• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

11 أكتوبر 2020

صلاة الله على المؤمنين الأحزاب الآية 44

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

صلاة الله على المؤمنين

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ” (41-44الأحزاب).

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ – وعد الله عباده الذاكرين برحمته، ووعدهم بأن يُصلي عليهم، ووعدهم بأن يوظف الملائكة بخدمتهم، والاستغفار لهم، والدعاء لهم، وقضاء حوائجهم، والسعي في مصالحهم لأنهم في طاعة الله، ووعدهم أيضاً وعداً أعظم: ” تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ “ يحييهم بالسلام، والسلام يعني الأمن والطمأنينة: ” أُولَئِكَ لَهُمُ الامْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ” (82الأنعام).

يرسل لهم الله سلام مع الملائكة في البداية في ليلة القدر، وعندما يرتقوا يرسل لهم السلام مع أمين الوحي جبريل ويبلغهم السلام من السلام، وإذا ارتقوا يرسل لهم الحبيب الأعظم يبلغهم السلام من حضرة السلام، فإذا ارتقوا يُعطيهم الله نوراً من نوره، وقوة من قوته تجعلهم يسمعون السلام من السلام، هل يسمعونه بالأذن؟ لا، لكن كما ورد في بعض الأثر أنهم سألوا موسى: كيف تسمع كلام الله يا موسى؟ قال: ((كأنما أسمع عشرة آلاف لسان، وكل لسان يتكلم بعشرة آلاف صوت، وكل صوت يتكلم بعشرة آلاف لُغة، وأسمعه كله في وقت واحد، وكلي مسامع)).

يعني جسمه كله أصبح سمع، فيسمع بكل جزء من جسمه، وهذه أمور ذوقية لا نستطيع تكييفها بالعبارات العادية، لكنها الأحوال التي تحصل لهؤلاء الرجال.

وعندما ينتقل المؤمن إلى الدار الآخرة، كيف ينتقل؟ سيدنا رسول الله شرح ووضح فقال:

{ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ }[1]

عندما يسمع هذه العبارة تخرج الروح تلبية لنداء خالق الروح تبارك وتعالى، بدون تعب ولا نصب ولا أذى ولا أي شيء، وإنما تخرج فرحة مستبشرة لأن:

{ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءهُ }[2]

وهؤلاء سيكون لهم في القيامة تحيةٌ أعظم: ” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ” (22-23القيامة).

فيسمعون السلام والتحية والإكرام من الله تبارك وتعالى في هذا الجمع العظيم.

ثم يدخلون الجنة، وأعظم نعيم في الجنة ما حكاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ }[3]

يُرسل الله الملائكة للمؤمنين في الجنة، فيأتونهم بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، من الطعام الشراب وما شابه ذلك، فيقولون: تركناها أحوج ما نكون إليها في الدنيا، فيقولون لهم: ماذا تريدون؟ يقولون: لا نريد إلا النظر إلى جمال وجه الله.

هذا نعيمنا، وهنا يتحقق فيهم قول الله: ” تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ “.

وماذا جهز لهم أيضاً؟ ” وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ” جماعة يقول الله لهم في القرآن بأن لهم أجراً عظيماً: ” وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً ” (40النساء) وأجر عظيم يعني يكون لهم رصيد من حسناتهم كثير، ولكن هؤلاء لهم أجر كريم، وأجر كريم يعني فيه تكريم من الكريم.

فهناك أناس ستُكرم يوم القيامة، وهؤلاء من المكرمين، وكما قيل: (من حافظ على صلاة الصبح والناس نيام، رُفعت له يوم القيامة الأعلام) سيكون هؤلاء من أهل هذا التكريم.

وسيكون لهم تكريم عند الله، أشار إليه الله عز وجل في هذه الآية الكريمة بأن الله جهز لهم تكريماً يليق بهم، ويليق بحضرته، لأن الكريم لا يخرج منه إلا كل كرم وكل عطاء ليس له حدٌ ولا عدٌ ولا مقدار.

منهم من يكون تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وليس له شأن بأهوال جهنم، ولا ظلمة القيامة، ولا الحرارة، ولا العرق، ولا هذه الأشياء، لأنه جالس تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله.

ومنهم من يجلس على منابر من نور قدام عرش الرحمن يوم القيامة، وهؤلاء الذين سيكون معهم توكيل شفاعة، يعطيهم الله نصيباً من الشفاعة فيشفعون في غيرهم.

ومنهم من يقول فيهم صلى الله عليه وسلَّم:

{ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى عَمُودٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ فِي رَأْسِ الْعَمُودِ سَبْعُونَ أَلْفَ غُرْفَةٍ يُضِيءُ حُسْنُهُمْ أَهْلَ الْجَنَّةَ كَمَا تُضِيءُ الشَّمْسُ أَهْلَ الدُّنْيَا }[4]

فيكون كالشمس في أُفق السماء ونحن نراه من بعيد ونرى نوره.

هذه بعض الأشياء التي لمَّح بها سيدنا رسول الله، وما لا تتحمله العقول لم يذكره، لأنه لا يُكتب في أي سطر منقول، لأنها أمورٌ غيبية، ونحن ما زلنا في الحياة البشرية لا نستطيع أن نسلِّم بالكلية للأمور الغيبية التي يراها خير البرية صلى الله عليه وسلَّم.

ذكر الجوارح

تعليق بسيط عن قول الله: ” اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا “:

ما الذكر الكثير؟ العلماء العاملين أدلوا بدلوهم في هذا المجال، وكلهم يتلقون المعاني من الله من باب: ” وَاتَّقُوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله ” (282البقرة).

بعض العلماء العاملين قال: الذكر الكثير هو الذي يشترك فيه كل جوارح الإنسان، كيف؟ لو أنا ذكرت الله باللسان فقط فبذلك لم أشرك كل الجوارح ولكن أشرك مع اللسان العينين: ” قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ” (101يونس) النظر في كتاب الله، النظر في أحوال الفقراء والمساكين وتفقد أحوالهم ومحاولة مساعدتهم، فهذا ذكر الله بالعين.

أذكر الله تبارك وتعالى بالأُذُن، وهذه يحتاجها الناس في هذا الزمان، فأُعطي لنفسي وقت أستمع فيه لأصحاب الشجون والشكاوي الذين جار عليهم الدهر، وليس لهم من يحل مشاكلهم ولا يعينهم على قضاء حوائجهم إلا الله تبارك وتعالى، ولو فعلنا هذا جماعة المسلمين ستنتهي المشاكل بيننا.

لكن يذهب له فيقول له: لا شأن لي بك، اذهب لعضو مجلس نواب أو اذهب لكذا، لكن يا أخي حتى لو هو فضفض لك وأنت سمعت له سيستريح، فأي واحد منا عندما تكون عنده مشكلة تكون كالحجر الملقى على صدره، وبمجرد أن يحكي المشكلة لرجل أمين لن يبيح بهذا السر لأحد، يشعر بالراحة.

لماذا جعل رسول الله الصلاة في المساجد في جماعة؟ لنعرف بعضنا، ونشكي الهموم لبعضنا، ونحاول أن نخفف عن هذا، ونحاول أن نساعد هذا في حل مشكلته، ونحاول أن نجد لهذا مخرج من الأزمة التي هو فيها، وكل هذا عن طريق الأُذُن؛ أُذُن الخير التي تسمع للناس، وتحاول أن تساعدهم على التغلب على مشاق هذه الحياة.

وذكر الله باليد أن تجود بالإنفاق، تنفق يمينك ما لا تعلمه شمالك، وهذا الإنفاق يقول فيه الشيخ ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه وغيره: ((اجعل لنفسك صدقة ولو قليلة في كل يوم، تُكتب في ديوان المتصدقين))

لذلك لا بد أن أحرص أن أُوضع وأُسجَّل في ديوان المتصدقين، ولو بأي شيء، ابني الصغير الآن لا يرضى أن يأخذ الجنيه، وقد يصرف في اليوم أكثر من خمسة جنيهات، فلِم لا أخرج مثلهم صدقة لله؟! والمهم أن أديم على ذلك، ولا أستسخسر ذلك في نفسي، فالمال ليس مالي: ” وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ” (33النور) هو مال الله، وأعطاه لك ولكن بشرط أن تصرفه كما يشاء.

لكن: ” وَأُحْضِرَتِ الانْفُسُ الشُّحَّ ” (128النساء) النفس معنا تريد أن تضيعنا، فتقول لي: هل تصرف مالك وأولادك يحتاجونه؟! مع أن الأولاد يشترون أشياء يأكلونها تصيبهم بالأمراض، لأنها مصنعة بطرق غير صحية، ولا يُراعوا في صناعتها الشروط الصحية، لكننا نخضع لرغباتهم.

ألا أعمل لنفسي شيء؟! عندي خمسة أطفال أجعلهم ستة، ومصروف السادس أعطيه لطفل فقير والده لا يستطيع القيام بشأنه ليكون لي عند الله تبارك وتعالى، ولن أخسر شيء لأن الله قال لي: ” وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ” (39سبأ) إياك أن تظن أنك ستغرم شيئاً وتخسر، لأن الله سيعطيه لك وزيادة، حتى تخرج من شح النفس، وهذا باب من ذِكر اليد، ولها أبواب كثيرة.

وهنا أيضاً ذِكر الرِجل، ويكون بأن نحيي السنن التي هجرها كثير من الناس في هذا الزمان، هجروا صلة الأرحام حتى في القرى!، أقول لابني عمك فلان مريض فاذهب لزيارته، يقول: أنا مشغول، ويجلس ساعتين وأكثر أمام التليفزيون ليشاهد مباراة كرة قدم، ويستخسر خمس دقائق في نفسه ليجبر بخاطر الرجل المريض ويسأله عن أخباره، وذلك حتى لا يُعاتب من الله يوم لقاء الله، لأنه لو لم يزره سيعاتبه الله، قال صلى الله عليه وسلم:

{ إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ يَا رَبِّ: كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ }[5]

نعتذر جميعاً بأعذار تمليها علينا النفس، كضيق الوقت، وعدم الفراغ، وكثرة المشاغل، وعندما نحلل هذه الأعذار نجدها أوزار، فالوقت عندنا كثير والحمد لله.

سيدنا أبو بكر الصديق كان حريصاً على عمل مثل هذه الأشياء، فقبل صلاة الفجر نوى الصيام، وزار مريضاً، وشيَّع جنازة، وتصدق على مسكين، وحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أحب أن يعلِّم أصحابه، فقال لهم:

{ مَنْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنْكُمْ صَائِمًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا نَوَيْتُ مِنَ الْبَارِحَةِ فَأَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَقَالً: مَنْ تَصَدَّقَ الْيَوْمَ بِصَدَقَةٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا، تَطَرَّقَ مِسْكِينٌ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا كِسْرَةٌ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَخَذْتُهَا، فَأَعْطَيْتُهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْيَوْمَ عَادَ مَرِيضًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا، قِيلَ لِي إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مَرِيضٌ فَذَهَبْتُ فَعُدْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا اجْتَمَعَتْ فِي رَجُلٍ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي يَوْمٍ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ }[6]

زيارة المريض كم ستأخذ من الوقت؟! دقائق، أسأله عن حاله، وأدعوا له ثم أنصرف، والرجل لا يريد مني غير ذلك،

والبعض يخاف أن يزوره حتى لا يطلب منه مال ليذهب به إلى طبيب أو يريد ان يعمل عملية جراحية أو غير ذلك، وهذا شي غريب!.

ما هذا الذي نحن فيه؟! نريد أن نعود لقيم الإسلام العظيمة حتى تكون أحوالنا تسرنا، والله تبارك وتعالى يكون نصيرنا.

من الذي يبحث عن هذه العبادات الآن؟! نحن قصَرنا العبادات على ركعتين في الليل، وصلاة الضُحى، والعبادات المتعارفة والمتداولة في كتب الفقه، وتركنا العبادات التي كان يتقرب بها الصالحون إلى الله، وإمامهم سيدنا أبو بكر رضي الله عنه.

نحتاج أن ننشط الأقدام لزيارة اليوم قريبي فلان، وخاصة الفقراء منهم، وزيارة جاري المريض فلان، والمشاركة لله في جنازة فلان، وليس حتى يراني فلان ليجاملني عندما يكون عندي وفاة، فهذه ليست لله، وليس لها أجر ولا ثواب.

كذلك نتحسس الفقراء والمساكين، ونرصد الأوقات التي لا يرانا فيها أحدٌ من خلق الله ونخرج إليهم ونعطيهم الصدقة سراً لا يعلمها إلا حضرة الله تبارك وتعالى.

إذاً ذكر الله الكثير يكون بكل الجوارح المجترحة التي أوجدها الله فينا، وهذا رأي بعض العلماء العاملين.

ذكر القلب

بعض العارفين قالوا: ذكر الله الكثير مستحيل أن يتم إلا إذا وصل الإنسان إلى ذكر القلب، فذكر اللسان محدود، لأني لا بد أن أُحركه وأُحرك الشفتين وأخرج معه الهواء لنطق الحروف، وإذا نمت لن يتحرك، لكن القلب لا ينام:

{ تَنَامُ عَيْنِي، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي }[7]

إذا نامت العين ينام اللسان، ولكن القلب لا ينام، لذلك لا بد أن يجتهد الإنسان حتى يرتقي من ذكر اللسان إلى ذكر القلب، وذكر اللسان ينال عليه حسنات من الله مضاعفات، لكن الذي يريد القرب والود والأنس والنور واللطف فلا بد من ذكر القلب، لأن القلب هو الموضع الذي يتجلى فيه الله بذلك، يتجلى فيه بنوره، ويمدني فيه بعلوم إلهامه، ويتجلى فيه بأنسه، ويتنزل فيه بسكينته وبطمأنينته .. كل هذا في القلب.

كيف يرتقي الإنسان إلى ذكر الله بالقلب؟ يحتاج إلى إنسان سبقه في هذا المجال، وجمَّله الله بهذا الحال، ويقول له: علمني كيف أصل إلى هذا الذكر القلبي، حتى أمشي على المنهاج الرباني الذي أسسه حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم؟.

والقلب إذا ذكر الله واحتيا بنور الله لا يغفل لحظة عن ذكر الله، إذا نام تنتقل له الوراثة من رسول الله؛ عندما يستيقظ من النوم يسمع القلب يذكر الله، وإذا تحدث مع غيره بلسانه لكنه يسمع القلب يذكر الله، والجالسين لا يسمعون ذلك!، لكن رب العالمين يرى ذلك، وهو سبحانه وتعالى الذي يتولى هذا الأمر بقدرته وحفظه وصيانته تبارك وتعالى.

فإذا ذكر القلب لا يغفل الإنسان عن الله طرفة عين ولا أقل، ولذلك يكون هذا هو الذكر الكثير.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وأن يجعلنا من الذين يتلقون من الله السلام في الدنيا ويوم الزحام، وأن يجعل ما لنا في الجنة في جوار الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، وأن يجعل نطقنا ذكراً، ونظرنا عبراً، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

[1] مسند أحمد والحاكم في المستدرك عن البراء بن عازب رضي الله عنه

[2] البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه

[3] صحيح مسلم والترمذي عن صهيب الرومي رضي الله عنه

[4] اتحاف الخيرة المهرة للبوصيري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

[5] صحيح مسلم وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه

[6] مسند البزار وتاريخ دمشق لابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه

[7] صحيح البخاري ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه

 درس السهرة  المنيا – مغاغة – ميانة        4 من صفر 1442هـ 11/10/2020م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid