Sermon Details

الحمد لله ربِّ العالمين، جعل للخير أوقات، وللطاعات آنات، يفتح فيها أبوابه للتائبين، ويرفع أجره وثوابه للذاكرين، ويشرح فيها صدور عباده الموفقين.
سبحانه .. سبحانه، لطيف بعباده، رحيم بخلقه، يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، أنزل هُداه على حبيبه ومصطفاه، كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها من أمور الحياة أو من أحوال العبد بين يدي مولاه. فكل شيء يحتاجه المرء – منذ أن تُفتح عيناه عند ولادته إلى أن يختاره الله عزَّ وجلَّ لجواره – كل شئ يفعله أو يطلبه تجده في كتاب الله عزَّ وجلَّ، لئلا يكون للناس على الله حجة، ويكون الأمر بعد ذلك محضَ فضل الله، وسابقة الحسنى مِنْ الله عزَّ وجلَّ.
وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وخليلُه، حُجَّة الله على العالمين في هديه وفي خُلُقِه، وفي سلوكه وفي مشيه، وفي أكله وشربه، وفي ملكه وفي فقره، صلوات الله وسلامه عليه.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عَبْدِكَ ونبيِّك سيدنا محمد، الذي أجريت له وعليه جميع الأحوال، وقلَّبته بين الشدَّة واليُسر، وبين الفقر والغنى، وبين الخوف والعزّ، ليكون في ذلك قدوة لمن وراءه ومن بعده إلى يوم الدين. وصلى اللهم وبارك عليه واجعلنا من خيار التابعين، وارزقنا المشي على هُداه، والمحافظة على سنَّته في كل وقت وحين، نحن وإخواننا المسلمين أجمعين.
أما بعد …
فيا أيها الأخوة المؤمنون: سمعنا قبل الصلاة آيات من سورة التوبة، وهي بحمد الله عزَّ وجلَّ جاءت في أول يوم من شهر التوبة، شهر رجب المبارك الذي نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يتوب علينا فيه أجمعين، من كل ذنب صغير أو كبير، علمناه أو جهلناه، ونسأله عزَّ وجلَّ أن يجعل تلك السيئات في صحائفنا حسنات إنه على كل شئ قدير.
لقد كان نبيُّكم صلى الله عليه وسلم يفتتح هذا اليوم وهو اليوم الأول من شهر رجب – ومن يمن الطالع لنا وعلينا أنه يوم جمعة، وأن هذه الساعة ساعة الجمعة ساعة إجابة – فكان يفتتحه بهذا الدعاء. فسندعوا به وكرِّروه معي لعلَّ الله عزَّ وجلَّ يستجيب لنا أجمعين: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) (ثلاث مرات) يا ربَّ العالمين. هذا الدعاء يدعو فيه سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم بأن يبارك الله عزَّ وجلَّ لنا في شهر رجب. كيف تكون البركة؟ هل سيزيد الله عزَّ وجلَّ أيامه على الثلاثين؟!! أو هل سيطيل الله عزَّ وجلَّ يومه وليله عن الأربع والعشرين ساعة؟!!
كلاَّ، لكن البركة التي يقصدها ويعنيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي يواجه الله عزَّ وجلَّ بها عباده الصالحين، فإن من إكرام الله للمتقين، ومن مِنَنِهِ وفضله على الصالحين، أن يبارك لهم في الوقت والزمن، بمعنى: أن العمل الذي يحتاج في تنفيذه ليالي كثيرة، يوفقه الله عزَّ وجلَّ في تنفيذه في لحظة يسيرة، وقد ضرب الله عزَّ وجلَّ المثل على ذلك في هذا الشهر الكريم بنبيِّه العظيم صلوات الله وسلامه عليه.
لقد أرسل إليه الأمين جبريل وهو نائم. قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : { فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ عَنْ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِيءٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي}[1]. فحشوه بالإيمان والحكمة ثم مرَّ بيده عليه فرجع إلى حالته، ولم يشعر بألم ولا وجع، ولا احتاج إلى خيط للجراحة ولا مشرط للفتح، لأن هذا أمر مَنْ يقول للشيء كن فيكون.
ثم أحضر له البراق وركبه، وأمسك جبريل بلجامه، وإسرافيل يمشي خلفه، وملائكة الله عن يمينه وعن يساره، حتى وصل إلى المدينة المنورة، وقال إنزل فَصَلِّ – والصلاة كانت في هذا الوقت هي الدعاء، لأنها لم تُفْرَضْ إلا في تلك الليلة – فها هنا دار هجرتك، ثم أخذه إلى قبر موسى وقال: إنزل هنا فَصّلِّ فهذا قبر أخيك موسى عليه السلام، ثم أخذه إلى مكان ميلاد عيسى في بيت لحم وقال: إنزل فَصَلِّ فهنا ميلاد عيسى.
ثم ذهب إلى بيت المقدس ووجد مائة ألف ويزيد عليهم أربعة وعشرون ألفاً هم مجموع الرسل والأنبياء في انتظاره، وتقدم وصلَّى بهم لله، ثم جلسوا على المنصة، وجلس كل واحد منهم في دوره يُثني على الله، بما وَهَبَهُ الله في دنياه من التأييد في تبليغ رسالة الله عزَّ وجلَّ، فخطب إبراهيم خليل الرحمن، ثم خطب نوح عليه السلام ، ثم خطب موسى عليه السلام ، ثم خطب داود وبعده سليمان، وآخرهم عيسى عليهم السلام ثم قال الأمين جبريل: الآن يتكلم عليكم مسك الختام مُحَمَّدٌ عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. فألقى خطبة عظيمة ،كان في مقدمتها:
{ الحمدُ لله الّذي أَرْسَلني رَحْمةً للعالمينَ، وكافةً للناسِ بَشيراً ونذيراً، وأَنْزَلَ عَليَّ الفُرْقانَ فيهِ تِبْيَانُ كلِّ شيءٍ، وجَعَلَ أُمَّتي خَيْرَ أُمةٍ أُخْرجَتْ للنَّاسِ، وَجَعَلَ أُمَّتي وَسَطاً، وجَعلَ أُمتي هُمُ أَلاوَّلونَ وهُمُ الآخِرونَ، وشَرَحَ لِي صَدْرِي، وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي، ورَفَعَ لِي ذِكْرِي، وجَعَلَني فاتِحاً وخَاتِماً }[2]. خطاب طويل، ثم قدَّم التحية الأمين جبريل.
ثم صعد إلى السماوات – وبين السماء الأولى والأرض كما أنبأ صلى الله عليه وسلم مسيرة خمسمائة عام، وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام – زارها جميعاً واجتمع بكبار ملائكتها، وحادثوه وحادثهم، ثم زار الجنان، واطلع على النيران، ووصل إلى عرش الرحمن، وذهب إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، ورجع بعد ذلك وفراشه الذي كان نائماً عليه لم يبرد بعد – مازال دافئاً!!!!
كيف قطع تلك المسافات؟ وكيف جاز تلك الجهات؟ وكيف أجرى كل تلك المحادثات في جزء قليل من الليل؟!! إن هذه بركة الوقت، وبركة الزمن، التي أعطاها الله عزَّ وجلَّ له. ولذلك يسمع بعضنا أن الإمام علي زين العابدين – مثلاً – كان يصلي كل ليلة ألف ركعة لله عزَّ وجلَّ!! يطيل فيها السجود، حتى لُقِّبَ بِالسَّجَّاد!! كيف يكون ذلك، إلا إذا بارك الله له في هذا الوقت وبارك الله له في هذا الزمان؟!!
وسيدنا عثمان ابن عفان ورد عنه – في الروايات العديدة: أنه كان بعد صلاة المغرب يصلي ركعتين لله، يقرأ فيهما القرآن كلَّه من أوله إلى آخره!! وينتهي منهما قبل صلاة العشاء!! هذا أمر لو قِسْنَاهُ بعقولنا لذهلت، لأنه أمرٌ فوق مدارك العقول. ولكن إذا قِسْنَاهُ بأرواحنا وبكتاب ربنا فلا عجب!!
فقد كان الأمين جبريل ينزل على الحبيب صلى الله عليه وسلم من فوق سدرة المنتهى إلى الأرض في أقل من لمح البصر!! لأن الله عزَّ وجلَّ اختصر له الزمن واختزل له الوقت، وهذا أمْرٌ يجريه الله عزَّ وجلَّ لعباده المؤمنين ولأوليائه الصالحين. ومنهم هذا الرجل!! الإمام عليٌّ رضي الله عنه وكرم الله وجهه، فقد كان نائماً في المسجد النبوي الشريف على التراب – ولذا لقَّبه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وقال له: (قم يا أبا تراب) – فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فأراد بعض أصحابه أن يوقظوه، ومشى بعضهم مسرعاً، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما معناه: {دَعُوهُ فَإِنَّ عَلِيَّ وَإِنْ كَانَ جِسْمُهُ عَلَى الثَّرَى – يعني: على التراب – إِلاَّ أَنَّ قَلْبَهُ بِالمَلأِ الأَعْلَى }.
الجسم لا يستطيع أن يتحرك هذه الحركة التي كان فيها سيد الأولين والآخرين، لأن هذه خصوصية من الله عزَّ وجلَّ له، لكن القلب إذا نام الجسد يُجْرِي الله عزَّ وجلَّ عليه من أنوار هذه الخصوصية، فيطلع على السموات العلا، وينظر إلى العرش، ويدخل الجنان ويتجول فيها وفي ربوعها، ويقوم من نومه وقد قطعت روحه ما لا يقطعه المرء في آلاف السنين، وهو قطع ذلك كلَّه في لحظات يسيرة قد تكون ساعة أو بضع ساعة.
كذلك إذا أكرم الله عبداً وأراد أن يعلِّمه كما علم الخضر عليه السلام ]آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا[ (65الكهف)، يعلِّمه كما علَّم نبيَّكم الكريم.
فقد جاء الطست من عالم الملكوت مملوءً بالإيمان والحكمة، وبالله عليكم هل الإيمان تراه العين؟ وهل الحكمة تطلع عليها العين؟ أو توضع في طست؟ لكنها أمور معنوية ذكرها لنا النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الإكرام الذي يكرم الله عزَّ وجلَّ به أمة الإسلام في كل وقت وفي كل زمان ومكان!! فقد وضع في قلبه الإيمان والحكمة فعلم علم الأولين وعلم الآخرين، وعلم علوم كل شيء يحتار فيها كبار العلماء المعاصرين، للحكم العلمية والتقارير المحمدية التي أنبأ بها – بدون أن ينظر في تليسكوب، أو يطلع في مجهر، أو يقرأه في كتاب، أو يستغرق في مكتبة – ولكنه من باب قول الله عزَّ وجلَّ: ] وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ [ (282البقرة).
يعلِّمكم الله من عنده علوماً إلهية وعلوماً ربانية. إياك أن تقول إنها لا تمشي مع التكنولوجيا العلمية، لأنها جاءت من واهب الحياة، ومن مُمِدِّ كلِّ مَنْ في الكون بأسرار الكون وبأسرار الحياة، لأنه ربُّ العالمين عزَّ وجلَّ.
فإذا أكرم الله العبد المطيع اختصر الله له الزمن، واختصر الله له الوقت، وطوى الله عزَّ وجلَّ له المكان، فيريد أن يقضي عدة مصالح في بلدة كبلدتنا، وبين كل مصلحة والأخرى مسافات، فيهيأ الله عزَّ وجلَّ له الأمر فيقضيها كلَّها في لحظات، فعندما يصل إلى المصلحة الأولى يجد الموظف الذي يحتاجه كأنه في انتظاره وليس هناك طابور أمامه، وذلك من بركة الله عليه ومن تيسير الله عزَّ وجلَّ عليه، يفتح له إشارات المرور ويهيأ له مكاناً يوقف فيه سيارته، يهيأ له الأسباب حتى يختصر له الزمان، لأنه اتَّقى الحنَّان المنَّان عزَّ وجلَّ.
وقد روت إحدى مذيعات التليفزيون المصري – وهي السيدة كاريمان حمزة – أنها أعطت كتاباً من تأليف أبيها للشيخ عبد الحليم محمود رحمة الله عليه ليضع له مقدمة، وقدَّمته له عند المساء، وفي الصباح قدَّمه لها وقد كتب لها المقدمة، وعندما قرأتها علمت أنه اطلع على الكتاب كلِّه من أوله إلى آخره ولم يترك فيه صفحة واحدة، لأنه كتب في المقدمة عن كل شئ فيه. كيف تم هذا؟!! بارك الله له في الزمان، فجعل ما يقرأه في أسبوع يقرأه في ساعة!!
كيف يكون هذا الأمر؟ لا تدبِّر بعقلك، ولا تشغل البال بفكرك، ولكن اعتقد في الله، وثق في حسن صنع الله، وزد يقينك في كتاب الله، واعمل على تقوى الله، تجد ما ذكرناه أمراً ميسراً لجميع عباد الله، قال صلى الله عليه وسلم: { التائبُ حبيبُ الرحمن، والتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ }[3]. ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُهُ ورسولُه. اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وأعطنا الخير، وادفع عنا الشرَّ، ونجِّنا واشفنا، وانصرنا على أعدائنا يا ربَّ العالمين. أما بعد …
فيا أيها الأخوة المؤمنون: هناك أيضاً فضل في الوقت ورد الأثر فيه: { إذا أحبَّ الله عبداً سخَّره لأفضل الطاعات في أفضل الأوقات }. وذلك يعني: أني أنا وأنت نستطيع أن نقوم الليلة – وكل ليلة – بلا عناء ولا تعب، إذا استحضرنا في قلوبنا وفي نياتنا – عند صلاة العشاء في بيت الله، والفجر في بيت الله – حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم { مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلِهِ، وَمَنْ صَلَّى الْصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْل كُلَّهُ }[4].
فهذه بركة تفضَّل بها علينا الله، فلو صلَّينا العشاء في بيت الله في جماعة والفجر في بيت الله في جماعة، ولم نتململ ولم نتباطأ ونتكاسل كتبنا طائعين طوال الليل، قائمين له بالتسبيح والذكر والصلاة والركوع والسجود، مع أننا في أعمال غير ذلك!!
وإذا وفقك الله عزَّ وجلَّ إذا أصبحت وتلوت سورة الإخلاص ثلاث مرات فكأنما قرأت القرآن كله- كما قال سيد البرية صلى الله عليه وسلم { مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَجْمَعَ }[5]. وعلى مثل ذلك قس، فهناك أحوال كثيرة وأعمال كثيرة هي يسيرة في العمل ولكنها تضاعف لك الزمن!! فإذا قرأت الإخلاص ثلاثاً في الصباح، وثلاثاً في المساء، فأنت عند الله تقرأ القرآن كله من أوله إلى آخره مرة بالنهار! ومرة بالليل! وإن كان ذلك في الأجر والثواب، ولكنه لا يغني عن مطالعة الكتاب للعظة لبقية آياته وقصصه وحكمه.
هذه هي البركة التي دعا لنا بها النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رجب وفي شهر شعبان وفي شهر رمضان. فالتمسوا البركة في الطاعات لأن أمتكم كما تعلمون وكما قال النبي الكريم:
{أقصر الأمم أعماراً وأقلها أعمالاً}[6]. فالأمم السابقة منهم نوح عليه السلام عاش ألفاً وثلاث مائة عام منهم تسعمائة وخمسون في الدعوة وعندما خرج من دنياه وهو على باب جمرك الآخرة سأله الملائكة الواقفون على بوابة البرزخ: { يَا نُوحُ يَا أَكْبَرَ الأَنْبِيَاءِ، وَيَا طَوِيلَ الْعُمُرِ، وَيَا مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَيْفَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا ؟ قَالَ: مِثْلَ رَجُلٍ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ لَهُ بَابَانِ، فَدَخَلَ مِنْ وَاحِدٍ وَخَرَجَ مِنَ الآخَرِ }[7] فما بالكم لو نظر إلى عصرنا وإلى زماننا؟!! والذي يقول فيه نبيُّنا: { أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلى السَبْعِينَ }[8].
فالعمر قصير!! والمطلوب منك يوم القيامة كثير!! فالتمس البركة من العليِّ الكبير في الطاعات والصالحات، ولا تشغلنك الحياة الدنيا، فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة.
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يبارك لنا في أوقاتنا، وأن يبارك لنا في أعمارنا وأن يبارك لنا في طاعاتنا وأن يبارك لنا في أولادنا وبناتنا وأن يبارك لنا في بلادنا، وأن يبارك في بلاد المسلمين أجمعين.
اللهم اجعل بلاد الإسلام بلاد الأمن والسلام، وامنح توفيقك وتأييدك لجميع حكام الإسلام حتى يكونوا مسارعين لتنفيذ شريعتك يا حي يا قيوم.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
اللهم لا تجعل في مجلسنا هذا شقيا ولا محروما، ولا تجعل لواحد منا عندك حاجة إلا قضيتها ويسرتها بفضلك وجودك يا أرحم الراحمين.
عباد الله اتقوا الله: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (90النحل).
أذكروا الله يذكركم، واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة.
***************