قال تعالى فى حديثه القدسى ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ) حتى لا يخرج من الدنيا وهو يكره لقاء الله فلا بد أن يحبّ لقاء الله ، لأنه مؤمن ولذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وأرضاه فى اللحظة الأخيرة ، نظر وأطال نظره وقال لهم : { إنى أرى حضرة ماهم بإنس ولا جن ..ثم قال لمثل هذا فليعمل العاملون } وخرجت روحه إلى بارئها …
لمثل ذلك ، أى الذى شاهده والذى أعِدّ له ، وجُهز له للقاء الله عزّ وجلّ .
رجلٌ آخرمن الصالحين إسمه الشيخ أبوعلى الروزبارى رضى الله عنه وأرضاه من مصروضريحه موجودٌ فى مصر ، كانت أخته تجلس بجواره فى هذه اللحظات ، فقال لها يا أختاه إنّى أرى أبواب السماوات وقد فتِحّت وأرى الجنّات وقد زُيّنت ، وأسمع مناديا ًيقول : يا أبا عليّ قد بلّغناك الرتبة القصوى وإن لم تكن تُرِدْها ، وخرجت روحه بعد هذه الكلمات .
أبواب السماء فتحت ، والجنّة قد زينت لهذا الرجل الكريم مثلما يأتينا رجل عظيم يزوُرُنا فى هذا البلد ، فنزيّن البلد لإستقباله .. أيضاً المؤمن عند ذهابه إلى الله تكون السماوات مزينة بزينات لا يعلم قدرها إلاّ لله ، لكننا يا إخوانى نستهين بأنفسنا لأننا لا نعرف قدرنا .
فالذى أضاع المؤمنين الآن أنهم لا يدرون قيمتهم عند الله ، وقدرهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم وينظرون إلى هؤلاء القوم الغافلين الذين خسروا الدنيا والآخرة ونَسُوا من هم وما معهم … فعلى الفور قال هذه الكلمات وخرجت روحه لله عزّ وجلّ .. ونفس هذا الرجل يقول كنـّا نتعبد فى زاوية صغيرة وجاء أحد الصالحين ولكنه كان مصاباً ببطنه ومريضاً، وكان الشيخ على هو الشيخ ، فقال لهم : أحد المريدين يخدمه فلم يرضوا ، فتولىّ خدمته بنفسه ، وظلّ يخدمه فترة ً، بعدها مات هذا الرجل ، وقبل أن يموت قال له : خذ هذا الدينار واشترى به كفنا ً لى ، وغسّلنى أنت وكفنّى.. فغسّله وكفنّه وأخذه ليدفنه وبعد ما دفنه ، قام الرجل وجلس ، قال : فقلت له : أحياة ٌ بعد الموت ؟ !! فقال له : أنا حىّ ٌوكل محبٍ لله فهو حىً ٌ ، ويا أبا على ّ سأنصُرَكَ بجاهى عند الله يوم القيامة جزاء خدمتك لى .
تبشير المؤمن عند الموت :
فربنا يا إخوانى فى هذه اللحظات يحببهم فى لقاء الله ، فلابد لنا أن نحببهم فى لقاء الله ونُحْضِر لهم الصالحين من عباد الله … ولا نأتى له بأهل الدنيا ليتحدثوا فى المشاكل حوله وروحه تخرج فهذه ساعة تحضُرُهَا الملائِكة .. فالذى يسبّح الله والذى يستغفر الله
لكن الرجل فى آخر أنفاسه ويقولون له : ماذا ستعطى فلان ؟.. ولمن تترك فلان ؟ .. هل هو رب سيترك فلان لمن أو لمن ؟ .. ما شأنه بهذا الكلام ، وهذا دليل على قصور العقول فى هذه الأمور ، والرجل فى هذه اللحظات فى حالة يعلم بها الرؤف الرحيم سبحانه وتعالى ، وهؤلاء يحمّلونه همّ الدنيا ولا يتركونه ، ويرسلون إلى من كان بينه وبينهم خلافات ليصالحه . ويسامحون بعضهم وهذا كلام لا يَصّّح ، فهذا الرجل نريد ان يخرج على خير والموت شديد وله كُرُبات ، وله سكَرات ، أفنزيد عليه السكرات ، فنحضر له رجلا ً يكرهه ؟
بل يجب أن نأتى له برجلٍ يحبه فى هذه اللحظات ، ونذكر له صالح أعماله حتى يكون عنده فى هذه اللحظات رجاء ، لأن ربنا يقبضه على قدر الموجود فى ضميره فى هذه اللحظة .. وعندما ذهب رسول الله إلى غلام من الأنصار يحتضر ، وقال له كيف حالك الآن ؟ .. قال أرجوا الله وأخاف ذنوبى ، فقال صلى الله عليه وسلّم : ( ما إجتمعا فى قلب عبدٍ فى تلك اللحظة ، إلا ّ أعطاه الله ما يرجوا ، وأمّنه الله مما يخاف ) فمعناها أنكم لا بد أن تكونوا على هذه الحالة ، فلا أقول له أنت فعلت فى فلان كذا وكذا ، وجئنا به ليسامحك فهذا يذكره بالمخالفة التى فعلها ، ويجعله يخاف .. لا بل أذكرّه بالأعمال الصالحة التى عملها فى الدنيا حتى يرجوا لقاء الله عزّ وجلّ ، وحتى هذا الكلام كان مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى وصل بهم الأمر أن السيدة عائشة عندما جاءتها هذه اللحظات قالت لهم ذكّرًونى بالخيرالذى فعلته ، ولا تذكرّونى إلا ّ بالخير فقط .. لماذا ؟ حتى يصبح فى القلب الرجاء ، وجماعة من الصالحين يبشّرونه فيعرّفونه فضل الله ، ويعرّفونه مغفرة الله ، ويعرّفونه كرم الله حتى يخرج طامعا ً فى فضل الله ، وقد قال صلى الله عليه وسلّم يقول الله عزّوجلّ : ( أنا عند ظنّ عبدى بى ) ، فما دام ظنّه حسنا ً ، فيعطيه على قدر هذا الظنّ .. والرسول قال 🙁 لقنّوا موتاكم لا إله إلا الله ) ، فهل نجلس بجواره ونقول له قل لا إله إلا الله يا فلان ؟ ربنا يسمع من اللسان والجنان .
فالواجب أن نجلس بجواره ونقول : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، ولا نقول له قل .. لأنه فى هذا الوقت فى شِدّة .. فأحيانا ً إذا أجرَى أحدنا إحدى العمليات الجراحية ، يسّبُ الطبيب أثناء الشدّة والموت.
يا إخوانى عملية جراحية .. شديدة ، ومن الجائز فى هذه الشدّة أن يقول لن أقولها فى حالة التكرار عليه ، لكن نكررها نحن بجواره وهو يسمع والمولى سبحانه وتعالى يريدها أن تمرّ على القلب فقط لا أكثر من هذا.. ونجلس ونقرأ له وحوله (يس)، تسهّل النزع لأنه من فضل الله علينا ، إذا المرض لم يسدد الديون ، فيقول لهم شدّدوا عليه فى الموت حتى يخرج وليس عليه شيء ، أى الهموم والغموم التى نُبتلى بها فى الدنيا حتى يكفر بها الذنب ، وحتى يسدد بها ذنوبنا ، وحتى يستر بها عيوبنا .
جاء لك ألمَ فى رأسك .. يكفر به ذنوب .. أصبت بأنفلونزا يكفر بها ذنوب .. حدث عندك مشكلة فى منزلك { لكن هذا الكلام بشرط ألا ّ يتبرّم بقضاء الله ولا يشكُ الله عزّ وجلّ إلى عباد الله }، بل يرضى بقضاء الله ويقول كما قال رسول الله : ( رضيت بالله تعالى ربا ، وبلإسلام دينا ً، وبمحمد صلى الله عليه وسلّم نبيا ً ورسولا ً ).. فكل هذا تكفير للذنوب فيأتى عند الموت بالمرض ، فاذ لم تنتهى الذنوب ، يطيل فى نزع الروح حتى تنتهى الذنوب ، ويخرج العبد نظيفا ً ليس عليه شيء قط .
فهو حريص عليك أن تخرج من هنا وليس عليك شيء ، وهذا كرمه لعباده المؤمنين .. لكن ماذا للآخرين الكافرين ؟ .. لا .. إذا عمل خيرا ً فيقول أعطوا له أجره هنا حتى لا يطالبنا به هناك وما أجره هنا ؟ .. يعطيه الصحة والعافية ويوسع له فى المعيشة ، ويكثر له الخير حتى إذا جاء هناك لا يكون له شيء يطالبنا به عليه .. فلا تطلب أن تكون كهذا بل إطلب أن تكون كجماعة المؤمنين الذين هم أصحاب رسول الله صلى عليه وسلّم ورضى الله عنهم أجمعين .
فإذا قرأنا بجواره (سورة يس) ، يقول من أجل هؤلاء الذين يقرأون سهلّوا له نزعات الموت كمثل الذى يريد أن يخرج من الجوازات ، فياتى بواسطة فيقولون دعوه يخرج من أجل هذه الواسطة .. فهو كذلك لابدّ من الجوازات فهو خارج من الدنيا إلى الآخرة لابد وأن يتعرّض للسؤال .. ذاهب من بلد إلى بلد أخرى ، من دار إلى دار أخرى ، فلا بد وأن يتعرّض للحساب .. هذا الحساب متى يلأتى ؟ ساعة وضعة فى القبر ؟
لا بل ساعة خروج روحه فورا ًالقبر ليس بالجبّانة ، والجبّانة يعنى الصحراء والعرب كانوا يدفنون موتاهم بالصحراء ، فسمّوها جبّانة .. أما القبر فهو الشيء الذى لا تراه العين مقبور ، أى مستور لا يراه أحد ، وربنا عندما فى القرآن لم يقل : ومن ورائهم قبرٌ إلى يوم يبعثون .. بل قال : â وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ á ( 100 المؤمنون) ، برزخ أى حياة أخرى مختلفة تماما ً .. حياة برزخية ، حياة روحانية ، لا تراها الأعين الجسمانية ، حياة أخرى تماما ً .. أما اجسم فنذهب به إلى هذا المكان تكريما ً للإنسان ، لكن هل القبر سيتحمّل كل هؤلاء الخلق ؟ .. لا إنهم يذهبون إلى عالم إسمه البرزخ .. عالم واسع ، ورسول الله صلى الله عليه وسلمّ يوضّح لنا مدى إتسّاعه فيقول : (نسبة مابين القبر وبين الدنيا كما بين الدنيا وبطن الأم ) .. أنظروا إلى ما يكون فيه المرء إذا خرج من بطن أمه كم تكون الوسعة ؟
أيضا ًالبرزخ فى هذه الوسعة حياة واسعة وعريضة .. وهو داخلٌ ، هناك جمارك لا بد أن يتعرّض للسؤال حتى يصنّفوه : هل يجلس فى الإستراحات ، أو يجلس فى السجون ؟ .. إلى أن يأتى موعد المحاكمة فيوضع فى الحجز حتى يوم المحكمة ، أو يوضع فى الإستراحة حتى يوم التكريم .
يا قلب فكّر ترى الدنيا أبا طيــــلا وإشهد أيا قلب قرآنا ًوتنزيـــــلا
والدار دار فناءٍ إن رضيت بهـــــا فكيف ترضى بدار البعد مأمـــ ولا
الموت يا قلب إن حققت نـــــازلة ٌ لم يُبق حيّا ًفخلّ القال والقيـــــل
خلّ الهوَىَ وأدّكِر فاللّهو مفســــدة ٌ أقبل على الله تعطى الخير موصـــولا
كلنا مسافرون ، والأمر كما قال بعض العلماء العاملين :
الدنيا بحرٌ عميق والناس أسماكه ، وملك الموت صيّاده ن وكل يوم ٍيرمى شبكته ، فمن لم يقع فيها اليوم وقع فيها غدا ) .. هذا شيء لا بد منه ، لكن الحمد لله نحن معاشر المؤمنين ربنا سبحانه وتعالى من فضله ن ومن كرمه يحبب المؤمنين إلى لقاء الله ، تارّة بالمواجهات ، أو تارة بالمنازلات ، ويارة بكشف مقعده فى الجنّات ، وتارة بإطلاعه على كتابه الذى سينزل عليه يوم القيامة من الحنّان المنّان ، وتارة ببشرى من الحنّان .. مبشّرات كثيرة ومتنوعة ومتفرّعة .. وما منّا إلا له مقام معلوم ، وقدرٌ محتوم ، ورزقٌمقسوم من الحىّ القيوم عزّ وجلّ .
إعداد الميّت :
إذا خرج أحدنا من هنا ، ماذا يحدث ؟
طبعا ً الحكم الشرعى كما نعرف : إذا مات أحد جيراننا ، فالواجب على الحاضرين أن يقرأ الشّهادتين ، ويغمضون عينيه ، ويربطون رأسه من أسفل ذقنه برباط حتى لا يفتح فمه ، ويفردون يديه ورجليه ، ويربطون اليدين مع الوسط برباط ، والرجلين من أسفل برباط ، حتى يظلّ الإنسان على حالته الطبيعية ، ويوجهونه إلى القبلة إلى القبلة ، حتى يهيئون الأكفان ن ويهيئون الغسل ثم يغسّلونه … كل هذه الأشياء أحكام شرعية المفروض أن تكون معروفة للكل ، ولا نريد أن نطيل فيها ، فهى تحتاج إلى وقت طويل ، لكن الذى نريد أن نتكلمّ فيه بعد أن يسافر من هنا .. فإلى أين يذهب ؟ .. وقبل أن نجيب على هذا السؤال ، نتساءل من أين أتى ؟ لأن الجهة التى أتى منها هى التى سيرجع إليها .
حقيقة الإنسان :
فاأصل الإنسان الأول نورٌ من الله ، خلق منه حقيقته اإنسانية الداخلية ، فالإنسان له حقيقة وله دار يسكن فيها فى هذه الدار( فى الدنيا وهى الجسم) ، هذه الحقيقة هى التى يرى بها ويسمع بها ويتكلمّ بها ويعلم بها ويفكرّ بها .. كل هذا فى الحقيقة الربانية الموجودة فى هذه الهياكل الطينية ، لكن هذه الحقيقة لأنها من عالم المادّة الذى نحن فيه الآن ، فخلق لها سكن تسكن فيه من التراب ، وجعل لها فتحات : فتحة ٌ تنظر منها ، وفتحة ٌ تسمع منها ، وفتحة ٌ تتكلم منها .. هذه فتحات للحقيقة التى بداخلك وهى حقيقة الإنسان ولذلك إذا غابت هذه الحقيقة يسافر الإنسان إلى الآخرة ، وهذا ما يحدث أيضا ً عند النوم ، ولذلك لأن الحقيقة تكون غير موجودة ، فأنت لا تسمع ولا تتكلم ولا ترى ، لأن الحقيقة مسافرة ٌ إلى الله عزّ وجلّ â اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى á(42 الزمر) ، فالحقيقة النورانية هذه هى أنت ، لنها حضرت أمام الله ، وهى التى سمعت كلام الله ، وهى التى أجابت الله ، ولم يكن هذا الجسم قد خُلِ، حتى آدم نفسه ، لأن الله قال : â وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ـ يعنى كلكم ـ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ـ أيضا كلكم ـ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ á (16 الأعراف ) ، قلنا لهم بعد الخلق والتصوير .. أسجدوا لآدم ، فالخلق والتصوير لجميع الكائنات كان قبل سجود ملائكة السماوات لجسد آدم عليه السلام ، والحقائق التى حضرت فى هذا اليوم العظيم وسمعت وأجابت أكان لها هذا اللسان ؟ .. أكان لها هذه العين ؟ .. أكان لها هذه الأذن ؟ .. إذن فكيف سمعت ؟ .. وكيف نظرت ؟ .. وطيف ردّت ؟ بالحقيقة التى يقول فيها سبحانه وتعالى : â وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ــ ( أ بهذا اللسان ؟ ) ــ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ á ( 174 الأعراف) .
فالحقيقة الداخلية هى التى تحرّك هذه الآيات ، وهذه حقيقة الإنسان ، فهذه الحقيقة عندما يأتى دورها فى الحياة يكون لها هذا الهيكل الطينى ويصوره ويصنعه ، وتدخل فيه فيتحرّك بإذن الله عزّ وجلّ .
لكن من المسؤل ؟ .. أنت .. أم الجسم ؟
أنت المسؤل لأنه لو كان الجسم مسؤلا ً كان لا يشهد عليك â وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا á ( 21 فصلت) شهدوا على من ؟ .. على الحقيقة الداخلية â يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ á (24 النور) فكيف يشهدون ؟ والمفروض أنهم متّهمون فمن الذى يشهد ؟ غير الجرم أو غير المّتهّم على الأقل ، لأن هذه حقائق أوجدها الواحد لك لكى تستطيع أن تعيش فى هذه الحياة الدنيوية ، وتستطيع ان تحصّل الزاد إلى أن تلقى به المولى عزّ وجلّ فى الحيا ة الأخروية ، ولذلك ساعة ماتنتهى الرحلة تخرج الحقيقة ، فيترك بيته ، فلما تذهب إلى هذه الدار وتسأل أين فلان ؟ .. لم يعد موجودا ً.. فالعينان كما هى ولكنها لا ترى ، والأذن كما هى ولكنها لاتسمع ، واللسان كما هو ولكنه لايتكلم ، والرجلين كما هما ولكنهما لا يتحركان .. لماذا ؟ .. لأن الساكن مشى .
إذن الحقيقة هى الساكن الذى طلع إلى الله عزّ وجلّ ، فهذه حقيقة الإنسان ، ولذلك الشيخ الغزالى رضى الله عنه وأرضاه عندما جاءته ساعة الموت جاءه جماعة من التلاميذ والمريدين يبكون عليه فقال لهم لماذا تبكون ؟
قل لإخوان ٍيرونى ميتـا ً ليــس والله بالميّت أنا
أنا عصفورٌ وهذا قفصى طرت منه إلى دار الهنـا
فقد خرجت من الحبس إلى الفضاء المطلق عند الله عزّ وجلّ وهو فضاء لا نهائى وحياة سرمدية أبدية ليس لها مثال .. وهذا الذى إرتضاه الله لحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم .
عندما كانت فترة الخلافة بعد النبى صلى الله عليه وسلم سبعة وثلاثين سنة ، وبعدها ملوك وامراء .
فإذا حسبنا فترة سيدنا أبو بكر وبعده سيدنا عمر وبعده سيدنا عثمان وبعده سيدنا علىّ نجدهم سبعة وثلاثين سنة وهو الذى سيأتى فى الآخر حتى نعلم كم هم الخلفاء الراشدين ، وبعد هذا تنقلب الأمور إلى مملكة الأمويين والعباسيين وغيرهم إلى مالا نهاية ، أى أن الأمور فى ظاهرها عادية ، لكن فى حقيقتها أسرار ربانية كشفها الله للمصطفى خير البريّة صلوات الله وسلامه عليه .
عاد مرة ًوهو يخطب الخطبة التى بين فيها مناسك الحج وه يخطب نزل سيدنا جبريل عليه السلام وقال له : بلغّهم هذا البيان ، قال قل : â الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا á (3 المائدة ) ، قرأ البيان فسيدنا أبو بكر ٍبكىَََََ ، والجالسون يقولون ما يبكيه ؟ وهم لا يعرفون ، لكنه يعرف أن كل شيءٍ بدا تمامه فهو فى النقصان ، فإذا بلغت الأمور التمام تنتهى { توقع زوالا ً إذا قيل تم ّ} . فإذا بلغت الأمور التمام يبدأ الزوال فورا ً ، بعد مارجع إلى المدينة نزل جبريل بيانٌ آخر قال فيه : âإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا á (3.2.1 النصر) ومعنى كلمة توّابا : سيدنا أبو بكر ٍ رضى الله عنه أيضا ً ظل يبكى والباقى لا يدرون فسيدنا عمر جمع أهل بدر كلهم فى يوم وقال لهم ما رأيكم فى هذه الآية (كلمة توّابا ) ماذا تعنى فى هذا الموضع فتعجّبوا ، حيث كان يقدم دائما سيدنا عبد الله بن عباس مع أنه كان صغيراً وهم شيوخ ، فقالوا توّابا ًأى من الذنوب ، فقال لعبد الله بن عباس مامعنى هذه الآية ؟ .. فقال : تعنى رجّاعا ً.. وهذه كانت إعلام لرسول الله أن تذكرة العودة حجزت .. فقال له والله مازدت فى فهمى على ما فهمت يا إبن عباس ، فيريد أن يبين لهم منزلته .. فهو صحيح صغير، لكنه فى الفهم كبير.
فسيدنا أبو بكر لما نزلت هذه الاية ظلّ يبكى لنه عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بدأ يستعد ليغادر البلاد كلها ، وأنه أخذ اليأشيرة ، وقالوا له لقد أعطيناك تأشيرة الدخول والقبول إلى الله عزّ وجلّ ، وقد خيّروه عندما أرادوا أن يعطوه التاشيرة فسيدنا جبريل قال له : ما الذى تختاره ؟ إذا كنت تريد دار السلام أو دار الخلد أو عدن او الفردوس .. المكانة التى تعجبك .. قال : لا.. بل الرفيق الأعلى ، والرفيق العلى هو الله .. فأنا أريد الله ، ولا أريد شيئا ًمن هذا ، ولا أحد يستطيع أن يختار مكانته إلا ّهو صلي الله عليه وسلم .. ففى المرة الرابعة عندما رجع من الحج وكان صحيح الجسم جمعهم وجمع أهله معهم وقال لهم : جائز أنى ألقى الكريم ، فإذا لقيت الكريم عزّ وجلّ ففلان وفلان يغسّلونى ويكفنونى .. من هما ؟ قال : العباس وعلى وهم أهله ، والفضل وقثم وهما أولاد العبّاس ، والذى يغسّلنى يجعل عيناه معصوبتان ، {حتى لا ينظر إلى جسد رسول الله صلي الله عليه وسلم }، وتحضروا الماء من بئر كذا وبئر كذا .. سبع آبار ..{ لماذا ؟ لأن كل هذه الآبار كانت تريد أن تأخذ البركة ، فإذا جَلَبُوا من بئرٍ فستغضب باقى الآبار ، فقال أحضروا الماء من السبع آبار حتى لا يغضب منهم أحد ، وإيّاكم أن تظنوا أنه سيتبرّك با لماء .. لا .. بل الماء هو الذى سيتبرّك به }.
[ جزء مقطوع ]
والكفن ، قال لهم : صفته كذا وكذا وهى الأزواج الشرعية ، وبعد ما تغسّلونى وتكفّنونى أخرجوا إلى الخارج وأتركونى على فراشى ساعة … لماذا ؟ قال لهم : لأن الذى سيصلى علىّ أولا ً الله ، والذى سيصلىّ علىّ بعده جبريل وبعده كبار اللائكة وبعدهم الملائكة فوجٌ وراء فوج ، فهم ليسوا مثلنا .. فسيدنا جبريل كان ينزل من السماء السابعة إلى الأرض فى طرفة عين فزمنهم غير زماننا ، لو قسناهم بزماننا نحتاج إلى ملايين السنين ، لأن الملائكة أنفسهم كيف يُخلقون ؟ .. سيدنا جبريل يستحّم كل يوم ٍفى بحر ٍ إسمه بحر الحياة ، وعندما يخرج من هذاالبحر ينفض ريشه فيخرج منه سبيعين قطرة كل قطرة يخرج الله عزّ وجلّ منها ملكا ً يسبّح الله عزّ وجلذ ويطوفون حول البيت المعمور مرّة ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة.. فالواحد منا يستطيع أن يحج مرة ومرّتان وعشرة ، وأناس حجُّوا أربعين مرّة وثمانين مرّة ، لكن الملائكة تحج مرةً واحدة ، مع أنهم يعيشون من أول الدنيا إلى ً آخرها ، ولا يحصلوا إلا على هذه الحجة هى مرة ً واحدة .. فكل يوم سبعين ألف ملكٍ يطوفون بالبيت المعمور فبالزمن الذى نحن فيه نحتاج إلى ملايين السنين .
فذات مرة وهم جالسون مع رسول الله ( قال لهم : أسمعون ؟ قالوا ماذا نسمع ؟
قال أطّت السماء وحُق لها أن تئط ، مافيها موضع أصبع غلا وفيه ملكٌ ساجدٌ أو قائمٌ لله عزّ وجلّ ) .
أين يذهب هؤلاء الملائكة ؟ .. فكانوا يصلّون بصلاتهم .
وقال لهم بعد ذلك تدخلون تصلّون علىّ صفوف ، لكن كل صفّ وحده ، أى بدون إمام لأنه لا يوجد إمامٌعلى المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتمّ السلام ، فلا يصحّ أن يصلى علي أحدٌ إمام ن لأنه إمام الكل حيّاً او منتقلا ً على الدوام ، لأنه غير ميت ٍ صلى الله عليه وسلم .
هذا الكلام كان قبل شهر من إنتقاله ، وبعد ما قال هذه الكلام جلس سيدنا أبو بكر ٍ يبكى ، وهذه كانت هى الإشارة الرابعة ، فعرف أن الرسول يجهّز من أجل السفر ، فبعد ما قال فى هذا فى هذا الإجتماع ن فى اليوم التلى أصبح ميصا ً وانتقل إلى الرفيق الأعلى ، فجاؤا ليغسّلوه ، فاحتاروا .. لقد نسينا نسأله ، أنغسله فى ملاءة أو نعرّيه منها ، فناموا جميعا ً ، أنامهم الله جميعا â يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ á ، وسمعوا واحدا يقول لهم غسّلوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فى ثيابه ، وإيّاكم أن تعرّوه ، لأنه إذا كانت السيدة عائشة جالسة فى حجرتها وجالسة حاسرة أى كاشفةٌ وجهها ، أو كاشفة ٌشعرها لأنه لا يدخل أحدٌ إلا بالإذن ، فأخوها دخل عليها من غير إذن ٍ، فقالت من الذى دخل على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن أحرقك الله بالنار ، فقال لها : نار الدنيا يا أختاه ؟ فقالت : نار الدنيا ، فظلّ حتى أحرق بالنار .. فما بالكم بمن يطّلع على عَوَرَاتِ الأنبياء ؟ .. فهذا شأنٌ نساء الأنبياء فما هو شأن الأنبياء ؟ .. أمرٌ لا يعلمه إلا الله .
من أجل هذا حذرّهم وقال لهم غسّلوه كما هو بملابسه زيادةٌ فى الحَيْطة ، لأن هذا الجسم النورانى لا يجب على أى إنسان أن ينظر إليه نظرة ً غير إيمانية أبداً ، فانا أقول هذا الكلام حتى نعلم إن الحبيبصلى الله عليه وسلّم وصّى بهذه الأشياء فماذا نحن فاعلون ؟
فنحن من باب أولى ، أليس كذلك إذا كان هو الغَنِىّ عن كل هذه الأشياء وهذه الأمور ووصّى .. ولماذا وصّى ؟ حتى يعلمّنا أن نوصى نحن الآخرين .. فالناس فى هذه الغفلة التى نحن فيها نَسُوا هذه الأمور، أما الذين سبقونا بالإيمان فقد كانوا حريصين على مثل هذه الأمور، فكان الرجل يقول يا ولد أحضر عمّك فلان يقرأ لى القرآن ، وخلّى عمّك فلان يصلى علىّ وخلىّ عمّك فلان ينزلنى فى القبر.. أما نحن فالدنيا ألهتنا وأنستنا ، وإعتقدنا أننا مشينا على النهج المستقيم ، أى واحد ينفع وأى واحد يشفع .. لا .. ليس أى واحد ، فلا بد للإنسان المؤمن أن يتعلمّ هذه الأمورويعرفها معرفة ً جيدة ً ، حتى يكرم نفسه ويكرم أهله ويكرم الذين يلوذون به أجمعين .
فإذا جاءت الآذفة وتحققنا أنه ليس لها من دون الله كاشفة ، مالذى يجب علينا ؟
اللحظات التى نشاهد ربنا ماذا يقول ؟ : ( ماترددت فى شيء ٍ أنى فاعله ، ترددى فى قبض عبدى المؤمن ، يكره الموت وأنا اكره مساءته ) .. هل يتردد ؟ .. لا يتردد ، لكن قال : (عندما أقبض روح عبدى المؤمن أتردد ، فهو يتمنى أن يعيش بعض الوقت ، وأنا لا أريد أن أقبضه ، وأنا أريد أن أخرجه من الدنيا مسروراً ، مرتاح البال لأنه حبيبى .. ولذلك لما جاء ملك الموت إلى سيدنا موسى عليه السلام فقال له مالذى جاء بك؟ .. قال : جئت لأقبض روحك ..فقال له : مالك إنت وضربه ففقأ له عين ، فغضب سيدنا عزرائيل ، فطيّب الله خاطره وقال له إذهب فقل له : كم تريد أن تعيش ؟ .. ضغ يدك على جلد ثورولك بكل شعرة تحت يدك سنة تعيشها ، فذهب إليه ، فقال له : وبعد ذلك ، قال ستموت أيضا ً ، قال له : طالما الأمر سينتهى والنهاية كذلك فسلمّ الأمر ، فمن أجل ألا يغضبه قال له : إجعله يقابلنى على جبل الطور.. وهو فى الطريق وجد جماعة يحفرون قبراً عظيماً ، وإنتهوا منه ويرشّونه بالماءـ وهذه سنّةـ فقال لهم ماذا تفعلون؟ فقالوا نحفر قبراً لرجل ٍ كريم ٍ على الله .. فنظر ، وقال دعونى أدخله وأقيسه على ّ فنام وصعدت روحه إلى الملك العلام ، ودفنته الملائكة الكرام ، ولا يعلم عن مكان قبره أحدٌ إلاّ المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام …أين مكانه ؟ .. حتى الآن لا أحد يعرفه إلا ّ النبى صلي الله عليه وسلم .
ولما أرسله لسيدنا إبراهيم ، قال له : ماذا تريد ؟ قال : له ربنا يريدك .. فقال له : وهل يميت الحليل خليله ؟
فقال له : وهل يكره الخليل لقاء خليله ؟ .. قال له : فالآن .
فالواحد منّا لا يريد أن يموت .. لكنه يعرف مايصلح لى ، ولو يعرف أن الحياة لى أحسن سيزيدها ويطوّلها ولو عرف أن الموت لى أحسن سَيمُيتنى ، لأنه يختار لعبده المؤن الأصلح له ، والأنفع له .. وأنا لا أعرف أين الخير لى ؟ .. فأنا نظرى محدود ولكن نظر الله بلا حدودٍ ولا قيودٍ ، ولذلك يعرف أين الخير وأين الشرّ .. فأنا طالما فوّضت أمرى إليه لأنى مؤمنٌ فيختار لى الأحسن ، لكن طبيعة النفس متعلّقة بالدنيا ، وهو لايريد أن يغضب المؤمن منّا ماذا يفعل ؟ .. يأتى فى هذه اللحظات ويحبّبَ الإنسان فى الدار الآخرة إذا كان هذا الرجل من الصالحين ، يعرف قبلها بوقتٍ طويل الميعاد ويرخى له حبل الوداد ، ويطوى له البعاد ، ويكشف له كل شيءٍ إدّخره له فى يوم التناد ، فلما يرى هذه الأشياء يرغب أن يخرج إليها ويرغب فى السفر .. وكان أصحاب رسول الله ، إذا طال غياب الموت ، يقولون لماذا غاب عنّا ؟ نريد أن نتمتع بهذه الأشياء بعد ما سئمنا هنا من المرض والكرب والهّم والغّم والبلاء ، فليس فى الدنيا غير ذلك : ( إذا حلتََََ أوحلت ، وإذا أقبلت أدبرت ) ، إذا فرح الإنسان ، تأتى وراءه الأحزان ، فلا شيء دائم ٌ فيها أبدا ًفيريدون ان يخرجوا منها بسرعة إلى لقاء الله عزذ وجلّ ، وساعة مايأتى الرجل ينادى عليه ويقول له تعالى : صيب جاء على فاقة أين كنت من زمان ؟ .. هيا أنا مشتاق لك منذ زمن لأن ربنا عرض عليهم منازلهم ، وكشف لهم عن درجاتهم ، ووضح لهم نعيمهم المقيم ، وهناؤهم فى جوار المولى الكريم ، فيرغبون فى أنة يتحولوا من هنا إلى هناك فورا ً فقد ملوّا، لأنهم يعرفون أن الدنيا دارهمّ ودار غم ّ ودار تعب ودار نكد ، وليس فيها غير هذا عندما يدخلون يقولون : â الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ á (34 فاطر) نسينا الحزن â إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ á نسينا الحزن فالمؤمن وهو خارج من هنا ينسى الهمّ وينسى الغمّ وينسى الحزَفيأتى ن وينسى الألم وينسى الشقاء وينسى البأساء ، فإذا كان من الذين سيذهبون إلى الجنّة مباشرة ً ، تبدّلت الأتراح بالأفراح ، وتبدّل الشقاء بالنعماء فى جوار الله عزّ وجلّ .
وإذا كان من الجماعة الذين مثلنا على قدر حالهم ، لما تأتى اللحظات الأخيرة ، فيأتى الله له بشيءٍ من الأمراض حتى يطهر ، فيخرج وليس عليه شيء ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أحبّ الله عبدا ً أمرضه قبل أن يموت ) .. لماذا ؟ حتى لا يكون عليه شيء … كيف يكفرّ عنه ؟ .. ماهو برنامج التكفير يارسول الله ؟ فقال : ( مرض يوم يكفّر ذنوب سنة ) ، فإذا أنهى الذى عليه ، يتحول له حسنات ، فلو أعطيتك خمسين جنيها ً لتسدد ديونك ، وليس عليك ديون ، فإنها تضاف إلى رصيدك فهذا نظام الله كما قلنا ، صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين ويوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ) .. فإذا صمت عرفة وعاشوراء أصبح لدىّ ثلاث سنوات لكى أعيش سنة واحدة ، فالباقى يضاف للرصيد â فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ á (70 الفرقان ) يريد أن يكرمه أكثر شيئا ً ما ، فيعطيه وراثة حبيبه كالذى عنده الحُمّى ، فقال فيها : ( الحُمّى نصيب المؤمن نار حهنّم ) ، فالذى مرض بالحُمّى مرّة ، فقد أخذ نصيبه من نار جهنّم ، فيأتى له بالمرض ليطّهره ، فلمّا يأتى لقاء الله يخرج نظيفا ً ليس عليه أى ديون لله عزّ جلّ ، والحسنات باقيات عند رفيع الدرجات عزّ وجلّ .
مازال خائفا ً لأنه يعلم ما فعله ، فإذا كان فى اللحظات الأخيرة بعد مايقف اللسان فيكشف حاله عند الحنّان المنّان â فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ á (22 ق ) فساعة مايرى ، نراه يضحك ويبتسم ووجهه يشرق وينور .