• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

29 يونيو 2015

لمحات رمضانية_عروض العتق من النيران فى رمضان

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

فضل الله على الأمة

في العشر الأواخر من رمضان

الله عزَّ وجلَّ له في شهر رمضان من العطاءات الإلهية والهبات الربانية ما لا يحصيه البشر جميعاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ }[1]

ومن حب النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه الشديد على هذه الأمة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث في أحوال الأمم السابقة ويعلم أن الله عزَّ وجلَّ لا يرد له طلب، فأراد أن يجعل الله كل خير أعطاه الله عزَّ وجلَّ للأمم السابقة لهذه الأمة المحمدية، ومعه ما لا يُحد من فضل الله عزَّ وجلَّ.

أعطاه الله عزَّ وجلَّ بصيرة نورانية، كان بهذه البصيرة ينظر في آفاق الله عزَّ وجلَّ العلوية ويرى فيها، فكان ينظر في أحوال الأمم السابقة ويتحدث عنها، وكان ينظر إلى ما يحدث في هذه الأمة إلى يوم القيامة، بل يرى يوم القيامة وما فيه، وينظر إلى الجنة وما فيها، وقال صلى الله عليه وسلم معبراً عن ذلك بعد أن كان يُصلي بصحبه الكرام ثم نظر إليهم وقال:

{ أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ، وَلَا بِالِانْصِرَافِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي، وَمِنْ خَلْفِي }[2]

وفي رواية أخرى:

{ اسْتَوُوا اسْتَوُوا اسْتَوُوا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ }[3]

كان يرى ما يفعلون، وإن شئت قلت: كان يرى من وراءه كل الأمم السابقة من آدم إلى عصره، ويرى كل من أمامه إلى يوم القيامة، فهو صلى الله عليه وسلم حدَّثنا عن كل شيء سيحدث لنا في الدنيا إلى يوم الدين.

ونظر صلى الله عليه وسلم ببصيرته النورانية في دواوين الأعمال الإلهية، هذه الدواوين موجودة تحت عرش الرحمن، وكل إنسان منا له ملف يسجل فيه الملائكة الكرام الكاتبين عمله، بالصوت والصورة، وليست الصورة الظاهرة فقط بل معها النوايا الباطنة، لذلك يقول الله: (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ)  (40النبأ)، ليس يرى، ولكن ينظر أي: يشاهد كل أعماله في الدنيا.

والنبي صلى الله عليه وسلم عند بحثه في ملفات السابقين ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَلْفَ شَهْرٍ، قَالَ: فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (1: 3القدر)، لِلَّذِي لَبِسَ السِّلاحَ فِيهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ[4].

من يقوم ليلة القدر تُكتب له عبادة مقبولة عند الله عزَّ وجلَّ أفضل وخير من عمل هذا الرجل لمدة ألف شهر. متى تكون ليلة القدر؟ قال صلى الله عليه وسلم:

{ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ }[5]

المسلمون يجِّدون ويجتهدون في بداية رمضان فيملأون المساجد، ثم تجد المساجد تقل منهم رويداً رويداً حتى إذا جاءت العشر الأواخر تجد المساجد كما كانت قبل رمضان!! مع أن العشر الأواخر هي المهمة، لكن التوفيق من الله، فالذي يُحبُّه الله يوفِّقه للقيام بهذه الليالي، فقد ورد في الأثر:

((إذا أحب الله عبداً وفقه لأفضل الأعمال في أفضل الأوقات)).

فيُحيي هذه الليالي العشر الأواخر، أو على الأقل الليالي الفردية، والإنسان إذا كان مريض أو عنده عذر ولا يستطيع أن يُحيي هذه الليالي فماذا يفعل؟ قال الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم:

{ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ }[6]

لذا يحرص المؤمن على ألا تفوته صلاة العشاء في جماعة ولا صلاة الصبح في جماعة، إذا واظبت على صلاة العشاء والصبح في جماعة في العشر الأواخر فإني قد أحييت ليلة القدر، ويُكتب لي عند الله أني عبدت الله عبادة مقبولة لمدة ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، غير إكرام الله عزَّ وجلَّ له الذي لا يُحد ولا يُعد.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

****************

[1] صحيح ابن خزيمة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.

[2] صحيح مسلم والنسائي عن أنس  رضي الله عنه.

[3] سنن النسائي عن أنس رضي الله عنه.

[4] سنن البيهقي وطرح التثريب للعراقي

[5] صحيح البخاري ومسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها

[6] مسند أحمد وصحيح ابن حبان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

درس بعد صلاة العشاء بمسجد سيدى عيسى بالجميزة  طنطا 29-6-2015

الفصل الأول: نفحات شهر رمضان       الكتاب 95 من المطبوع   –3

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid