Sermon Details

********************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذى جعلنا من هذه الأمة المجتباة، واصطفى لنا سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيم الأنبياء، وإمام السعداء، وملهم الحكماء، والكاشف للكرب العظيم فى كل عضال من الداء. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تملأ قلوبنا بمحبَّته، وتجعل حركات أجسامنا وجوارحنا فى العمل بسنَّته، وتجمعنا على نور طاعته فى الدنيا والآخرة ويوم لقاء الله. ( أما بعد)
فيا إخوانى ويا أحبابى: بارك الله عزَّ وجلَّ فيكم أجمعين
فى الحقيقة عندما أتذكر سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه اللحظة، يجب على المرء أن ينسى حسبه ونسبه ودرجته فى الدنيا، وما له فيها من نعيم ومال وخيرات، ويتذكر اليوم الذى يقول فيه الله عزَّ وجلَّ: ) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ ( (1). فيتذكر أن هذا يوم تضيع فيه الأنساب، فلان ابن فلان ودرجات الدنيا ومَنْ حبَّها، فلا يبقى فى هذا اليوم إلا نسب التقوى. وهذا النسب يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن كلنا يجب علينا أن نسعى فى إظهار مزاياه، وفى الاقتداء به فى أحواله لأنها هى التى يحبها الله.
من هنا نعلم أنه لا توجد سيرة ذاتية فى هذا اليوم إلا بالحبيب صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم – فى الجلسة التى نحن فيها – فى جوانبه متشعب، وكثير النواحى، ولا نستطيع مهما جلسنا من وقت، ومهما أوتينا من علم، ومهما أطلق الله ألسنتنا بالفصاحة أن نفى ببعض جوانبه التى مدحه وأثنى عليه الله عزَّ وجلَّ. ولذلك يروى أن الإمام عمر بن الفارض رضى الله عنه رآه رجل من إخوانه الصالحين بعد وفاته، وكان بن الفارض له قصائد كما تعلمون فى حُبِّ الله، فأظهر له شيئاً من العتاب وقال: أراك أكثرت فى الحديث عن جانب حبِّك لله، فلم أجد فيما قلته من القصائد شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! وهذا فى المنام. فأجابه بن الفارض فى المنام قائلاً:
أَرَى كُلَّ مَدْحٍ فِى النَّبِىِّ مُقَصِّرا |
وَإِنْ بَالَغَ المثُـنِْى عَلَيْهِ وَأَكْـثَرَ |
|
إِذَا كَانَ اللهُ أَثْـنَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ |
عَلَيْهِ فَمَا مِقْدَارُ مَا يَمْدَحُ الوَرَى |