Sermon Details

14 يناير 2013 م
برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية_حلقة 12_مجلس الجمعة المعادى 4-1-2013م
.
************************
الحلقة الثانية عشر
************************
-
المعاريض
-
حكم النوم على البطن
-
آداب الأشهر الحُرُم
-
بين الرجل والذكر
-
علاج القبض
-
دعاء للإنجاب
-
طاقات الإنسان
-
رسائل حُسن النية
. المعاريض
سؤال: ما المعاريض؟ وما حكمها؟ وهل يجوز للمسلم استخدامها؟
=======================================
المعاريض: أن يتعرض الإنسان لموقف فينطق برأي يظن السامع به أمراً، والقائل يقصد به أمراً آخر، غير أنه لا يكذب، لأن الكذب هو الكذب، وليس تقية وهي الموجودة عند الشيعة، والتقية أن يُظهر خلاف ما يُبطن، لأن التقية نوع من النفاق، ويقول فيها صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ} (سنن البيهقي عن عمران بن الحصين).
ومندوحة: أي مخرج. وأساس المعاريض ما حدث مع نبيِّ الله إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، عندما خرج قومه للاحتفاء بعيدهم وامتنع عن الخروج معهم، فلما سألوه لِمَ لا تخرج معنا؟ قال: إني سقيم، ظنوا أنه مريض مرضاً جسمانياً، وهو في الحقيقة مريض من أفعالهم وأحوالهم وأفكارهم، وهذا كان أول المعاريض.
الأمر الثاني: ذهب إلى أصنامهم وكسرها، وعلق الفأس في رقبة الصنم الكبير، فلما رأوا ذلك اجتمعوا وأخذوا يتوجسون مَن الذي فعل هذا، فقالوا: لا يفعله إلا إبراهيم لأنه هو الذي يدعوهم إلى ترك هذه الأصنام، وترك عبادتها، ويدعوهم إلى عبادة الله، فأحضروه وقالوا كما أخبر القرآن: ﴿أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ [62الأنبياء]. فاستخدم يده وأشار بإصبعه الأكبر إليها وقال: ﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [63الأنبياء]. هو يشير إلى إصبعه الأكبر، وهم يظنون أنه يتكلم عن الصنم الأكبر.
الأمر الثالث: عندما دخل هو وزوجته إلى مصر، وكان فرعون مصر في ذلك الوقت مولع بالنساء الجميلات، وكلَّف جنده وأعوانه كلما رأوا امرأة جميلة أتوا بها إليه إن كان لها زوج، وإن كانت مع أخ لا يأتون بها خوفاً من بطش الأخ، ووصل سيدنا إبراهيم إلى مصر ومعه زوجته السيدة سارة، فقالوا له: مَن هذه؟ قال: هذه أختي، يقصد أخته في الإيمان، وهذا ليس بكذب لكي ينجو من هذا الفرعون وشرِّه وبأسِه.
إذاً سيدنا إبراهيم هو أول من استخدم المعاريض، وقد استخدمها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في روايات صحيحة وردت في قصة هجرته، عندما تعرض له قوم، وهو لا يريد أن يعرفوه حتى لا يدلُّوا عليه، فقالوا له: ممن الرجل؟ أي من أي عائلة؟ قال: من ماء، يقصد من ماء مهين، وظنوا هم أنه يقصد أنه من قبيلة إسمها قبيلة ماء، ولم يكذب، لكنه استخدم دلالة اللفظ الواسعة لينجو من هذا الضيق، فذهبوا إلى أبي بكر خلفه وقالوا له: مَن هذا؟ فاستخدم نفس الوسيلة وقال: هاد يهديني الطريق، ظنوا أنه دليل يدل على الطريق الأرضي، وهو يقصد أنه يدله على الطريق الإلهي الرباني.
والمعاريض يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ} (سنن البيهقي عن عمران بن الحصين). وهي كما ترون ليس فيها كذب ولا خداع ولا نفاق، وإنما استخدام لدلالة اللفظ الواسعة للنجاة من المضايق التي لا يستطيع الإنسان أن ينجو منها إلا بهذه الطريقة.
قد يستخدمها الصالحون لكن في الحدود التي استخدمها بها سيد الأولين والآخرين والأنبياء والمرسلين. لكن لو فُتح الباب للمريدين فإنهم يختلقون الأكاذيب بحجة أنها معاريض وهذا لا يجوز، هذا غير ذاك، أو يُظهرون غير ما يُبطنون ويظنون أنها معاريض وهذا أيضاً لا يجوز، لكن إذا استطاع الإنسان أن يصل إلى الصفاء والنقاء وألهمه الرحمن بالمعاريض التي تُنجيه من مكائد الآخرين فلا بأس بذلك، وهذا هو الأمر الذي يستخدمها فيه الصالحون رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقد استخدمت المعاريض ذات مرة عندما وقع علىَّ الدور وأنا في التدريس للسفر إلى السعودية، وعرضتُ الأمر على شيخي الشيخ محمد علي سلامة رحمة الله عليه فرفض – وأنا حريص ألا أُسيء إليه، فمعظم المريدين في هذا الزمان غير أُمناء، فيضع الشيخ شَمَّاعة لكل أخطائه ويقول: الشيخ قال لي، وذلك بدون وجه حق – وفي المدرسة عقدوا لي جلسة، وقال لي مدير المدرسة: هل يرفض أحد السفر إلى السعودية بعد أن تأتيه لباب بيته؟! قلت له: الحكومة لم توافق، فظنوا أن الحكومة هي الزوجة، وأنا أقصد الحكومة التي تتحكم فيَّ وهي الشيخ رضي الله عنه وأرضاه، حتى أُبعد التهمة عن الشيخ، ولا أجعلهم يتندرون عليه أو يُسيئون إليه، فيقعون في المحذور، لأن: {مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ} (صحيح البخاري وابن حبان وسنن البيهقي عن أبي هريرة).
الإنسان في مثل هذه المضايق لا يُفكر، بل إن الله عزَّ وجلّ هو الذي يُدبره ويُلهمه إذا ضاقت به الأمور من باب: ﴿ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [2، 3الطلاق].
حكم النوم على البطن
سؤال: لماذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النوم على البطن؟
===================================
كان صلى الله عليه وسلم بتعليم الله عزَّ وجلَّ له يعلم ما كل يُصلح النفس، وما ينفع وما يضر، إن كان من أعمال الآخرة، أو من العادات، أو من أعمال الدنيا، لأنه ما ترك أمراً ينفعنا إلا وبيَّنه، وما ترك أمراً يضرنا إلا ووضَّحه.
فرأي النبي صلى الله عليه وسلم – كما ورد – رَجُلاً نَائِماً فِي الْمَسْجِدِ مُنْبَطِحاً عَلَى وَجْهِهِ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: {قُمْ وَاقْعُدْ، فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ} (سنن ابن ماجة والطبراني عن أبي إمامة). إذاً كيف كان نوم النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ كان ينام على جنبه الأيمن ويتوسد ذراعه الأيمن.
وإذا رجعنا إلى الإعجاز الطبي الآن نجد أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وما يقوله الطب:
-
أن الإنسان إذا نام على جنبه الأيمن يكون قلبه وهو في الأيسر لأعلى، فيكون حر في الحركة، في أخذ الدم، وفي دفع الدم إلى جميع أعضاء الجسم.
-
ويكون الكبد وهو مطبخ الجسم في أحسن حالاته، يستقبل الطعام ويطبخه حتى يُحوله إلى دم يليق بغذاء جميع خلايا جسم الإنسان، فهناك غذاء للعين، وهناك غذاء للأذن، وهناك غذاء للمخ، وهناك غذاء لليد، وهناك غذاء للفرج. كلُّ خلية من خلايا الجسم لها غذاءها الخاص بها. مَن الذي يقوم بذلك؟! الكبد، ومَن الذي يوصل ذلك؟ الدم الخارج من القلب.