• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

19 اغسطس 2021

هل يكون الكمل من الصالحين بين الخوف والرجاء؟

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

السؤال التالي:

هل يكون الكُمَّل من الصالحين بين الخوف والرجاء؟ أم بالرجاء فقط؟ أم بالخوف فقط؟

الجواب:

إذا كان الإنسان واقفاً عند مقامٍ واحدٍ من هذين المقامين، كان في مقام نقصٍ وليس في مقام كمال، فإن الخائف من الله تبارك وتعالى أو من ناره أو من موقف يوم القيامة، يجعله خوفه هذا يترك كل طيبات الدنيا، وكل ما أباحه الله له من نعيم الدنيا ومن متع الحياة الدنيوية التي هيأها الله تبارك وتعالى لعباده الصالحين.

فقد يصل به الخوف إلى مقام اليأس والقنوط:

﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ (56الحجر).

أما الراجي لفضل الله، والآمن من مكر الله، فهذا أيضاً في غير مأمن، لأنه إذا أمن جانب مكر الله فقد يقع في نسيان الآداب في التعامل مع حضرة الله، ولذا كان يقول السادة الصالحون:

[إذا أجلسوك على البساط، فإياك والإنبساط].

فإذا إنبسط فربما يخالف دون أن يشعر الشريعة الإلهية في قليلٍ أو كثير، فيُطرد من رحمة الله كما وقع إبليس وغيره من الذين وصفهم الله تبارك وتعالى لنا في كتاب الله.

إذاً الكمل هم الذين يمزجون بين الخوف والرجاء، ولذلك قيل:

[إذا وُزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا].

يرجو فضل الله، ويرجو إكرام الله، ويرجو القرب من الله، ويرجو الأمان في جانب الله، ويخاف أيضاً من قهر الله، ومن جلال الله، ومن سخط الله، ومن غضب الله، فربما يقع الإنسان في زَلة يظنها عملٌ بسيط وهي تستوجب السخط والمقت من رب العزة تبارك وتعالى.

ولذلك وصف الله هؤلاء في قرآنه فقال:

﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا (9الأنبياء).

رغباً يعني راغبين في القرب والوداد من الله عز وجل، وإكرامه وعطفه وشفقته وحنانته ومودته.

ورهباً يعني خوفاً من إبعاده وخوفاً من سخطه، وخوفاً من بُعده، بل إن الله عز وجل عندما أنزل في سورة هود:

﴿ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60هود).

ومرة أخرى:

﴿ أَلا بُعْدًا لِثَمُودَ (68هود).

وغيرهم ـ قال صلى الله عليه وسلَّم:

(شيبتني هودٌ وأخواتها).

[رواه الترمذي وصححه الألباني عن إبن عباس رضي الله عنهما].

أي أن ذكر البُعاد في سورة هود جعل سبع عشرة شعرةً من رأسه تبيض خوفاً من الإبعاد، لأن الله عز وجل:

﴿ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23الأنبياء).

قال فيها الإمام أبو العزائم رضي الله عز وجل عنه:

خوف بعدي في القرب نار جحيمي

خوف أن يُبعده الله أو يطرده من رحمته في أقل من لمح البصر، هو الخوف الذي يحفظ له عبوديته الكاملة لله تبارك وتعالى.

ولذلك كان سيدنا أبو بكر الصديق يقول:

[لا آمن مكر الله، ولو كانت إحدى قدميَّ في الجنة].

وجاء الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وقال:

[لا آمن مكر الله ولو دخلت في الجنة].

لأن آدم كان في الجنة وطُرد من الجنة، وإبليس كان في الجنة وحُرم منها، فإذا لا أمان لمكر الله، فلابد من الخوف والرجاء معاً ليعتدل الإنسان في حياته الدنيوية، وفي قربه من مولاه سبحانه وتعالى.

فهؤلاء هم أهل المقام الأكمل، الذين يخافون من البعد عن الله، أو الصدود من حضرة الله، أو الإبعاد من حضرة الله، أو أن يُذيقهم الله تبارك وتعالى ـ نسأل الله تبارك وتعالى الحفظ والسلامة ـ قسوة القلوب، أو عدم الشفقة والرحمة والحنانة بالخلق، أو يجعلهم يستهينون بالذنوب، ويستخفون بالطاعات، وهذه كلها أمراضٌ تؤدي إلى أسفل الدركات والعياذ بالله تبارك وتعالى.

إذاً لابد أن يكون الإنسان بين الخوف والرجاء على الدوام، لا يترك ذلك طرفة عينٍ ولا أقل، قال الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه معبراً عن هذا الحال:

[لو قيل كل الناس في الجنة إلا رجلٌ واحد، لخفت أن أكون ذلك الرجل، ولو قيل كل الناس في النار إلا رجلٌ واحد، لرجوت أن أكون ذلك الرجل].

فهو يرجو الله ويخاف الله في نفس الوقت.

نسأل الله السداد والتوفيق.

دار الصفا الجميزه طنطا الخميس: 19/8/2021 موافق 11 المحرم 1442 هـ لقاء الأحبة على برنامج التواصل الإجتماعي زووم ـ على الإنترنت

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid