• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

30 سبتمبر 2022

فضل الصلاة و السلام على رسول الله

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

فضل الصلاة والسلام على حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم

الحقيقة الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لا مُنتهى له، وبعد وصف الله تبارك وتعالى له لا يستطيع أحد من الأولين والآخرين أن يصفه إلا على حسب فهمه من وصف الله تبارك وتعالى لحضرته:

فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ

وأنه خير خلق الله كلهم

وأي مسلم في أي زمان ومكان إذا همَّه أمر أو وقع في شدة أو أُصيب ببلاء وأراد تعجيل الإجابة وسرعة الإنابة إلى الله وكشف الهم والغم فعليه أن يجعل لنفسه يومياً ورداً من الصلاة على النبي قبل النوم.

الشيخ أبو طالب المِكي صاحب كتاب (قوت القلوب) قال ينبغي لمن يريد أن يكون من الصالحين أن لا يقل كل ليلة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلَّم عن ثلاثمائة مرة.

هل من صلى على حضرة النبي ثلاثمائة مرة قبل النوم بماذا تتعلق روحه؟ بسيدنا رسول الله وليس بالدنيا ولا بالمال ولا بالحظوظ ولا بالشهوات ولا بمثل هذه الأشياء، فلا بد إن آجلاً أو عاجلاً أن يمنُّ الله أولاً عليه بقضاء حاجته، ثم يمنُّ الله بعد ذلك عليه برؤيته صلى الله عليه وسلَّم.

كيف أُصلي عليه؟ بأي صيغة تخطر على بالك، لا يوجد كما يذكر بعض المنتسبين للصوفية أن هذه الصيغة هي التي توصل لحضرة النبي، فهذه الصيغة أوصلت صاحبها، لكنه لم يأخذ تفويض من الله أو من حبيب الله أنها توصل كل من يتلوها ويقرأ بها، فأنت إذا أخلصت مع الله قد يُلهمك الله بصيغة خاصة بك توصلك إلى ما تريد من القرب من الله، ومشاهدة ورؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فنصلي بأي صيغة.

ولكن الفارق في الإخلاص، فلو أمسكت المسبحة واخذت أُصلي على حضرة النبي ولكن عيني على شيء آخر، وانشغلت دائرة الفكر بهذا الشيء، فهذه الصلة باللسان وليست بالقلب والجنان.

استحضار الصورة المحمدية

ولذلك قال الصالحون في ذلك: ينبغي على الإنسان إذا أراد أن يحظى بالأنوار النبوية أو المعاني الإلهية بالصلاة على خير البرية أن يستحضر صورة حضرته إذا استطاع استيعاب أوصاف حضرته الموجودة في سيرته.

يعني إذا إستطاع أن يتخيل صورة مطابقة للأوصاف الحسية الواردة في سيرته التي رواها الإمام الحسن والتي رواها الإمام الحُسين عن خالهما هند بن أبي هالة، أو التي رواها الإمام علي بن أبي طالب، أو التي رواها سيدنا أبو هريرة، أو التي رواها سيدنا أنس، فكثير من الصحابة وصف الحضرة المحمدية، لكن أقربهم في الوصف كان هند بن أبي هالة، لأنه كانت موهبته أنه وصَّاف، وهو ابن السيدة خديجة من زوجها السابق لحضرة النبي، وكان من الرجال الصادقين، وظل حتى انتقل إلى جوار الله في موقعة صفين التي كانت بين الإمام علي وبين معاوية بن أبي سفيان.

إذا استطاع الإنسان أن يستحضر هذه الصورة فهذا أمر حسن، ولو أكرمه الله ورآه مرة فلا يحكم أن هذه هي الصورة الوحيدة لرسول الله، لأن كل واحد يرى رسول الله على قدره وليس على قدر رسول الله، فيأتيه شخص ويقول له: أنا رأيت رسول الله وكان وصفه كذا وكذا، يقول له: ليس صحيحاً لأنني رأيته غير هذا، فأنت رأيته على قدرك، وكل واحد يرى على قدره ولا نكذب بعضنا، وهو صلى الله عليه وسلَّم الجمال كله صلوات ربي وتسليماته عليه.

إذا رآه ولو مرة فإن الصورة تلصق في المُخيلة وفي عالم الوهم، فعندما يصلي عليه فإن الصورة من نفسها تأتيه أمامه فيراها، فإن لم يستطع أن يستحضر هذه الصورة فماذا يفعل؟ قالوا: يستحضر أنه جالس في روضته ومواجه لحضرته.

الإمام مالك وصلته القلبية بالنبي

الإمام مالك رضي الله عنه كان يسكن بالمدينة المنورة، وكان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كل ليلة، فيقول: (ما بتُّ ليلة إلا ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في المنام) ومن شدة أدبه مع رسول الله كان إذا مشى في طرقات المدينة يمشي حافياً، وكانت طرقات المدينة على هيئتها منذ وجود النبي فيها، فقيل له: لماذا يا إمام لا تلبس النعل أو الخُف؟ يقول: (أخشى أن أطأ بنعلي موطئاً وطأه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بقدمه الشريف.

وإذا أراد أن يقضي حاجته يخرج خارج المدينة، ولا يقضيها في بيته أو في المدينة، ويقول: تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

وكان إذا خرج للحديث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يدخل مغتسله يغتسل ويلبس أحسن ما عنده، ويضع العطر ويضع الطيلسان – يعني الشال الكبير على أكتافه – ويذهب ليلقي درس رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

وإذا سُئل سؤالاً في الفقه يخرج كما هو، وإذا جاء من يسأله عن حديث رسول الله يقول للسائل: انتظر حتى أغتسل وألبس أحسن ما عندي وأتعطر ويأخذ هذا المنظر.

ذات مرة كان جالساً في مسجد رسول الله على كرسي يُلقي أحاديث رسول الله وحوله تلاميذه، وكان تلاميذه من كل بقاع الأرض، فأحد تلاميذه يقول: إن عقرباً لدغته فتفزز ولم يقطع الدرس ولم يقُم من مقامه، ودارت مرة ثانية ولدغته، وتكرر الأمر عدة مرات، وفي كل مرة يتفزز ولا يقوم من مقامه ولا يقطع الدرس، وبعد أن أنهى الدرس ذهب هذا التلميذ ليعرف السر، فقال له: ما كنت لأقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من أجل لدغة عقرب!.

ولما ذهب أبو جعفر المنصور ليزور حضرة النبي، فأتى بالإمام مالك وقال: يا إمام أأتوجه للقبلة وأدعو – كما يقول المتنطعين – أم أتوجه إلى حضرته وأدعو؟ فقال الإمام مالك رضي الله عنه: ولِمَ تلتفت عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الجنة؟! يعني لماذا تحوِّل وجهك عنه؟ فماذا في القبلة؟ لكن أنت في مواجهة رسول الله فهل تجعل ظهرك له؟! والقبلة هي رمز وجدار، لكن هو رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

فإذا استطاع الإنسان أن يستحضر الصورة المحمدية كما وردت في كتب السيرة الصحيحة المروية وتخيلها بصدق يصلي وهو مستحضر هذه الصورة، إلى أن يمن الله عليه برؤيته ولو مرة، فيدخل في الرحاب، وكلما صلى تظهر له هذه الصورة على الفور، وهو يقول:

{ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي }[1]

فإذا لم أقدر على هذه ولا هذه، فأستحضر أنني في الروضة الشريفة ومواجهاً لحضرته، وأنني أُصلي عليه وهو أمامي.

وهذا السر في الرؤيا، وليس السر في الصيغة، السر في القلب إذا صفا، وأصبح نقياً من كل جفا، فوراً تظهر فيه أنوار المصطفى.

هذه الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لمن أراد أن يحظى برؤية حضرته النبوية، نسأل الله أن يجمعنا جميعاً به ظاهراً وباطناً، جسماً وقلباً، حلاً وترحالاً، يقظة ومناماً، دنيا وآخرة.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

[1] صحيح مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه

بنها – جمعية الدعوة إلى الله الخميس 4 من ربيع الأول 1444هـ 30/90/2022م1

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid