سؤال: أعطاني شخص شيء للشيخ وأخذته لنفسي، هل آخذ موافقة الشيخ أم أردها للشيخ؟ وما الآداب التي ينبغي أن يتأدب بها من يتلقون الهدايا في ساحات الصالحين؟ وما حكم العمل في ساحات الصالحين؟.
بعيداً عن الشيخ، لو أعطاك أحد شيء توصله لشخص آخر، هل يجوز أن تأخذه لنفسك؟! لا، ولا ينبغي لك حتى لو ذهبت للشخص نفسه وقلت له: أنا أحتاج هذا الشيء، لأنه سيقول لك: تفضل بدون رضا، لكن: ” إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الامَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ” (58النساء) هي أمانة فلا بد أن أوصل الأمانة.
بعض المريدين أصحاب النفوس الضعيفة يقولون: المشايخ متسامحين ومادام أعطاني شخص شيء لأوصله للشيخ فأنا أحتاجه وسآخذه والشيخ رجل متسامح، فالشيخ لا يريد شيء لنفسه وكل العطاءات والهدايا التي تأتيه يوزعها ولكن للمستحقين، ولذلك عندما يقول لي أحد: خذ هذه الهدية لك ولا تعطيها لأحد، أقول له: خذها لا أريدها، هل تعطيها لي وتتحكَّم فيَّ؟ لا، أنت تعيطها لي وأنا حر، ولماذا أنا حر؟ لأني أنفقها في الموضع الذي أرى أنه أولى في هذا الباب، وهذا نظام الصالحين في هذا الأمر.
فمن يفعل شيئاً مثل هذا يسموه في شرع الله وفي كتاب الله (غُلّ) والغل يعني خيانة، فهذه خيانة عُظمى يحاسب عليها حساباً عسيرا يوم القيامة.
أهل الصفَّة
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كان منهم جماعة اسمهم (أهل الصُفَّة) وهؤلاء كانوا يعيشون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وليس لهم زوجات ولا بيوت ولا أولاد ولا تجارات ولا عمل إلا خدمة حضرة النبي وتلقي القرآن الكريم وأحكام الشريعة االمطهرة، وهم الذين بلَّغوا الشريعة للناس أجمعين.
وكان حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم مُتكفِّل بإطعامهم وملابسهم وكل أغراضهم، وكانوا أكثر من تسعين رجلاً ولذلك الأنصار كانوا يأتون بالمعونات والمساعدات من أجل هؤلاء المساكين الذين هم ضيوف على حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم.
فهؤلاء لأنهم عند الله يأكلون ويشربون فلا يصح لأحد منهم أن يدَّخر شيء لنفسه، لكن روي:
يعني كيَّتان من النار، وهذا يبين حكم العمل في ساحات الصالحين أو في لقاءات وزيارات الصالحين، مثلاً يخصُّ واحد آخر بوجبتين، فلماذا تعطيه وجبتين دون الآخرين؟! فكلنا سواسية، أو يُوصي أو يذهب دون أن ينتبه له أحد ويضع في وجبته ثلاث قطع لحم بدلاً من قطعة واحدة، فهذه اسمها خيانة، لأنه خان الموجودين وخان الله ورسوله، فيجب أن تكون العدالة التامة في مثل هذا الأمر.
نحن نسامح لو كان هناك ضيف أجنبي، فلا مانع أن نهتمُّ بهذا الضيف الأجنبي والحاضرين يرون أن ذلك إكرام، قال صلى الله عليه وسلم:
لكن نحن كلنا مع بعضنا، فنكون مثل بعضنا سواسية، كل واحد منا له كوب شاي واحد، فيأتي واحد بكوبين شاي لآخر، فتسأله لماذا؟ يقول لك: هو صاحب كيف!، والمفترض له عند قدومه لمثل هذه المجالس أن يترك جميع عاداته التي تعوَّد عليها، فمعنا أناس يشربون شيشة، فهل يأت بها معه؟ لا، وبعد أن ينتهي اللقاء يخرج ويبحث له عن قهوة أو مكان آخر ليشرب الشيشة.
وكثير يشرب السجائر، فهل يشرب هنا؟ لا، فإذا غلب عليه أمره يخرج إلى دورة المياه ويدخن فيها السيجارة، لماذا؟ لأننا هنا نتخلص من العادات، ولأننا جالسين في روضة من رياض الجنة، لا يصح فيها سيجارة ولا شيشة ولا مضغ شيء في الفم، وغير ذلك من هذه العادات.
صحيح يفترض أن هذه الأشياء يتطهر منها كل إخواننا بالكلية إن كان هنا أو هناك، لكن ما زال البعض عنده بقية منها ومُبتلى، ندعوا الله له بالشفاء وأن يتخلص من هذا الداء.
مال الله
أحد الأشخاص جاء لنا ومعه مثلاً عشرة كيلو لحم وقال: هذا للذين يحضرون هذه اللقاءات، فهل يجوز أن آخذ منهم اثنين كيلو لحمة وأقول: هذا لعيالي لأنهم محتاجين والباقي يكفيهم الثمانية؟ لا يجوز، فيستأذن من الطباخ، وما شأن الطباخ؟! أو يستأذن من المشرف على المطبخ، وما شأن المشرف؟! فإذا استأذنت استأذن من الله لأن هذا مال الله، قال صلى الله عليه وسلَّم:
يتخوضون يعني يأخذون، وأحياناً بعض الأحباب في البلاد يقول: أنا جئت بزجاجة عطر للشيخ، فيأخذها منه ويقول له سأعطيها للشيخ، ويأخذها لنفسه ولا يخبرني بذلك، فقد أخذتها حراماً، صحيح أنني غير محتاج لها، لكن سأُعطيها لمن يحتاجها، وأنت أخذتها بدون حق، أو يأتني ويحرجني ويقول لي: أنا أريد هذه يا سيدنا الشيخ، فأقول له: خذها، ولكن بغير رضا، وحضرة النبي قال:
من أخذه بغير طيب نَفْس فكأنه قد سرق، فهذه الأمور كلها يجب أن ننتبه لها جيداً، لأن بعض الأحباب يستسهل في مثل هذه الأمور، شخص في بلد من بلاد الله يقول لأخيه: يا فلان أنا نذرت بعض المال للأحباب في القاهرة مثلاً وأريدك أن توصلها، فيأخذها ويقول في نفسه: لماذا أعطيها لمن في القاهرة؟! أنا أبقيها هنا للقاءات التي يحضرها الشيخ هنا، لا مانع، ولكن إذا أردت أن تفعل ذلك أعلمه بذلك أولاً، فإذا وافق عن رضا فلا مانع، لكن لا يجوز لك أن تتصرف من ذاتك.
فلا تعوِّد نفسك أن تتصرف في شيء ليس لك إلا بأمر مالك هذا الشيء، والشيئ بمجرد أن تأخذه منه فالرجل يعتقد أنه وصل لمالكه، فإذا تصرفت فيه فهذه خيانة، لأن هذا أمر لا بد أن تلاحظه جيداً في كل تصرفاتك وفي كل أحوالك هنا أو هناك.
البطنة تذهب الفطنة
كذلك يحدث في البلاد، يقام حفل في مكان ما، وأحد الأحباب يكون مسكين مريض بالفجع، فيذهب ويتعرض للذين يطبخون ويجلس بجوارهم وبعد ذلك يأكل سبع أو ثمان قطع لحم، لماذا هذه الفجعة؟ فأنت قد أكلت سُحتاً: ” يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ” (10النساء) ويزيدك مرضاً.
فأنت تحتاج لطعام فيه شفاء، فتأكل مع الأحباب، ومثلهم مثلك وإذا أردت المزيد فأطلب المزيد وقل: أنا لا يكفيني وجبة واحدة.
بعض الأحباب يكون شبعان وغير جائع، فيأتون له بالغذاء فيأكل قطع اللحم ويترك الأرز وباقي الطعام، ويقول: الحمد لله شبعت، فلماذا أكلت قطعة اللحم طالما أنك شبعان؟! هل العُرف يدل على ذلك؟! لا، إما أن تأكل كما يأكل الناس أو لا تأكل، وتقول: أنا شبعان سأشرب شاي أو قهوة فقط.
بعض الأحباب يدخل على إخواننا الذين يصنعون المشروبات، ويظن أنه لا يراه أحد، يقف عندهم ويشرب له سبع أو ثمان مشاريب، ما هذا؟!!، فهل هذا سيسمع علم؟ أو يذكر في حلقة ذكر؟!.
فمن يذهب لهذه اللقاءات يوطن نفسه أن يقلل الزاد الظاهر حتى يأخذ من الزاد الفاخر الآتي من عند حبيب الله ومصطفاه، والصالحون قالوا: (البِطنة تُذهب الفطنة).
من ظل يملأ بطنه هل سيسمع شيء من العلم؟ لا، انتهى الأمر، وهل يستطيع أن يذكر الله؟ أبداً، ولو كان في رمضان فعندما يصلي التراويح فإن النوم يغلب عليه، فيصلي ركعتين أو أربعة ويخرج لأنه ملأ بطنه.
ونحن لكي نمشي في طريق الله ذكر لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أقصى شيء نصل له في الطعام وهو الثُلث، فقال:
لماذا؟ حتى يستوعب، فيكون الذهن صافياً ويُحصِّل الحقائق.
الكتابة في الصدور
بعض الأحباب يكتبون ورائي، ومن يكتب ورائي لا يستوعب الدرس وهو يظن أنه يعمل عملاً طيباً، لكنه مسكين شغل نفسه بالكتابة فلن يسمع، ونحن لم نكن نكتب هكذا، بل كنا نكتب في الصدور: ” بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ” (49العنكبوت).
فلو أن الأحباب كتبوا في الصدور سيكونوا علماء لا يساويهم أحد في الوجود كله، فبعض هذا العلم الذي أقوله كنت أسمعه من مولانا الشيخ محمد علي سلامة ومن أحبابنا في طريق الله كالشيخ طاهر مخاريطة والشيخ قطب زيد والشيخ محمد شحاتة والشيخ عبد القادر، وكانوا إخوان دعاة في طريق الإمام أبي العزائم، ولم يكن وقتها تسجيل وكل ما في الأمر أني كنت أفعل كما قال الإمام أبو العزئم رضي الله عنه: زكِّ نفسك قبل السماع تشرق عليك أنوار الكلام).
فكنت قبل أن أذهب للدرس أجهز نفسي بالأعمال الصالحة كالاستغفار والأذكار والإقلال من الطعام والإقلال من الشراب، وأجلس أسمع الدرس ثم أرجع والأحباب كانوا لا يزالون معي منتبهين فأعيد الدرس بتفاصيله وبحروفه وبطريقة أدائه كاملة كأنه شريطٌ مسجل!، وهذا ما قاله سيدنا موسى عليه السلام:
لكن من يكتب هذا بيديه فماذا يسمع؟ لا شيء، ولذلك إذا سألته: ماذا سمعت في هذا الدرس؟ لا يعرف لأنه مشغول بالكتابة، وهذا الأمريحتاج لتزكية النفس قبل السماع لتُشرق على الإنسان أنوار الكلام.
ليالي موالد الصالحين
بعض أتباع الصالحين السابقين الذي هم في أضرحة الآن يقومون بعمل ليالي لهم لإحياء ذكراهم، ويجمعون مبالغ طائلة من أحبابهم، يصرفون منها جزء والباقي يقول: هذه مصاريف الساحة طول العام.
لكن هذا النظام لا يصلح معنا، ولا نجمع مال لأي ليلة من الليالي ولا آخذ منكم شيء في جميع الزيارات، وإذا فعل ذلك أحد فهذا الفعل يُلوثني، لأنه إذا ذهب أحد لفلان وقال له: نريد شيء لعمل ليلة، فسيقول الناس: إنهم يجمعون للشيخ، ولا يقولون: يجمعون لليلة الشيخ، وبهذا تكون قد آذيتني: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ الله وَجِيهًا ” (69الأحزاب).
الناس عندك سيقولون إنهم يجمعون للشيخ كذا، أو يقولون: إنهم يجمعون للشيخ ثمن تذكرة الطائرة، وأنا لم أُحمِّل واحد منكم تذكرة طائرة في يوم من الأيام، هل أحد منكم في بلد من البلاد طلبت منه شيء لآخذه معي؟ لا، نحن ذاهبون لله ولا نريد إلا وجه الله.
ما الذي يُشوِّه الصورة؟ أمثال هؤلاء، لأن الآخرين متربصين ويقولون: إن فلان يجمع للشيخ، وأخذ من فلان كذا ومن فلان كذا، وأنا لا أعرف عن هذا الأمر قليل ولا كثير، وربما وهو يجمع هذه الأموال يقول له أحدهم: خذ هذا المبلغ وأعطه للشيخ، فيقول: سأجعلها من ضمن مصاريف الليلة بدون إذن.
أدب الفقراء الصالحين
ما الذي يجب أن يكون في ساحة الصالحين وفي ليالي الصالحين؟
أول شيء العفة الكاملة، فالصالحين قال فيهم الله: ” لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ الله لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الارْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ” (273البقرة) لا يمدون أيديهم لأحد، ولا يلحوا في السؤال، لأن بعض المجاذيب كانوا يسألون الناس ولكن ليحمل عنه بلاء أو ليوجهه لمكان يحتاج إليه.
وكان عندنا في طنطا رجل منهم وتوفى من حوالي عشرين سنة، وكان اسمه الشيخ محمد رمضان وكان من كبار الأعيان وجاءته حالة جذب، وكان في هذه الأيام عربات الحنطور منتشرة في كل المدن، فكان يؤجر حنطور، وصاحب الحنطور الذي يؤجره يكون في هذا اليوم يا هناه، لأنه تأتيه أرزاق من غير حساب في هذا اليوم، بعض الناس كان يشكك في أموره، لماذا؟ كان يأخذ مال من الناس وهو ليس محتاج له، فمشوا خلفه ليتتبعوه، فأخذ حنطور وذهب لبعض العطارين واشترى طلبات السبوع كلها من طعام وغيره، وذهب إلى بيت به سيدة وضعت مولوداً، من أين عرف؟ عرَّفه المعرِّف سبحانه وتعالى، وطرق الباب فخرج الرجل، فسأله: زوجتك هل ولدت؟ فقال له الرجل: أنا في حيرة لأني ليس عندي أي شيء، فقال له: خذ، وأعطاه كل ما اشتراه.
فكان هذا ماشياً بنور الله يواسي هؤلاء الفقراء لوجه الله تبارك وتعالى، فمن وصل فيكم لهذا المقام فليعمل، ومن لم يصل إلى هذا المقام فدوماً يحافظ على قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
أي شيء يؤخذ طمعاً من أي أخ لا يكون فيه بركة، وأنتم تلاحظون ذلك، فلو قال أحد لأخيه: أنا أريد هذا الكتاب طمعاً فيه، فإنه يأخذ الكتاب ويتركه وينساه ولا يقرأه ولا يفتحه ولا ينتفع به أبداً، لأنه أخذه بطمع.
بعض الناس كان يقول لي: أنا أريد هذا القلم الذي معك، فأقول له: الأقلام كثيرة، وذات مرة امرأة قالت لي: أنا أريد هذا القلم، فقلت لها: الأقلام كثيرة، فقالت لي: سآتيك بقلم غيره، فذهبت وأتت بقلم رخيص، فقلت لها: قلمي يكفيني وقلمك يكفيك، فهذا طمع والطمع حرام، كما ورد في الأثر: (كل ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام) لماذا؟ لأن الإسلام عودنا أن كل شيء يجب أن يكون بطيب نفس.
فجاءني اليوم ضيوف في الساحة وأريد أن أكرمهم، فلِمَ جاءوا؟ إذا جاؤوا لله ويريدون أن يدخلوا في طريق الله فاجعلهم مثلهم كمثل الحاضرين من عباد الله، فإذا ميَّزهم اليوم فيظنون أنهم مميزين ويريدون أن يتميزوا دائماً، وهذا لا ينفع.
هؤلاء من بلدي وبعد أن تناولوا العشاء وفي الساعة الثانية عشر ليلاً وجدتهم جوعى فأريد أن أخرج لهم طعام مرة ثانية، لماذا؟ وهل أخرج للناس كلهم؟ لا، نحن جئنا إلى هنا في رحاب الله فكلنا كما يقولون: (من حضر القسمة فليقتسم) فيأخذ على قدر نصيبه من القسمة.
الشيخ إذا أعطى هدية لأحد فتكون هدية من الله مقبولة إن شاء الله رب العالمين، قال صلى الله عليه وسلَّم في الحديث الجامع:
ما دام هو لم يتمنى هذا الشيء في نفسه ولم يطلب بلسانه، فيكون جاءه من عند الله، ولو رد فيرد على الله تبارك وتعالى.
وإذا أعطاني أحد هدية وهو يطمع في شيء آخر بعد ذلك، فأرد له الهدية بمثلها أو أكبر منها، حتى لا يكون له شيء عندي، وهذا ما نفعله مع أمثال هؤلاء، يعني مثلاً أعطاني زجاجة عطر فأعطيه زجاجة عطر أحسن منها، وأقول له: أنت أعطيتني هدية وأنا قبلتها وخذ هذه الهدية مني، فماذا له عندي بعد ذلك؟ لا شيء.
توزيع حاجيات بالمسجد
سؤال: ما رأي الدين في كيفية توزيع أشياء بالمسجد، فهل يحق لي أنا أن آخذ منها لنفسي وأنا من القائمين على توزيعها أو تبديل شيء منها بنوع آخر من عندي؟
ليس المسجد فقط ولكن أي مكان، فلو جاء شيء لنوزعه فأول ما نبدأ نبدأ بالعاملين عليها، ليظلوا أُمناء ويظلوا متقنين للعمل وهذا نصيب جعله الله لهم في نص أصحاب الحقوق في الزكاة في كتاب الله سبحانه وتعالى.
فرضاً أن أحدهم غير محتاج، لكن أنا أعرض عليه فإذا أظهر العفة فأكون قد عملت ما عليّ، وأضمن أنه لن يحدث في هذا الأمر خيانة ولا خداع ولا استغلال للفرص، لأنه ضامن أنه سيأخذ حقه منها، وهذا سواء في الزكاة أو في بيت الله أو شيء يُوزع في أي مكان جعله الله سبحانه وتعالى مكاناً لتوزيع هذه الأشياء للفقراء والمساكين.
إلا إذا كان هذا الشيء لا يصلح له وهو سيأخذه من باب الطمع، فهنا لا أعطيه لأننا يجب أن نعالج الطمع في نفوس الأحباء أجمعين.
وماذا تعني الأمانة؟ شيء أنا مكلف أن أوصله لفلان فلا أحد يقربه من أهلي، وإذا أرادوا مثله أحضر لهم مثله، ولكن لا أحد يقربه، فقد قيل: (إذا أرسلت أرسل حكيماً ولا توصه).
وإذا كان عندنا أمانات نخصص لها مكاناً وأوصي زوجتي، يا فلانة هذه أمانة فلان وهذه أمانة فلان، حتى إذا جاءني الأجل في أي وقت تذهب الأمانات لأصحابها، لكن أتركها بدون أن أخبرهم فيكون الخطأ عندي أنا.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
[1]المقطم – مجمع الفائزين 3 من ربيع الآخر 1444هـ 28/10/2022م
[2] مسند الإمام أحمد والطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه