• Sunrise At: 5:04 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

3 مارس 2000

مراقبة الله عز وجل والصدق

،

شارك الموضوع لمن تحب

•┈••❅♢♢• ❅♢❅♢✿♢❅♢❅• ❅♢♢• ❅♢••┈•

بمسجد المجفف ـ ديرب نجم  3/3/2000

أخوكم يسأل و يقول :  أنا أريد جهادا ً سهلا ً ويسيرا ً يوصّلنى إلى معرفة الله وأصير من العارفين بالله ؟

هذا الجهاد الذى يوّصل المرء إلى الله ، إذا ظهر عليه يكون علامة ٍ كبيرة على أنه من العارفين بالله .. فما هو يا إخوانى ؟

أن يعلم فى نفسه علم اليقين .. فى يقظته فى منامه .. فى حلّه وترحاله ، فى كل أحواله .. أن الله مطلّع عليه ويراه ، ويعلم ظاهره وخفاياه .. إذا وصل إلى هذه المراقبة يكون من أهل المحاسبة ، فيحاسب نفسه .فما مالذى يتعبه ؟ .. الناس .. انه يعمل العمل ويُهَيأ له أنه لا يراه أحدٌ ، ولا يعرفه أحدٌ ، حتى أن بعض الجاهلين ، وإن كانوا ينضمّون ويدخلون فى صفوف السالكين يظنون أنهم يخدعون العارفين مع أنهم يعلمون أن الله يقول فى حق العارفين : 

قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي á ( يوسف : 108) .

ويقول فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله ).

مالذى يجعل الواحد يكذب مادام يعلم أن الله مطّلع ٌ عليه ويراه .. مالذى يجعل الواحد ينصُب على فلان مادام أنه يعلم أن ربنا مطّلع ٌ عليه ويراه .

الذى يريد أن يعمل شيخا ً بدون تصريح من الحضرة المحمدية بالكذب والإفتراء على الناس ، ويختلق إدعّاء الرؤيات الكاذبة .. هذا مثل الذى يريد أن يفتح عيادة بدون ترخيص من الأطبّاء ، و ليس متخرّجاً من كلية الطبّ ، فيكون مُزوّرا ً كبيرا ً .. فما الذى يجعله يلجأ لشيءٍ يغضب الله .

 إذا توطنّ فى نفسه وفى ضميره وفى سرّه أن الله مطلعّ ٌ عليه ويراه :        

                        إذا ما خلوت الدهر يوما ًفلا تقل       خلوت ولكن قل على ّ رقيب ٌ

                     ولا تحسبّن الله يغفل ســـــــاعة ً       ولا أن ما تخفى عليه يغيــب     

هناك جماعة يظنون أنهّم يخدعون الصالحين [ فالذى يهتزّ والذى يميل والذى يمصمص والذى يفعل أفعالا ً لا أعرف لماذا يفعلها  حتى يبيّنوا أنهم أناس معجبون ، وولهانون ]، لكن هذا الكلام ماله ومال القلوب .. أهل القلوب لا ينظرون إلا ّ إلى حركات وسكنالت القلوب .. ليس لهم شأن بحركات الأجسام!

رأوا الإمام الجنيد رضى الله عنه وأرضاه ، والناس من حوله منهم من يصرخ ومنهم من يقوم ويزعق  وهو جالس صامت ، فقالوا له : مالك لا تتحرّك ، فقال لهم :

         â وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ  á  ( النحل : 88) .

إيّاك أن تفعل شيئا ً وتظن أن أحدا ً لا يعرفه ، فإن الله عزّ وجلّ جعل حركات الإنسان واضحة ً، حتى الأطفال : عندما يقول كلاما ً وهو يعرف أنه كاذب ، فيظهر عليه ما يقول ، وأنه لا يقول صدقا ً ..

فأنت تكذب على من ؟ .. أنت تكذب على نفسك ، فلا أحدٌ يُخدع به أبدا ً .. عندما يتكلم المرء مع أحد ٍ ويخفى ما لا يبدى ، فيتضّح هذا فى حركاته وسكناته .. أىّ فرد حتى ولو كان منافقا ً ، فيكون واضح عليه .. المصيبة انه يكون هو آخر من يعلم ، ويظن أنه يخدع ، وهوفى الحقيقة  مخدوع :                                                              

  â يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ á ( البقرة : 9) .

فالذى يريد ان يصل إلى الله ، يركب براق الصدق ، فيصدُق مع نفسه ومع ربه ، ولا ينظر إلى الخلق  ويعلم علم اليقين أنه إذا كان يخدع الخلق ، فإنه يخدع نفسه ، لأن الحق عرّف الخلق .. أنتم جميعا ً عرّفكم وليس العارفين فقط  ــ فتقول فلان هذا يضحك لى ضحكةً صفراء ـ  أليس كذلك ؟

تعرف أنها ليست من الداخل .. وواضحة .. فلان هذا واضح عليه أنه  يكذب .. هذه الأحاسيس موجودة عند كل الناس ، وهى من رب الناس عزّ وجلّ .. صحيح أن العارفين تكون عندهم أقوى وأرقى ، لكنها موجودة عند كل الناس ، حتى أولادك أنت .. لو حاولت أن تضحك عليهم أحيانا ً، يقولون أن أبونا يضحك علينا .. أليس هذا صحيحا ً ؟ .. أ يحدث هذا الكلام يا إخوانى ؟ .. أم لا ؟

إذن فما هو الموضوع ؟ .. الموضوع هو الصدق  :

     â وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ á ( الزمر : 33) .

 هذا بإ خيصار .. قال صلى الله عليه وسلم : ( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق ، حتى يكتب عند الله صدّيقا ً) .. وليست الصدّيقية التى هى مرتبةٌ بعد النبوة ، وليست صلاة ًولا صياما ً.. وإنّما كل الموضوع يصدق ويتحرّى الصدق .. يعنى هل يصلىّ ويصوم ويقرأ القرآن ويكذب .. هذا لا يتحرّى الصدق .. هذا سيظلّ يكذب حتى يكتب عند الله كذّابا ً.

إذن فالموضوع أن الذى يريد أن يصل إلى الله بأ سرع طريق ٍ .. ماذا يعمل ؟  .. )(  الصدق)

أن يعلم علم اليقين أن باطنه وظاهره كله يطّلع عليه الله ويراه ، فلا يَصُق لله ، أولأحد ٍ من خلق لله ، إلاّ  ويعلم أن فيه النجاة  :    

(  مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( المجادلة : 7 )

كل شيء يراه الله عزّ وجلّ………………………………

 

                         إذا كان يوم ٌ للوصال ومنزل ٌ          يرقى به الصدق أرفع رتبة ٍ

الذى يريد أعلى رتبة هو الصادق .. لأن أى واحد يكذب على خلق الله يكون قاطع طريق وليس شيخ طريق .. بعض الجماعة الجهلاء ألـّفوا حكايات وحواديت وروايات ، وقالوا أن نيّتنا أن نقرّب الخلق بها إلى الله .. لا .. من الذى قال هذا الكلام ؟ هذا كذب أليس عندك الذين قال فيهم الله :

( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ) (يوسف : 111) لماذا تركت هذه القصص الصادقة وذهبت إلى الكذب؟ ، وعندك الذين قال فيهم الله :  â أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ á ( الأنعام : 90) ، وعندك الذين قال فيهم الحبيب : ( أصحابى كالنجوم بأ يّهم إقتديتم إهتديتم )  أنت إنتهيت من الصدق حتى تذهب إلى الكذب .. حتى أنا نفسى لا أعطى معلومة كذب أبدا ، ولو كان لإبنى إلا ّ إذا كنت متأكدا ً منها .

الشيخ الشعراوى نفسه فى تفسيره مع خواطره ، ومع تمّكنه من الخواطر ، قال هذه خواطرى وليست هى التفسير ، لأن التفسير عند العلى القدير ، وليس فيه حطأ ، ولا يميل إلى الخطأ .

فبراق الصدق يُدِخلَ الإنسلن فى مقامات الصدّيقيّة العُظمى ، وهى أعلى منزلة ٌبعد الأ نبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

الجماعة الملائكة الذين معنا : عندما أقول كلمة ، كيف يعرفون أن هذه الكلمة التى تقولها كذبٌ أو صدقٌ .. الكلمة تخرج ، ولا أحد ٌفينا يشمها ولا يراها ، حتى يتعذّر تسجيل الحروف والكلمات التى تخرج بما فيها  ــ جهاز القياس المصنوع فى أمريكا ، والذى يقيس الحالة النفسية ، لأن الإنسان عندما يكذب تتغير حالته النفسية ، وهو نفسه يعلم هذا ــ فهذا الجهاز يقيس الترددات النفسية للإنسان ، لكنه ليس يقينيا ً .. لكن الملائكة كيف يعملون ؟ .. قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا كذب العبد كذبة ً، يتباعد الملكان عنه قدر ميل ٍ من نتن رائحة فمه ) .. تخرج من فمه رائحة ٌ كريهة ٌتمتدّ مسافة ميل .

لا يشمها الملائكة فحسب ، لذلك الرجل الذى يشم الرائحة والذى يقول : â إِنِّي لأَجدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ á ( يوسف : 94) ، إنه شمّ رائحة يوسف وهو فى بيت المقدس ، ويوسف فى مصر فشمّ رائحته ..  فهل نستطيع أن نعرف الكذبَ من هذه الرائحة ؟

إن كان الكلام يخرج من القلب و كان فى دائرة القلب ، ويقصد صاحبه به وجه الله ، فيخرج فى صورةٍ روحانيّة نورانيّة يراها الصادقون من عباد الله ، وفيها يقول سيدى إبن عطاء الله السكندرى رضى الله عنه : { كل كلام ٍ يبرز وعليه كسوة ٌ من نور القلب الذى خرج منه }.

نحن نصّلى الصلاة ، والصلاة عبادة .. وعبارة عن اى شيء ٍ ؟

عبارة عن حركات ٍ وكلمات ٍ .. لكن ماذا تُخرج ؟ .. الحديث قال : ( من توضأ فأ حسن الوضوء ، وصلىّ ركعتين لم يحدّث نفسه فيهما بشيءٍ ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .. يعنى مثل الحج ّ .. وما علامة هذا يا رسول الله ؟ .. قال فى الحديث الآخر :

( تخرج وهى بيضاء مسفرةٌ ) ـ صورة ٌ روحانيّة ملكوتيّة ٌ ـ

( فتفتح لها أبواب السماء ) لها حرمٌ ولها هيئة ٌ ولها هيكلٌ ، وإلا ّ كانت إنمحت فوراً .. ليست صورة ٌ دخّانيّة ترابية ، وعندما تنفتح لها أبواب السماء ـ

 قا ل : تلتفت إليه وتقول ـ وهاهى تتكلم ـ ( حفظك الله كما حفظتنى ) تقول له هاتين الكلمتين ..

 وأين تذهب ؟ .. ( قال : تذهب حتى تصل إلى العرش ، وتطوف حوله فتذ ّكر بصاحبها إلى يوم القيامة) .

وإذا خرجت من النفس ؟ ..

قال تخرج وهى سوداء مظلمة ٌ ، فتُلفّ كما يُلفُ الثوب الخلِق البالى وتلقى فى وجه صاحبها وتقول ـ وهاهى تتكلمّ أيضا ً :

( ضيّعك الله كما ضيّعتنى ) .

كلام يخرج فى صورة ٍ نورانيّة وكلام يخرج فى صورة ٍ نفسيّة ظلمانيّة … والجماعة الذين يقول فيهم الإمام أبو العزائم رضى الله عنه :

                               فنى من شاهد المجلى       ونال الســـرّ وارتاح

                              وغنىّ بالحقــــائق من       رأى الأشباح أرواح

يرون هذا الكلام ويعرفونه ، بل العجيب أنّ هذه الصور تظلّ فى أماكن النطق بها حتى يوم البعث والنشور لكى تعرض والكل يراها ويعلم ، ويطلّع على فحواها ، ويعلم النوايا التى فى ثناياها وخفاياها :

(  يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ)

( النبأ ك 40) ، ولم يقل يقرأ هنا ، .. لا بل سينظرويرى فيعلمه ، وهذه الصورة هل يظهر ظاهرها فقط  ، قال : لا .. â يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ á ( الطارق : 9) ، يظهر العمل وفيه نيّته .. هنا العمل يظهر عندما يريد الإنسان أن يتخلصّ منه ، ويقول أنا كنت أقصد كذا .. كانت نيّتى كذا … لكن هناك لا .. النيّة ظاهرة مع العمل  .. فيها مايقول وما يعمل ، لأن العمل يظهر ومعه النيّة ، ولذلك قال :  â فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ á ( الطارق : 10) .. إيّاكم أن تظنّوا أن هذا الكلام ، كلااما ً للمباسطة ،  â إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ á ( الطارق : 12 ، 13) .

هذا هو الكلام الذى سيحدث هناك … فدائما نعلم أن كل الكلام والفعال ومعها النوايا والطوايا تعرض على رؤوس الأشهاد ، وأيضا ً الكلام والنوايا والطوايا تعرض على من قامت قيامته وهو فى الدنيا ، فيراها على حقيقتها كما يراها الناس يوم يقوم الناس لرب العالمين .

فالصدق يا إخوانى هو الأساس وهو الخلاص . فالذى لا يقدر أن يحلىّ ويجمّل نفسه بالصدق فيجاهد نفسه ليصدق .

والصدق هنا فى المباحات ، حتى فى المزاح .. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ك ( إنى لأمزح ولا أقول إلا ّ حقا ً) .. ولكى يعوّد نفسه على هذا الخلقُ .. 

نحن نرى الناس فى هذأ الزمن [ كله يسرح بكله ] .. كل واحد يجلس إلى الثانى ، ويريد أن يعمل نفسه الواحد الأحد الفرد الصمد .. حاشا لله عزّ وجلّ … يقول هو كذا .. وهو كذا .. بالباطل ..

المؤمن ليس عنده هذا الكلام  مِثلما قال له ربنا :

( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)

 ( النجم : 32) ، ولذلك قال لنا مشايخنا ، ومولا نا الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه  : توجد ثلاثة علامات ، إذا وجدتها فى أحدٍ ، تعرف أنه مازال طفلا ً صغيرا ً .. فماهى ؟ قال :

{ إذا رأيت الرجل يشطح بأسرار مزيّته [ يعنى يتكلمّ عن نفسه كثيرا ً] ، فاعلم أن ذلك نقصٌ فى مقام عبوديته } .

وأوُضّح هذا المقياس : الذى يتكلم عن نفسه دائما ً كثيرا ً ، فاعلم انه ما يزال مسكيناً  .. لأنه لو تمكن لا يتكلم عن نفسه .. ويدع الآخرين هم الذين يتكلمون عنه .. ولا يظهر هو .. ولكن هم الذين سيظهرونه ..فماذا يعمل بالظهور .. لأنه عرف الحقائق .

فالذى يتكلم دائما عن نفسه .. أنا كذا وأنا كذا ، وأنا رأيت كذا ، وأنا أسير مع الشيخ فلان ، وأنا صاحبت الشيخ فلان ، ويمكن أحيانا ً يزيد فى الكلام ، ويدّعِى أنه مثلهم ، ولا يقول الشيخ فلان ، ولكن يسمّى الشيخ بإسمه مجردّا ً ويقول فلان .. وهذا من النفس . ، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاته البهيّة ، كان لا ينادى على أصحابه بأسمائهم ، كان لا بدّ أن يكنيهم بأبو فلان ، والذى لم يكن له أولاد ، كان يكنيه بأبو عبد الله .. والتى ليس لها ولد ٌ يقول لها يا أم عبد الله ،  لكن لم يكن ينادى أحدا ً بإسمه ، لا فى وحضوره ، ولا فى غيابه . . وهذا أدّب عليه أصحابه ..عليه أفضل السلام وأتّم السلام .

فيأتى بعض الذين يدّعون أنهم مجاذيبا ً.. ماذا يقول ؟ .. يقول أنا رأيت أحمد البدوى ّ البارحة ، وقال لى كذا وكذا .. لماذا لا تعُظمّه يا أخى .( ليس منّا من لم يوقرّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمه حقهّ)

هل هو يلعب معك ، هو أكبر منك سنّا ً او فى طريق القوم ..

لا تريد أن تقول : سيدى أحمد البدوىّ .. قل : الشيخ أحمد البدوىّ .. السيد أحمد البدوى ّ.. هذا هو أدب النبوّة الذى علمّها لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  .

لكن هو يريد أن يقول إن الحكاية لم يعد فيها بعض حواجزولا شيء .. مثل بعض الأولاد يلعبوا مع بعضه ، ويجروا مع بعض ، والحكاية سواسية .. فلا ينفع هذا فى دين الله ، ولا فى طريق الله عزّ وجلّ

قال صلات الله وسلامه عليه : ( أنزلوا الناس منازلهم ) .. أى يعطى كل واحد ٍ منزلته التى أعطاها له  الله عزّ وجلّ .

دخل سيدنا علىّ ، على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوسّع له سيدنا أبو بكر ٍ مكانا ً وأجلسه فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ، أهل الفضل ) .

نعم لأنه ينزل الناس منازلهم ، لا يقول إذا كان متأخرا ً يجلس فى أى ّمكان .. ونحن أناس صوفيين ، والصوفيّة غير ذلك متأدبين بأدب قول الحبيب : (أنزلوا الناس منازلهم ) .

بعض الناس فى هذا الزمان ، وهؤلاء مع الإعتذار .. إذا قلت دجّالين ومكاشفين ، يجعلون أنهم بينهم وبين الصالحين صلةٌ ، وانهم يدخلون المقام ، ويتكلمون مع الولىّ ، وأن الولىّ يقول له كذا واعمل كذا وكذا ، وسوّى هذا ، ويضحكون على البسطاء بهذه الخدع والحيَل ، لكى يثبتوا المشيخة ، وتثبيت هذه النقطة ..

فالذى يريد هذا .. مادام أنت الكلام بينك وبين الرجل الصالح ، وهذا المقام بينك وبينه ، فلِمَ تفشى هذا السّر ؟ .. خلاص إجعل هذا السّر بينك وبينه ..

إذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم ، مع أنه مأمور بالتبليغ عن الله ، لكن الشيء الذى لم يعطه له الله عن طريق الوحى { جبريل عليه السلام }، والذى كان بينه وبين الله ، لم يبحه لأحد : 

 ( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)

 ( النجم : 10) . . أنت حتى لو الشيخ إختارك ، وجعلك خليفةً عنه ، ودار بينك وبينه أحاديث وهذا لك أنت . لماذا تقولها للغير ، لماذا ؟ .. أنت تريد أن تظهر الكلام الذى يريد أن يقوله للناس ، وهذا الكلام كان بينك وبينه ، إلا إذا كنت تريد أن تقول : أنا من أهل الخصوصية ، أنا الشيخ خصّنى .

فلكى تكلمّ الناس من حولك ، فكل هذا يا إخوانى يحتاج إلى الصدق .. وأعلم يا أخى علم اليقين أن الصدق ينجيك فى الدنيا ، ويرفعك فى يوم الدين .. والكذب هو الذى يجعلك لا معنى لك ولا قيمة لك فى الدنيا .. ولا درجة ً ولا منزلة ً فى يوم الدين .

{ فذات الصدق يا إخوانى سهل ٌ على الأحباب ، لمن أراد أن يلازم الأعتاب ، حتى تفتح له أبواب الرحاب }..  

ومن لم يستطع أن يتجمّل بالصدق بالصدق فى قوله وفى عمله وفى حاله ، وفى كل أحواله وأفعاله .. فليعلم علم اليقين أنه لم يأذن له بالسّرفى طريق رب العالمين ويكون خارج الباب .

من الذى سمع قوله ؟ ( لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)

 ( يونس : 2) .. فما الذى له ؟ .. قدم صدق ٍ.. واقف عليها ، لا يتحرّك ولا يسكن ، ولا يفعل ، ولا يأمر إلا ّ بعين الصدق .

نسأل الله أن يجملنا بجمال الصادقين ، وأن يحفظنا من أحوال الجاهلين ، وأعراض المنافقين ، وصفات  الكذابين والبطالين والمخادعين ، وأن يفتح لنا فى قلوبنا بابا ً للصدق واليقين ، وأن يصلنا ببحر الصدق واليقين ، ويجعلنا من عباده الصادقين فى الدنيا ، ومن أهل قدم الصدق يوم الدين .

                                             وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid