المذيعة: ما أعظم أن تكون سيدة من سيدات المؤمنين قدوة لسيدات هذا العصر، إنها سيدة خير نساء العالمين، والسيدة التي اختصَّها الله عز وجل لتكون سنداً وعوناً لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وتكون دعماً له مادياً ومعنوياً، هذه السيدة قد أبلغها جبريل عليه السلام السلام من رب العالمين.
مشاهدينا الكرام نتحدث في هذه الحلقة عن سيدة نساء العالمين؛ السيدة خديجة، ومحدثنا فضيلة الداعية الإسلامي الشيخ/ فوزي محمد أبوزيد.
في البداية قبل أن نتحدث عن سيرة السيدة العظيمة خديجة ماذا تقول فيها؟
السيدة خديجة بنت خويلد أعظم زوجات الرسول صلى الله عليه وسلَّم، يكفها شرفاً وفخراً أنها أيَّدت الرسول صلى الله عليه وسلَّم، وساندته في كل ما تعرض له من مواقف، فكان صلى الله عليه وسلم كلما اشتد به أذى الكفار وعنادهم ذهب إليها فتُخفف عنه، وتُذهب الأسى عنه، وتجعله دائماً وأبداً في خير حال.
المذيعة: ما وصف السيدة خديجة رضي الله عنها؟
السيدة خديجة رضي الله عنها كانت أولاً عاقلة، لأن تصرفاتها كلها تنمُّ عن عقل رزين، وكانت حكيمة في كل أمورها، فإذا رصدنا كل أفعالها نجدها تصدر عن حكمة وروية، وكانت لبيبة شديدة الذكاء في كل أمورها سواءٌ قبل زواجها بالنبي أو بعد زواجها بالنبي، والأمثلة كثيرة في هذا الباب.
المذيعة: بداية نود أن نتكلم عن نسب السيدة خديجة وأين وُلدت؟ ومن تزوجت؟ ولماذا سُميت بالطاهرة؟
السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد من أصل قريش، ووُلدت في مكة، وكان أبوها خُويلد من رجال مكة المعدودين الذين لهم الزعامة في مكة مع عبد المطلب جد الرسول، ومع أُمية بن شمس.
وأُمها أيضاً فاطمة بنت زائدة من قريش، يعني أبوها قُرشي وأُمها قُرشية، وُلدت في مكة، ونشأت في مكة وتربت في مكة.
وسُميت الطاهرة لأنها رضي الله عنها وأرضاها تزوجت في سن صغير حوالي خمسة عشر سنة من رجل من قُريش يُدعى عتيق بن عائد بن مخزوم، وأنجبت بنتاً أسمتها هند، وولد اسمه عبد الله، ولكن الأمر لم يُسعفها فتُوفي زوجها عتيق.
ثم تزوجت أبو هالة النبَّاش بن زُرارة التميمي فولدت له ولداً سمته هند، وهو الذي ربَّاه الرسول صلى الله عليه وسلَّم، ولذلك كان يُقال له: ربيب حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، ومات زوجها الثاني أيضاً وهي صغيرة، وعندها من العمر حوالي خمسة وعشرين عاماً.
ولأنها ورثت من زوجيها مالاً كثيراً كانت تتاجر فيه عُرض عليها الزواج من زُعماء مكة كلهم ووُجهاؤها لجمالها ونسبها وأدبها ومالها، ففيها كل صفات الزوجة الصالحة، ولكنها رفضت وأصرَّت على ذلك من سن الخمس والعشرين حتى سن الأربعين، ولذلك سُميت الطاهرة لأنها رفضت الزواج في هذه الفترة بالكلية، وتفرغت لتجارتها وتربية أولادها.
المذيعة: كان لها تجارة من الزوجين، وكان لها ميراث من أبوها، فكانت تتخير الرجال الذين يديرون لها تجارتها، فترسلهم الى بلاد اليمن والشام والبلاد المعروفة بالتجارة، فكيف وقع اختيارها على الرسول صلى الله عليه وسلَّم في هذه الأثناء؟
الرسول صلى الله عليه وسلَّم في هذه الأثناء كان في مكة يُعرف بالصادق الأمين، لصدقه وأمانته، وكانت أخلاقه أُعجوبة في هذه البيئة، لأنه كما قال صلى الله عليه وسلَّم:
فكانت تسمع عن خُلُقه الطيب، وأمانته، وكان أهل مكة – مع صِغر سنه – كل من عنده أمانة ويخشى عليها كان يضعها عند الرسول صلى الله عليه وسلَّم لأنه الحريص الحفيظ على هذه الأمانات.
فأُعجبت بالرسول لخُلُقه، إلى جانب أنها كان لها إرهاصات، فقد رأت رؤيا منامية قبل ذلك، وأوَّلها لها ابن عمها ورقة بن نوفل، سنذكرها لاحقاً، فاختارت الرسول صلى الله عليه وسلَّم وقالت له: اخترتك لتجارتي لما بلغني عنك من صدقك وأمانتك.
ولذلك عندما عرضت عليه التجارة قالت له: لن أُعطيك مثل ما أُعطي رجال قريش، بل أُعطيك مثل رجلين، يعني الأجر مضاعف لصدقه وأمانته صلى الله عليه وسلَّم.
في هذا الوقت كان الرسول صلى الله عليه وسلَّم عندما توفَّى جدُّه عبد المطلب أوكل تربيته لعمه أبي طالب، وأبو طالب كان صاحب أولاد كثيرين، ومع أنه كان يشتغل بالتجارة، وكان من وجهاء مكة، إلا أن أمواله كانت لا تكفي أولاده.
فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلَّم حالة عمه أبي طالب استأذن عمه أن يشتغل في رعي الغنم لمساعدة عمه، ولكفالة نفسه تعفُفاً، فكان يشتغل برعي الغنم ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:
يعني على مبالغ ضيئلة من الأجر، وعندما رأى عمه منه هذا الأمر الطيب قال: يا ابن أخي إن خديجة تؤجِّر رجالاً لتجارتها، أفلا أعرضك عليها؟ مع أني أخشى عليك من اليهود، لأنه كان وهو في سن الخامسة عشر اصطحبه عمه أبو طالب في رحلة تجارية إلى بلاد الشام، ومروا براهب اسمه بُحيرة وقصته مشهورة.
رأى الراهب القافلة ورأى سحابة تُظلل الرسول من فوق رأسه أينما ذهب، فتعجَّب الراهب فأرسل إليهم يدعوهم إلى الغذاء عنده جميعاً، فتعجبوا وقالوا له: إننا نمر عليك دائماً ولم تدعنا إلى الغذاء، فقال: تعالوا ولا يتخلف منكم أحدٌ.
فذهبوا جميعاً ما عدا الرسول، فقال: هل بقي منكم أحدٌ؟ قالوا: لم يبق منا إلا غلام اسمه محمد، قال: ادعوه، فأتوا به، وبعد الطعام جلس معه الراهب وقال الراهب لسيدنا محمد: باللاتِ والعُزَّى تصدُقنَّي، فقال له: لا تذكر اللات والعُزى فإني لا أُحب سماع اسمهما، فقال: بالله لتصدقني، قال أصدقك.
فأخذ يسأله عن أمور مما يحدث له، ثم كشف ظهره فوجد خاتم النبوَّة، فقال الراهب لأبي طالب: هذا الغُلام ما شأنك به؟ قال: ابني، قال: لا عندنا أن أباه ليس بحيٍّ، قال: نعم أبوه مات وهو في بطن أُمه، وماتت أُمه من بعده، إنه ابن أخي، فقال: ارجع بابن أخيك هذا فإني أخشى عليه من اليهود.
ورجع فعلاً لأن اليهود كانوا يعرفون ميعاده، ومتربصين به، وكانوا يريدون أن يكون نبي آخر الزمان منهم، ولذلك جاءوا إلى المدينة طمعاً أن يكون نبي آخر الزمان منهم، لأنهم علموا أن هذه مدينته التي سينشر منها رسالته.
وذهب بعضهم إلى مكة وأقام بها ينتظر المواليد بها لأنهم يعلمون أوصافه، فالله عز وجل يقول في القرآن: ” يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ” (147البقرة) هل هناك من يتوه عن أبنائه؟! لا.
الصفات التي وصف بها سيدنا موسى النبي في التوراة جعلته واضحاً لهم وضوح الشمس، فكل شيء عن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كانوا يعرفونه.
فقال أبو طالب له: أعرضك عليها مع أني أخشى عليك من اليهود، فقال: لا بأس يا عماه، فعرض عليها أبو طالب كما تقول إحدى الروايات، فوافقت لما علمته من صدق رسول الله، وأرسلت إلى الرسول وعرضت عليه فوافق الرسول صلى الله عليه وسلَّم على الذهاب إليها.
المذيعة: ظل الرسول صلى الله عليه وسلَّم فترة مع السيدة خديجة فكيف عرضت عليه فكرة الزواج؟
الرسول صلى الله عليه وسلَّم عندما ذهب للتجارة كان معه غلام للسيدة خديجة اسمه ميسرة خادم له، ومعين ومساعد له في التجارة، فشاهد من الرسول أمور كانت عجيبة بالنسبة له.
فمجرد أن وصل إلى بلاد الشام بسرعة باع كل ما معه من تجارة والمكسب ضعف ما كانوا يكسبون، ثم اشترى تجارة أُخرى وعندما بيعت في مكة كسبت فيها أربعة أضعاف على غير العادة.
وشاهد ميسرة أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كما رُوي في الأحاديث الصحيحة أنه كان هناك ملكان يظللانه من الشمس أينما ذهب، إلى جانب صدقه وأمانته ووفائه.
فعرَّف ميسرة السيدة خديجة بذلك، فتوسمت خيراً في النبي صلى الله عليه وسلَّم، إلى جانب أنها كانت رأت رؤيا؛ أن الشمس نزلت في بيتها ثم انتشرت في العالم كله.
فذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان يطَّلع على الكتب السابقة، لأنه كان يُجيد القراءة، وكان نصرانياً، فقال لها: إن صدقت رؤياكِ فأنت ستتزوجين بنبيِّ آخر الزمان، سويخرج من بيتك الهداية إلى العالم كله.
وكانت لنساء قريش أعياد يحتفلن بها، فذهبت معهن في عيد وطُفنَ بالكعبة، وبعد الطواف إذا برجل يهودي يخرج ويحدثهن بصوت ضخم، وقال: أيتكنَّ التي تتزوج النبي الخاتم؛ نبي آخر الزمان؟ فالنساء الأُخريات ظنوا أنه يسخر بهنَّ، فمنهن من قذفته بالحجارة، ومنهن من سبته وشتمته، إلا السيدة خدبجة أحسَّت في نفسها بأنها صاحبة هذا الأمر.
كل هذه الإرهاصات إلى جانب ما حدَّثها به ميسرة جعلتها تطمع في الزواج من الرسول صلى الله عليه وسلَّم بعد خمسة عشر عاماً بدون زواج.
وكان لها صديقة تسمَّى مُنية بنت منبِّه، فعرضت عليها قصتها، فقالت لها: دعي لي هذا الأمر، فذهبت مُنية إلى الرسول صلى الله عليه وسلَّم وقالت له: يا محمد لِمَ لا تتزوج؟ فقال لها: كيف أتزوج وليس معي شيئاً من المال؟! فقالت: إذا كُفيت المال وعُرض عليك الحسب والنسب والجمال، فماذا تفعل؟ فقال: أتزوج، قالت: أعرض عليك خديجة بنت خُويلد، فما رأيك؟ قال: أوافق.
فذهبت إليها وعرضت عليها الموافقة، ففرحت، والرسول صلى الله عليه وسلَّم عرض الأمر على عمه أبي طالب، وعمه حمزة فوافقا.
فأرسلت خدجة إليهم أن ائتوا في ساعة كذا، وحددت الميعاد، وذهب النبي مع أعمامه إلى بيت خديجة وتمت الخِطبة، وخطب عمه كالمعتاد بالنيابة عن محمد يُثني عليه، فأجابه عمها عمرو بن أسد ووافقوا على الزواج، وتمَّ الزواج المبارك بالسيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
اختيارها لرسول الله يدل على رزانة في العقل، وعلى حكمة، وعلى أنها تنظر إلى الأمور بروية، فاختارت الرجل ذو الخُلق الحسن.
ويا ليت نساء هذا الزمان والبنات يبحثون عن صاحب الخُلق الحسن، ولا يبحثن عمن معه مال، أو وظيفة، أو نسب، لكن السيدة خديجة إختارت الخُلق الحسن، وهذا ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
وربما يتساءل البعض: لم اختار الرسول السيدة خديجة مع أنها كانت تكبُره بخمسة عشر عاماً؟ الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه له تعليلٌ طريفٌ في هذا الأمر، قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلَّم وقد اختاره الله لرسالته، وسينزل عليه أمر الله بالوحي وتبليغ الرسالة، فلم يكن يصُلح لصحبته في هذه المواقف لمساندته ومعاونته والتخفيف عنه ومشاركته إلا السيدة خديجة رضي الله عنها، لحكمتها وسنها وعقلها ومالها.
فلم يكن يصلح له شابة تريد حظَّ نفسها فقط، ولكن لم يصلُح له إلا هذه المرأة، فاختيار الله له أن السيدة خديجة جاءت في هذا الوقت لتؤدي هذه الرسالة.
المذيعة: ما كان دور الرسول صلى الله عليه وسلَّم من ناحية أولاد السيدة خديجة من زوجيها السابقين؟
ما ورد في الروايات الصحيحة أنه ربَّى هند بن أبي هالة، وكان هند بن أبي هالة رجلاً من رجالات الإسلام، وعاش مع النبي صلى الله عليه وسلَّم، ومات في الحرب بين علي ومعاوية في معركة صفين.
وكان الحسن والحسين أولاد السيدة فاطمة يقولان عنه خالي هند، وكانا يذهبان إليه ليصف لهما رسول الله، لأنه اشتهر بأنه خير من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وصفاً جسمانياً، لأنه كان رجلاً وصَّافاً.
فالذي وصف النبي هند بن أبي هالة، وأيضاً وصفته أُم معبد التي مرَّ بها النبي على خيمتها وهو في طريق الهجرة إلى المدينة وطلب منها الغذاء، فقالت: ليس لي إلا شاة ضعيفة ولم يكن في ضرَّتها شيء، فأمسك بها الرسول ودعا فأنزلت اللبن، فشرب وشرب أبو بكر، وملأ لها إناء تركه لها ولزوجها وأولادها، وكذلك الإمام علي كان ثالثهم في وصف الرسول صلى الله عليه وسلَّم.
لكن الذي أجاد وأفاد في هذا الوصف هند بن أبي هالة، ولذلك ذهب إليه سيدنا الحسن وقال له: صِف لي رسول الله صلى الله فوصفه له، وكان ذاهباً إليه خفية، وبعده ذهب إليه الحسين أيضاً خفية، وقال له: صف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوصفه له، فتواتر هذا الوصف وهو موجود في كُتب الشمائل.
المذيعة: كيف كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلَّم الزوجية؟ نحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان يُعزِّ السيدة خديجة معزةً خاصة، ويُحبها حباً خاصاً، فكيف كان يتعامل معها؟ وكيف كانت تحتويه؟
السيدة خديجة؟
السيدة خديجة كانت نموذجاً مثالياً للزوجة الصالحة في تعاملها مع الرسول صلى الله عليه وسلَّم، فكان صلى الله عليه وسلَّم كلما خرج إلى أهل مكة يدعوهم للإسلام يواجهوه بالإساءة، فيعود إليها فتواسيه وتحنوا عليه وتُخفف عنه ايذاءهم، وهذا بعد بعثته صلى الله عليه وسلم.
أما قبل الرسالة فقد كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تُغدق على النبي صلى الله عليه وسلَّم من حنانها وعطفها، وتُعطيه كل ما يمكن أن يُطفي على الحياة الزوجية السعادة والبهجة البارعة.
ولذلك عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلَّم مع بعض أعمامه أن يُخفِّفوا عن أبي طالب، وكان لأبي طالب ثلاثة عشر ابناً، فاتفقوا على أن يأخذ كل رجل منهم ابناً من أبناء أبي طالب يكفُله ويربيه.
فاختار الرسول صلى الله عليه وسلَّم عليّ بن أبي طالب، وكان صبياً عنده سبع سنين، فقامت رضي الله عنها بكفالة عليّ كما تكفُل أبنائها، بل خيرٌ منهم كما ينبغي، ولم تتبرم ولم تتضايق، بل كانت تكسوه بعطفها وحنانها على الدوام.
وكان أولادها من الرسول صلى الله عليه وسلَّم أربع بنات، وولدان، الأولاد القاسم والذي كُني به الرسول صلى الله عليه وسلَّم بأبي القاسم، وعبد الله ويُسمَّى الطاهر، وهما ماتا صغاراً
والبنات أربعة، أُم كلثوم، ورُقية، وزينب، وفاطمة، ورغم تربيتها لأولادها لم يشغلها ذلك عن كفالة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهب لها ابن أخيها حكيم بن أسد عبداً كان قد اشتراه، ورأت أن هذا العبد كان يُحبه النبي حباً شديداً فوهبته له، هو زيد بن حارثة رضي الله عنه، والد أُسامة بن زيد، وهذا الرجل كان ذاهباً مع أُمه في زيارة لأهلها فخطفه البعض وباعوه في مكة، واشتراه حكيم بن أخيها ووهبه لعمته السيدة خديجة.
فلما رأت حب الرسول له، وحبه للرسول وهبته له، وظلَّ هذا الرجل زيد بن حارثة حتى رآه بعض حجاج قومه وهم يطوفون بالكعبة فأخبروا أبوه، فجاء أبوه وعمه وإخوته وعرضوا على الرسول صلى الله عليه وسلَّم أن يأخذ ما شاء من المال ويترك لهم ابنهم، فقال صلى الله عليه وسلَّم:
فهذا الأمر كان كذلك مكُرمة من السيدة خديجة، بل الأكثر من ذلك أن السيدة حليمة السعيدية مُرضعة الرسول صلى الله عليه وسلَّم جاءته لتزوره وكانت سنة مُجدبة، وكانت تعيش في الصحراء، وليس عندهم شيء فجاءت على أساس أنه ابنها من الرضاعة وتطلب منه أن يعطف عليها ويُعطيها شيئاً تتقوَّت به.
فلما دقَّت الباب ورآها النبي، سمعتها السيدة خديجة فخرجت وقابلتها مقابلة طيبة، وأكرمت وفادتها لإرضاعها للرسول صلى الله عليه وسلَّم، وأعطتها أربعين شاة من مالها، وناقة تحمل عليها الماء والطعام، وزودتها من أطعمة وأكسية حتى تصل إلى ديارها، وكل هذا من أجل النبي صلى الله عليه وسلَّم.
بل كان النبي – كما تروي الروايات – عندما يغيب عنها قليلاً تخرج تبحث عنه في كل طُرق مكة، وكل هذا حباً فيه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ
[1]الفوائد الجلية في مسلسلات ابن عقيلةعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
[2]صحيح البخاري وسنن ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه
[3]الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار عن ابن عباس رضي الله عنهما