• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

20 اغسطس 1993

خطبة الجمعة – الرسول والأخلاق الفاضلة

,

شارك الموضوع لمن تحب

الخطبة الثانية عشرة[1]

الرسول صلى الله عليه وسلم والأخلاق الفاضلة

الحمد لله ربِّ العالمين، نحمده سبحانه وتعالى على أن اختارنا لهذا الدين، وملأ قلوبنا بالحُبِّ والصدق واليقين، وجعلنا من أتباع سيِّد الأولين والآخرين. سبحانه .. سبحانه، يعطي بلا علَّة، ويمنع بلا سبب، ولا رادَّ لفضله، ولا مُعقّبَ لحُكْمِه، لأنه عزَّ وجلَّ له المٌلْكُ، وله الأَمْرُ، وله الحُكْمُ، وهو على كُلِّ شئِ قدير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخلق، وقدَّر الأقدار، وبيَّن التمايز والتفاوت بين الجميع في المقدار، وجعل الإنسان أعلى مخلوقاته، وأشرف كائناته، ففضَّله على جميع العالمين، وكرَّمه على جميع الكائنات، سرَّ قوله عزَّ وجلَّ: ] وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [ (70- الإسراء).

اللهم لك الحمد على ما فضلتنا على كائناتك، ونسألك أن تُعْلِي قَدْرَنَا يوم لقائك، وتجعلنا من أهل السعادة يوم جزائك، وأن لا تُشْمِتْ بنا في الدنيا أعدائنا وأعدائك .. يا ربَّ العالمين … اللهم آمين .. آمين.

وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، وصفيُّه مِنْ خلقه وخليلُه، اختاره الله عزَّ وجلَّ لكرامته، وأنزل عليه رسالته، وكلَّفه بالتبليغ، وقام له عزَّ وجلَّ بالمعونة والتوفيق، فاهتدى به كل رفيق، وسار على دربه كل من هو من النار عتيق، وارتقى إلى أُفُقِهِ الأعلى أهل القرب والتصديق.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وآله – أهل الصدق واليقين – وصحابته المُعِينِينَ له على أعباء هذا الدين، وورثته الحاملين لواء رسالته من بعده أجمعين، وكل من هو عامل بشريعته، مُنفِّذ لسنَّته إلى يوم الدين. آمين … آمين، يا ربَّ العالمين. (أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي: ونحن في أيام شهر ربيع الأول، علينا جميعاً أن نقف لحظة مع أنفسنا، نتدبر فيها بعض فضل الله علينا ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لقد بُعث صلى الله عليه وسلم والعوالم كلها في الأرض في غاية الهمجية، كأنهم وحوش ترعى في البرِّية، يأكل قَوِيُّهُم ضَعِيفَهُم، ولا يعترف كبيرهم بمدى ضعف صغيرهم فيرحمه. يقتتلون على أَتْفَهِ الأسباب، تقوم الحرب بين القبائل لمدة تزيد عن أربعين عاماً، من أجل أن فرساً من هذه القبيلة سبق فرساً لهذه القبيلة، ما هذه العقول؟!!!

تنشأ الحرب لأن هذه القبيلة تريد أن تسيطر وحدها على الماء، ولا تسقي عباد الله الظماء من الماء، مع أن الماء نازل من الله، وقد كَفَلَهُ لجميع عباد الله.

حتى الأمم التي تظاهرت بالمدنية في هذا الزمان – وهم الفرس والرومان، وكانتا أعظم دولتين في ذلك الوقت، مع ما أبدعوه من المدنيَّة والحضارة – فلم يكن هناك أيُّ مبدأ للمساواة، ولا أيُّ حدٍّ ولو أدنى للعدالة، ولا أيُّ نصيب ولو قليل للفضائل التي بها يتميز الإنسان عن عالم الحيوان.

بل إن عالم الحيوان لو بحثنا فيه نجد فيه فضائل يتعجب منها الإنسان اللبيب الفصيح!! فهذه الكلاب مع خِسَّتها ومع دنائتها، لو مات كلب منها – مع أنها تأكل الجِيَف، وتسارع وتتقاتل من أجل أكل لحوم الجِيَف – إلا أنها لا تأكل لحم كلبٍ مثلها، احتراماً لجنسها، واحتراماً لحقوق بني جنسها، فإذا رأوْا كلباً ملقى في الطريق يشمونه ولا يأكلون منه، ويتركونه احتراماً لجنسيتهم!!!

وهذه الجمال لا تأتي ذُكُورُهَا إنَاثَهَا إلاَّ إذا تغطَّت عن أعين الناظرين .. حياءاً من هذا الفعل – وكأن الله عزَّ وجلَّ أمرها بالسَّتْرِ حتى لا يراها المستهترون من الإنس الذين هبطوا عن درجة الحيوانية التي تراعيها الجمال عندما تَهِمُّ ذكورُها بإناثِهَا!!! فضائل كثيرة وكثيرة لا نستطيع عدَّها في هذا الوقت القصير لهذه الحيوانات.

فما بالكم بعوالم الطيور!!! إن ابن آدم عندما قتل أخاه، حمله على ظهره أياماً طويلة، وقد احتار في أمره، ماذا يفعل نحوه؟!! حتى علَّمه الله على يَدِ الطير، فرأى غراباً قد مات، وهبط غرابٌ آخر حنونُ عليه لأنه من بني جنسه، وحفر له حفرةً وألقاه فيها، وسوَّى عليه بالتراب، فقال كما أنبأنا الله: ] يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي( [ (31- المائدة).

فكأن الذي لا يستر سوءة أخيه أذلَّ من الغراب، وأهبط من درجة الغراب، والذي يأكل لحم أخيه بالغِيبة والنَّميمة أَخَسُّ من معدن الكلاب، ومن فصيلة الكلاب!!! وهكذا الأمر يا جماعة المؤمنين.

بُعِثَ هذا النبي في وسط غابة من الحيوانات المتوحشة في صورة آدمية، بعضهم يعبدون الطاغوت، وبعضهم يعبدون أشخاصاً نصَّبُوهم ملوكاً أو رؤساء، وبعضهم يعبدون البقر، وبعضهم يعبدون الحجر، وبعضهم يعبدون وثناً صنعوه من الشجر، وبعضهم يعبدون صنماً صنعوه مما تشتهي أنفسهم، فإذا جاعوا أكلوه، وصنعوا عند الميسرة صنماً آخر يعبدوه.

بُعِثَ هذا النبي الكريم فَرَدَّ للإنسان كرامته، وعرَف الإنسان على جميع حالته، وعرَّفه بالفضل العظيم الذي أولاه له المولى الكريم سبحانه وتعالى. فعرف الإنسان أنه هو المقصود من الأكوان، لأن الله خلق كل شئ في الدنيا لبني الإنسان، فسخر الشمس لنا، وسخر البحار لنا، وسخر الطير والحيوانات لنا، وسخر الأشجار والنباتات لنا، وسخر لنا ملائكة السماء، منهم من يحفظوننا، ومنهم من يجلبون أرزاقنا، ومنهم من يهيئون في الجنة مكاننا، ومنهم من يستغفرون لنا، ومنهم من يدعون الله لرفع البلاء عنا، ومنهم .. ومنهم …. وكلهم مسخر للإنسان، والإنسان مُسخَّر للديان عزَّ وجلَّ.

فعلَّم الإنسان، وأنبأ الإنسان أنه خُلِقَ لحضرة الواحد الديَّان، فلا يعبد سواه، ولا يخضع ولا يحني جبهته إلا لله، حتى دخل الرجل الفقير المسلم على قيصر ملك الروم، وأراد حاشيته أن يعلموه كيفية الدخول على الملك، فقالوا له: إذا دخلت عليه فاسجد بين يديه، ولا تقم من سجدتك حتى ينادي عليك ويقول لك قم، فقال: هذا ليس في ديننا، لأن الله عزَّ وجلَّ أعزَّنا حتى لا تسجد جباهنا لسواه، وبعد مداولات احتاروا ماذا يفعلون؟ فتفتقت عبقريتهم بأن أتوا بصانع ماهر على جناح السرعة، وأمروه بأن يصنع باباً صغيراً لا يدخل منه الداخل إلا بعد انحناء ظهره!! كل ذلك خوفاً من مليكهم مع أنه عَبْدٌ مثلهم لا يملك لنفسه ضرَّا ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، إلا بإذن الله عزَّ وجلَّ وأمره.

لكن المسلم الذي أعزَّه الله بدين الله، ألهمه الله في الحال ما به يظل عزيزاً بين الناس، حتى ولو دخل على ملوك الأرض. ماذا يفعل؟ جلس على إليتيه ومَدَّ رجليه وفخذيه وجعل قدماه في وجه الملك حتى لا يسجد إلا للحيِّ الذي لا يَمُوت، ] وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [ (8- المنافقون).

هذه العزيمة الإيمانية تعلموها على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخلَّقُوا بالعِفَّة التي جعلت حياتهم آمنة مطمئنة، لا يخافون وإن خاف الناس، ولا يرتاعون وإن ارتاع الناس، لأنهم يلقون حاجاتهم وأشياءهم بين الناس، ويعتقدون أن الله عزَّ وجلَّ يتولى عنهم جميع شئونهم، ويحفظهم من أعدائهم، فكانوا ينامون ولا يغلّقون الأبواب إلا غَلْقاً خفيفاً اقتداءاً بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذه العفة هي التي جعلت الرجل منهم يشتري من التاجر وهو مطمئن البال إلى أنه سيحصل على حقِّه بلا حَيْف أو جَوْر، لأن التاجر لا يأخذ إلا الرزق الحلال.

هذه العفة هي التي جعلت الرجل منهم يطمئن على زوجته وبناته وهو على جَبَهات القتال يحارب في سبيل الله، لأن الجميع يراقب الله، ويعلم أنه مُطَّلع عليه في سرِّه ونجواه، فلا يوجد يا إخواني قانونٌ في دنيا الناس يُطْمئن الناس على أعراضهم وعلى أموالهم، في بيعهم وشرائهم – في كل أرجاء مجتمعاتهم – إلا قانون المراقبة لمن يقول للشئ كن فيكون.

هذه المراقبة، مَنْ الذي علمها لهم؟ هو رسولكم الكريم صلوات الله وسلامه عليه.

حتى بلغ الأمر أن جند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخلوا المدائن فاتحين، ورأوا كنوز كسرى – وهي لا حدَّ لها ولا عدَّ لها، ولم يكن شيئًٌ قريباً منها أو يضاهيها – لم تغرهم ببريقها، ولم تخضعهم بوهجها، ولذلك عندما قال لهم قائدهم: ليؤدِّ كل واحد منكم أمانته، أسرعوا إليه، وكل واحد أحضر بين يديه ما عثر عليه – حتى الذي وجد مِخْيطاً، أى: إبرة – أحضره وتعفَّف عن أخذه، وألقاه بين يدي القائد، فكانت كنوزاً عجيبة وغريبة حملوها على ظهر الإبل، ما يقرب من أربعة آلاف كيلومتر، فكان أولها في المدينة المنورة وآخرها في بلاد فارس. فعندما وُجدت في مسجد رسول الله نظر إليها أصحاب رسول الله – وهم الحفاة العراة الذين لا يحصلون على ضرورة الحياة إلا بمشقة بالغة، ولم يسمعوا عن السندس والاستبرق إلا من رسول الله في كتاب الله – تعجبوا من هذه العفة الإيمانية التي تخلَّق بها جند الله، فقال سيدنا عمر رضى الله عنه: { إِنَّ أَقْوَامَاً أَدُّوا هذَا لَذَوُو أَمَانَةٍ، فَقَالَ الإمام عَلِيٌّ رضى الله عنه: إِنَّكَ عَفَفْتَ فَعَفَّت الرَّعِيَّةُ }[2].

هذه الأخلاق وهذه القيم هي التي بها يكون الإنسان إنساناً، والتي بها يمتاز عن عالم الحيوان!! أما ما قد يحدث في عصرنا أن يفتخر الإنسان بأنه قد ضحك على أخيه فغشّه أو خدعه، أو اختال زوجته أو افترس ابنته في غيبته، فتلك الأخلاق تعفُّ عنها الحيوانات، لأنها لا تهبط إلى هذه الدرجة الدانية.

فالإنسان حقيقة لا يكون إنساناً إلا بصدقه وأمانته ومروءته، وأخلاقه الكريمة التي أخذها من كتاب الله، واهتدى فيها بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّـمَا بُعِثْتُ لأُتَـمِّـمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَق )[3]، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ )[4]. ….  ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ربِّ العالمين. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدىَ لولا أن هدانا الله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، انفرد بالنعوتِ الحسانِ والصفاتِ الكاملة، وأشهد أن سيدنا ومولانا مُحَمَّداً بن عَبْدِ الله سيِّدُ رسل الله، وصفوةُ خلق الله، والشفيعُ الأعظم لجميع الخلائق يوم لقاء الله.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا حسن اتباعه في الدنيا، واجعلنا من أهل شفاعته في الآخرة … يا ربَّ العالمين. (أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي: اعلموا علم اليقين، أننا جميعاً مسافرون للدار الآخرة، وقد كان الذي يجعل الناس في كل زمان ومكان – ولا يزالون للآن – يقعون في الذنوب والعصيان، والجحود والنكران للحنان المنان، هو نسيانُهم يوم الحساب، ونسيانُهم يوم العرض على الله.

فلما جاء الإسلام، وجاء نَبِيُّ الإسلام، علَّم الناس أنَّ الدنيا دارُ مَمَرّ، وأن الآخرةَ دارُ مقرّ، وأننا في دار عمل لا حساب فيها، ومقبلون على دار يحاسبنا الله فيها على النّقير والقطمير، والقليل والكثير. فكان ذلك الذي دعاهم  إلى ترك الغَيِّ والقبيح، والاتصاف بكل خُلُقٍ جميل ومليح.

صفتان أصلح بهما النبي صلى الله عليه وسلم الزمان والمكان، ولا صلاح – لأي زمان ولا لأي مكان – إلا بهاتين الصفتين: الأولى أن يعلم الإنسان أن هناك إلهٌ يطَّلع على حركاته وسكناته، ويعلم خفيَّات صدره، ويسمع تمتمة لسانه، ويرى كل غَدْرة ينظرها بعينه، ويسمع كل لفظة ينطقها بلسانه، ويُنصت إلى خلجات قلبه وإلى حركات سرِّه، ويرى كل أفعال جوراحه … وسيحاسبه على ذلك كله يوم لقائه.

إذا اعتقد الإنسان هذه العقيدة، وعلم أنه: ] مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ (7- المجادلة) – لو اعتقد هذه العقيدة، ما طاوعته نفسه ولا أطاع نفسه في عصيان الله عزَّ وجلَّ.

حتى أن الإمام عليًّا رضى الله عنه وكرَّم الله وجهه – وهو في حَوْمة الوغى وفي ميدان القتال – نازله فارس من الكفار، ومكثا يتصارعان حتى كُسر سيفيهما، فأخذا يتصارعان بأيديهما، حتى تمكن منه الإمام عليٌّ، فحمله بيده وألقاه على ظهره، وبرك فوقه، وأخرج خِنْجره ليقضي عليه، وإذا الرجل يتْفُلُ في وجهه!! فما كان من الإمام عليٍّ إلا أن تركه وقام. فتعجب الرجل وقال له: لم تركتني بعد أن تمكنت منِّي؟!!! فقال له رضى الله عنه: كنت أقاتلك لله عزَّ وجلَّ، أرجو رضاه، وأبغي ثوابه، فلما تَفَلْتَ في وجهي خِفْتُ أن أقتُلَكَ إنتقاماً لنفسي، فأُحرم رضاء الله عزَّ وجلَّ. فقال الرجل: وهل تراقبون الله في تلك المواطن؟!! فقال رضى الله عنه: وفي أدقَّ منها.

فالإنسان الذي يراقب الله في أعداء الله، يراقب الله في الأرزاق، حتى أن بعضهم من شدة مراقبته لله كان ينبض عِرْقٌ من يده عندما تمتد يده للحرام، حتَّى سُمِّيَ بالمُحَاسَبِيّ، لأنه يحاسب نفسه إذا امتدت للحرام خوفاً من الملك العلام عزَّ وجلَّ.

هذه هي الدرجة العليا التي بها صلاح الزمان والمكان – في أي زمان ومكان – يا أيها الأخوة المؤمنون، والدرجة الأدنى منها أن يعتقد الإنسان تمام الاعتقاد أنه سيموت، وبعد موته سيبعث ويحاسب على كل شئ.

فيا أخي المؤمن علِّمْ نفسك، ودرّبْ نفسك، ووطِّنْ نفسك، وعلِّمْ زوجك وأولادك ومن تعولهم أن يراقبوا الله، وأن يعتقدوا – فيما بعد الموت – أن هناك حَشْرٌ ونَشْرٌ، وحسابٌ يسيرٌ على المؤمنين، عسيرٌ على الجاحدين والكافرين، وأن هناك حياة أبدية لا نهاية لها، إما في نعيم مقيم، وإما في عذاب مهين.

بهذين الخصلتين تنصلح أحوالنا، وينصلح مجتمعنا، لأن الله وحده، هو الذي بيده صلاح الحال وحده.

نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يصلح أحوالنا وأحوال أولادنا، وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يصلح حكام المسلمين، وأن يصلح بلدان المسلمين، وأن يصلح المسلمين فى كل زمان ومكان.

اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل زاهقاً وهالكاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه فى قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات .. يا رب العالمين.

عباد الله: اتقوا الله، } إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { (90- النحل).

####  12  ####

[1] خطبة جمعة بمسجد الغفران ببور سعيد 2 ربيع الأول 1414 هـ، 20/8/1993م في الاحتفال بذكرى الشيخ محمد علي سلامة رضى الله عنه.
[2] جامع المسانيد والمراسيل  عن مخلد بن قيس الْعَجلي عن أَبيهِ
[3]  أحمر والخرائطي وأبو يعلى واللفظ له عن أبي هريرة.
[4]  الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان وأحمد عن أبي هريرة.

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid