• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

6يونيو 1997

نور رسول الله

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

 ************************

نور رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مثل نور الشمس، ولكن أزهى وأزكى!! ولا مثل نور القمر، ولكن أجمل وأزهى!! فهو نُورٌ ربَّاني استمده من أسماء الله وصفاته.

كيف نستمد هذا النور؟!! فالعين فى الرأس ترى المظاهر، والنُّور له فيها ظاهر، ترى نور الشمس، نور القمر، نور الكهرباء، لكن لا ترى الأنوار المعنوية. ما الدليل؟

أين الإيمان فى قلوبنا؟!! من يراه؟!! لا أحد، وما الإيمان؟ فهو أساساً نور، ولكن لا يرى بشكل مادي: (وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (52الشورى).

فالإيمان نُورٌ لكن مَنْ الذي يرى هذا النور الربَّانيّ الموجود في الصدور؟ يوجد البعض من جماعة يرون هذا النور، وهؤلاء الذين نقول فيهم:  (اتَّقُوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) (رواه الطبراني وابن عدي والخطيب وأبو نعيم عن أبي أمامة رضي الله عنه. وروى الطبراني وابن جرير الطبري عن أنس رضي الله عنه بلفظ : ” إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم).

وليس النور العادي المادي الذي نعرفه، ولكنه النور المعنوى أي نور الله سبحانه وتعالى المتواجد فى القلب، أى أنه ينظر بنور الإيمان، هذا النور الذي يرى به ما غاب عنا، يرى الذي فى القلب، ويعرف الذي فى السر والذي مخفي فى الصدر ومستكن فيه.

يرى الملائكة المحيطين بنا (فى مجلس العلم) ويكلمهم ويسألهم، وأحياناً تأتيه دعوة ويريد أن يعرف مدى صحتها ويسأل المرافقين له، هل هذا الرجل صادق في كلامه أم لا؟ لأن الله عزَّ وجلَّ أطلعه عليهما فيراهما ويكلمهما: } إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ { (30فصلت)، نحن بأمر الله مستعدون لطلبكم ومنتظرون البشرى لكم وطوع أمركم، نحن خدم لكم فى الدنيا وخدم لكم فى الآخرة } نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ{ (31فصلت).

أولياؤكم: بمعنى أنصاركم والمساعدين لكم، والخدم المنفذين لأمركم، ورهن إشارتكم، وننتظر حرفاً من كلماتكم لنسارع فى تنفيذ رغباتكم، لأن الله عزَّ وجلَّ أمرهم بذلك.

فينظر احد الناس لهذه الأمور ويقول: أريد دليل على أن هؤلاء الجماعة يعرفون ما بداخل قلوب الناس وفى نفوسهم، فنقول ونسوق إليه قصة سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه : جالس فى مجلسه ودخل عليه رجل، وهذا الرجل وهو فى طريقه نظر إلى امرأة فأعجبته. وهل هناك أحد يعرف من العين ماذا نظرت؟!! يستطيع أحد أن يعرف عن طريق العين جنسية الرجل؟!! وما رأى من قبل؟!! وما هى مهنته؟!!

لكن هؤلاء لهم القدرة على المعرفة، فقال سيدنا عثمان t: (أما يستحى أحدكم أن يدخل علىَّ وفي عينيه أثر الزنا)،  فقال الرجل: أَوَحْيٌ بعد رسول الله يا أمير المؤمنين؟!! فقال سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه وأرضاه : لا ولكن فراسة المؤمن أما سمعت من رسول الله ﷺ : {اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عزَّ وجلَّ} (رواه الطبراني وابن عدي والخطيب وأبو نعيم عن أبي أمامة رضي الله عنه).

نور النبي ﷺ تراه أعين القلوب بعد علاجها وطهارتها وصفائها لحضرة علام الغيوب. عن نزول المرء إلى الدنيا وتكون عينه حادة ترى الملائكة جميعاً، عندما يبدأ يتعرف على ما حوله تنزل ستارة الحس الملكوتى تستر ستارة الملكى، المطلوب أن المرء يرعى عينه ويحاول أن يزيل ما بها من الذنوب ودخان العيوب والحظ والهوى – وهى التى تمنعها عن الرؤية، }كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{ (14،15المطففين).

ما الذي يحجبنا عن الرؤية؟!!!  كثرة الذنوب والأثام والحظوظ والشهوات. ما القطرة التى توضع لعين القلوب لتتفتح؟!! يتم مَسَّها الأول بالندم والإستغفار. ما الذي يغسل عين القلب؟!! دموع النَّدم على الذنب، ودموع التقصير فى طاعة العلى القدير عزَّ وجلَّ.

نحن جميعاً مقصرين!! أصحاب رسول الله ﷺ رضوان الله عليهم أجمعين كان الواحد منهم طول الليل فى استغفار ويتهمون أنفسهم بالتقصير!! }والمستغفرين بالأسحار{ (18الذاريات}كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ { (18آل عمران)، كانوا لا ينامون إلا لحظات فى الليل، شبابنا فى سهر دائم مع المسلسلات والمباريات، لكنهم طوال ليلهم فى استغفار ومع ذلك يتهمون أنفسهم بالتقصير!!

انظروا إلى الرجل الذي قال فيه ﷺ : {إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم} (). كلهم كرماء، لما إخوته أخذوه ليكيدوا له مكيدة لأن أبوهم يحبُّه أكثر منهم، لأن له تقوى والفيض الذي وهبه المولى ﷻ، فقال لهم: أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلين. ربُّنا سبحانه وتعالى عاتبه!! مكتوب فى ديوان النبوة بالحفظ، ولا أحد يستطيع أن يكيد له!! فقال لهم: الذئب أكله، فلماذا لم يقم بقطع القميص؟!! القميص سليم ولا يوجد أى قطع فيه، ولم تظهر فيه قطع بأسنان الذئب، (وهم فى غفلة من هذا)، فقال لهم: سنذهب إلى الذئب، وقال سيدنا يعقوب إلى الذئب: لم أكلت يوسف يا ذئب؟ قال الذئب: يا نَبِيَّ الله أنت تعلم أن الله قد حرَّم علينا أجساد الأنبياء!!

لكنه عرف أن الله قد أخذه منه عتاباً له على أنه أعلن أنه خائفٌ عليه من الذئب، ونسي أن الله سبحانه وتعالى يتولاه بحفظه وكفالته وعنايته!! وظلَّ يبكي على هذا الذنب، } وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ { (84يوسف(، حزناً على ماذا؟ على الذنب الذي فعله، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهو فى المقام العالى.

أقل شيء بالنسبة لأصحاب البصيرة يعكر السريرة، البصيرة كالبصر، وكما أن أقل شيءٍ يُتعب النظر، فكذلك أيُّ شيءٍ ولو قليل يؤثر على البصيرة والسريرة لأنها شفافة ونورانية.

أغسل عين القلب، أغسل عين السريرة والبصيرة بدموع الندم والتوبة والحنين إلى الله U، بعدما أغسلها بالاستغفار والتوبة والندم أجلوها بذكر الله، قال e: {إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: وما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: ذكر الله} (). وهذا الذكر ليس بحلقة الذكر وهو مشغول بغير الله، مشغول بالأعمال الدنيوية والحظوظ.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

**********************

2            قنا 6/6/1997م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid