الحمد لله الذي واجهنا بجماله، وَخَلَّقنا بأخلاق أهل كماله، وأذاقنا لذة وصاله. والصلاة والسلام على النَّبِىِّ المصطفى وآله، وأصحابه ومن اتبعه بالهدى إلى يوم الدين وأتباعه، وعلينا معهم أجمعين، آمين يا ربَّ العالمين.
بيَّن الحق عزَّ وجلَّ أمراً إلهياً – إذا عرفناه وتحققنا به – زال عنا الإندهاش والعجب في أيِّ شيءٍ نراه في أولياء الله، وأحباب وأصفياء الله عزَّ وجلَّ، فإن هؤلاء الرجال يقومون بأعمال لا يستطيع أن يقوم بها – في نفس الوقت والحال – جمعٌ كبيرٌ من الرجال الأقوياء الأشدَّاء، والناس طبعاً تتعجب، مع أننا لم نطلع على وظائفهم الباطنية، فإن الرجال لهم وظائف باطنية تعالتْ عن العَدِّ.
رجلٌ منهم – وكان أميَّاً لا يقرأ ولا يكتب – وهو الشيخ عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه، عند انتقاله إلى الرفيق الأعلى وُزِّعت وظائفُهُ على ثمانين رجلاً!! الوظائف التي كان يقوم بها وُزِّعَتْ على ثمانين رجلاً!!
هؤلاء الرجال الواحد منهم كما يقول ربُّنا: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ (120النحل). الواحد منهم بأمة في وظائفه الباطنية وفي أحواله الإلهية، فإن الله عزَّ وجلَّ قد أعطى من التصريف في الأحوال، ومناولة أهل الباطن من كُمَّل الرجال، ما يعجز عن سرده أو الإشارة إليه المقال.
رجلٌ منهم – وكان من أهل الجذب – ودعاه أحد المحبين وذبح له عجلاً، فطلب منه أن يُحضره كله أمامه، وسمَّى الله وبدأ يأكل الطعام حتى لم يتبَّقى منه شيئاً والخلق ينظرون، ولكنهم لا يرون الحقيقة، لم يشهد الحقيقة إلا تلميذه الذي ورث حاله، وقد سمعت هذه الحكاية من فمه رضي الله عنه، قال: كان الشيخ رضي الله عنه يُطعم الجالسين فى الخلوات على رؤس الجبال، وفي كهوف الوديان، في كل الأصقاع، والناس يظنون أنه يناول فمه وهو يناول أفواههم.
إنهم سفينة النجاة، لذلك قال صلى الله عليه وسلَّم: (مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلَّف عنها هلك)[1].
وهي تتمة للسؤال الذي سُئلناه في المسجد العام وأجبنا بالعام للعوام، لكن النجاة من فتن هذا الزمان بأن نركب سفينة نوح، نركب سفينة أهل الوصال، الذين تولَّاهم مولاهم، وإلى جنابه آواهم، ومن يد الحبيب صلى الله عليه وسلَّم سَقَاهُم.
وإذا تركناهم أين نذهب؟!! إنهم سفينة النجاة في كل زمانٍ ومكان، من يركب يأمن من الفتن الظاهرة، ويأمن من هفوات النفس، ويأمن من كيد الشيطان، ويأمن من الشّرِّ والأشرار، لأنه في حُصون عَبِيدِ الرحمن الذين ليس للشيطان عليهم سلطان.
هؤلاء القوم يا إخواني لو تحدَّثنا عن أحوالهم فعُقولنا لن تتحمَّل، فلهم أحوال لا تتحملها كُمَّل عقول الرجال:
أحوالهم فوق العقول، لأن العقل يريد أن يزن كلَّ شيء، لكنها فوق الموازين!! لأنها إمدادات ربِّ العالمين لهؤلاء الروحانيين، الذين استناروا بِنُور سيِّد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلَّم.
هؤلاء الرجال كيف يقومون بهذه الأحوال؟ وكيف يقدرون على أداء هذه الأحوال التي لا يتحملها الجمع الكبير من كُمَّل الرجال؟ سمعناها في الآية اليوم: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا﴾ (1، 2المزمل). من الذي قال له قم؟ الله!! إنتهى، فقد قالوا لنا ذلك وطمأنونا: (إذا أقامك أعانك)، فما دامت الإقامة من الله، فتكون المعونة والعون من حضرة الله، ويكون هذا الإنسان دائماً مَحَلَّ نظرات حبيب الله ومصطفاه.
ونظرات رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فيها الشفاء من كل داء، وفيها تيسير من كل عسير، وفيها الفضل من العلىِّ الكبير. ولذلك أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نطلبها دواماً وقال لنا: ﴿لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾ (104البقرة). ولذلك لمَّا نتدبَّر في أحوال الصالحين نجد أن العناية معهم من البداية إلى النهاية، كيف تحرَّك وذهب إلى الله؟ عناية، صحيح أن الله عزَّ وجلَّ يجعل لهذه العناية أسباب، لكن هذه الأسباب في نظرنا قد لا تلفت نظر الإنسان العادى، لكن هي كما قالوا:
مَلِكُ المُلُوكِ إِذَا وَهَب لا تَسْأَلَنَّ عَنْ السَّبَب
الشيخ ذو النون المصري رضي الله عنه وأرضاه، أول من تكلم بعلم الحقائق في مصر من الأولياء، وكان ذلك في القرن الثالث الهجري، وهو من أخميم في سوهاج، سألوه: كيف مشيت في طريق الله؟ فقال: كنت واقفاً على شاطئ نهر النيل فوجدت عقرباً جاء يجري بسرعة، ووجدت على شاطئ النهر ضفدعة، فقفز ونزل على ظهر الضفدعة، والضفدعة سبحت بسرعة كبيرة إلى البرِّ الثاني.
يقول: فأخذني الفضول وأردت أن أعرف ماذا يصنعا؟ فنزلتُ وعُمتُ حتى وصلتُ للبرِّ الثاني، فوجدتها عبرت لشاطئ البرِّ الثاني وأخذتْ تجري بسُرعة، وأخذتُ أمشي خلفها وهي لا تشعر، حتى وَصَلَتْ إلي مسجدٍ به رجلٌ نائمٌ مخمور، وهناك حيَّة تريد أن تلدغه، فذهبت العقرب ولدغت الحيَّة حتى لا تقتل هذا الرجل النائم.
فيقول: عناية الله للرجل المسلم حتى وهو مخمورٌ؟ قال: فأيقظته وقلت له: يا أخي انظر ما صنعه الله معك؟ أنت تعصاه وهو يحفظك ويُرسل إليك من ينقذك، قم يا أخي وطهِّر فمك من الخمر وارجع إلى الله عزَّ وجلَّ!! وكانت هذه سبب إلتفاته إلى الله، وإقباله على الله، ورجوعه إلى الله، وسلوكه طريق الله عزَّ وجلَّ. فالموضوع في العناية .. العناية .. العناية:
ونحن كلنا جماعة المؤمنين من أهل العناية، ومَنْ كان قبلنا كان بعضهم في الأمم الأخرى، لكن نحن كلُّنا من أهل العناية، لماذا؟ لأن سيِّد أهل العناية، ومَنْ معه ديوان أهل العناية، وساقي شراب أهل العناية، والمتولِّي خصوصية أهل العناية، هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم. وهذه العناية منذ متى؟ من قبل القبل:
وهذا هو سرِّ العناية: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ (110آل عمران). فالعناية من وقتها، مَنْ الذي يتحقق بالولاية والعناية في الدنيا؟ الذي يمشي مع سرِّ الآية من البداية إلى النهاية. ما سرُّ الآية؟ قال: أنتم بالذات لم تُخلقوا عبثاً، ولم تخرجوا إلى الدنيا لتنشغلوا بأنفسكم وأولادكم وزوجاتكم وأوموالكم، فقد تكَّفَّل الله عزَّ وجلَّ لكم بكلِّ ذلك. فلِمَ أُخرجتم؟! للناس!! لتنفعوا الناس بِدِينِ ربِّ الناس، وتنشروا الهَدْىَ النَّبويَّ لتآذروا وتعاونوا حضرة النبيِّ، فهذه وظيفتكم!! مَنْ يمشي على هذا السرِّ، ويجعل وقته لله، وعبادته هي إرشاد خلق الله.
ومن يقوم الليل ويصوم النهار، ويمسك بالمسبحة ويُسبِّح في اليوم مائة ألف مرة، فهذا لنفسه – إذا وقاه الله من الغرور والرياء والعُجب – وإلا فهذه أيضاً ليست لنفسه ولا لشيء، فقد ضاع وليس له شيء. إذا وقاه الله من الغرور والرياء والسُمعة والإعجاب بالنفس، فكلُّ ما عمله هذا: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (15الجاثية).
فما بالك بالعطايا الإلهية، والمنح النبوية، والغنائم الفتحية، على من تُوَّزَّع؟ على من يدخل معركة الهداية ضد أهل الغواية مع خير البريَّة، وهذه الغنائم توزَّع على مَنْ؟ هل تُوَّزع على من في ميدان القتال، أم على من قعد في بيته؟!!
وهناك غنائم ظاهرة من مال أو جمال أو خيل أو غيره وغيره، وهناك غنائم باطنة: مِنْ فتح ربانيّ، أو كشف نُوراني، أو علم إلهامي، أو حكمة نبوية، أو توجهات عرفانية، أو أسرار لا تستطيع تحمُّلها العقول البشرية. وهذه الغنائم لمن؟ لمن شارك إمام الأنبياء والمرسلين في جهاده الممتد إلي يوم الدين.
فالنبوَّةُ موجودة، والرسالة مشهودة، والحرب ممدودة، بل الكافرين والجاحدين والمشركين واليهود ومن عاونهم أشدُّ شراسة في هذا الزمان، أليس كذلك يا أحباب؟ أم كان هذا في الزمن الأول؟ الزمن الأول كان سهلاً قليلاً، فبالسيوف وتقتلهم وتنتهي الأمور. لكن الحرب الحالية بكل فنون القتال – حرب بالكلمة، حرب بالنساء، حرب بالموضات، حرب بالعادات، حرب بالتكنولوجيا الحديثة، حرب بالنت وهي أشدُّ الحروب الآن التي يشنُّوها على الإسلام والمسلمين.
حرب – وهي معروفة الآن، من التجهيزات العسكرية، وحرب أشدُّ شراسة وهي الوقيعة والكيد بين أبناء الأمة الإسلامية، حتى أنه أصبح المسلمون يحاربون المسلمين!! واليهود جالسين مبسوطين – كما هو الحال الآن في مصر. اليهود من أسبوعين كانوا عاملين احتفالاً في تل أبيب، وفي هذا الاحتفال قالوا: يتستحيل أن تعود الجيوش العربية كما كانت في حرب 1973، لماذا؟ لأن جيش العراق تفتَّت، وجيش سوريا تكَّسَّر، ولم يبقى إلاَّ جَيْشُ مِصْر، ونحن مُسلطين عليهم منهم من يقضي على هذا الجيش.
من الذي سيقضي على الجيش حالياً؟ هل اليهود؟ لا، من بيننا!! وهذه من الفتن العُظمى لهذا الزمان. أنظر إلي أنواع الحروب الموجودة عندنا، هل كانت موجودة أيام حضرة النَّبِيِّ؟ وهذا أشدّ!!
هل يصِّح أن نجلس في المدرجات والإسلام يغزونه من كل مكان: من كل النوادي والبلاد والمتجعات؟ لابد وأن يكون لنا دورٌ – في الدفاع عن الإسلام، وفي توحيد صفوف المسلمين، وفي جمع شمل المؤمنين، وفي تنبيه الغافلين، وفي تعليم الجاهلين – حتى نستطيع أن نعمل بقول ربِّ العالمين: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ (28الفتح). سيدنا رسول الله وعدنا وبشَّرنا وقال: (إذا كان آخر الزمان – الذي نحن في الآن على ما أرى – أفنى الله جميع الملل والنحل، ولم يَبْقَ إلا الإسلام).
من المتزِّعم الحرب على الإسلام الآن؟ أمريكا هي المتزعِّمة الحرب على الإسلام، وتعلم أن قلب الإسلام هي مصر، ولذلك فكل التجهيزات وكل التدبيرات من قديم الزمان هي للقضاء على مصر، لأنه إذا ضاعت مصر فقد ضاع الإسلام والمسلمين.
والغيظ الذي عندهم لن ينتهي، مع أننا طيبين ونقتدي بهم ونريد التكنولوجيا التي عندهم، ونريد (الهامبورجر) الذي يصنعوه وطعامهم، ونريد كل ما عندهم، حتى من يذهب إلى هناك لا يريد أن يعود لبلده، لكن الغيظ عندهم شديد لدين الله عزَّ وجلَّ، وانظروا إلى ما فعلوه في المسلمين:
دخلوا إلى الصومال وفتتَّوها، هل هناك دولة الآن في الصومال؟ لا، دخلوا العراق بحجة أن هناك سلاحاً، وهل وجدوا سلاحأ؟ لا، إنه كان جيشاً قوياً وكان يُرهب إسرائيل، وهم يريدون القضاء على كل هذه الجيوش حتى تطمئن اسرائيل، وأثاروا الفتن وقسَّموا البلد إلي دويلات: فهؤلاء شيعة وهؤلاء أكراد وهؤلاء سُنَّة، وفتَّتوا العراق كلَّها، كما ترون حرب شغالة.
دخلوا أفغانستان وعملوا فيها كما ترون، فالجماعات التكفيرية التي نشروها في الأمة الإسلامية، من الذي كوّنها؟ أمريكا!! وكوَّنوها في أفغانستان، وقالوا هذه الجماعات هي التي تقضي على الشيوعية، لأن أفغانستان كانت خاضعة للإتحاد السوفييتي وبهذا استطاعوا القضاء عليها، وسلَّحوهم وأمدُّوهم بالمال، وهم الذين أخذوا بن لادن هناك وجماعته، وبعد ما إنتهت أفغانستان، جعلوهم يعيثون في الأمة الإسلامية فساداً. بعضهم يذهبون إلى فلسطين، وبعضهم إلى ليبيا، وبعضهم إلى مالي، وبعضهم إلى الجزائر، وبعضهم في سوريا ليعيثوا في أرض الإسلام فساداً. وهم الآن الذين يعيثون في الأرض فساداً، من هؤلاء؟ مسلمون!! ويعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل الله!! وأنه ينال الشهادة بهذا الأمر.
وهذه هي أمريكا!! جمال عبد الناصر قال لهم: نريد قرضاً من البنك الدولي لنبني السد العالي، فلم يوافقوا، وقالوا: كيف يبني عبد الناصر السدَّ العالي رغماً عنهم؟ ومن وقتها ذهبوا على الفور إلى أثيوبيا، وأجروا دراسات وبحوث، لماذا؟ يريدون أن يقطعوا المياه عن مصر نهائياً، فالسد الذي صنعوه هناك أثيوبيا لا تحتاج للسدِّ لأنها لا تحتاج للمياه، فعندها أكثر من عشرين نهراً، والمياه هناك بدون حساب، فإذا كانت تحتاج إلى كهرباء فَسَدٌّ صغير يُبنى عندها يكفى ما تحتاجه من كهرباء!! لكن السدَّ الذي يريدون إنشاءه سيقطع المياه عن نهرنا، ولا يأتي بقطرة ماء واحدة، ومن الذين وراء هذا الموضوع حالياً؟ هم الأمريكان.
صدَّروا الإرهاب للعالم، وصدروه عندنا، وفي نفس الوقت قطعوا المعونة عنَّا، حتى الأسلحة التي اتفقنا عليها لنواجه بها هذه الجماعة؟ قالوا: لا، فلا يكون عندنا أسلحة وفي نفس الوقت سلَّحوا الآخرين بأحدث الأسلحة، هل هناك من كان معه مدافع تضرب الطائرات؟!!! عندنا وموجود، وهو مع الإرهاب، وكانوا قد أعطوهم كراسي طائرة والجيش أمسك بها في سيناء، والجيش ليس عنده هذه الكراسي، وهو كرسي وله مروحة ويطير ثلاثمائة متر لأعلى ويكشف المنطقة كلها ويمكنه أن يضرب، وهي أسلحة متطورة لماذا؟ حتى يقضوا على الجيش المصري، ونحن جميعاً نائمون ولا ندري!!!
أين دورنا لننال فضل الله، وإكرام الله وغنائم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟ لابد وأن يكون لنا دوراً في الجهاد، وأقلُّ الأدوار هو أن نُنبِّه الغافل والساهين، ونُعلِّم الجاهل، وننبِّه الغافل، حتى يعرف مقدار الشراسة التي نتعرَّض لها من هؤلاء القوم.
وأمريكا معها أوروبا وهي ذيلٌ لها وما تأمر به أمريكا ينفذوه، ويشنون حرباً شديدة على مصر وعلى الإسلام.
صحيح أن ربنا – والحمد لله – طمأننا، وقال لنا: لا تخافوا: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ – من لسانهم فقط – وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (8الصف).
وهل معنا تكنولوجيا أو أسلحة نضرب بها أمريكا؟ لكن ربنا عنده، ولذلك أمريكا ربنا سبحانه وتعالى – وسنرى ذلك – سيقضي عليها، انتقاماً لما تفعله بالإسلام والمسلمين. سيقضي عليهم بأى شيء؟ بسلاح الزلازل!! من الذي يستطيع أن يقف أمام سلاح الزلازل؟ سلاح الأعاصير!! من الذي يحتمي من سلاح الأعاصير؟ سيسلِّط عليهم سلاح الزلازل والبراكين والأعاصير – والتي هي من الأسلحة الإلهية، حتى يقضي عليهم.
وأوربا؟ أوروبا موجود عندهم جبال من الثلج، موجودة هناك في القطب الشمالي، سيُسلِّط الله الشمس على هذه الجبال فينصهر هذا الثلج فيُغرق أوروبا كلها، ويكون طوفاناً كطوفان نوح، وهذا سيحدث إن شاء الله.
لكننا لابد وأن يكون لنا دورٌ، ودورنا الأول: هو علينا بالجماعة التي بيننا، فلابد أن نتكاتف ونتآذر ونتعاون، إلى أن ينتهي النفاق والمنافقين ومن يحارب المسلمين.كل من يرفع السلاح على مسلم لا يكون مسلماً، من الذي فعل ذلك في الإسلام؟!!
جماعة اسمهم الخوارج، الذين خرجوا على المسلمين الأولين وحاربوهم، فكل من حمل السلاح على المسلمين يكون من الخوارج وليس مسلماً يا أحباب، لأن النبيَّ قال ذلك: ( من رفع علينا السلاح فليس منا)[2]، فليس منا نهائياً.
وممن يكون؟ يكون من الخوارج. فيجب أن لا نتعاطف معه، ولا أن ندافع عنه، ولا أن نؤيده، ولا أن نعاونه، لأن هؤلاء حضرة النبيِّ قال فيهم أحاديث لا عدَّ لها ولا حدَّ لها، وسأتناول واحداً منها فقط في هذا المجال، قال صلى الله عليه وسلَّم: (سيكون في أمتي في آخر الزمان شبابٌ حُداث الأسنان) – صغار في السن، وانظروا إلى الإعجاز النبوي فيما هو آت: (سفهاء الأحلام) – العقول غير ناضجة، ومعه دكتوراه، ومعه اثنين دكتوراه، لكن لا يوجد فكرٌ، مُغَمَّى عليه – (سفهاء الأحلام، يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم) – ماذا يعني؟ يعني تجارة بالدين!! ولا يقرأه من هنا، أى: القلب، ليغُرَّ المساكين والضعفاء ويقولون: أنه بتاع ربنا – (يَمْرُقُ أَحَدُهُمْ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيِّةِ) – يخرج فوراً من الإسلام لأنه يحارب المسلمين – (يُحَارِبُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَتْرُكُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ)[3] – أليس هذا ما يحدث يا أحباب؟ من يريد أن يجاهد أو يريد أن يحارب، فعنده اسرئيل فليذهب ليحاربهم. حماس الذين نطعمهم ونسقيهم ونعطيهم البنزين والسولار ونفضلهم على أنفسنا ونعطيهم السلاح، هل تحارب اليهود حالياً أم تحاربنا؟ سبحان الله!! يحاربون من أسدُوا إليهم النعم!! والذين حاربوا من أجلهم حروباً لا تُحدّ ولا تُعدّ!!
ما السبب في فقر مصر يا أحباب؟ أليست الحروب التي خضناها من أجلهم؟ وهل كانت حروباً من أجلنا نحن؟ لا، لأجلهم هم، فهم تاركون أهل الكفر ويُقتِّلون في المسلمين!! (يتركون أهل الأوثان ويقتلون أهل الإسلام).
فهؤلاء هم الخوارج الذين وصفهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وهي أشدُّ الحروب التي تتعرَّض لها أمتنا الإسلامية – ومصر بالذات – في هذا الزمان. الحرب تأتيك من خلف ظهرك وأنت لا تراه!! وربما تأتيك من واحد يسكن بجوارك!!
وآخر الحروب التي تنتبهوا لها جميعاً – وأنا أريد أن أنبِّه لهذه الجزئية: أَنزلوا في هذه الأيام أجزاءً مفخخة، وكل من يمسك بها تنفجر فيه، مصاحف مُفخخة وتُوضع على الرصيف!! فأنت رجلٌ طيب وتقول: كيف يُلقى المصحف على الرصيف، فتذهب لتأخذه فينفجر فيك!! مصنع فجَّره الجيش في رفح كان متخصِّصاً في صنع أمثال هذه الأشياء!! قوالب من الطوب الأحمر وتُوضع في الطريق، فالسائق يقول: إنه قالبٌ من الطوب ولا بأس أن أمشي عليه، فينفجر في السيارة كلِّها. لعب الأطفال وزجاجات عطر وساعات، يتفنَّنوا في صُنع كل هذه الأشياء، حتى إذا رآها أحدٌ وأخذها تنفجر فيه فوراً. هل مسلم يفعل ذلك بمسلم؟!! ولمَ؟!! وما السبب؟!!
﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (8، 9التكوير). إذا سُئل أى مسلم لم قتلتوه؟ فما هو العُذر هنا؟ إنه رجلٌ يصلي لله ويؤمن بالله، ما هو ذنبه حتى يُقتل بهذه الوسائل البشعة؟ ولماذا لا نرى هذه الأشياء في تلِّ أبيب؟ أو حيفا أو يافا؟ هذا إذا أردنا أن نجاهد في سبيل الله!! لكن نراها في بلاد المسلمين وفقراء المسلمين؟!!
هذا يا إخوانى الشرَّ الذي جاءنا في هذا الزمان، وهو يحتاج إلى وحدة الصَّف والوعى والتنبيه لكي نقف صفَّاً واحداً، وإن شاء الله عزَّ وجلَّ نَصْرُ الله آتٍ لا ريب فيه، مهما حاول المتربصون، ومهما حاول الكائدون، ومهما حاول أهل أمريكا واسرائيل ومن عاونهم أجمعون، فإن نصر الله آتٍ لا ريب فيه.
لكن من الذي يفوز بالغنائم؟ من له دورٌ، لابد وأن يكون لكل واحدٍ منا دورٌ، وليس الدور أن تقف على المنبر؟ فكلنا يقف على المنابر ونبلِّغ!! أو نمسك بالميكروفون؟!! ولكن الدور هو أن نُوَّعِى الناس، حتى يفهم الناس هذه الحقيقة، لأن معظم شعبنا يجهل هذه الحقيقة ويقولون: هؤلاء أناس بتوع ربنا، فلو كانوا بتوع ربنا فلماذا يمسكون بالسلاح ويضربونا به؟ لماذا؟ وما هي القضية التي بيننا وبينهم؟ لا توجد قضية تسوتجب رفع السلاح على مسلمٍ أبداً مهما كان، ولا قتل مؤمن مهما حدث.
هذا يا إخوانا هو الدور المفروض الذي يجب أن نقوم به في هذا الزمان في الجهاد، فندخل على النت ونحارب المُسمِّين ـ الداخلين ـ على هذا الدين، والمفسدين لآراء الفقهاء المعتدلين من المسلمين.
والتيارات المتشدِّدة هي التي تُربي هؤلاء القوم، فنُجابه هذه العقائد المتشدِّدة، وهذه التيارات المتشددة، ونشرح وسطية الإسلام حتى يعيش الناس في جو الإسلام الجمالي، ونغير صورة الإسلام الموجودة في العالم الآن.
شوَّهوا صورة الإسلام في العالم، وكلمة الإسلام في أوروبا وفي أمريكا تعني الإرهابي، معني كلمة مسلم يعني: إرهابي، والكل يخاف منه، فعندما تقول: أنا مسلم فالكل يخاف منك، وهل هذا هو المسلم؟!!
المسلم: مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، وحسن العادات، والكلم الطيب، والعمل الصالح، ومساعدة الجميع في الخير والبر، فهذه هي صفات المسلم في كل زمانٍ ومكان. لكن الفظاظة والغلظة والقسوة، والأشياء التي نهى عنها الله كلَّها، شوَّهوا بها دين الله عزَّ وجلَّ.
نحتاج من الكلِّ العرض على النت لكي يبين لهذه الأمم جمال الإسلام، وأخلاق أهل الإيمان، وما كان عليه نبيُّنا وأصحابه الكرام رضوان الله تبارك وتعالى عليهم أجمعين.
إذن يا أحباب العناية من الله عزَّ وجلَّ موجودة بنا كلنا، ولكي نتحقّق من كمال الولاية، ويكون لنا السعادة في النهاية، ونفوز بما نرجوه من كل غاية، ونحظى بفضل الله وإكرام الله، لابد وأن يكون لنا دورٌ مع حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلَّم.
﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله﴾ (95النساء). الجماعة القاعدون ويتعبدون ولا يضُرُّون أحداً، هل يستوون مع من يجاهد في سبيل الله؟ لا. كيف نجاهد؟ قال صلى الله عليه وسلَّم: (جاهدوا المشركين بألسنتكم وأنفسكم وأموالكم وأيديكم)[4]، بكل ما تقدر أن تجاهد به..
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُعِينَنَا على هذا الجهاد، وأن يحقق بنا وفينا في هذا المجتمع الكريم الأمن والأمان والسلامة والإسلام، وأن يقضي الله عزَّ وجلَّ على الفاسقين والمخرِّبين والمفسدين أينما كانوا وحيثما وَلُّوا، وأن يُظهر عزَّ وجلَّ في هذا العصر جمع المسلمين، وأن يجمع وحدة صف المؤمنين، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
*************
[1]الحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم ـ عن أبي ذرٍ رضي الله عنه.
[2]رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
[3]رواه الإمامان البخاري ومسلم عن علىٍّ رضي الله عنه.