكر المتشدد جاء من الوهابية في السعودية الذين ينتهجون المناهج المتشددة، وقاموا بتصدير هذا الفكر إلينا، من الجائز أن هذا الفكر يناسب السعودية، ولكن لا يلائم بيئتنا المصرية، منذ أكثر من ثلاثين سنة لم يكن يوجد أي خلافات في أي بلد من البلدان، لماذا؟ لأننا كنا جميعاً نستفتي رجال الأزهر، ونرجع إلى الأزهر، وكل فتوانا نأخذها من الأزهر، فكانت الأمور بيننا مستقرة.

الذي يريد أن يتشدد لابد أن يعمل كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم؟ كان يُشدد على نفسه فقط، ويأمر غيره باليُسْر، كان يقوم الليل كلَّه، ويصوم صيام الوصال، وكان أحياناً يأتي الشباب ليتابعوه – وليس الشيوخ – فيقول: {إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي} (صحيح البخاري وابن حبان ومسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه).

وعن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: {إنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍُ رضي الله عنه، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ ثَلاثًا، اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَنَحْوَهَا} (البخاري ومسلم وسنن أبي داود رضي الله عنه).

وأصدر النبي صلى الله عليه وسلم المنهج الحكيم فقال: { إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ، وَالْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمَرِيضَ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه).

لو صليت في البيت فمن حقِّك أن تطيل، لو حتى صليت الليل كله في ركعتين، لكن لا تشدد على غيرك، سواء في الصلاة، أو في الزِّى، أو في الطعام، أو في الأحكام. لابد للمؤمن أن يراعي الوسطية الإسلامية التي أمر بها الله وكان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فاذا أردنا النجاة ليس لنا علاقة بهذه التيارات الوافدة، وعلينا بفقه الأزهر، وعلم الأزهر، وعلماء الأزهر، ووسطية الأزهر، وخاصة كلنا يعلم أن طلاب العلم من العالم الإسلامي كله يأتون إلى الأزهر ليتعلموا.

وهناك دول تريد نشر العلوم المتشددة وعلى حسابها الخاص من خلال بعثات، وتغدق الأموال، ولكنهم يتركون هذه البعثات بالرغم من مجانيتها، ويذهبون ليتعلموا على حسابهم في الأزهر، لأنهم لديهم عقيدة في بلادهم أنه لا يعلو علم على علم الأزهر، فيترك الأموال التي تعرض عليه، والبعثة المجانية، ليتعلم على حسابه في الأزهر.

ونحن بلد العلم والعلماء، ولا يجب أن نستورد علماء مثلما حدث في هذه الفترة من جلب علماء من دول مجاورة للمحاضرة هنا في مصر، العلماء جيراننا يأتون ليتعلموا في مصر، وهذا طبيعي، لكن يأتوا ليُعَلموا في مصر، هذا أمر شاذ، لأن الناجح منهم هو من تَعَلَّم في مصر، ويكون له الفخر والشرف أنه تَعَلَّم في مصر.

ولذلك يجب علينا أن نسير على المنهج الوسطي الأزهري، حتى نبعد عن كل هذه الخلافات التي تطفو على السطح، ولا نسمع لهؤلاء، ولا إلى هؤلاء.

جسد الوَلي بعد الموت

سؤال: يوجد أولياء أجسادهم لا تبلى، وهناك أولياء أجسادهم تبلى بعد فترة من الزمان، هل معنى ذلك أنه ليس بولي لله؟

===================

نحن كلنا كمسلمين أولياء لله عزَّ وجلَّ، لا يوجد مسلم مستقيم يخرج من الدنيا إلا وهو ولي لله عزَّ وجلَّ: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [62يونس]. من هم هؤلاء؟ نحن المسلمون، لأننا لا نخاف في الآخرة، ولا نحزن على أحبابنا في الآخرة، لأننا كلنا أولياء لله عزَّ وجلَّ.

ولكن الله قال: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [163آل عمران]. هناك درجات في الولاية، وأعظم هذه الدرجات الذين ورثوا الرسل والأنبياء، ماذا ورثوا منهم؟ فقد ورد في الأثر  { نحن معاشر الأنبياء لا نورث درهماً ولا ديناراً وإنما نوِِّرث علماً ونوراً}.

منهم الذي ورث العلم من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم الذي ورث النور من النبي صلى الله عليه وسلم– هذه درجة وهذه درجة- ومنهم الذي ورث العلم والنور من النبي صلى الله عليه وسلم – وهذه الدرجة الأعلى، وهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لهم خصوصية الأنبياء: {إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ} (سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة عن أوس بن أوس رضي الله عنه)، فيظل على حالته وهيئته لا يبلى حتى يوم القيامة، وهم معدودون ومحدودون في الكون، حتى من الصحابة رضي الله عنه، بالرغم أن عددهم كان أكثر في عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولكن يقلُّ عددهم مع تقدم الزمان.

هذا هو الأمر في هذا الشأن، فليس معنى أن الإنسان جسمه سيبلى أنه ليس ولي، لأننا كلنا أولياء لله وأجسامنا سوف تبلى، فكل المسلمين المستقيمين أولياء لله عزَّ وجلَّ،وكلنا سوف ينادى علينا يوم القيامة: يا ولي الله فلان، احفظوا هذا النداء لأنكم سوف تنادون به هناك، حتى الملكان عندما يسألانه يقولان له: يا ولي الله فلان، فكلنا أولياء لله، ولكن الدرجات عند رفيع الدرجات.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

********************

المسجد العتيق – طفنيس – الأقصر 20 من ربيع الأول 1434هـ الموافق 1/2/2013م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid