• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

6 يونيو 1997

الحب وصدق المتابعة

.

شارك الموضوع لمن تحب

•┈••❅♢♢• ❅♢❅♢✿♢❅♢❅• ❅♢♢• ❅♢••┈•

العلم يطهر القلب، كما أنك لا تستغنى عن الماء فى الطهارة فكذلك العلم تحتاج إليه لطهارة القلب، أحتاج للعالم كي أحسن وضوئي، فالذي يدرك أحكام الصلاة والوضوء والطهارة يظن أنه لا يحتاج إلى عالم فأنت تحتاج إلى العالم قدر احتياجك للماء، لا أحد يستغنى عن الماء فبالتالى لا أحد يستغنى عن العالم قال : {يحتاج الناس للعلماء فى الجنة كما يحتاجون إليهم فى الدنيا، قيل: ولم يا رسول الله؟ قال ﷺ: إذا أوقفهم الله سبحانه وتعالى بين يديه وقال: تمنوا ماذا تريدون؟ فيذهبون للعلماء ويسألونهم ماذا نتمنى ثم يرجعون إليه فيقولون: تمنوا من فضل الله وكرم الله وعطاء الله}

فهذا سيدنا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “إن المرء ليشيب عارضيه فى الإسلام ويصلي لله خمسون عاماً لم تقبل منه صلاة واحدة” فقيل: كيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: لا يحسن وضوءها ولا يتم ركوعها وسجودها وخشوعها لله عز وجل”

نحتاج للعالم لكى أحسن الوضوء، ماذا يعنى؟ أى أن المسلم متوضأ فهو عليه وضاءة، عندما يقف بين يدي الله يكون عليه نور، الذي يكون عليه نور وقلبه مملوء بالظلمة لعباد الله فهذه صلاة لا تصح، {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما قلوبكم وأعمالكم} فالقلب يريده الله سبحانه وتعالى تقى ونقى ليس فيه غل ولا غش ولا حقد ولا كره لعباد الله المؤمنين أجمعين.

حينما يصلي المؤمن فى الحال يقبل الله سبحانه وتعالى عليه فى الصلاة، إذاً أول شيء فى الطهارة الباطنة أعلم أننى أقف بين يدي ربي فأقف خاشعاً خاضعاً ليس عندي ذرة من الكبرياء لأنى أمام أعظم العظماء عز وجل وليس عندي يقيناً بالقوة إلا بقوته سبحانه وتعالى ولا قدرة إلا بقدرته سبحانه وتعالى ولا شيء إلا بإمداده وتوفيقه ومعونته عز وجل ، الناحية الثانية أطهر القلب لله سبحانه وتعالى وأجعله صافى حتى أكون من الذين قال فيهم الله سبحانه وتعالى: } إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ { (89) سورة الشعراء ، نور القلب لأن الإنارة والإكرام ينزلها الله سبحانه وتعالى على عباده شراب الوصال وحلاوة الإيمان وهذه لا يذوقها إلا قلوب الأطهار والأخيار والأبرار ، يعطينا حلاوة نتذوقها فى الصلاة، قال ﷺ: {ذاق طعم الإيمان ..} وقال ﷺ: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان …}، ويشعر بها لكن الذي على عكس هذا لا يحس ولا يشعر بها وهكذا الذي بجواره وبجوار جواره، لكن هذه الحلاوة يحس بها ويشعر بها قلب العبد التقى النقى لله عز وجل ، عطاء الله يعطيه حلاو ة الإيمان فيتلذذ بالصلاة حتى كان الرجل من أصحاب رسول الله ﷺ يصلى لله طوال الليل فإذا طلع الفجر يقول: “ما أعجل هذه الليلة، إنى لم آخذ حظى من عبادة  ربي عز وجل ، لم أشبع نهمى ولم أقضى ما أشتهيه وما أتمناه من طاعة الله وعبادة الله وفى حلاة الإيمان التى يجدها فى قلبه عند الطاعة لله عز وجل “

وفى ذلك يقول سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: “لو طهرت القلوب ما شبعت من كلام علام الغيوب”، فتتم المكاشفة عن انوار القرآن الكريم فأقرأ القرآن بلساني وتلوح مشاهده الباطنة لقلبي: } {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ  { (17) سورة هود ، يرى المشاهد العالية ويرى ما أعده الله U فى الجنة إذا قرأ آيات الجنة يظهر لفؤاده عند القراءة نعيم الجنة ويرى ما فيها وما أعده الله U لعباده المؤمنين، بعيون بصيرته فتحها الله U بقدرته وإرادته فيكرمه الله U بعلوم من بيان القرآن يحس بها أهل القرب وقد قال الإمام الشافعى t: عندما يظهر إليه السائلون ويسألونه من أمور لم يسبق له العلم بها فيقول لهم: انتظروا حتى أصلى ركعتين لله، ثم يصلي وبعد الصلاة يقول لهم: إجابتكم كذا وكذا فيقولون له: من أين جئت بها فيقول لهم: ألهمنى الله بهذه الإجابة وأنا فى الصلاة، وما العلوم النافعة التى نراها ونقرأها عن علماءنا الأجلاء من عن رسول الله إلا إلهام من الله U من باب فيض الله: } وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ { (282) سورة البقرة ، يعلمكم الله بدون واسطة وبغير معلم ولا كتاب ولم يقل: واتقوا الله يعلمكم الله، وإلا أصبح العلم محدوداً ولكنه قال: } وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ {، يعنى كلما زاد المرء فى التقوى كلما زاد الله من علوم الأتقياء، ليس علم واحد، كلما زاد فى الخوف والخشية من الله كلما زادت الهبات العلمية والعلوم الوهبية من فضل الله عز وجل حتى يورثه علوم الحكمة العالية، يؤتى الحكمة من يشاء من عباده، من الألطاف الخفية فى الصلاة أن يرفع  عز وجل الحجاب عن قلب العبد حتى يسمع مناجاة الله له كما بينها الجليل فى حديثه القدسي: (فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، سمعه يقول: حمدنى عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، سمعه يقول: مجدنى عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، سمعه وهو يقول: أثنى علي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، سمعه يقول: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)

فيكون هنا إتصال بينه وبين ربه كمثل سيدنا موسى الكليم } وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي { (14) سورة طـه ، وأن يرزقه الله خشيته فيخرج من الصلاة وقد بغضت إليه المعاصى وكلما همت جارحة من جوارحه أن تعصى الله خرج من قلبه نور من نور الخشية الذي أرسله الله سبحانه وتعالى فى قلبه فيجعل هذه الجارحة تخشع وتقشعر وترجع إلى الله عز وجل } إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {  (45) سورة العنكبوت ، واللطف الأعظم أن يشغله الله عز وجل بذكره فيجعل لسانه لا يمل عن ذكره عز وجل } قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ { (191) سورة آل عمران ، لقوله ﷺ: {إذا أحب الله عبداً ألهمه ذكره}، وهناك أنواع من الإنعام والإتحاف والإكرام، يواجه الله عز وجل بها الأفراد فى الصلاة لا نستطيع حصرها ويكفى ما أشرنا إليه من بعضها، نسأل الله عز وجل أن يزكى نفوسنا وأن يحفظ من المعاصى جوارحنا ومن الغفلات قلوبنا وأن يجعلنا من عباده الذاكرين الفاكرين الخاشعين والحاضرين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

((مقام الحب لحبيب الله ومصطفاه))

يكفى فى ذلك المقام قوله ﷺ: عندما سأله صحابي جليل: {يا رسول الله متى الساعة؟ فقال ﷺ: وماذا أعددت لها؟ فقال: ما أعددت كثير قيام ولا كثير صيام، ولكنى أحب الله ورسوله، فقال ﷺ: أبشر يحشر المرء مع من أحب يوم القيامة}

ثاني عمل نستطيع أن نعمله لنكون مع حضرة رسول الله ﷺ: لو حاسبنا الله على الإخلاص فى العمل لا أحد ينج فيه لكن العمل القلبي أحب الله ورسوله والصالحين من عباده يرفع المرء إلى المقامات العالية والمراتب الكريمة السامية بشيء يسير، فيجب على الناس أن تبحث عن الصالحين وتحبهم لله ورسوله، قال ﷺ: {إذا كان يوم القيامة ينادى الله عز وجل: أين العباد والزهاد فيقومون ويأمر بدخولهم الجنة ثم يقول عز وجل: أين العلماء العاملين؟ فيقومون فيقول عز وجل: إنى لم أضع علمى وحكمى فيكم لأعذبكم اليوم إذهبوا فقد غفرت لكم واهبطوا إلى أرض الموقف وكل من قدم إليكم معروفاً من أجلى فخذوا بيده وأدخلوه الجنة، قال ﷺ: فيشفعون}

إذن أدخلوا الناس الجنة بشفاعتهم وبإيمانهم، إذن الرجل الصالح سيدخل الناس الجنة لكن لا بد من متابعة الرجل الصالح } قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي { (31) سورة آل عمران ، شرط الحب هو المتابعة، المتابعة فى العمل بشرع الله وبسنة رسول الله ﷺ، لكن حب بدون متابعة لا تنفع، لذلك تجد الحب كلما زاد كلما اشتدت المتابعة لذلك كان صحابته ﷺ يتابعون حضرة رسول الله ﷺ وبلغت من شدة حبهم له يحاولون أن يتكلموا كطريقته، حتى أن الرجل منهم يمشي والكثير لا يعرفه، يُعرف أنه من أصحابه لشدة متابعته فى مشيته وطريقة أكله وطريقة حديثه وكلامه حتى ضحكته وأنه ﷺ لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا بيّنها، سيدنا الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه توقف زمن طويل عن أكل البطيخ فسئل عن ذلك وكان عالماً بالحديث جمع ستمائة ألف حديث عن حضرة رسول الله ﷺ بأسانيدها عن فلان عن فلان. الإمام البخارى عندما دخل بغداد مثلاً وأراد إمتحانه فجاء له بمائة حديث وغيروا أسانيدها وكلما يقولوا له حديث يقول لم يرد هذا السند، عندما انتهوا من مائة حديث قال لهم: الحديث الأول الذي روي عن كذا وكذا وهو مكذوب، والحديث الثاني الذي نسبتموه إلى فلان وفلان مكذوب، لأن جمعه للحديث كان بإلهام من الله وإمداد من حضرة رسول الله ﷺ حفظاً لسنة حبيبه ومصطفاه، الإمام أحمد بن حنبل وصل إليه بالسند الصحيح أن رسول الله ﷺ كان يحب البطيخ ولكنه توقف عنه لفترة، فقال: لم يصل إلىّ سند صحيح عن كيفية أكل الحبيب المصطفى للبطيخ فأخاف أن آكله بطريقة مخالفة لحضرة رسول الله ﷺ ، لكنهم كانوا متابعين لسنة الحبيب.

يقول الإمام أبو العزائم:

لسنته فاخضع وكن متأدباً

وحصن الشرع باب السلامة

على الجمر قف إن أوقفتك توابع

يكن لك برد بل سلاما برحمة

من السنة: قف على الجمر طالما خير، وفى الآخرة بقاء لك بالجنة لذلك قال الإمام أبو العزائم: “حافظ على السنة ولو بشرت بالجنة” ، حتى ترتفع إلى الإمام فى درجات الإكرام والإنعام عند الملك العلام عز وجل، إذن كلمة الحب التى يتحدث عنها القرآن: شدة المتابعة، لكن الذي يقول: أنا أحب النبي ولا يتابعه فهو عمل لا يرفع، لكن الحب هو العمل بما جاء به ﷺ.

} وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا، وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا {  سورة النساء ،

لما الإنسان يحرص على شدة المتابعة على ما سمع من الآثار … سمع أن النبي كان يفعل كذا وكذا يكرمه الله فيكشف له عن حقيقة عمل حضرة رسول الله ﷺ بعين بصيره نورانية فيتابعه على مرام حضرته ﷺ، إذا رآه أحد وهو يتوضأ فيتوضأ مثله وكذلك عمله فى الصلاة ويصبح من الحديث الصحيح: {صلوا كما رأيتموني اصلى} وللحديث، وأن سيرته ﷺ فى الكون لا تغيب ولا تزول ولكن عيون أبصارنا لا تستطيع أن تنظر إلى هذه الأنوار الربانية، لكن إذا لم يشتغل الإنسان فى الآثار والمخصوصات عن النبي ﷺ سيقول: فى القلب عين تراه..

الإمام عبدالوهاب الشعراني رضي الله عنه يقول: ما كنت فى الصلاة وقلت “السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته” إلا وشاهدته أمامي ويقول: وعليك السلام يا عبد الوهاب”

إذاً شدة المتابعة لحضرة الرسول ﷺ تجعل حضرة رسول الله ﷺ يتابع المرء المتابع له.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمنا بحسن المتابعة لحضرة النبي الأعظم ﷺ.

رحلة قنا 6/6/1997

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid