• Sunrise At: 6:05 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

Muslims to Achieve Spiritual Goals

لماذا جعل الله الحج فى يوم عرفه و فى هذه الأماكن بالذات؟

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

•┈••❅♢♢• ❅♢❅♢✿♢❅♢❅• ❅♢♢• ❅♢••┈•

أسرار زمان ومكان الحج

سؤال: لماذا جعل الله عزَّ وجلَّ عبادة الحجِّ في يوم عرفة، ولا تصح إلاَّ في يوم عرفة وهذه الأماكن بالذات؟

====================================

يُعلمنا الله عزَّ وجلَّ أن من أخلص لله عزَّ وجلَّ في توجهه لمولاه، وصدق في طاعته لله، جعل الله عزَّ وجلَّ له حسن الأحدوثة والذكر في الدنيا، فضلاً عن السعادة الوارفة يوم لقاء الله جل في علاه. فإن مناسك الحج مرتبطة بأنبياء الله ورسل الله عزَّ وجلَّ!!

فإن الله عزَّ وجلَّ أمر الملائكة – في أصح الأقوال – ببناء البيت الحرام، فيما روى من الأخبار والآثار الكثيرة التي نسب بعضها للنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها للإمام علىٍّ، وبعضها للحسن بن على ولآخرين، أنه قيل: أن الله تعالى لما قال للملائكة: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [30البقرة].

{وغضب عليهم غضبا شديداً ففرقوا لغضبه ولاذوا بالعرش وطافوا حولـه سبعا – وفي روايات فطافوا حول البيت المعمور – يستغفرون اللـه تعالى فغفر لـهم ورضي عنهم وقال لـهم ابنوا في الأرض بيتا يطوف حولـه ذرية من استخلفه فيها ويستغفروني فأغفر لـهم كما غفرت لكم وأرضى عنهم كما رضيت عنكم} (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لابن عاشر).

وأراد الله عزَّ وجلَّ أن يُعَلِّم آدم وذريته التوبة المثلى وكيفيتها لله عزَّ وجلَّ ، فأنساه الله وهو في الجنة ما أمره به مولاه: ﴿ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [115طه]. فكانت النتيجة أن أُهبط آدم من الجنة، وإن كان آدم أُهبط من الجنة بذنب!! فكيف نطمع أن ندخلها بذنوب لا تُعدُّ ولا تُحصى؟!! إلا إذا تاب التواب عزَّ وجلَّ.

وأهبط آدم في سَيلان بجوار بلاد الهند- وفي موضع نزوله روايات عديدة-، وأخذ يضرع إلى الله ويتوب لأنه علم أنه أخطأ، ثم بعد مدة – اختلف العلماء في قدرها، قد تكون أربعين، وقد تكون ثلاثمائة عام – نزل الأمين جبريل وقال: يا آدم اذهب إلى البيت وطُفْ حوله يغفر الله عزَّ وجلَّ لك. فجاء آدم من الهند إلى مكة ماشياً، وإن كان الله عزَّ وجلَّ طوى له الأرض، فقطعها في بضع خطوات، ووصل البيت وألصق صدره في الملتزم – وهو بين باب البيت وحجر الركن، هذا المكان إذا تمكن الإنسان وألصق صدره إليه ورفع يديه فإن دعاءه لا يُرد.

فآدم وضع صدره على الملتزم، ورفع يديه ودعا بالدعاء الذي حكاه لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي، وَتَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَعْطِنِي سُؤْلِي، وَتَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا يُبَاشِرُ قَلْبِي، وَيَقِينًا صَادِقًا حَتَّى أَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُصِيبُنِي إِلا مَا كَتَبْتَ لِي، وَرِضًا بِمَا قَسَمْتَ لِي. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا آدَمُ، إِنِّي قَدْ قَبِلْتُ تَوْبَتَكَ، وَغَفَرْتُ لَكَ ذَنْبِكَ، وَلَنْ يَدْعُونِي أَحَدٌ بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلا غَفَرْتُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَكَفَيْتُهُ الْمُهِمَّ مِنْ أَمْرِهِ، وَزَجَرْتُ عَنْهُ الشَّيْطَانَ، وَاتْجَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرٍ، وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ الدُّنْيَا رَاغِمَةً، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا} (سنن الطبراني والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها).

فأعلمنا الله عزَّ وجلَّ على لسان حبيبه ومصطفاه أن من يتعرض للمشقة، ويذهب إلى هذا الموضع – كما ذهب آدم – يغفر له الله عند بيت الله جلَّ في علاه.

ثم أتم الله النعمة على آدم فبعد أن نزل في بلاد الهند، ونزلت حواء في بلاد الحجاز ولم يلتقيا، بعد أن تاب الله عليه مشى إلى عرفات، وساقت الملائكة زوجه إلى عرفات، فتعارفا هناك، ومن هنا سُمي: (عَرَفَات)، فكأن الإنسان الذي يريد أن يستجيب الله دعاءه لا بد أن يحظى بمغفرة الله، يطوف بالبيت فيغفر الله له، ثم يذهب إلى موضع إجابة الدعاء فيستجيب الله له.

وبقية المناسك كانت تكريماً للخليل وأهل بيته الأطهار، فإن زوجته التقية النقية لما سلَّمتْ أمرها لله وقالت: يا إبراهيم لمن تتركنا هنا؟ فلم يجبها ثلاث مرات، ثم قالت في المرة الثالثة: أالله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يُضيعنا، فأحسنت التوكل على الله، فجعل الله عزَّ وجلَّ حركات قدميها وسعيها في البحث عن الماء لرضيعها عبادة، وهي عبادة السعى في الأماكن التي مشت فيها، فنمشي حيث مشت، ونهرول حيث هرولت، عبادة شبيهة بما فعلت تكريماً لها إلى يوم الدين، وهذه العبادة توضع في صحيفتها من المسلمين والمسلمات إلى يوم الدين.

وكذا عبادة الخليل وإسماعيل، عندما أمره ربُّه أن يذبح ابنه، فسَلَّم لأمر مولاه ورضي الغلام وقال كما أخبر القرآن: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [102الصافات]. فتظاهرا عند خروجهما من الحرم من مكة أنهما خارجين للصيد، وقال الغلام ناصحاً أباه: يا أبت اشحذ المدية، واقلبني على ظهري حتى لا ترى وجهي فتشفق علىَّ وتتأخر في تنفيذ أمر الله، وانزع القميص من جسدي حتى لا يقع عليه الدم فتراه أمي فتحزن لأجلي: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ[103-105الصافات].

فاعترضهما إبليس، تعرَّض للأب فرماه، وتعرَّض للغلام فرماه، وتعرَّض للأم فرمته، فقدَّس الله المواضع التي رمى فيها الثلاثة إبليس، وأمرنا أن نرمي فيها – من نفوسنا – وساوس الشيطان، وهمزات إبليس، حتى نطهر لله عزَّ وجلَّ. وأمرنا أن نُضحيَّ إن كنا مقيمين، أو نذبح الهدى إن كنا حجاجاً ومعتمرين، اقتداء بنبيِّ الله إبراهيم ونبيِّ الله إسماعيل، لأن إبراهيم قال: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ﴾. [84 الشعراءفجعل الله له لسان صدق!!

وهذا يرينا جميعاً أنَّ كلَّ مَنْ أخلص لله، ونوى لله، وصدق في العمل الصالح لمولاه، لابد أن يجعل الله له حسن الأحدوثة من بعده في الحياة، وناهيك عن السعادة التي يجعلها له الله يوم لقياه!!!.

وتصادف أن ما صنعه إبراهيم وإسماعيل كان في الأيام التي كان فيها آدم، فإن رؤيا إبراهيم أول مرة كانت في يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، والمرة الثانية كانت في يوم عرفة، والمرة الثالثة كانت في يوم العيد – وهي المرة التي ذهب ليُنفذ فيها أمر الله – فمن حكمة الله أنه جعل المناسك كلها في أيام قال فيها: ﴿ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾. [203، البقرة ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ﴾. [28، الحج].

مرة يقول: (معلومات)، ومرة يقول: (معدودات) لأنه علَّمها بقدرته، وعدَّها بحكمته، وجعلها في هذا الموضع بالذات لتكون للمسلمين أجمعين مكان تعارف، فكما تعارف آدم على حواء يتعارف المسلمون أجمعون في هذه المواضع على بعضهم، ويبحثون مشكلاتهم، ويُحلون معضلاتهم، ويتفقون على العمل النافع لجمعهم، وهذا هو الحجُّ الأكبر إذا صنعنا ذلك، وعمل قادة المسلمون ذلك.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحلقة الثالثة: الزقازيق 3 من ذي الحجة 1433هـ 19/10/2012م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid