• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

7يوليو2021

السفر إلى الله يبدأ بالنفس

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

الحمد لله والصلاة والسلام على شمس الهُدى ومصباح الدُجى، سيدنا محمد وصحبه ومن والاه.

نواصل الإجابة على إستفسارات الأحباب القارئين للكتب.

السؤال الأول:

يقول أحدهم:

ذكرتم فضيلتكم في أحد مؤلفاتكم أن السفر الحقيقي إلى الله يبدأ من النفس، وقلتم أنت محطة السفر منك السفر وإلى الله الوصول ـ أرجو التوضيح.

الجواب:

السفر إلى الله تعالى سفراً معنوياً، لأنه لا يوجد طريقٌ حسيٍّ كوني أو غير كوني يوصل إلى الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى لا يخلو منه زمان ولا مكان، وهو أقرب إلى كل شيئٍ من نفس الشيئ، ويقول عز وجل:

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4الحديد).

ويقول تبارك وتعالى:

﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله إِنَّ الله (115البقرة).

فالله سبحانه وتعالى ليس هناك طرقٌ حسية توصل إلى حضرات رضوانه العلية، فما بالك بذاته القدسية سبحانه وتعالى؟

ولذلك ليس هناك مكانٌ أو زمانٌ يسافر منه الإنسان ليصل إلى القرب والود والمؤانسة مع مولاه إلا نفسه التي بين جنبيه، يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:

مني أســــافر لا من كوني الداني      أفردت ربي لا حــــورٌ وولدان

وجهتُ وجهي لله العظيم ولي       أملٌ عظيمٌ في فضلٍ ورضوان

فالإنسان يسافر من نفسه أي من الشواغل التي تحيط به وتشغل نفسه، ثم يسافر بعد ذلك من قلبه بعد فراغه من الأغيار وملأه بالأنوار، وهكذا.

فمراحل السفر إلى الله تبارك وتعالى هي مراحل الجهاد التي يجاهد فيها السالكون، ويجاهد فيها العارفون، ولذلك يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:

[لا ينتهي جهاد النفس حتى مع كُمل العارفين، إلا مع خروج النفس الأخير].

فالإنسان طالما فيه الحياة الإلهية، فهو في جهاد مستمر مع عناصره الطينية، ومع عناصره النارية، ومع عناصره حتى الملكوتية، كل ما فيه من عناصر إذا ركن  إليها بعُد عن حضرة الله، والبعد هنا بعد معنوي، والقرب أيضاً قربٌ معنوي.

فهذا قريبٌ من الله، أي قريبٌ من مودته، ومن رحمته ومن حنانته ومن حفظه وصيانته، ومن توفيقه ومعونته، هذا هو القرب المعنوي من الله سبحانه وتعالى لعباد الله و العارفون لأنهم عرفوا أنفسهم، وعرفوا ربهم سبحانه وتعالى.

عرفوا أنفسهم وجاهدوها، وتخلصوا من شهواتها وحظوظها وأهوائها، فقربهم الله عز وجل قرب القرابة من مودته، وهذا ما يقول فيه الله في كتابه الكريم:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96مريم).

فيكون هناك ودٌ ومؤانسةٌ وملاطفةٌ ومسامرةٌ بينهم وبين حضرة الله، وحضرة الله سبحانه وتعالى لا تراها العيون ولا تحيط بها الأوهام ولا الظنون:

[فكل ما خطر ببالك فهو هالك، والله تعالى من وراء ذلك].

والله سبحانه وتعالى ليس له مكانٌ ولا زمان، وإنما يسافر الإنسان من حقائقه الدانية فيتجلى إليه إلهه سبحانه وتعالى بحقائقه الراقية، فيكون في مقامٍ:

﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ (10) (النجم).

ولذلك قال إبن البنا السراقسطي رضي الله عنه في منظومته عن التصوف:

إنما القوم مســـــــــــــــــــافرون        إلى الله وظاعنـــــــــــــــــــــــــون

فا فتقروا فيه إلى دليـــــــــل       عالم بالســـــــــــــــير وبالمقيل

قد سلك الطريق ثم عاد        ليُخبر القوم بما أســتفاد

لأنها معاني في معاني، والمعاني في المعاني مباني، ولكن لا تلوح إلا لأهل القرب والتداني والتهاني.

نسأل الله تعالى أن نكون منهم أجمعين.

الخميس: 7/7/2021 موافق 28 ذي القعدة 1442 هـ دار الصفا الجميزه  لقاء الأحبة على برنامج التواصل الإجتماعي زووم ـ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid