• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

4 سبتمبر 2015

ما الفرق بين العتيقة الكبرى و العتيقة الصغرى من النار؟

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

……………………………………………………………………..
العتيقة

سؤال: هل هناك شيء يسمى عتيقة من النار، وهي أن تقول (أستغفر الله العظيم وهو التواب الرحيم) سبعين ألف مرة وهي العتيقة الصغرى، أو مائة ألف مرة وهي العتيقة الكبرى؟

———————

هذا الأمر مذكور في بعض كتب الرقائق، وإن كانت الأحاديث المروية عنه ضعيفة، لكن يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، فهناك حديث: (من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبعين ألف مرة أعتق الله رقبته من النار)[1]. وهذه يسمونها العتيقة الصغرى، وهذه نعطيها  للمقبلين على لقاء الله، الذين كبروا في السن وأصبح على باب الآخرة، ويحتاج أن يعوض ما فاته، أو يستغفر من ذنوبه، فأفضل عبادة له الاستغفار.

وهناك عتيقة أخرى يسمونها العتيقة الكبرى، يقول فيها صلَّى الله عليه وسلَّم: (من قرأ سورة الإخلاص مائة ألف مرة أعتق الله رقبته من النار)[2]، وهذه كذلك نعطيها أيضاً لهم، فنعطيهم العتيقة الصغرى، وبعد أن ينتهوا منها نعطيهم العتيقة الكبرى، ونرى أن هذا يكون سبباً لعتقه من النار إن شاء الله رب العالمين.

إذا أراد المريد في بدايته أن يأخذها فلا مانع، فقد كان السلف الصالح وخاصة أتباع الطرق كالخلوتية وغيرها يأمرون المريد عندما يدخل طريق الله عزَّ وجلَّ – قبل أن يعطوه أي أوراد – أن يستغفر الله سبعين ألف مرة، حتى تمسح ما فات، ثم يعطونه بعد ذلك الأوراد، ولا يحددون له زمن للانتهاء منها، وكان معظمهم يستحسن أن يستغفر كل يوم ألف مرة، بعد كل فريضة مائتين مرة، فيستغرق سبعين يوماً، وبعد ذلك يظهر عليه علامات التوابين والمتطهرين، فيعطونه الأوراد.

والأوراد إذا داوم عليها المريد يكون لها علامات التوابين والمتطهرين تظهر على صفحة الوجه، وأنا أذكر عندما كنت شاباً في بداية الطريق، وأكرمني الله ببداية شديدة فاجتمع حولي عدد كبير من أهل بلدتي، حتى كنا نملأ المسجد، وكنا نختم صلاة الصبح حتى شروق الشمس، فكان – سبحان الله -الذي لا يقرأ الوِرد القولي، أو الوِرد القرآني لمدة يوم أو يومين أعرفه، لأن الوِرد يظهر نوره على الوجه: (تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ) (273البقرة) تظهر في سيما الإنسان، يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضِي الله عنه: ((كنا نعرف الكذاب بعلامة في وجهه)).

فالمصيبة الكبرى أن كثيراً من المريدين لا يحسبونها جيداً مع الصالحين الصادقين أهل الإشراق، لأن الصالحين يتركونهم لأنفسهم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا) (46فصلت)، فالشيخ لا يحتاج منك شيء، لكن أنت المحتاج له، فلو عملت صالحاً فسيضعوك في كشوفهم، وإن لم تعمل فستكون في كشوف الجزاءات، والجزاءات تكون شديدة لكنك لا تدري.

يقول أحدهم لرجل من الصالحين: أنا عملت كذا وكذا من المعاصي ولم أجد عقاباً!!، فقال له: هل أنت تقوم الليل؟ قال: لا، قال: وهل هناك عقاب أشد من هذا؟!! محروم من قيام الليل. والعقاب الأشد الغفلة عن ذكر الله، أن يمشي الإنسان ولا يذكر بلسانه إلا فلان وعلان، ولا يذكر الله، وهناك أنواع كثيرة من العقاب، يغفل عنها كثير من المريدين.

إذاً المريد يبدأ أولاً بالاستغفار سبعين ألف مرة إلى أن يغفر الله عزَّ وجلَّ له ويطهِّره، ثم يبدأ بعد ذلك في الأوراد، ويحافظ على نفسه من المعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن.

أنا أحذر الأحبة كباراً وصغاراً: إياكم .. ثم إياكم .. ثم إياكم من النت وفيروساته، فهو الآفة العظمى التي أصابت كثيراً من السالكين في مقتل، فلو تعوَّد أن يرى أشياء خارجة فإن النفس تتلذذ بمشاهدة هذه المناظر، فيضيع: (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) (11الحج). فليحذر الجميع من ذلك، ويَقُوا أبناءهم من ذلك.

لا تراقبه لتعرف هل يرى هذه الأشياء أم لا، ولكن أهم شيء ما الذي وضعته أنت في قلبه؟ لأنه يجب أن يراقب الله لا يراقبك أنت، فتبقى معه حتى تذيقه طعم الخشية، ويطمئن قلبه بذكر الله، وبعد ذلك لا تخش عليه ولو من الشيطان: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) (201الأعراف).

الأوراد

سؤال: هل الأوراد التي يأخذها المريد بعد أن ينتهي من العتيقة الصغرى والعتيقة الكبرى مكتوبة أم غير مكتوبة؟

———————-

هناك أوراد أهل البداية وهي مكتوبة، وقد ذكرناها في كتابنا: (أذكار الأبرار)، أما أهل العناية الذين ترقوا قليلاً تكون أورادهم إلهاماً مباشرة من الله عزَّ وجلَّ لهم، لذلك أورادهم تختلف. هناك من يأخذ الوِرد فيُخلص فيه فيجد الفتح، وهناك من يأخذ الوِرد فيتركه فيقف، ولا يفتح عليه، ويطلب ورداً آخر. كيف ولم يُفتح عليك؟!!.

هناك أوراد لسانية، وهناك أوراد قلبية، وهناك لطائف برزخية، وهناك بعد ذلك تجليات روحانية، ولكل مقام مقال. فالأوراد موجودة لأهل الجد والاجتهاد الذين لهم مقصد عال، لكن لا يجوز أن آخذ الوِرد وأتركه، كالذي يذهب للطبيب فيعطيه روشتة الدواء فلا يأخذها، هل يطلب روشتة أخرى؟! أو يعطيه الصيدلي تركيبة عظيمة ولا يأخذها!!.

 لكن: (من عمل بما علم ورَّثه الله علم ما لم يكن يعلم)[3]، وهذه أول نتيجة، لكن إذا أردت النتائج التي في اليدين، والتي تراها العيون فلا شأن لنا بهذه النتائج، لأن الذي تراه العيون وتلمسه اليدان نحن نريد فيه البركة، وأنت لجهلك تريد فيه الكثرة، والكثرة لن تُغني عنك شيئاً، لكن البركة لو جاءت فإن القليل سيُغني عن الكثير.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

*********************

 

[1] الترمذى – غريب – وابن سعد، والبغوى، وابن منده، والباوردى، والطبرانى، والضياء، وابن عساكر عن بلال بن يسار بن زيد مولى النبى – صلى الله عليه وسلم – عن أبيه عن جده قال: (من قال أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف)، ,ابن عساكر عن أنس، والضياء عن ابن مسعود وجابر موقوفًا عليهما.

[2] الْخياري في فوائده عن حذيفةَ رضَي اللَّهُ عنهُ: (مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَلْفَ مَرَّةٍ فَقَدِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ)، (جامع الأحاديث والمراسيل للسيوطي – من الجامع الصغير وزوائده)، والفتح الكبير لابن حجر.

[3] أخرجه أبو نعيم في الحلية وذكره أحمد عن أنس رضي الله عنه، وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: (من تعلم علماً فعمل به كان حقاً على الله أن يعلمه ما لم يكن يعلم).

……………………………………………………………………..

                           المعادي – الجمعة 21من ذو القعدة 1436هـ 4/9/2015م
أسئلة حائرة وإجابات شافية – مجلس الجمعة قبل صلاة العصر بمقر الجمعية

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid