Sermon Details

…………………………………………………………………………………
الحمد لله الذى أعزنا بالإسلام ورزقنا جميعاً إتباع سيد الأنام ونسأله (عزوجل) أن يتم علينا نعمته، ويتوفانا على الإسلام ويرزقنا شفاعته (صلي الله عليه وسلم)، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد بن عبدالله، الذي وهب حياته بمولاه وكان بالله لله عاملاً على وفق دين الله، لا يرجوا بذلك إلا رضوان الله، لا يطلب فى سبيل ذلك مالاً ولا شهرة ولا عزاً ولا ملكاً وإنما كل ما يبغيه أن يأخذ بأيدي الناس إلى رب الناس (عزوجل)، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وصحابته المباركين وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين آمين يا رب العالمين، أما بعد
فيا إخوانى وأحبابي فى الله ورسوله، الحمد لله أرى فى وجوه الحاضرين العلم والفقه وذلك ينبئ عن أننا جميعاً والحمد لله يحبنا الله (عزوجل)، فعلامة حب الله لأى عبد من عباد الله، بينها رسول الله (صلي الله عليه وسلم) فى حديثه الذي يقول فيه: {إذا أحب الله عبداً فقهه فى الدين}، ولم يكتفى بذلك، لأن العلم لا بد له من العمل، فأكمل (صلي الله عليه وسلم) فقال: {إذا أحب الله عبداً فقهه فى الدين وألهمه رشده} يعني وفقه للعمل بما تعلم، الحمد لله أرى وجه نيره إهتدت إلى رضوان الله وفقهت فى دين الله، ؟؟؟؟؟؟ أنكم جميعا بفضل الله ورضوان الله (عزوجل)، وحادثة الهجرة السعيدة، تزيد فى هذا المؤمن إيمانه ، تفاصيل الحادثة كلنا والحمد لله نعلمها، لكن أكتفى اليوم منها بما أبشر نفسي وإخوانى بعناية الله وكفالة الله وتأييد الله لكل عبد تمسك بهدى الله U، يكفينا جميعاً قول الله (عزوجل)( إلا تنصروه فقد نصره الله ) ولم يقل الله فى الآية: فقد ينصره الله، وإلا كان النصر معلقاً وحادثاً، لكن جاء بما يفيد أن النصر من الله مقدر له (صلي اللهخ عليه وسلم)قبل خلق الخلق، لأن القرآن كلام الله القديم فقد نصره الله قبل خلق الخلق، ونصر الله واضح فى آيات القرآن، فإن الله (عزوجل)كما أخبر القرآن عندما خلق الحبيب (صلي الله عليه وسلم)روحاً نورانياً قبل خلق جسمه وخلق أرواح الأنبياء والمرسلين جمعهم وأخذ عليهم العهد والميثاق أجمعين أن يؤمنوا به وينصروه ويؤازروه ويبلغوا أممهم بصفاته ونعوته، ويطلبوا ممن طال به الزمن إلى عصر رسالته أن يؤمنوا به ويتبعوه: } وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ { -والنبوة قبل الرسالة – } لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ { – والرسالة لا تكون إلا بعد ظهور الجسم فى الحياة الدنيا، لأنها تكليف من الله لإبلاغ دعوة الله إلى خلق الله، ماذا أخذ على النبيين من الميثاق: (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ )(81) سورة آل عمران، فأخذ الله العهد على الأنبياء أجمعين أن ينصروا رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، كيف ينصروه ولم يحضروا زمانه، وتنتهى آجالهم قبل مجيء أوانه، كيف؟ بإظهار صفاته ونعوته وعلاماته لأممهم وأتباعهم ويأمروهم أن يتبعوه إذا حضروه، وقد كان ذلك، والأمر يطول فى ذلك لو تتبعنا السيرة العطرة، لكن يكفى ما جاء على لسان نبي الله موسى وما جاء على لسان نبي الله عيسى: } ومبشراً برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد { [الآية، ولم يبشروا به وبنعوته فقط، حتى أوصاف أصحابه كانت مذكورة فى التوراة والإنجيل، } محمد رسول الله والذين معه مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل .. { [الآية، مذكورين بصفاتهم، حتى أن التاريخ يروي أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)لما توجه إلى الشام مع البطارقة لإستلام مفاتيح بيت المقدس، ذهب وخادمه ولم يكن لهم إلا ركوبه واحدة، وكانوا يتناوبون، عمر يركب والخادم يمشي فترة، ثمر يركب الخادم ويمشي عمر خلفه، فلما اقتربوا من القوم كانت نوبة الخادم فى الركوب، فقال: يا أمير المؤمنين إنى تنازلت لك عن نوبتي هذه، لأن القوم على استعداد للقائك، وكيف يلقوا أمير المؤمنين ماشيا والخادم راكب، فأصر على ذلك، فلما دخلوا عليهم، سأل البطارقة أين عمر؟ فقالوا: الذي يمشي، فقالوا: هكذا نجد عندنا صفته فى الإنجيل، أنه يدخل بيت المقدس ماشياً وخادمه راكب بجواره، فأوصاف أصحابه كذلك، ذكرها الله فى التوراه وذكرها الله فى الإنجيل وذكرها الله فى الزابور وذكرها الله فى كل الكتب السابقة، وأنتم تذكرون جميعاً أنه (صلي الله عليه وسلم)قال: {أنا دعوة أبى إبراهيم} ( ربنا وابعث فيهم رسولاً من أنفسهم ) دعوة سيدنا إبراهيم وكان (صلي الله عليه وسلم)، فأخذ الله (عزوجل)لحبيبه ومصطفاه من قبل القبل أيده بالوحي وأمر رسله الكرام بإبلاغ صفاته ونعوته لأممهم وهيأ الكون وأمره أن يكون رهن إشارته، لكن العبرة التى نحتاجها فى هذه الظروف الحالكة فى حياتنا ان نعلم علم اليقين ولا نشك فى ذلك طرفة عين ولا أقل : ان أي رجل منا أقبل بصدق على الله وتمسك فى سلوكه وهديه وحياته بشرع الله، ولم ينافق ولم يمارئ ولم يبتغى بعمله إلا وجه الله، فإن الله (عزوجل)يجعل له قسطاً من نصر الله لحبيب الله ومصطفاه e، يؤيده وينصره، فى أى موقع وفي أي زمان وفى أى مكان، لأن هذه سنة الله التى لا تتخلف، نأخذ مثال واحد حتى لا أطيل عليكم، ( إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما فى الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن، إن الله معنا ) وهذه رحمة الحبيب، سيدنا موسى عليه السلام عندما خاف قومه بعد خروجهم من مصر من لحاق فرعون، قالوا: سيلحق بنا، قال لهم: لا تخافوا، ( كلا إن معى ربي سيهدين ) أنا معي ربي فلا تخافوا، لكن سيدنا رسول الله قال: إن ربنا معنا كلنا ( إن الله معنا ) ، ولم يقل معي، معنا هذه لكل مؤمن إلى يوم القيامة، ولذلك أيده الله فى كتاب الله فقال: (´ولينصرن الله من ينصره ) ، من ينصر الله ينصره، أي ينصر شريعته ويقيمها فى نفسه وفى بيته وفى عمله وفى أهله، وفى من حوله، نصر الله يعنى إحياء شريعة الله، والعمل بها بين خلق الله، لا بد أن ينصره الله، فأيده الله (صلي الله عليه وسلم)( فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا ) (40) سورة التوبة، أول عطاء أنزل عليه السكينة، والسكينة هي المهمة، وأين السكينة ومن أين نحصل عليها؟ لا تأتى إلا بتوفيق الله لمن أحبه الله واجتباه : ( هو الذي أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين )، كما نزَّل عليه السكينة كذلك ينزل علينا السكينة، السكينة يعنى الطمأنينة بوعد الله والثقة فى قدرة الله، ورعاية الله وكلاءة الله، وصيانة الله وحفظ الله لمن تمسك بشرع الله ابتغاء وجه الله (عزوجل)، يكون واثق فكما أنزل عليه السكينة كذلك فتح المجال لجميع المؤمنين، وأعلمنا علم اليقين أن السكينة لا تأتى إلا من عنده، وهو الذي ينزلها بنفسه، حتى لا عن طريق ملك ولا عن طريق أى كائن أو مخلوق، هو بنفسه، هو الذي ينزل ولم يقل ينزل، بل قال: (أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين )، ببركة الإيمان وبشرح صدورهم للعمل بأركان الدين، والإهتداء لتعاليم القرآن والتأسي بسنة النبي العدنان (صلي الله عليه وسلم)، ولذلك المثل الذي نأخذه : (وأيده بجنود لم تروها )، هذه كثيرة، أيده بالملائكة وأيده بالأرض وقال له: الأرض طوع أمرك، مرها بما شئت وقل لها: خذيه تمسك الفرس، أتركيه: تتخلى عن الفرس، فكانت طوع أمره كما يريد، وليس مرة واحدة بل ثلاث مرات، وأيده بالحمام وأيده بحشرة بسيطة وهى العنكبوت، وأيده بالأنصار وأيده بالمهاجرين، وأيده بأناس قبله جهزوا له المكان الذي سيسكنه صلوات الله وسلامه عليه، الهجرة إلى المدينة كان يعلمها من قبل، من ساعة ما أرسل وأخذته زوجته السيدة خديجة لابن عمها ورقة بن نوفل وقال له: ليتني أكون فيها جزعاً يعنى شاباً فتياً عندما يخرجك قومك، فقال: أومخرجي هم؟ قال: نعم، ما أرسل رسول بما أرسلت إلا أخرجه قومه، لكن المكان الذي سيهاجر إليه (صلي الله عليه وسلم)كان يعلمه من سبقه من الأنبياء والمرسلين، ولذلك يروى القرآن أن اليهود تركوا بلاد الشام وجاءوا إلى المدينة، مترقبين قدوم النبي الذي قرب زمانه وعندهم صفاته وكانوا يرجون أن يكون منهم، وقد ذكر الله ذلك: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) ، كان عندما تحدث حرب بينهم وبين أى قبيلة يقولون كما قالت السيرة العطرة : “اللهم بحق النبي الذي ستبعثه فى آخر الزمان انصرنا عليهم” فينصرهم الله U، وكانوا يعرفونه: } يعرفونه كما يعرفون أبناءهم { [الآية، أيتوه أحد عن أولاده، عارفينه كما يعرف الرجل أولاده تماماً، ولذلك يروى الإمام السمهدوى فى كتابه (وفاء الوفا) والإمام القسطلاني فى كتابه (المواهب اللدنية) حادثة غريبة أن تبع ملك اليمن وكان اسمه أسعد الحميري، أعطاه الله قوة وبسطة فجهز جيشاً كبيراً وخرج يغزوا ويريد أن يتسع ملكه ويقيم دولة كبيرة فوصل إلى المدينة وكان اسمها “يثرب” فخرج إليه أحبار اليهود، وقالوا: أيها الملك إنك لن تتمكن من دخول هذه القرية، قال: ولم؟ قالوا: لأنها مهجر نبي آخر الزمان وإن الله حفظها ولن يمكنك من دخولها، فاستشار من معه من العلماء، فأقروا بذلك، فاختار ربعمائة عالم ممن معه وزوجهم وأعطاهم المال وأمرهم أن يقيموا بهذا الموطن حتى يبعث النبي فينصروه صلوات الله وسلامه عليه، وبنى لكل واحد منهم بيتاً من طابق واحد وبنى لكبيرهم بيتاً من طابقين، وترك معه رسالة وأمره أن يسلمها لولده ولولد ولده حتى يسلموها لهذا النبي، ولذلك قال (صلي الله عليه وسلم)فى الحديث الصحيح: {أول من آمن بي تبع} وبعد هجرة النبي (صلي الله عليه وسلم)وأنتم تعرفون أن الكل كان يمسك بالناقة ، والرسول يقول لهم دعوها فإنها مأمورة، وكانت لأمر يعلمه الله إذا مرت على بيت يهودي تمر مسرعة، وإذا مرت على بيت مؤمن تقف، لأن المؤمنين قد جهزوا لاستقبال الرسول ما يليق بهم وبحالهم لا ما يليق بذاته صلوات الله وسلامه عليه، الذي جهز التمر والآخر جهز اللبن والثالث جهز الحلوى، فتقف حتى يقدم تحيته للرسول ومن معه، حتى جاءت للمربض –المكان الذي ينشر فيه البلح ليكون تمر- وأناخت، وجاء سيدنا أبو أيوب الأنصارى وأخذ رحل الرسول وأدخله بيته وباقى الأنصار وبنى النجار يطلبون رسول الله فحسم الموقف e وقال: {المرء مع رحله } بعدما دخل عند أبى أيوب قال له: أين كتاب تبع؟ فكان بيت زعيم العلماء واكن من نسله وكانت الرسالة:
شهدت على أحمد أنه |
رسول من الله بارى النسم |
فإن مد عمرى إلى عمره |
لجالت عنه كل هم |
وحاربت بالسيف أعداءه |
وفرجت عنه كل غم |