• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

16 سبتمبر 2021

ما الهيبة من الشيخ وهل تكون فى السر أم فى العلن؟

ما الهيبة من الشيخ وهل تكون فى السر أم فى العلن؟

شارك الموضوع لمن تحب

السؤال الثاني:

ما الهيبة من الشيخ؟ وكيف تكون هل في السر؟ أم في العلن؟

الجواب:

هذا السؤال لمن سلك وملك شهوات نفسه وحظوظه وأهوائه، ويخشى أن يزِّل أو يضل، فيستوجب سخط شيخه وغضب شيخه، لأنه إذا سخط عليه بقلبه، فإنه يُصاب فوراً بما قال الله:

﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ (77التوبة).

فإن عقوبات الله عز وجل لمن يفقد الهيبة مع الصالحين ممن مشوا معهم وسلكوا في طريقهم دهراً من الزمن، أن يُحول الله قلوبهم إلى حيث لا يحب ولا يرضى.

وتحويل القلوب بيد الله، وثبات القلوب هو الذي كلنا نتمناه، حتى حبيب القلوب صلى الله عليه وسلَّم كان يقول عقب كل صلاة:

(اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلوبنا على دينك يا ألله).

[الإمام الترمذي عن أنس رضي الله عنه].

وقال الله تعالى لنا معلماً:

قولوا وادعوا الله دائماً في أول سورة آل عمران، قولوا:

﴿ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8آل عمران).

وكل ما يخشاه السابقون الصادقون أن يتحوَّل قلب المرشد عن الرضا عنهم، ولذلك عندما نطالع كتب السابقين وننظر إلى أصحاب المشايخ العارفين، نرى أنهم كان جُلُّ مطلبهم منهم أن يقولوا لهم: [لا نريد إلا أن يكون خاطرك معنا يا شيخنا].

فخاطرك معنا يعني أن يكون في قلبك رضىً عنا فإن رضاهم من رضاء الله:

فبشــــــــــــــرى لمن وافا ووفَّى     وتابعني ونال رضاء صحبي

فيخشى هذا السالك الصادق في سره وعلنه، في حضوره وغيبته، في الخلأ والملأ، وفي كل أحواله وفي أمور حياته، أن يفعل شيئاً لا يراه شيخه صواباً، والله عز وجل أشار إلى ذلك فقال:

﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (105التوبة).

والمؤمنون هنا هم الوارثين الذين يشهدون للأقوام في عصرهم، فإن الله تبارك وتعالى قال:

﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7الرعد).

﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ (71الإسراء).

فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم سيشهد على الأولين والآخرين، ولكن سيشهد على الأولين بشهادة أنبيائهم ورسلهم، وشهادة الآخرين بشهادة الورثة لأهل العصور لأحبابهم، فإنهم هم الذين لهم الشفاعة وخصَّهم الله ورسوله بهذه البضاعة، فيخشى المريدون الصادقون ويهابون أن يقعوا فيما يخالف خواطر مشايخهم خوفاً من هذا الصدود، وخوفاً من هذا البعاد.

ولذلك كان الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه في إحدى مجالسه، وكان تلميذاً له يجلس متربعاً ورأسه إلى الأرض وظهره محنياً، ويظن أن ذلك هو الأدب الواجب في حضرته، فخاطبه الإمام رضي الله عنه وقال:

يا بُنيَّ أتظن أن هذا هو الأدب؟ إنما شيخك واحدٌ من إثنين:

[إما أبٌ لك، وإما اخٌ أكبر لك].

وأبوك وأخوك الأكبر لا يحق أن تجلس أمامه هذه الجلسة التي تتبرم وتتضرر منها، لكن الأدب أن تعلم أن بصيرة شيخك لا تغادرك في أي زمان أو مكان، وأن تراعي حُسن المتابعة، وتراعي البعد عما نهى عنه الله، وتراعي القيام بما أمر به الله في كل حالٍ من أحوالك، لأننا ندربك على طاعة الله وحده جلَّ تبارك وتعالى.

فالهيبة من الشيخ أن يهاب الإنسان أن يقع فيما يُغضب الله، أو يعصى الله ويفعل ما عنه نهاه، أو يتكاسل في الطاعات التي أمره بها الله.

والجُرم الأكبر أنه إذا وُجد في حضرة الشيخ الظاهرة أظهر نشاطاً منقطع النظير، وأظهر أدباً ليس له سبيل، فإذا كان بمفرده تنحَّى عن ذلك كله، فإن هذا قاصر النظر يظن أن الشيخ ينظره بعين الرأس فقط، وأنه لا يرى حركاته وسكناته، مع قول الله تبارك وتعالى في حديثه القدسي:

(ما تقرب إليَّ عبادي بشيئٍ أحب إلي مما افترضته عليهم، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ولسانه الذين ينطق به، ويده التي بطش بها، ورجله التي يسعى بها، ولئن سألني لأُعطينه، ولئن إستعاذني لأُعيذنه).

[رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه].

ولذلك كان الإمام عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه يقول:

[الأولياء الكمل يعاملون الخلق كما يعاملهم الله ـ أي كما يعامل الله خلقه ـ فمن أتاهم يمشي أتوا إليه مهرولين، ومن مشى إليهم باعاً أتوا إليه مهرولين خطوات وخطوات، ومن جاءهم فرحاً، كانوا أشد فرحاً به، ومن جاءهم متقرباً إليهم، كانوا له أشد تقريبا، لأنهم يتخلقون بأخلاق الله في التعامل مع السالكين والمريدين].

أسأل الله تعالى أن يجملنا بالجمال الذي يحبه ويرضاه مع عباد الله الصالحين أجمعين السابقين والمعاصرين واللاحقين.

وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم 

 الخميس: 16/9/2021 موافق 9 من صفر 1443 هـ – دار الصفا الجميزه طنطا لقاء الأحبة على برنامج التواصل الإجتماعي زووم ـ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid