• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

12نوفمبر 2015م

الذين يؤمنون بالغيب

فضيلة الشيخ/ فوزي محمد أبوزيد

شارك الموضوع لمن تحب

سؤال1: عقل الإنسان يعجز عن الإحاطة بعلم الله، ولكن وسوسة الشيطان تجعله يفكر هل هو على صواب؟، هل وصل إلى الإيمان؟، وغير ذلك من الأفكار. هل لنا أن نفكِّر في تلك التساؤلات؟

—————–

هذا سؤال ينتاب بعض الشباب الذي يكون عندهم شك وريبة في الدين وفي ذات الله عزَّ وجلَّ، وما ساعد على ذلك في هذا الزمان إنتشار الفكر الإلحادي، والناس الذين يدُعون إلى ترك الأديان والتخلي عن الله، وأن الإنسان يمشي في الدنيا على حسب هواه، وهذه طائفة موجودة وزادت وخاصةً في المجتمعات الآن.

وهؤلاء الناس لِمَ بدأوا بهذا الأمر؟!!. رأوا أنا الأديان تُقيد الإنسان، هذا حلال وهذا حرام، وهو يريد أن يفعل كل ما يريد ولا يقبل أن يقول له أحدٌ: أن هذا حلال وهذا حرام، وكيف يكون ذلك؟، بترك الأديان. فيدعون الشباب بهذه الكيفية.

يعني يقول له: أنت تريد في الدين بنتاً فتذهب تخطبها من أبيها وأمها، وإذا وافقت فيكون بعقد زواج شرعي، وفيه حقوق وفيه واجبات، وبعد ذلك تتزوج بشرع الله. وهو لا يريد ذلك، لا يريد حقوقاً ولا واجبات، ولا حتى عقد زواج ولا مسئوليات، يريد أن يصحب هذه البنت اليوم لمدة أسبوع، فإن لم تعجبه يتركها ويمشي مع أخرى، فإن لم تعجبه يتركها ويمشي مع واحدة ثالثة ولا مسئولية عليه. كيف يصل إلى هذه الأسلوب؟!!!، يُنكر وجود الله، ويُنكر وجود الأديان، وهي ظاهرة إنتشرت في شبابنا في هذه الأيام، نسأل الله حفظ أولادنا وبناتنا من هذه الظاهرة أجمعين.

لكننا لو نظرنا إلى الدين ونقول: أننا نعرف الأشياء التي حولنا بالعقل، والعقل أين هو؟!!، وأين موضعه من الإنسان؟!!، وكيف نكتشفه في جسم الإنسان ونعرف مكانه؟!!. العلم عاجز حتى وقتنا هذا عن معرفة العقل، وما الذي في الرأس؟ المخ، وهذا المخ هو الذي يسيِّر الجهاز العصبي في الإنسان.

ولكن العقل الذي فيه الذاكرة وكل الأفكار والخبرات التي أكتسبها أضعها فيه، وفيه العلوم التي أُحصِّلها، والذي فيه دائرة اسمها دائرة التصور، أتصور الموضوع الفلاني وماذا يحدث فيه؟، وفيه دائرة الخيال، فأتخيَّل موضوع في المستقبل وماذا يحدث فيه؟، أين هذا العقل؟، العلم الحديث إلى الآن عاجز عن معرفة عقل الإنسان، فإذا كان العلم قد عجز عن معرفة العقل، فهل يستطيع العقل أن يصل إلى معرفة مَنْ خلق العقل عزَّ وجلَّ؟!!. فهذا أمرٌ فوق الخيال، والإسلام قال لنا: هذا موضوع لا ينبغي التفكر فيه: (تفكَّروا في خلق الله، ولا تفكَّروا في ذات الله فتهلكوا)[1].

عندما يذهب خيالنا إلى: أين ربنا؟، ومتى وُجد؟، وغيره، قال لنا: لا، أنت ليس لك شأنٌ بهذا الموضوع لأن العقل لا يدركه، فكَّر في مخلوقاته وفي مصنوعاته، ولكن لا تتفكَّر في ذات الله عزَّ وجلَّ. لماذا؟، لأن: (كل ما خطر ببالك فالله تعالى بخلاف ذلك). لأن الإنسان لن يصل إلى هذه الحقيقة!!، فلابد للإنسان إذا نفسه حدَّثته بالتفكر في ذات الله عز وجل ينهاها ويكُفَّها، ويقول: هذا غيب!!، وأنا لا أستطيع أن أعرف شيئاً من الغيب، فكيف أستطيع أنا معرفة عالم الغيب عزَّ وجلَّ. وماذا علينا؟ كما قال ربنا في القرآن: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (3البقرة). فنحن نؤمن بالغيب الذي علمه ربُّنا لحضرة النبي، ونحن أخذناه من حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

***************************** 

[1] رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العُرْس له من قوله عن ابن عباس بلفظ: (تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في الله)، رواه الأصبهاني في ترغيبه بهذا اللفظ، ولأبي نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال: ما جَمَعَكم‏؟،‏ فقالوا اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تَقْدُروا قدْرَه).


     الخميس  112/ 11/2015م الموافق 30 المحرم 1437هـ   درس النساء ـ مركز شباب الرزيقات بحري ـ الأقصر

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid