• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

1 يناير 2001

قبس من معانى سورة الزمر

المفتاح الذى سيفتح لك الجنّة هو أن تحب رسول الله أكثر من كل ماذكرنا : أكثر من مالك وأولادك وزوجتك ونفسك .. فيكون هو أغلى شيئاً عندك صلوات الله وسلامه عليه .هذا هو الذى سيسوقك إلى الجنّة ويدفعك إلى أعمال أهل الجنّة والأبواب المفتوحة فى الدنيا والتى من دخل منها دخل الجنّة وهى أبواب الأعمال الصالحة ، ولذلك سأبيّن بياناً شافياً فى الآية

شارك الموضوع لمن تحب

قبس من معانى سورة الزمر

بسم الله الرحمن الرحيم :

الحمد لله على نوره القديم الذى ملأ به كل قلب ٍسليم ٍ ، وبدن ٍ مستقيم ٍ، والصلاة والسلام على نور الله الدال على الله وشمس الحق المشرقة بنور هداه ، وحيطة القرب ، وبحر الحب ، ومحيط العلوم الإصطفائية ،وساقى عباد الله المتقين بالأنوارالبهيّة كاسات الوصال الأبدية ومعانى العلوم القرآنية ، كنز العطية ، وزخر هذه الأمة التقية النقيّة ، سيدنا ومولانا وعظيمنا محمد بن عبد الله وآله وأصحابه ، وكل من دخل فى دائرة توحيده إلى يوم الدين … آمين … أما بعد :

يا إخوانى ويا أحبابى بارك الله عزّ وجلّ فيكم أجمعين .. كانت مائدة الله تبارك وتعالى التى أنزلت اليوم لنشرب منها رحيق القرآن ونغترف منها فيض حضرة الرحمن آيات بينات أرجوا ان تصغوا لها بآذان قلوبكم ونحن جميعا ًوالحمد لله من أهل هذه الآيات ، ونحن جميعا ًبفضل الله كتبت لنا هذه النفحات والهبات ، فأبشروا بفضل الله عزّ وجلّ ..

يقول الله لنا فى هذه الآيات ليفرّحنا ويبشّرنا : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ  )(73 الزمر) .

سأبين على قدرى بما يشرح الله به صدرى وعلى قدر المقام الذى نحن فيه ذرّة من معانى هذه الآية القرآنية ، لأن معانى كلام الله لاحدّ لها ولا نهاية لها لأنها معانى أسماء حضرة المتكلم عزّ وجلّ .

فما الذى سيسوق المتقين إلى الجنّة ، وأين الجنّة وأبواب الجنّة ؟

الذى سيسوق المتقين إلى الجنّة ويدفعهم إليها ليس الملائكة ولا حملة العرش ولا المقربون ، وإنما الإيمان الذى قذفه فى قلوبهم رب العالمين عزّ وجلّ هذا هو الذى سيدفع الواحد إلى الجنّة لذلك الحبيب صلوات الله وسلامه عليه يحدد ببيان صحيح مفتاح الجنّة.. ماذا .. ماذا يا رسول ؟ .. من .. قال : ( أنا مفتاح الجنّة ) يعنى ماذا .. لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، من ينطق بها تفتح له فى الحال أبواب الجنان ، ليس هناك بل هنا على طول ، لذا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه لم يقل مفتاح الجنّة ( لا إله إلا الله ) ، لأن الكل يقول لا إله إلا الله ، ولكن العبرة بمحمد رسول الله : â وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُá (25 لقمان)

     لا يوجد أحدٌ ينكر وجود الله ، الكل يعترف لأن الله يتكلم عن الكافرين ، لكن المشكلة فى ماذا ؟ .. فى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولماذا نذهب بعيدا ً، هل إبليس أنكر وجود الله ، لا بل إنه شديد الإيمان بالله ، بل إمتنع عن السجود لآدم بأمر الله وتعلل بأنه لا يسجد إلا الله ـ وكيف أسجد لواحد غيرك .

حتى أنه لما توعد ذريّة آدم قال : ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)( 82،81ص) ، ونحن هُمْ والحمد لله ، يقسم بعزّة الله ، وطلب من الله أن يؤخر وفاته ، وطلب منه وقال أنظرنى إلى يوم يبعثون ، لماذ إذن طَُرَدِ من رحمة الله .. لأنه لم يقرّ ولم يعترف بالخليفة الذى خلقه الله ، ومن أجل هذا حضرة النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا مفتاح الجنّة ) فمن يسلمّ سيدخل الجنّة ، لأن الكل مسلمّ 🙁 وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) ( 83 آل عمران) ، هل هناك أحدٌ لم يسلمّ لله ، الكل مسلمّ لله  فكل من فى السماوات ومن فى الأرض إن شاء أو أبى ، فإنهم يسلمّون لله … إنما أبعده لأنه لم يسلّم للعبد  الذى أقامه الله .. فهذه هى حقيقة الإيمان بحبيب الله ومصطفاه .

ولذلك حضرة النبى صلوات الله وسلامه عليه يحكى لأصحابه فى يوم ٍ ويقول لهم  ـ وسأقول لكم الحديث حتى نأخذ بالنا منه ـ قال : ( بينما أنا بين النوم واليقظة ، إذا بكبْكبْةٍ من الملائكة تنزل من السماء ، فقال : بعضهم إنه نائم ، وقال : البعض الآخر تنام عينه ولا ينام قلبه ، فقال البعض الأول : بما تُشبّهُونَه ؟ ـ وفى روايةٍ أخرى  ما مثله فى أمته ؟ ـ  فقالوا : مثله فى أمته كرجلٍ بنى بيتا ً وصنع عرسا ً وعمل وليمة ، وأرسل يدعوا الناس إليها فمن أجاب الداعى دخل المنزل وأكل من الوليمة ، ومن لم يجب الداعى لم يدخل المنزل ولم يأكل من الوليمة ، فقالوا فسّروها له يفقهها ..  قالوا : فالدار هى الجنّة ، وصاحب الدار هو الله عزّ وجلّ ، والداعى محمد صلى الله عليه وسلم .. فمن أجاب محمداً دخل الجنّة ومن لم يجب محمداً لم يدخل الجنّة ) فمحمد طرف بين الالناس والفرق بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّّم â يَا أَيُّهَا الَّذِينَ  آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ á (24 الأنفال) ـ لم يقل إستجيبوا لله وكفى .. لماذا ؟ لأنه كيف يستجيب لله ـ نسمع ممن ؟ .. من رسول الله  ـ  فقال إستجيبوا لله وهذا واحد ، وللرسول وهذا إثنين ـ وبعد ذلك قال إذا دعاكم ولم يقل إذا دَعَوَاكُمْ ، لأن الداعى واحد وليس إثنين ، هذا دعاكم لما يحييكم ألسنا أحياءاً الآن ؟ .. لا إنها الحياة الإيمانية ، والحياة الإيمانية لا تكون إلاّ بعد الإستجابة للحضرة المحمّدية .

فمفتاح الجنّة هو رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، الإيمان به والتسليم له وحبّه وطاعته ، ومتابعته والعمل على نشر سنته فهذا هو مفتاح جنّة الله لكل عبدٍ من عباد الله عزّ وجلّ ، وليس مفتاحا ً أضعُه فى جيبى وأفتح به .. وأين الجنّة .. وأبواب الجنّة ؟

الناس كلهم يظنون أن الجنّة سندخلها بعد أن نموت ، ويأتى العرض والحساب وبعدها نكون من أهل اليمين أو من المقرّبين ، بالرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلّم أوضح لنا كل شيء ٍ، ولا أدرى كيف يسمع الناس الأحاديث الواضحة ولا ينتبهون .. بمعنى .. مثلا ً: من الأحاديث التى نحفظها جيدا ً( إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا ) .. هل هذه الريّاض فى الآخرة ؟ .. قال : لا .. إرتعوا يعنى إجلسوا ولا تتعجلوا .. قالوا وما رياض الجنّةِ يارسول الله ؟ .. تارة ً يقول حِلقُ الذكر، وتارة ً يقول مجالس العلم ، وتارة ً يقول مجالس القرآن .. إذن كل هذه روضات الجنّة .. إذن أين نحن الآن ؟ .. فى الجنّة :

( فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ) ( 10، 11،12 الغاشية ) وهذه جنّة من جنان الله عزّ وجلّ .واحد من إخوانّا يقول نحن فى الدنيا ، نقول له إذن نسأل الله : وما الدنيا ؟

 قال الله لنا : الدنيا خمسة أشياء .. إتعلّموها .. وربنا هو الذى هو الذى يقول :  ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) ( 20 الحديد) فالدنيا خمسة أشياء :

يعنى إذا كنتُ فى مجلس لهو ٍ ـ  إذا أنا كنت ألعب كوتشينة ولا ّ دومينو ولا ّ طاولة ولا ّ شَطَرَنْج ولا ّكورة ـ

إذن انا فى الدنيا … إذا كنت مشغول شغل كامل باللبس وتسريحة الشعر والَفَرْشْ والأثاث والرياش وهذه هى كل حياتى ، وكلما جلست مع أى فرد ٍ أسأله : هذا القميص كم سعره ، وأين فصّلت هذا الجلباب ، وكل شُغِلى الشاغل هذه الزينة … إذن أنا فى الدنيا .

إذا كنت أنا أجلس فى مجلس وأقول أنا أكسب كذا وكذا ، وأنفق كذا وكذا ، وأعمل كذا وكذا ، وأولادى فلان كذا ، والثانى كذا والبنت كذا .. هَمِّى كله أننى أفتخر بمالى وأولادى .. إذن أنا أين ؟ .. فى الدنيا .

لكن أنا فى بيت الله أصلىّ لله ، هل الصلاة من هذه الخمسة ؟ .. لا.. إذن أنا فى الآخرة .. فى الجنّة .. أنا أذكر الله .. إذن أنا أين ؟ فى روضة من رياض الجنّة .. أتلو كتاب الله .. فأ نا فى روضة من رياض الجنّة.

أعمل عملا ً من أعمال البِّر والخيْر .. فأنا فى روضة من رياض الجنّة ، وإن كنت هنا ، أو فى الطريق ، أو فى السوق ، أو فى أى موضع .. المكان الذى أنا فيه باب مفتوح بينى وبين الجنّة مباشرة ً.

ولذلك حضرة النبي صلى الله عليه وسلّم لما سألوه عن أبواب الجنّة الثمانية ، وكلكم حافظين ، وأنتبهوا للحديث ، قال:  ( باب الصلاة ، وباب باب الصيام وباب الزكاة وباب الحج … ) هذه أبواب الجنّة التى ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلّم  هذه الأبواب هنا أم هناك .. الناس تخيّلت أن باب الصلاة باب مثل باب المسجد ومكتوب عليه باب الصلاة ..كيف يا أخى؟  الباب هنا أى عندما تصلىّ لله إذن أنت قد فتُحَ لك باباً من أبواب الجنّة .. عندما تصوم لله يكون قد فتح لك باب الريّان لأنك صائم .

( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا  )(73 الزمر) ، لقد قلنا إن ما الذي سيسوقهم إلى الجنّة ؟ .. قلنا الإيمان ، والذي سيفتح لهم حبّ النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه ، ولذلك قل : ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ومن ولده والناس أجمعين ) .. هل هناك بعد هذا القسم شيءٌ آخر يا إخوانى .. لابد أن يكون أحب عليك من نفسك التى بين جنبيك .

سيدنا عمر قال له يارسول الله إنى أحبك أكثر من كل شيءٍ إلا ّ نفسى التى بين جنبى .. قال : لم يكمل إيمانك يا عمر .. فقال والله يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شيءٍ حتى نفسى التى بين جنبى ، قال له : الآن يا عمر.. الآن يا عمر.. الآن يا عمر .

المفتاح الذى سيفتح لك الجنّة هو أن تحب رسول الله أكثر من كل ماذكرنا : أكثر من مالك وأولادك وزوجتك ونفسك .. فيكون هو أغلى شيئاً عندك صلوات الله وسلامه عليه .هذا هو الذى سيسوقك إلى الجنّة ويدفعك إلى أعمال أهل الجنّة والأبواب المفتوحة فى الدنيا والتى من دخل منها دخل الجنّة وهى أبواب الأعمال الصالحة ، ولذلك سأبيّن بياناً شافياً فى الآية ..

 كيف سيدخلون الجنّة يارب ؟ ..

نحن نعلم أن الحساب لكل واحد وحدَهُ .. قال : لا ..

( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا  )(73 الزمر) .. بمعنى جماعات ، كل جماعة مع بعض .. كيف ؟

سيدنا رسول الله وضّحها لما سأله الرجل : يا رسول الله متى الساعة ؟ .

قال : وما أعددت لها ؟ .. فقال : ما أعددت لها كثرة صلاة ولا كثرة صيام .. ولكنّى أحب الله ورسوله ..

فقال صلى الله عليه وسلم : يُحشرُ المَرْءُ مع من أحبّ يوم القيامة .

 فكلّ أمة ٍ ستدخل هى ونبيها مع بعض إلى جنة الله عزّ وجلّ .

                                 

                                     وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم


 

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid