• Sunrise At: 5:04 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

1 يناير 2001

وجوب الشيخ لمن أراد الفتح

,

شارك الموضوع لمن تحب

السؤال: في العصور السابقة كان المريد يذهب إلى الولي فيقول له الولى أنا شيخك، إسمك معى فى الكشف الذي أعطاه لي سيدنا رسول الله e، أو يقول له: لست شيخك إسمك ليس معي إذهب إلى الشيخ فلان إذهب إلى مكان كذا فستجد فيه شيخك أما الآن فلا يوجد هذا الأمر حيث مررت على العديد من الطرق الصوفية وقابلت الكثير من المشايخ والصالحين واستفدت من بعضهم ولم أستفد من الآخرين وللأسف أشعر أن ما مضى من عمرى ضاع هباء وأنا شديد التعلق بطريق الله ورسوله e، دلني بالله عليك على شيخي حتى أستريح، هذا أولاً، أما ثانياً فهل لابد أن يكون شيخي هو قطب الزمان وأين قطب هذا الزمان الذي نعيشه الآن بارك الله فيك؟

الإجابة: أولاً ما قاله أخي بأن الشيخ يقول للمريد أنت اسمك عندي في الكشف ليست هذه قاعدة كانت تطبق على كل المريدين ولا في كل الأحوال بل هي أشياء وأحوال خاصة نبينها على قدر الصالحين وعلو شأنهم عند الله U لكن لم نسمع أن أحداً من المشايخ يقول لأحد من تلاميذه أنت عندي في الكشف ولكن هذا للبعض القليل وهناك الصادقين الذين يدلهم الله على أشياخهم، فقد قال سيدي أحمد بن عطاء الله السكندري t إذ لم تجد شيخك فأكثر من الدعاء وخاصة في السجود وقل: “اللهم دُلني على من يدلني عليك”، وهذا هو الطريق الذي سلكته أنا فكنت أطوف على الصالحين وأدعوا بهذا الدعاء، “اللهم دلني على من يدلني عليك” وقد ذهبت لكثير منهم وكان كل واحد منهم يتعلل بعلة فأعرف أنه ليس شيخي إلى أن أراد الله لىّ برؤيا منامية حيث كنت يوماً أتحدث مع جماعة وكان الحوار حول الإمام أبو العزائم t وفي هذه الليلة عندما ذهبت للنوم فرأيت فى منامي فى هذه الليلة الإمام أبو العزائم t ولم أكن قد رأيته من قبل فعرفت أن هذه توصية من الله تعالى بأن هذا هو شيخي وبعد ذلك سافرت إلى محافظة قنا وكان تعييني في أرمنت وكنت جالساً مع بعض من إخواننا في ليلة وكانوا يتكلمون عن شيخهم من خلال الشيخ أبو العزائم وهو الشيخ محمد على سلامة t فرأيته فى هذه الليلة أنه نظر إلىّ وقد أطال النظر إلىّ حتى أنني قد غبت عن نفسي ورأيت أنني أرتقى فى الملكوت الأعلى وسمعت قائل يقول لكل أمة نبي وهذا الرجل نبي هذه الأمة، فعرفت ثانية أن هذا هو شيخي، فلم أذهب إليه ليقول لي إنك مثبوت عندي فى اللوح المحفوظ أو في الكشف الموجود عندي ولم يحدث هذا ولكن أن يُظهر إشارة للمريد أن هذا هو الطريق السديد الرشيد الذي يوجهه إليه سيد العبيد e وهذا هو كل ما في الأمر، وإما شيخه يكاشفه وهنا وضع خاص لظروف معينة لا يتسع الوقت لشرحها وإما أن يكاشفه الله مناماً وإما أن يشرح الله صدره لهذا الأمر ويرتاح إليه قلبه ويجد فيها فتح أم ماذا تريد بعد ذلك، وهذه مثل صلاة الإستخارة، وهل أننى عند صلاة الإستخارة لابد أن أرى في المنام؟

كلا، ليس هذا شرط، فالحديث لم يقل أنك لابد أن ترى شيئاً ولكن إذا إستراح صدرك لهذا الأمر الذي استخرت فيه تعرف أن هذا الموضوع صحيح وتمضي فيه، وأنا أيضاً سرت فى هذا المنهج نهج هذا الرجل وقد فتح الله علىَّ واستقام حالي وأهم شيء الإستقامة وليس الموضوع كما يظن البعض أن يعرف أنه الطريق على صواب عندما يرى يوماً الجن والملائكة والناس ذاهبة وآتية ويرى اللوح المحفوظ وإلا فهذا طريق غير صحيح ولكن هذا حال أهل الكمالات وأنت مازلت في البدايات فكيف يكون ذلك ولكن الدليل على صحة الطريق الذي تسير فيه أن يوفقك الله للإستقامة فتجد ان أخلاقك قد تغيرت وأحوالك قد تبدلت وقد صارت سلوكياتك كلها صارت على المنهج السليم القويم فيكون هذا هو الدليل على أن هذا الطريق هو طريق الفتح وأن الله قد فتح لك هذا الطريق وتسير فيه حتى يفتح الله لك الباب ويعطيك المنح وهذه المنح تأتي بفضل الله U يعطيه من يشاء: } يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم { [الآية، وهذه الأمور يا إخواني هى التى يعرف بها الطريق السديد وبهذا يكون عندنا أمر من ثلاثة أمور .. الأمر الأول إما أن يقول له الشيخ أو ينوه له أو يشير إليه ويكفى كما يقول الصالحين إذا قال لك الشيخ: يا بني فهذا دليل على أنك من أبنائه وهنا ينتهى الأمر، فليس كل شيء في الغيب يحتاج تصريح فلا ينفع هذا الأمر وإلا فصول العارفين ستصير كفصول المدارس وكل واحد يعمل كشف ويعلقه على باب حجرته ومن يجد نفسه فى الكشف فيستأذن ويدخل وإن لم يجد إسمه مكتوب يذهب إلى مدرسة أخرى وهذا الأمر لا ينفع فلا يكون الغيب على الملأ ولكن هناك ظروف معينة وخاصة وهى التى تجعل بعض الصالحين يبيحون بمثل هذه الأمور وهذه الأسرار والأسباب لإباحة الأسرار تكون كثيرة ولا أستطيع عدها لأنها أسباب كثيرة منها أن يقول الشيخ له لست مريداً لأنه يرى أنه لا يصلح لطريق القوم أو يقول له أنت لست مريدي لأنه لا يصلح لأن يكون مريد، والرجل الصالح الذي جلس عنده مريداً فترة من الزمن وكان يعطيه أوراداً ويعطيه توجيهات ونصائح ولم يجد منه فائدة فقال له فى النهاية هل تحفظ البيت الذي يقول:

إذا لم تستطع شيئاً فدعه

وجاوزه إلى ما تستطيعه

فقال المريد: لا أحفظه، فقال له الشيخ: احفظه واعمل به، فسأل المريد رجل آخر فقال معناه أن تتركه إلى مكان آخر فإنك لم تنفع معه.

لكن الأمر أن يقول له الشيخ وتلك حالات نادرة وخاصة ولكن الطريق المستقيم أن يستخير الله وعند الإستخارة أسأل أنه يريه شيئاً منامياً أو أن يريه في اليقظة … يريه إستقامة أو فلاح أو صلاح في سلوكه حتى يعلم أن هذا الطريق الصواب وهذا هو الطريق الصحيح المضمون الذي يسير عليه الصالحون y وأرضاهم.

وإجابة الشق الثاني من السؤال هل هذا الرجل الصالح الذي سأسير معه هل هو قطب الزمان أم لا ومن أين أعلم أنه قطب الزمان أو قطب المكان أو قطب الأوان ولكن كل الذي يهمني أن يكون هذا القطب الذي أسير معه وسوف أدور حوله وأتلقى منه وآخذ عنه – والآن ما هو النجم الأعظم الذي يدور حوله الكون فليس هو الشمس فإن هناك نجم أكبر في مجرة التبانة وهذه لا تأتي  ولا تقدر بذرة فى المجرات الأخرى ولكن المهم إن الجاذبية التى تشدني نحوه وتجعلنى أدور حوله فلا يلزمني بعد ذلك نجم آخر أو ثان أو ثالث أو رابع، هل أن الأرض تستطيع أن تقول ما هو النجم الأحسن حتى أذهب إليه وأدور حوله؟ لا يمكن ولكن الجاذبية هى التى تشدها لتدور حول نجمها وبهذا ينتهى الأمر ويتضح المقال.

فالقطب الخاص بك هو الذي عنده الجاذبية الروحانية التى تشدك إليه وتجذبك نحوه ويشدك إلى الله ورسوله عن هذا الطريق وهذا الباب أو عن هذا المجال فأنت قد أكرمك الله وعرفت هذا القطب أو هذا الشيخ وسرت معه وأتاك فتح فإذا كنت تريد سرعة الفتح ودوام القرب فعليك عدم التشكك فيه أو البحث عن غيره وتبدأ الطريق من البداية لأنك عندما تذهب إلى غيره وتبدأ الطريق من البداية فستظل عمرك كله تبدأ من البداية ولن تصل إلى ما وصل إليه أهل النهاية أبداً، لماذا؟ لأنك لم تسير فى الطريق الواجب على المؤمن والمريد أن يسير فيه، لكن إذا عرفت شيخاً فعليك ان تسير في طريقه.

أضرب مثال، إذا كنت أنا أريد أن أُحضِّر الدكتوراه فإذا كان الأستاذ المشرف معتمد في جامعة رسمية وعندما أسير معه حتى النهاية سوف أحصل على الدكتوراه وبهذا أكون قد وصلت إلى بغيتي ومرادي، ولكن إذا أنا سرت معه فترة من الوقت وأعطاني توجيهاته وكتبت ثلاثين صفحة من البحث وبعد ذلك قلت في نفسي أنا أريد أن أعرف أستاذ أحسن منه وأمكن منه، إذاً فسوف أبدأ من من جديد وسوف يعرض عليه وهل سيوافق عليه أم لا، وأبدأ مرة أخرى آخذ الطريق من بدايته وسوف أرجع مرة أخرى أفكر في أستاذ غيره وسوف يحدث نفس الأمر، إذاً متى سوف أحصل على الدكتوراة؟ لن أحصل عليها أبداً وذلك هو نفس الأمر، فإذا كان الشيخ الذي أنا معه معتمد من الحضرة المحمدية ومعه الصلاحيات النورانية لتوصيل المريدين إلى حضرة القرب من الذات العلية عند ذلك لا يجب أن أبحث عن غيره فمرادي وطلبي هو الوصول إلى الله فكوني أصل عن طريق فلان أو عن طريق فلان ليس هذا شرط لأن الذي ليَّ عند الله طريق مقسوم وحظ محتوم فلا يوجد شيخ سوف يُزيد لىَّ في نصيبي ولا شيخ ينقص من رصيدي فما كان لي سوف أحصل عليه ولكن الموضوع كله أن أستمر معه حتى يوصلني إلى ما هو لي عند الله لكي آخذ قدري وحظي الذي هو من باب: } يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم { [الآية، ولذلك نحن نسمع عن مشايخ مشهورين من المشايخ العظام وإذا نظرت لشيخ هذا الشيخ العظيم ماذا كان قدره تجد أنه غير معروف، لماذا؟ حتى يعرفك أن العبرة ليست بالشيخ، ولكن المهم أن يكون الشيخ معه صلاحية القرب من رسول الله e.

بمعنى وعلى سبيل المثال من منكم يعرف شيخ الشيخ السيد أحمد البدوي، هل هناك أحد يعرفه؟ لا نعرفه لأنه لم يصل لشهرته.

وهل منكم أحد يعرف شيخ الشيخ سيدي إبراهيم الدسوقي؟ لا تعرفوه أيضاً لأنه لم يصل إلى شهرته، لأن لو كان الشيخ لابد وأن يكون أعلى من المريد بإستمرار لكانت رتب الولاية في إندحار إلى يوم القرار لأن الذي يأتي لابد وأن يكون أقل من الذي قبله أليس هذا صحيح؟

ولكن هذا ليس له شأن بهذا، فمن الذي علَّم سيدنا رسول الله e؟

سيدنا جبريل، ولكن من أعلى في المقام وفي القدر؟

إذاً يا إخواني ليس هذا شرط أن يكون الشيخ أعلى ولكن كل الموضوع وما فيه أن كل منا له أمانة عند الله U والشيخ يظل معه حتى يجلى قلبه ويزكي نفسه ويطهر فؤاده ويؤهله لنيل هذه العطية التى هي مدخرة عند الله له ومخصوصة له منذ الأزلية لأنها عطية منذ الأزل، فهو كل الموضوع أنه يستمر معك حتى يوصلك ويؤهلك لتلقى العطية وقد قالوا في ذلك ” إن الشيخ مثل ولي اليتيم يحفظ له رأس ماله ويطعمه منه ويكسيه منه ويسقيه منه حتى إذا بلغ يقول له هذه أمانتك ويعطيه إياها” ولا يشترط أن يكون الولي أغنى من اليتيم فيجوز أن يكون اليتيم أغنى منه ولكنه حافظ له على أمانته: } فارزقوهم منها واكسوهم حتى إذا آنستم منهم رشدا { [الآية

فيقولوا له هذه هي أمانتك وهيا توكل على الله بأمانتك التى جهزها لك الله وأعدها لك، أما نحن جميعا كما قال الله تعالى: } وما منا إلا له مقام معلوم { [الآية

كل واحد له مقام معلوم عند الله بما إدخره الله U له إذ ليس شرطاً أن يكون شيخي قطب الوقت ولا غيره ولكن الناس الذين يشغلون أنفسهم بهذا الكلام قطب الوقت من يكون؟ وما شكله؟ ومن هم الأبدال؟ ومن هم الأقطاب؟ ومن هم الأوتاد؟ ومن هم الأنجاب؟ وكل هذا سفسطة وشهوة نفس يريد أن يُعَّرف الناس أنه رجل عَرِف الصالحين ومُطَّلع على أحوالهم ومن المقربين، ولكن هذه أسرار الحضرة العلية ومن عرفها فلن يبيحها إلا بإذن من سيد البرية، ولكن كل الذي يهمني أن يكون الشيخ واحد ممنوح الفتوح ومأذون له من المصطفى e إنه يوصل القوم إلى الله U فإن وصلت إلى هذا الرجل فلا يهم بعد ذلك إن كان أُميَّ لا يقرأ أو لا يكتب أو كان معه ابتدائية أو إعدادية .. لا تهمني كل هذه الأمور المهم أنه معه الإذن من سيدنا رسول الله e عندها أسلم نفسي له مادام هو على شرع الله وأنا لا أقبل منه إذا خرج عن الشريعة فإذا خرج عن الشريعة طرفة عين عندها أقول له: } هذا فراق بيني وبينك { [الآية، لأنه لا يوجد شيخ يخرج عن شرع الله U طرفة عين أبداً.

الأمر الثاني أن المريدين يقولون إن شيخنا هو القطب وأن شيخكم هو الوتد .. هذا الكلام كله ليس لنا شأن به، نحن على رأى بعض إخواننا أننا مازلنا عساكر في مركز التدريب فمن الذي يدريني أن اللواء فلان أقدم من اللواء فلان أو الفريق فلان أفضل من الفريق فلان ونحن مازلنا عساكر في مركز التدريب.

فما هو الداعى للكلام في هذه الأمور لأن هذه الموضوعات خارج نطاق مقايسنا لأن الأفضل فيهم والأكرم لا يعلمه إلا الله U ولكن كل ما في الأمر أن هذا هو بابي الذي سوف يوصلني إلى مواردي التى إدخرها الله لي وبذلك ينتهى الأمر حتى إذا عرفته إنتهى الأمر، حتى إن الإنسان لا ينال الفتح إلا إذا إكتفى بشيخه عن الأحياء والأموات فلا يرى أحداً فى الأحياء ولا في الأموات سوف ينفعه إلا هذا الرجل أما إذا ظل ينظر إلى هذا وذاك ويريد أن يذهب لهذا الشيخ أو لذاك العالم فهذا لن يكون له نصيب فى هذا الفتح وهذه هي حكمة الله U فيجب عليه أن يرى ويعتقد كل أمره متعلق بهذا الرجل وهذا الرجل يسير بأمر الله وببركة توجيهات سيدنا رسول الله e .. أعتقد أن هذا واضح يا إخواني.

السؤال: هل إذا أوصى الشيخ قبل وفاته بشيخ آخر فما العمل؟

الإجابة: إذا الشيخ أوصى بغيره قبل مماته فقد أراح المريد وعلى المريد أن يبادر ويسارع إلى تنفيذ ما وصى إليه الشيخ، ولكن إذا لم يوصى الشيخ وترك الأمر على المشاع فينظر إلى من هو أقرب الناس شبهاً بالشيخ وسلوكيات الشيخ وأعمال وأحوال الشيخ فيحاول أن يتخذه له قدوة لأنه أقرب الناس إلى شيخه فسيكون هو مشربه ونفس المشرب وليس عليه أن يغير مشربه بالكلية لأن هذا يكون تغييراً كلياً، فهذا يشبه تغيير الأستاذ ولكن في نفس الفصل، ولكن إذا ذهب إلى فصل آخر فى نفس المدرسة فسيحتاج إلى تغيير المنهج كلية وهذه المناهج من الجائز ألا تلائمه فسيدخل فى متاهات أخرى.

السؤال: هل لابد من الشيخ؟

نعم لابد من الشيخ لمن أراد الفتح من الله ولكن من كان يريد الجنة أو يريد النجاة فهذا يكفيه أن يعمل بكتاب الله وسنة رسول الله e وينتهى عما نهاه عنه فهذا سوف يدخل الجنة ولكن الشيخ لمن أراد الفتح أو أراد الفضل فهذا لابد له من شيخ.

السؤال: هل الشيخ يصف الطريق للمريد؟

الإجابة: لا، الشيخ يأخذ بيد المريد إلى الله، أما الذي يصف الطريق فقط لا ينفع أن يكون شيخاً لكن لابد أن يأخذ بيده، ولذلك قال الرجل الصالح: “ليس شيخك من يدلك على الله ولكن شيخك الذي يوصلك إلى الله” يعنى أنه يأخذ بيدي حتى يوصلني إلى الله U.

فمثلاً إذا كنت ذاهب إلى القاهرة أريد أن أصل إلى بيت فلان فإذا وصف لي الطريق فأنا سوف أتوه بعد ذلك فى الطريق ومن الجائز أن أظل أربعة أيام ولا أصل إلى العنوان – ولكن الشيخ يأخذني من يدي حتى يقول لي: ها أنت وربك، فهذا هو الشيخ الذي يوصلني، وليس من يدلني على الله U، ولكنه سوف يظل معي حتى يوصلني إلى الله U فكيف إذاً يأخذني من يدي .. لا يكون ذلك إلا إذا سلمته القياد، ولكن أنا لا أريد أن أسلم القياد فكيف يأخذني من يدي وأنا لم أسلمه؟ فيجب علىَّ أن أسلم القياد لهذا الشيخ، هذا لمن أراد الفتح، أما من كان يريد النجاة والأمان يوم اللقاء فيمكنه يا إخواني أن يكتفي بشرع الله والعمل به وهذا كما قال e فى الحديث: {الصلوات الخمس إلا أن تتطوع، قال: لا أتطوع، وصيام رمضان إلا أن تتطوع، قال لا أتطوع، فقال e: أفلح إن صدق}

فهذا سيدخل الجنة إن شاء الله وعلى بركة الله ولكن من أراد الفتح أو أراد الكشف أو أراد الإلهام أو أردا الفراسة أو أراد رؤية الحبيب المصطفى وجنات الوصال أو أراد جنات الكمال أو أراد مراتب الأبدال فهذا عليه بالشيخ.

السؤال: نحن المريدون تحِن أنفسنا إلى الشيخ ولا زلنا نبحث عن الشيخ ولن يجد كل منا رؤيا في الشيخ فكيف يكون الوصول؟

الإجابة: قد تكلمت سابقاً أن أدعوا الله دائماً وأقول: “اللهم دلني على من يدلني عليك” وقد قلت من أجد روحي معه ومن سوف أتمتع بوجودي معه وأشرب منه وأتغذى منه ووجدت فيه شيء من الفتح فى متابعتى له فهذا هو الدليل، وسيزداد الفتح بعد ذلك ويقول الله U: } ولئن شكرتم لأزيدنكم { [الآية

وهذا يكون أيسر طريق فأنا أرى في هذا الباب فتح لي فهذا طلبي ومرادي وقد قال e: {من بورك له في شيء فليلزمه} فإن رأيت في هذا الباب بركة علىَّ أن ألزمه حتى هذا في الرزق الظاهر فمثلا إن ربنا وفقني في عمل ووجدت فى العمل بركة فعلىَّ أن ألزمه ولكن متى أتركه؟ عندما أجد فيه مشاكل ومشاغل ولم أجد فيه بركة فعلىَّ أن أتركه وهذا مثل والظاهر مثل الباطن.

فمثلاً إذا أنا ذهبت إلى دكتور – المشايخ مثل الأطباء موضوع عقيدة – وربنا شفاني على يديه والتعب الموجود عندي زال على يديه فلو حاول أحد أن يثنيني عنه إلى غيره فلن أتحول عنه، لكن لو أنا صدقت غيري بأن هناك من هو أحسن منه أو أمهر منه ومشيت وراه سوف أتعب لأن الدكتور الأول جايز يكون دكتور أصغر ولكن هو الذي ألهمه الله بسر المرض الموجود عندى وأعطاني العلاج فعند ذلك ينتهى الأمر وهذه أسرار جعلها الله U فى يد من يشاء من عباده كما قال سبحانه: } وإذا مرضت فهو يشفين { [الآية، وهذه هي نفس الحقيقة ف الطب الروحاني وطب القلوب وطب النفوس، فالعارفين والصالحين أطباء القلوب وأطباء النفوس.

وإذا ذهبت لشيخ من مشايخ الوقت لكن الدواء الذي وصفه لى لم ينفع معي ووجدت أن هناك شيخ آخر مسكين ولكن علاج نفسي عنده فهذا هو باب فتحه الله لي –لأنه لا يوجد شيخ واحد يستطيع أن يجمع العالم كله في يديه وأيضاً لا يوجد طبيب واحد يستطيع أن يعالج كل الناس فكانت حكمة الله U أن أعطى كل واحد خاصية وميزة والميزة هذه توافق وتطابق فلان وفلان حتى يسيروا معه حتى يستطيعوا أن يسعوا الناس جميعاً. لكن هل يستطيع طبيب باطنى واحد أن يعالج كل الناس فى القاهرة فمتى يكون ميعاد الكشف عنده ومتى يكون الحجز بعد خمسة أعوام أم أكثر فهناك فى القاهرة عشرون مليون وإذا أضيف إليهم الذين سيأتون من الأقاليم ولكن الله نوع وغير وجعل عند كل واحد ميزة – وتشخيص المرض إلهام وتوفيق من الله قبل كل شيء.

وهناك أستاذ كبير يخطأ فى التشخيص ليعلم أنه عبد خطاء فيلجأ إلى الله فيعلمه الله ويلهمه الله.

وبالنسبة للصالحين والعارفين لا يوجد منهم من يستطيع أن يغطى الناس كلها أعطى الله لكل منهم ميزته وخاصيته فإذا كنت تريد أن تجمع كل ميزة من كل واحد منهم فلن تفلح أبداً وستظل العمر كله تدور هنا وهناك وهذا مثل الذي يريد أن يذهب لكل الأطباء والمشهورين فبأي الروشتات يعمل. هل يستطيع أن ينفذ كل الروشتات؟ لا، لأنه لن يشفى أبداً ولكن عليه أن يلتزم بروشتة واحدة وعلاج واحد.

وأيضاً الذي يذهب هنا وهناك فهذا لم يسلك فى طريق الله أبداً ومازال يسير فى طريق معوج فهو كالذي يدور على الفاترينات ينظر هنا وهناك ويرجع للأولى ثم يذهب للثانية والثالثة والرابعة ولكن العبرة بمن سوف يدخل إلى المحل ويشترى ويدفع الثمن ثم يلبس الثوب .. هذا هو الأساس.

فلن يبدأ فى السير والسلوك إلا إذا إختار الشيخ وأخذ منه روحه وبدأ يسلم له تسليماً كلياً وهو يثق فيه فيفتح له باب الفتح من الفتاح U وهذا بالنسبة للمشايخ y.

السؤال: ما هو سر التناغم الروحاني في سلوك المريدين أثناء الحضرة العزمية وتلك الحركات النابعة من الواجدان نتيجة لإنفصال النفس عن الجسد الفانى وإتصالها بالملكوت الأعلى : هل هو من

  • الأشعار الصادرة من المنشد

  • الرتم الصادر من أيدي القائد الاوسط

  • الكلمات التى تصدر من الأمير.

الشق الثاني من السؤال: أم أنها مجتمعة تنطلق مباشرة لتمس قلوب المريدين فتختلف الإستجابة من متلقى لآخر أم ماذا؟

الجواب: يا إخواني الأساس كله فى أى فتح وفى أى إنشراح صدر وفى أى شعور الإنسان بإرتياح .. الأساس كله هو عزيمة الإنسان وهمة الإنسان .. لازم يكون الإنسان أولاً عنده العزيمة وكل هذا إن كان كلام المشايخ أو كلام المنشدين أو غيره أو غيره يعين الإنسان على بلوغ المراد، وحتى نفهم هذا الأمر لو أن واحد عنده نار ولكنها خمدت بعض الشيء ولكن نريد أن نشعلها .. ماذا نفعل؟ ننفخ فيها فتشتعل مرة أخرى ولكن لو أن أحداً عنده نار أطفئت وبددت فلو نفخنا فيها بقدر ما نستطيع فلن تشتعل، فلا بد للمريد أن يكون عنده نار المحبة ونار المحبة الموجودة فى باطن المريد، وعنده علو الهمة يريد أن يصل إلى شيء، فما الذي يجعل بعض المريدين يظلوا سنين ويقول أنا لم أرى شيئا ولم يتقدم لأنه ليس عنده علو همة فأنت ماذا تطلب فبعد أن كنت طالباً لله صرت طالباً للدنيا أو طالباً للمصالح أو تريد منافع فتحولت المطالب بالكلية ولكن من كان يريد الله U ويريد الوصول إلى فضل الله أو يريد أن ينظر ويرى بعض أحوال رسول الله الباطنية أو يريد أن يكون رجلاً من أهل هذه المعية عنده مأرب وعنده مطلب فهذا يحتاج إلى من يساعده أن يبلغه مراده، فكلما سمع عن شيء توصله إليه وتقوم نفسه تقوى عشقه حتى وهيمانه حتى يبلغ المراد حتى عندما يسمع كلام غير مألوف فهو بما عنده يحوره إلى كلام مألوف بمعنى عندما يكون الإنسان مشغول بأمر فإنه يترجم ما سمع من كلام على هذا الأمر.

كان هناك جماعة من الصالحين جالسين فى بغداد وسمعوا واحد ينادي على نوع من الأعشاب الطبية إسمه السعتربرى فالثلاة صرخوا فسألهم واحد من الناس لماذا صرختم؟ فقال الأول وكان يجاهد نفسه ولا يزال فى طور الجهاد وكان يطمع فى أن يعطيه الله شيئاً فعندما سئل: لم صرخت؟ قال: سمعت أنه يقول: إسعى ترى برى فلم يسمع كلمة سعتربرى ولكن سمع أسعى ترى برى فسمع على ما عنده: إسعى وجد حتى ترى برى.

وأما الثاني قد وصل به الأمر أنه كاد أن ييأس من فتح الله لأنه جاهد جهاداً شديداً وصار له زمن طويل فى الجهاد فلما سئل لم صرخت؟ قال: سمعته يقول: الساعة ترى برى، بمعنى أنك في هذه الساعة ترى وتشاهد برى، وكل واحد يسمع على حسب الذي عنده وعلى حسب الذي ما يسيطر على فؤاده وعلى قلبه، وأيضاً أذكر رجل من الصالحين كان معه بعض أحبابه –وقد عاشرت هذا الرجل- وكان فى هذه الأيام يغني عبدالحليم حافظ في الإذاعة فسمعه يقول: كامل الأوصاف فتنى، فصرخ الرجل وهاج وماج وظل يقول: كامل الأوصاف فتنى .. كامل الأوصاف فتنى ولكنه كان يتكلم عن معنى آخر وهو أن كامل الأوصاف عنده هو رسول الله e لأنه لا يرى كاملاً للأوصاف إلا رسول الله e وإن كان عبدالحليم حافظ يغنى على ليلاه ولكنه سمع اللفظ على الحبيب الأعظم e وهكذا يا إخواني عندما يكون الإنسان هو نفسه عنده الإستعداد فيكون الإستمداد يأخذ من كل واد فيكون أي شيء يقرب له المسافة تزين له القرب من الله U والوداد.

أما إذا كان عنده الصدود والهجران وأنت قد غنيت له على أطرب الألحان حتى ولو نزلت له ألحان من الجنان فلن تفعل معه شيء .. هل هذا الكلام مفهوم؟

فلا بد أن يكون عندي أولاً الإستعداد وما دام هناك استعداد فإن الإمداد يأتى من كل واد، صوت المنشد سيقوي الهيام .. صوت العارف سيزيد من العزام .. ذكر الله U سيبقى الهيام وهكذا كل شيء من هذه الأشياء ستنمى الشوق والغرام إذا كان الأصل موجود عندي وهو الرغبة والعلو فى الهمة والمزيد من الشوق إلى الله U وهذا هو الأساس ولذلك قال لنا الإمام أبو العزائم:

علوا عزائمكم هيا واعشقوا

لتشاهدوا عدن الجنان وحورها

ولكن إذا كان هناك واحد لا توجد عنده عزيمة فماذا أفعل معه؟ فمثلاً ابني فى الثانوية العامة ولكنه يقول أنا كفاية عليَّ أحصل على شهادة الثانوية العامة ولا أريد حاجة ثانية فأسأله: لماذا يا بني وأنا على استعداد أن أحضر لك دكاترة بدلاً من المدرسين وكل ما سيحتاجون إليه من أموال سأدفع لهم وهو ليس عنده استعداد للغة الإنجليزية وأنا وفرت له دكاترة اللغة الإنجليزية فى كلية الآداب ولكنه ليس عنده استعداد رغم أنى وفرت له الوقت وكل ما يحتاج إليه ولكن هو ليس لديه الإستعداد فماذا أفعل له وماذا يفعل له هؤلاء الدكاترة؟ لن يفعلوا له أي شيء ولكن إذا كان هو نفسه عنده الإستعداد وأنا لست متجاوب معه ويريد أن يأخذ دروس فى اللغة الإنجليزية وأنا أقول له ليس معى نقود للدروس حاول تصرف نفسك فسيذهب لزميل له ويسأله ماذا تأخذ فى الدرس ويستأذنه فى الحصول على أوراق لينظر فيها نظرة وهذا يدل على الإستعداد للفرد- الإمام الشافعى t كان رجل فقير ويريد أن يتعلم العلم ويصير عالما وليس لديه الإمكانيات لشراء الكتب فكان يذهب إلى من يبيعون الكتب وكانت الكتب مخطوطة في ذلك الوقت بخط اليد وكان يستأذن من صاحب المكتبة فى أن ينظر فى الكتاب ويقول له سأنظر فى هذا الكتاب وأنا بجوارك ويقرأ الكتاب فى وقت قصير ويقول للرجل صاحب المكتبة أنا لست فى حاجة إلى هذا الكتاب ويقول له إسمعه منى ويقرأ عليه الكتاب كله ولم يقرأه إلا مرة واحدة وكان يحفظه لأنه يعلم أنه لا يستطيع شراءه ويتركه فى البيت ليقرأ فيه كلما احتاج  إليه فهذا الدافع هو الذي يجعله يحفظه.

فمثلاً أنا إذا رأيت كتاب مع أحد وأعجبني سأستعيره منه ولن أنام حتى أقرأه كله حتى أعيده إليه ولكن إذا سألت عليه من أى مكتبة واشتريته يمكن يمكث هذا الكتاب عندي عشر سنين ولا أقرأه لأنه صار عندي فالإمام الشافعى كان يعلم أنه لا يستطيع أن يشترى الكتاب أبداً مهما كانت الظروف فكان يأخذ الكتاب يقرأه مرة واحدة ويحفظه، من أين هذا؟ من الإستعداد ولكن الثاني الذي لديه آلاف الكتب فى المكتبة وليس عنده استعداد وليس له رغبة يفتح الكتاب وإذا طلبت منه أن يقرأه يقول غداً أو بعد غد إلى أن يموت ولم يقرأها لأن الأمر يتوقف على الإستعداد عندها يتوقف الإمداد لأنه أصيب بمرض الفترة والغفلة والرقاد ثم يسأل ويقول أنا لم أرى شيء وأنا مع الشيخ منذ عشر سنين ولم أرى فتحاً لماذا؟ لأن استعدادك خمد ونام فماذا نفعل معه؟ فلازم الاستعداد يظل دائماً كما يقولون “يخلى السلاح صاحى” وسلاحه فى الفتح والقرب والاستمداد من الحضرة المحمدية يظل منتبه ويقظ دائماً ولكن ماذا نفعل له إن كان ليس عنده استعداد وهذا يعتمد كلية على الإستعداد الداخلى للإنسان.

السؤال: ما رأى مولانا فى الجلوس فى حلقات العلم والدروس الخاصة ببعض أهل الطريق والإهتمام بها بزعم أنها علم نافع، أليس هذا غير محبب ولو فى البدايات حتى تستقر محبة الشيخ في القلب؟

الإجابة: لقد إتفقنا يا إخواني كما قلت سابقاً من أراد الفتح فعليه التفريد والتوحيد – الشيخ عبدالوهاب الشعراني t له كتاب عظيم إسمه قواعد الصوفية ياريت إخوانا يقرأوه وإن كنا لخصنا كلام الصوفية فى هذا المجال فى كتاب أبواب القرب لمن أراد أن يقرأه فالكتب موجودة ولكن أرى أن أحداً لا يقرأها- يبين فيه أدب المريد مع شيخه وأدب الشيخ في نفسه وأدب المريد فى نفسه وأدب المريد مع إخوانه، الأشياء المفروض أن يكون عليها المريد فمن أدب المريد مع شيخه قال: كما أن الله U لا يحب ان يشرك معه أحد فكذلك الأشياخ لا يرضون أن يشرك معهم فى الحب فى القلب أحد لازم يكون هو أعلى الناس قدراً فى قلبك حتى يأتى إليك الفتح من الله U، وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلى t وأرضاه إحساساً بهذه النعمة يقول لأولاده لا نمنعكم من المشايخ وإذا وجدتم مشرباً أعلى وأعظم من هذا فإذهبوا إليه ولكن هذا الأمر عطلة للمريد ونحن وكل الصالحون أي أحد يذكر الله لا مانع أن نذكر الله معه وإذا كان هناك من يصلي على رسول الله e فلا يوجد مانع أن نصلى على رسول الله معاه ولكن كل ما فى الأمر أن الأوراد حتى يكون فيها الإستمداد قال الصالحون فيها لا بد من استحضار صورة الشيخ عند القيام بهذه الأوراد وهذا هو الأمر الجوهرى الذي عليه يكون الفتح فلا بد أن يستحضر الواحد منا صورة الشيخ عند عمل أي ورد من الأوراد، لماذا؟ لأن الإمام أبوالعزائم قال: استحضار صورة الشيخ يمع واردات الحس عن القلب فيكون الحس تحت سلطان القلب والقلب يأنس بالرب U فيمنع واردات الحس، إذهب إلى أى مكان شئت ولكن استحضر صورة شيخك وبذلك ينتهى الأمر.

لكن إذا كان مرة يستحضر صورة الشيخ فلان ومرة يستحضر صورة الشيخ فلان ومرة أخرى يستحضر صورة شيخ آخر فهذا الأمر الذي يوحل المريد فيه نفسه ولا يكتب له الفتح لأنه لم يحدد مراده ولا طريقه عند الله U … سيدنا رسول الله e قال فيها: } قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أن ومن اتبعني { [الآية

طريق البصيرة والسريرة المنيرة لكن إذا حضر فى أى مكان ليس فى هذا شيء مادام قد أفرد شيخه ولم ينتابه شك ولا وهم ولا رجس ولا أى شيء من هذا القبيل .. إذاً ليس هناك مانع فى مثل هذه الأمور.

السؤال: كيف يستطيع المريد أن يفرق بين واردات الحس والنفس وبين إلهامات الشيخ والإمداد عن بعد؟

الإجابة: أولاً لا توجد إلهامات من الشيخ وإنما الإلهامات كلها من الله لأن الشيخ رجل عبد مثله مثل غيره والإلهامات تأتى عن طريقه ولكن كلها من الله U .. الإلهامات لابد أن تكون من الله U ولكن الخواطر التى تخطر على النفس والخاطر معناه الفكرة التى تمر على النفس والخواطر ثلاثة أنواع:

  • خاطر نفسي

  • خاطر شيطاني

  • خاطر رحمانى أو إلهى

خاطر النفس هو الذي يأمرنى بشهوة (أكلة أو شربة أو نكاح أو رياسة أو أى شهوة من الشهوات)

الخاطر الشيطانى هو الذي يأمرنى بمعصية والفرق بين الخاطر النفسي والخاطر الشيطانى أن الأخير ليس فيه إلحاح لأن الشيطان فإن لم ينفع ياتى له بخاطر آخر بمعصية أخرى حتى إن الشيطان إن لم يستطع أن يضل العبد عن طريق المعاصى يحاول أن يضله عن طريق الطاعات يدخل له عن طريق الطاعات ليجعله يتنطع كما قلنا فى خطبة الجمعة اليوم فيترك الدنيا ويصير عابد أو يجعله يزيد شيئاً فيما لم يرد بحجة أن يستزيد من الطاعة والعبادة وإذا سأله أحدا وكلمه يقول له: أنت لا تريدني أن أعبد الله يا أخى ألا تريدني أن أطيع الله.

لكن خاطر النفس فيه إلحاح فالنفس لا تسكت عنك حتى تنفذ ما تريده وهذا هو الفرق بين خاطر النفس والخاطر الشيطانى.

أما الخاطر الرحمانى أو الإلهى فيه أمر بخير إن ربنا يأمرنى فيه بخير أن أصنع معروفاً أعمل بر أتصدق أعمل أى عمل من الأعمال الصالحة فهذا خاطر من الله U، متى أعرف أن الخاطر صحيح ومن الله فعلاً؟

إذا كان يطابق شرع الله أما إذا كان ولو حتى من أعمال الخير ولكن فيه حظ لي أنا. مثل من يأتيه خاطر أنه يريد أن يحج كل عام، فإذا قال له أحد أترك هذا العام وزوج فلان المسكين فيقول لا إلا الحج يكون هذا خاطر من النفس ظاهره عمل صالح فيه حب ظهور.

وحكاية الرجل الذي ذهب إلى الرجل الصالح وقال له أنا أريد أن أحج هذا العام فسأله أحججت قبل ذلك قال: نعم، قال له إذا كان هناك عمل أفضل من الحج لك لو أننى قلت لك عليه سوف تفعله، قال: قل، قال: بكم تحج؟ قال: بألف دينار، فقال له: زوج بها رجل فقير، قال: لا الحج أفضل، قال له: إذا ابني بها بيت لرجل غير مستطيع، قال له الحج أحسن، وكلما قال له عمل يقول الحج أفضل، فقال له هذا المال أرى أنك جمعته من أوساخ الناس –يعنى كله ليس حلال- وللنفس فيه شهوة وأنت تريد أن يقول الناس أن فلان ذهب إلى الحج ليس إلا، وإلا لما أتيت إلىَّ .. ظاهره عمل خير ولكن باطنه رؤية النفس أو كمثل رجل يقول إننى أريد أن أعمل خير فيقال له ماذا تريد أن تفعل؟ يقول: أريد أن أبنى مسجداً ولكن هذا المكان لا يحتاج إلى مسجد وإذا قيل له إفعل كذا فيقول أنا أريد مسجد لماذا؟ حتى يكتب على المسجد مسجد فلان الفلاني يكتب بإسمه، إذاً الظاهر هنا خير ولكن أتى من النفس خاطر آتى من النفس ولكن الخاطر الوارد من الله شرط أن يطابق لشرع الله وباطنه إخلاص القصد لحضرة الله وهذا هو خاطر من الله U وهذا ما نسميه الخاطر الرحماني.

أما الإلهامات فهي نوع من أنواع المنح يتفضل بها الله U على العبد يلهمه فهماً فى كتاب الله أو يلهمه فهماً في حديث رسول الله أو يلهمه أمراً يقوله فى نَفْس أحد من عباد الله فيقول هذا عرف ما فى نفسي وشرط هذا الإلهام كذلك أن يطابق شرع الله ولا يقدح فيه سنة حبيب الله ومصطفاه e وهذا يكون من الله U فوراً.

أحد الحاضرين يقول: لو سمحت يا مولانا عاهدت الله أنى سمعت هذا الكلام لأن هنا كلمة كانت تجيش فى صدرى منذ لقاء مسجد الأنوار القدسية بمناسبة الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف e. قلت سيادتكم من باب التواضع الذي نعلمه عنكم ونعهده فيكم والأدب من الله سبحانه وتعالى ومع المريدين والمحبين لك أنك لست شيخاً ولكن من باب قول رسول الله e: {إذا كنتم جماعة فأمروا أحدكم} ولكن بما تتنزل عليكم من إشراقات انشرح بها منا الصدور وفيوضات تنور بها منا القلوب فأنت شيخنا وأنت ولينا المرشد لأننا من كلامكم وأيضاً من كلام مولانا الإمام محمد على سلامة t وأرضاه وما قرأنا من كلام مولانا الإمام أبوالعزائم بأن “الشيطان شيخ من لا شيخ له” ولذلك قلتها حضرتكم من باب التواضع ولكننا نقول أنت شيخنا وأنت ولينا المرشد ودليلنا وخذ بيدنا.

أجاب الشيخ: أستغفر الله العظيم وبارك الله فيك وإن شاء الله ربنا يأخذ بأيدينا جميعاً

السؤال: كيف يغلق المريد الطريق أمام خطرات النفس والشيطان إلى قلبه ويفسح الطريق أمام خطرات الرحمن إلى قلبه؟

الإجابة: أساس الطريق هو جهاد النفس ومن وقف فى الطريق ما وقف إلا لتوقفه عن جهاد النفس وجهاد النفس ليس له نهاية وقد قال الإمام أبوالعزائم فيه: “لاينتهى جهاد النفس حتى مع كمل العارفين حتى خروج النفس الأخير” ومعظم وحلة إخواننا وخاصة الأكابر منهم هذا الأمر أنه يظن أنه أنهى الجهاد وانتهى منه، لا عليك بقياس نفسك إذا نفسك حدثتك بهذا الأمر، ماذا معى من الفتح الذي أقرأه وأسمعه عن الصالحين؟ هل حصَّلت الفراسة؟ هل معى نور الوراثة؟ هل رأيته ومطلع عليه؟ هل الحبيب الأعظم e معى أينما كنت ويوجهنى عياناً بياناً؟ هل أُحصِّل العلوم من اللوح المرقوم أو من الحى القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم؟ هل وهل وهل أنظر إلى أحوال العارفين فإن كان ليس معى شيئاً منها فلماذا أكف عن الجهاد وأقول لنفسي لا تخدعيني فأنا ما زلت مريد وسأمضي فى عداد المريدين وأسلك سبيل التجريد حتى أنال أوصاف العبيد الذين هم حول سيدنا رسول الله e فجهاد النفس هو الأساس ولكن فى أى شيئ يكون؟

جهاد النفس كبير وهذا الكلام قلته مراراً وتكراراً . كثير من إخوانا الصوفية يعتقد أن جهاد النفس فى باب العبادات ولكن إذا جاهد فى باب العبادات سيكون عابد ولكن جهاد النفس الأعظم فى بابين:

  • باب الأخلاق

  • باب المعاملات

متى يكون المريد فرد وله مقام عند الحميد المجيد؟ إذا كانت أخلاقه وسلوكياته نموذج مصغر من أخلاق وسلوكيات سيدنا رسول الله الأعظم e – لكن إذا كان مازال {إذا وعد أخلف وإذا حدث كذب وإذا أؤتمن خان} ويجوز أنه لا يخون على مال ولكن يمكن أن يخون كلمة، سيقول له أحداً كلمة همساً فسوف يذيعها هذه أيضاً خيانة أى أنه إذا كان أحداً منا عنده كلمة سر أو أن هناك أمر يضايقني لن أرتاح حتى أقوله لأحد وهو ليس بقادر على أن يكتم هذا السر وأذاعه فهذه أيضاً “إذا أؤتمن خان” هى نفس الأمر، ما زالت عنده أوصاف المنافقين ولم يتطهر منها فكيف يكون من الصادقين أو من أئمة المتقين فالجهاد الأعظم فى هذه الأمور يجاهد نفسه أن لا يقول إلا صدقاً حتى ولو فى المزاح فإذا وصل إلى كلمة {إنى لأمزح و لا أقول إلا حقاً} عندها يكون قد وصل واتصل لأن هذه هى أخلاق النبوة وإذا تحقق “أنه إذا وعد وفَّى” حتى ولو كان مع طفل صغير أو مع رجل حقير ليس له شأن ولا تقدير .. إذا وصل إلى هذه المرحلة مع امراة أو زوج فيكون عندها وصل واتصل وهذا هو الجهاد الأعظم الذي يقول فيه بعض الصالحين “ليست الكرامة أن تطير فى الهواء أو أن تمشي على الماء وإنما الكرامة أن تغير خلقا سيئاً فيك بخلق حسن” ولكنك لا ترى أن عندك أخلاق سيئة ففي أى شيء تجاهد ولكن الذي يجاهد لا يرى من حوله لأنه مشغول بنفسه ويعمل بقول الحبيب المصطفى e: {طوبى لمن شغل عيبه عن عيوب الناس} فإذا قلت له فلان أو علان يقول لك: أنا لا أرى أحداً لأنى أنظر إلى نفسي، كل الكاميرات التى معى أسلطها على عالم نفسي حتى أصلح نفسي وأصلح لربي U واسم الرجل الذي يصل إلى معاني هذه المقامات يسمونه رجل صالح معنى ذلك أنه رجل صالح لله U ويقوموه بإمام الصالحين سيدنا رسول الله e، فهذا يا إخوانى هو الجهاد الأعظم الذي هو على الإنسان أن يسلكه مع نفسه ولذلك من الجائز أن يكون أحد مجتهد فى باب العبادات كما نرى أناساً كثيرين، لكن فى أبواب الأخلاق والمعاملات لا ينفع فيقول أنا أقوم الليل وأقرأ القرآن وأختم كل ثلاثة أيام ختمة وليس هناك شيء، لماذا؟

لأن الجهاد فى باب المعاملات واقف، الذي يظهر جمال الدين المعاملات وليس العبادات ولكن المعاملات والأخلاق الكاملات لسيدنا رسول الله e هى التى ستظهر جمال الدين وتظهر الفتوة للأولياء والمقربين والعلماء العاملين والصالحين فى كل زمان ومكان وهذه هى التى عليها المجاهدات.

السؤال: ما هو الدليل على أن الله اختارني لعنايته وجعلنى من أهل طريق إرادته؟

الإجابة: هذا الدليل كيف أعرفه فى نفسي؟ أن تكون الدنيا في يدي وليست فى قلبي أما إذا كانت الدنيا هى كل همي وإذا فقد مني شيء غم الدنيا كله يأتيني وإذا ضاع مني شيء هم الدنيا يلازمني وعندي استعداد أخسر ألف أخ في سبيل جنيه واحد عند ذلك أنا ليس لي شأن بهؤلاء القوم لكن إذا كان الإيمان هو البرهان كما قال الله فى أصحاب رسول الله e: } لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم { [الآية

وبم يفرح الإنسان؟ يفرح بالله فالرجل الصادق هو الذي لا يفرح إلا بالله U كل ما عدا الله فهو إلى زوال ومن فرح بشيء زائل فهو من أهل الخبال ولكن من أراد الله فلا يفرح إلا بموالاة الله U ولو أن أحداً أخذ الدنيا كلها من أولها إلى آخرها ولكن لم يحظى بمعرفة الله فأى شيء أخذ، فالمال هو الدليل على أن النفس تطهرت وبدأت تسير إلى الله U وهذا هو الجهاد الأعظم الذي كان عليه أصحاب رسول الله e ولا زال عليه الصالحون فى كل زمان ومكان … الجهاد الأول يكون فى الأخلاق ثم المعاملات وقبل ذلك وبعد ذلك فى تطهير القلب من حب الدنيا لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، ولكن إذا كانت الدنيا ما زالت موجودة فى القلب والدنيا هى الأشياء الدنيئة وليست هى المال من أجل عمل الخير وعمل البر ليس هذا من الدنيا.

ولكن الدنيا معناه تحقيق الدناءة وتحقيق الأشياء الحقيرة وهذا هو الأساس الأول الذي يدل على أن الإنسان قد طهر قلبه لله سبحانه وتعالى.

فالإنسان السالك فى طريق الله U عليه بالجهاد الأعظم وهذه بعض أبواب الجهاد فإذا جاهد نفسه فى هذه الأبواب فإنه يرتقى إلى درجة أعلى فيجاهد قلبه ألا يخطر عليه فى نفس أو أقل غير الله وهذا جهاد ثانى ثم يرتقى إلى مقام أعلى يجاهد نفسه ألا تقع عينه على شيء إلا ويرى فيه أثراً يدل على حضرة الله وهكذا ولا يزال الجهاد ولكن الأساس الأول جهاد الأخلاق وجهاد المعاملات وهذا الذي أسقطه الناس فى هذا الزمان ورأو أن الاخلاق والمعاملات يسيرون فيها على حسب أهوائهم ، ومتى يكون عبداً لله؟ يظن أنه ببعض العبادات والركوع والسجود وهذه الحركات والسكنات صار عبداً لله .. هذا ليس صحيح. وإنما الجهاد الموصل هو : } وإنك لعلى خلق عظيم { [الآية، من معك يا رسول اللهويريد أن يكون جارك ماذا يفعل؟ قال رسول الله e: {أقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويألفون} ولم يذكر شيئاً عن العبادات.

ولكى نعرف ان المسألة كلها فى الأخلاق وهي التى عليها المعول الأساسي فى الجهاد، فالإنسان يستطيع أن يجاهد نفسه فى الطاعات ويبالغ فيها ويزيد منها، ولكن من الذي يستطيع أن يكظم غيظه عند الغضب وخاصة إذا كان يستطيع تنفيذ غضبه فهذا هو الجهاد الأعظم، الذي يستطيع أن يعطى من حرمه فهذا هو الجهاد الموصل لأنه حرمه عامد ومتعمد وهو يعطيه، والذي يستطيع أن يحسن إلى من أساء ليه فهذا هو الجهاد الأعظم وهذا هو جهاد الرجال الذين يريدون الوصول إلى مراتب الكمال مع رسول الله e ولقد قال رسول الله الأعظم e: {أوصاني ربي بتسع أوصيكم بهن الإخلاص فى السر والعلن والقصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضا والغضب وأن يكون صمتى فكراً ونطقى ذكراً ونظرى عبرا وأن أصل من قطعنى وأن أعطى من حرمنى وأعفو عمن ظلمنى} وهذا هو ميزان الجهاد الأعظم .. الوسطية فى الغنى والفقر والعدل فى الرضا والغضب فمن يقدر على ذلك منا سواء راضى أو غضبان لا يقول إلا العدل قال سيدنا عبدالله بن عمر أأكتب عنك يا رسول الله قال أكتب، قال: أأكتب عنك فى الرضا والغضب؟ قال: نعم أكتب فإني لا أقول فى الرضا والغضب إلا حقاً} هذه هي الدرجة، لكن إذا كان غضبان على أحد يُظْهِر فيه كل المساوئ والعيوب وإذا كان راضي عن أحد يمدح فيه حتى يجعله طاووس الملائكة، أليس هذا الذي نراه، ولكن سيدنا رسول الله ليس عنده هذا الأمر ومن يعمل بهذا الحديث يكون فوراً من أئمة الصالحين على الفور لأن هذه وصية الله لحبيب الله ومصطفاه e.

وهكذا من أراد أن يكون معه يعمل بما أوصاه به مولاه U ، هذا هو الجهاد الذي نحن مطالبون به وهو جهاد النفس.

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid