• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

7 ديسمبر 2012 م

ما رأى الدين فى شك الرجل فى زوجته وكيف التخلص من هذا المرض؟

.

شارك الموضوع لمن تحب

********************************

الشك القاتل

سؤال: أنا أعيش في حالة مضنية من الشك القاتل لأني أشك أن زوجتي في علاقة مع جار لنا، والجميع يقول لي أنها أوهام وحكايات في رأسي فقط، ولكني لا أصدق ذلك، فما العمل؟

==================================

الخواطر قد ترِد من الله وهي التي تحض على الخير وعمل البر، وقد تَرِدُ من النفس وهي التي تحض على المخالفة والعصيان، وقد ترِد من الشيطان وهي التي تهيج الإنسان نحو قطيعة إنسان، أو نحو الهجوم على إنسان، أو نحو معاداة إنسان، أو نحو كراهة إنسان، كل هذه الخواطر تمر على القلب. والإنسان عليه دائماً وأبداً أن يأخذ بقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: {إِذَا ظَنَنْتَ فَلا تُحَقِّقْ}( رواه الطبراني عن حارثة بن النعمان).

إذا كان هناك أدلة حسية مادية شرعية ملموسة محسوسة تؤكد هذا الظن فيجب علىَّ أن أتوقف، وأن أتحرى جيداً قبل أن أقدم على أي خطوة حتى تتم التحريات وتستتم الدلالات المحسوسات، لقوله صلى الله عليه وسلم: {الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى} (سنن الترمذي والنسائي ومسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو).

أي أمر تدَّعيه لابد أن يكون معك بيِّنة تُثبت صحة هذه الدعوى، والله عزَّ وجلَّ قال لنا: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا. [6الحجرات]. قد يكون الفاسق إنسان، وقد يكون الفاسق خاطر سوء في القلب ورد إليه من النفس أو من الشيطان، وسواء هذا أو ذاك لا بد أن يكون هناك دليل مادي محسوس ملموس.

نهى دِينُنا عن مجابهة الإنسان لإنسان بأي تهمة بغير بيِّنة أو دليل، لأنها تثير النفوس بغير أمر محسوس ملموس، ونهى عن مجابهة أي إنسان لحقيقة ليست معها بيِّنة، وأحاول أن أُكرهه على أن يعترف بما أظنُّه، وهذا يحدث مع كثير من الأزواج، فنرى بعض شبابنا بعد الزواج يحاول أن يُشدِّد على زوجته ويقول لها: لابد لك من علاقة شرعية قبل الزواج، اعترفي وسأسامحك، ويُصر على هذا الأمر!! ما لك ولهذا الماضي؟!! حتى أن الزوجة ربما تكذب عليه لترضيه وتنجو من هذا الإلحاح!! فلا ينبغي للإنسان أن يظنَّ أيَّ ظنٍّ ويُحققه إلا بعد الملابسات الحسية والمادية التي تتحقق بها مثل هذه الأمور الشرعية.

ولذلك نقول لهذا الأخ: ما دمت لم ترَ شيئاً محسوساً، ولم تستند إلى شيء ملموس فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وخرِّجْ هذا الوسواس من نفسك، وهو وسواس من الشيطان يريد أن يثير الضغينة بينك وبين زوجك ليُعكر صفو حياتك، ويجعل حياتك في همٍّ وغمٍّ ونكدٍ على الدوام. وهذا شبيه لمن يصاب بداء الغيرة التي نهى عنها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وهذا مرض استشرى في مجتمعنا الآن فكثير من شبابنا مصاب بداء الغيرة.

والغيرة منها غيرة محمودة عند الدلائل والقرائن، كمن وجد من يريد أن يشاكس زوجته، أو من يريد أن يختطف زوجته فهذا يغار هنا. لكن هناك غيرة بغير قرينة ولا بيِّنة، وهذه غيرة مذمومة لأنها قد تؤدي بالمرأة لأن تكره زوجها كراهية مطلقة، لأنها غيرة بدون ريبة، كأن يمنعها من الوقوف في النافذة أو البلكونة التي تطل من الشقة حتى لا يراها أحد حولها، ما لها ولمن حولها؟! هل تضعها في سجن أم في شقة؟! وهل ترضى لنفسك أن تعيش في هذا السجن بين الأربع جدران لا تنظر إلى هنا ولا إلى هناك؟!!

مادام ليس هناك ريبة لِمَ تُجشم نفسك وزوجك بهذه المشاق التي تؤدي إلى الكراهية العمياء؟!! بل إنك إن أكثرت من الغيرة عليها بغير حقٍ؛ رماها الناس بالسوء لشكك الزائد بها ولذا قال الإمام على: (لا تكثر من الغيرة على أهلك فتُرمى بالسوء من أجلك). هذه التصرفات الحمقاء التي سببتها الغيرة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: {مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ} (سنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن حبان عن جبر بن عتيك الأنصاري).

أو تكون زوجته عامِلة ومعها زملاء، ومعها تليفون محمول وتضع عليه أرقام تليفونات هؤلاء الزملاء، لأنها في حاجة إليهم وهم في حاجة إليها لتنظيم العمل، فإذا رنَّ التليفون في البيت يريد أن يعرف مَنْ الذي يتحدث؟ وماذا يقول؟ ولماذا يطلبها هنا؟ وهذا يؤلب عدم الثقة، فتعتقد أنه لا يثق فيها، وأنه لا يعتد بها، وهذا مما يثير الإحن والشحناء والبغضاء بين الزوجين، وسبب كل ذلك الغيرة التي ليس لها سبب، وليس عليها دليل.

فالإنسان المؤمن يعمل بشرع الله، فلا يأخذ إلا بدليل حسي محسوس ملموس، وهذا الدليل رآه بعينيه، وسمعه بأذنيه، وتكرر أمامه مرات حتى يتخذ خطوات إيجابية، وإلا فليطرد الشيطان ليعيش هو وأهله وزوجه في أمان إن شاء الله.

الغيرة القاتلة إذا لم ينفع معها الاستعاذة من الشيطان، والرجوع إلى منهج الرحمن الذي جاء به نبيُّنا العدنان صلى الله عليه وسلم، فهذا مرضٌ نفسيّ يحتاج إلى طبيب اختصاصي من أطباء الأمراض النفسية ليضع له علاجاً يعالج هذه الغيرة القاتلة.

الغيرة قد تكون من تأثير البيئة الطبيعية التي نما فيها الإنسان، كأن يكون قد نما في بيئة جامدة وأهلها متشددون في مثل هذه المجالات، وما أكثر المتشددون على النساء في بلدان الإسلام الآن، وقد يكون سلوكه في شبابه غير سَوي، فلا يُصدق أن هناك بنتاً سوية أو امرأة تقية، وهذا كثير. لكن المؤمن التقيَّ النقيّ يمشي على مذهب الحبيب الصفيِّ الوفيِّ صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الثامنة من برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية المعادي 23 من محرم 1434هـ 7/12/2012م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid