السؤال الأول: هل يلزم إثبات الطلاق عند مأذون؟
——————
الطلاق حالياً لابد من توثيقه، وهذا ما نطالب به، ونقول: إذا وقعت الطلقة الأولى فنقول له: إذا كان يريد إرجاعها: لن ترجعها إلا إذا ذهبتَ وأثبتَّ هذه الطلقة عند المأذون، فتكون مسجلة رسمياً للأيام وليكون لها ملف. فإذا طلقها مرةً ثانية فلابد أن توثقها عند الماذون، فإذا رآه لا يصلح فلابد من تسجيل هذا الكلام، ولو مشينا على هذا المنوال فسنمشي على الصواب.
وقد سمعتُ أكثر من ذلك، وقد قرأته في الأسبوع الماضي في النت: أن زوجات يشتكين من أن زوجها طلقها ولم يخبرها بذلك، وعاش معها في الحرام فترةً طويلة!!، وعاش معها في زنا!!، وهي لا تدري ولا تشعر، لماذا؟ لأن الناس تتساهل في مثل هذه الأمور، لكن الأمور تحتاج إلى ذلك التسجيل على الفور.
فإذا حدث خلاف وحدث طلاق فمعذرةً – أين نثبت هذا الطلاق؟، يكون عند المأذون، فهنا يعرف حدوده، فيعرف أن له طلقة واحدة فقط، لأنه الآن يحلف كذا يمين ويذهب لهذا ويقول له: أنا حلفت كذا وفلان ردَّه لي، ويذهب للثاني ويقول له: أنا حلفت بكذا وفلان ردَّه لي، وهكذا فيكون حالفاً ست أيمانات ويكذب ويتحايل ليظل يعيش على هذا، وليس معه الضمير اليقظ الذي يخشى الله عزَّ وجلَّ.
فماذا يصنع الناس؟، الحل الأمثل هو التسجيل في مثل هذه الظروف، فهم يريدون الآن أن يكون للطلاق إثنان من الشهود، لاينفع – لأنه حالياً أخرج اللفظ في حالة عادية وليس هناك شهود، فهل نقول له: هات شهود وكرر اللفظ مرةً أُخرى؟، وكيف تأتي بالشهود؟، فهل تأتي بشهود من الجيران في البيت؟، فنحن نتقي الشبهات وما قاله الناطق به فهو صحيح، وهي موقفها هنا – أنه حلف طلاقاً فعليه إثباته أولاً ثم يراجعها عند لجنة الفتوى وزوجته معه لتسمع ما يقولون، ولابد للإثنين أن يكونا معاً، وهذا من الأساس، لأنه لو قال شيئاً خطأً تراجعه، وإذا هي قالت شيئاً خطأً يراجعها، لأنه أصبح الآن موضوعاً خطيراً فيكونا هما الإثنان متضامنين فيه.
فنريد كل هذه الأمور من خلال المشرِّع، وعصرنا هذا يحتاج إلى الفتوى الجماعية وليس لواحدٍ فقط، فلو أن مجمع البحوث الإسلامية جلس علماؤه مع بعضهم ودرسوا الموضوع وأصدروا قراراً فالكل سيلتزم به، فعصرنا يحتاج أن نُلغى الفتاوى الفردية التي أخرجها كل واحد بنفسه. لكن الفتاوى الأفضل تكون الفتاوى المجمَّعة، ما داموا قد اجتمعوا على رأي فمن الذي يعترض؟، لا أحد، والآخرون حتى إذا كانوا قلة قليلة فلا نعبأ بهم.
لكن هذا العصر يحتاج للفتاوى الجماعية، فهناك مجمع البحوث الإسلامية، ومنظمة البحوث الإسلامية التابعة للمؤتمر الإسلامي في جدة، وهي منظمة إسلامية يجتمع فيها علماء العالم الإسلامي كله من العلماء الكبار ويصدرون فتاوى جامعة، واسمها منظمة المؤتمر الإسلامي وهي تعتبر أفضل حل في هذا الموضوع.
******************** السؤال الثاني: هل توجد صيغة معينة لرد الرجل زوجته المطلقة؟
—————–
لا، هو الرد حالياً إذا كان يريد أن يقول كلمة فيقول: رجعتك إليَّ، والجماعة العلماء يسَّروا الموضوع، فكونه ذهب ليرجعها فهذا يعتبر ردٌّ لها، وكذلك إذا واقعها فقد ردٌّها.
والناس الفلاحون القدامى – وهم على نظام زمان – يأتوني ويقولون لي: نريد أن تردَّ لنا اليمين، فأقول لمن يأتني منهم: قل معي: تبتُ إلى الله، ورجعتُ إلى الله، وندمت على ما فعلتُ وعلى ما قلتُ، وعزمت على أنني لا أعود إلى ذنبٍ أبداً، ورجعتُ زوجتي إليَّ. وأقول لهم ذلك لأنهم تعودوا على هذه الطريقة، وهو أيضاً لن يستريح حتى تقول له هذا الكلمات.
************************** السؤال الثالث: رجلٌ طلق زوجته ثم ذهب للمأذون وطلقها عنده فهل تُحتسب طلقتين؟
—————
ما تتحدث عنه أنه ذهب للمأذون وطلقها أمامه فهذا يطلق طلاقاً باتَّاً نهائياً، لأنه سيستخرج له مستند الطلاق فيُصبح الموضوع مُنتهياً، لكن ما نتكلم عنه هو أن يسجلها فقط عنده، لأنه لو استخرج وثيقة الطلاق فيُصبح طلاقاً رسمياً، فإذا نطق بها مرة أو إثنين أو خمسة فكله مثل بعضه، لأنه استخرج مستند الطلاق وانتهى الموضوع.
******************************* السؤال الرابع: ما حكم الطلاق الشفوي؟
—————
الموضوع إثارة وعملتها الفضائيات بالنسبة لموضوع الطلاق الشفوي، ويستغلون بعض المنتسبين للدعوة وهؤلاء ينقبون فيأتون بآراء ضعيفة ويرددوها.
ونحن في هذه البلد ملتزمون بالقوانين الرسمية التي تطبق علينا، فمن يرفع قضية طلاق – لمن يرفعها؟!!، للمحاكم، فما القانون المطبق في المحاكم؟ فهذا ما يجب أن تلتزم به، أم هل نترك قوانين المحاكم ونعمل لنا قوانين خاصة بنا؟!!.
فنحن مرتبطون بقوانين المحاكم، فالرجل له رأيٌ وجيه، فإذا كان له رأيٌ وجيه فيعرضه على لجنة علماء الأزهر، وهم يطالبون بتغيير التشريع الذي نحتكم إليه في المحاكم، ولكن لا يعمل لها بلبلة خارجية في الصحف.
واحد قال لزوجته: أنتِ طالق، ولا يوجد أحدٌ معه، فهل نقول: أن هذا الطلاق لا يقع حتى يأتي بإثنين من الشهود؟ فالحياة التي يعيشها مع زوجته كيف تكون هيئتها بعد ذلك؟ حرام أم حلال؟!!، حرام، أليس كذلك، فهذا كلام ما أنزل الله عزَّ وجلَّ به من سلطان، وهذا كلام ينافي التشريعات التي نمشي عليها.
صحيح أن في عقد الزواج لابد من إيجاب وقبول، لكن الطلاق هل فيه إيجاب وقبول؟ هل يقول الرجل لزوجته: هل أطلقك أم لا؟!!، هل هذا ينفع؟!!، أو يقول لها: أنت طالق، فتقول له: لا أنا لستُ طالقة؟، وماذا يكون الوضع؟!!، هل نأتي بإثنين شهود ليشهدوا على الطلاق؟
شرعٌ شرعه الله، ونحن جميعاً نلجأ للمحاكم، والله تعالى يقول: (أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الامْرِ مِنْكُمْ) (59النساء). وأولي الأمر عملوا لك قانوناً، فكيف نترك هذا القانون ونعمل قوانين خاصة ونعمل بلبلة للناس؟!!.
****************** مداخلة: ويمين اللغو؟
———
هذا اللغو الذي بيننا ليس يمين – كيف؟ يعني أنا أدعوك للغذاء عندي وأقول: والله لتدخل البيت، أو والله لتأكل هذه، وأنت لم تدخل ولم تأكل، فهذا اسمه يمين لغو. لكن الرسول قال فيه: (ثلاثٌ جدُّهن جد وهزلهن جد، أولههن الطلاق) . فلو واحد مزح مع زوجته وقال لها: أنتِ طالق، فقد وقع اليمين، فهذه غير تلك، لماذا؟ حتى لا نُجري هذه الكلمة على ألستنا أبداً، فالمؤمن الحكيم يعمل كما فعل النبي الكريم، فهذه الكلمة لا تجري على لسانه لا في حق ولا في باطل، ولا مزاح ولا لهو، ولا لعب ولا شيء، ولماذا هذه الكلمة بالذات؟ فنأتي بكلمة غير هذه.
لكن يمين اللغو: أن الإنسان يريد مجاراة واحد في أمر ويحلف عليه، والآخر أصرَّ على رأيه ولم ينفذ البرَّ، والمفروض عليه أن ينفذ كلام أخيه، ولم ينفذ فيقول أخوه: والله لتأتي ولم يأتِ، فهذا يمين لغو وليس عليه شيء، لا كفارة ولا شيء نهائياً، واليمين الذي عليه الكفارة هو اليمين العامد المتعمد ويعرف أنه يحلف على شيء.
حتى لو ظهر بعد قليل أنني حلفت على شيء ليس صحيحاً فهذا الذي عليه الكفارة، لكن لو حلفت متعمداً وأعرف أنني كاذبٌ، فهذا ليس يمين كفارة ولكنه يمين غموس يغمس صاحبه في النار والعياذ بالله عزَّ وجلَّ. وهذا إجماع المسلمين، وهذا ما نمشي عليه، هل كان هناك توثيق من عصر النبوة إلى عصرنا هذا في الطلاق؟!!، إذن فهذا إبتداع في دين الله عزَّ وجلَّ.
والعلماء عملوا الوثيقة عندما تلاعب الناس، فكان فيمن سبق الكلام شفوياً وكان الناس يعدون، فلما أصبح الناس يتلاعبون فعملوا وثيقة الزواج، ولكن بالنسبة للطلاق فالأمر على ما هو عليه. وكما قلت: الطلاق لا تُستشار فيه المرأة، ولا أبوها ولا أمها، فالزوج يقول كلمة الطلاق وانتهى الأمر، حتى ولو قال الكلمة في التليفون فقد وقع الطلاق.
وهذا إجماع المسلمين، أما رأي الجماعة الآخرين فهذا إثارة وبلبلة لا داعي لها في مجتمع المسلمين، لأنهم سيجعلون الناس منهم من يميل لرأيهم، ومنهم من يدافع عن رأيهم، ونوقع المجتمع في حيص بيص.
************************************
السؤال الخامس: ما حكم المحلل؟
—————-
المحلل حرام: (لعن الله المحلِّل والمحلَّل له) .
وما معنى المحلِّل؟ هو أن رجلاً طلق زوجته طلقة ثالثة ويريد في نفس الوقت أن لا يتركها، فيتفق مع واحد أن يتزوجها بعد أن تُوفي العدة، ويقول له: تتزوجها ولكن ليوم وليلة فقط وتطلقها، وبعد أن تنتهي العدة يرجع يتزوجها مرةً ثانية. وبهذه الكيفية إسمه طلاق المحلِّل، والرسول قال فيه: ما نسميه التيس المستعار، يعني تيس متخفي وهذا ما لعنه الله كما قال: (لعن الله المحلل والمحلل له).
لكن لو تزوجت واحداً بزواج عادي، والرجل بعد فترة طلقها لسوء تفاهم أو غيره، فيصِّح أن ترجع للأول، وهذا ما يريد الإسلام أن يبلغنا به، ولكن لا ينفع بالإتفاق.
وبعض المذاهب أحلَّت المحلِّل، ولكننا لا نريد اللجوء لهذه الأمور، وكان الشيخ عطية صقر رحمه الله يأخذ بهذا الرأي ويبيح في فتاويه بالأخذ بالمحلِّل، وهو أيضاً رأيٌ فقهي، لكن ما ينفعنا هنا الإجماع بهذه الكيفية.
********************** السؤال السادس: ما حكم جواز الهزل؟ أو ماحكم زواج الأطفال الصغار؟
————–
الهزل: أي بمعني أن واحداً كبيراً ومعه آخر قال له: زوجني إبنتك، فرد عليه: هي زوجتك، فهنا قد وقع الزواج، أما بالنسبة للصغار يقولون: لما يكبروا نزوِّجهم لبعض، لكننا هنا نتكلم عن واحد كبير. سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يطوف بالبيت، وجاءه عُروة بن الزبير في الطواف ـ وكما قال صلى الله عليه وسلَّم: (الطواف صلاة إلا أن الله عزَّ وجلَّ أحلَّ فيه الكلام) . فقال له: زوجني إبنتك فلانة، ولأنه في الطواف فلم يتكلم وسكت، بعد عودته للمدينة جاءه مرض الموت، فجمع أولاده وقال لهم: كنت قد وعدت فلاناً بزواج إبنتي؛ طلبها مني ولم أردّ عليه وسكتُّ، والسكوت علامة الرضا ومعناها أنني موافق، أخشى أن ألقى الله بتُلث النفاق – أى إذا وعد أخلف – وأشهدكم أنني زوجتها لفلان، وكان كلاماً بغير شهود ولا قسيمة ولا شيء من ذلك. هذا الكلام لا ينفع من الصغار، ولكن لمن بلغت سن الزواج، لأن الصغيرة لو تزوجت يحدث مشاكل بعد ذلك، ونحن نتركها لعدم حدوث مشاكل حتى تبلغ، لكن هذا الكلام لمن بلغت سن الرشد.
********************** السؤال السابع: ما حكم شخص عقد النيَّة للطلاق ولم يتلفظ به؟
——————-
لابد للطلاق من التلفظ باللفظ الصريح أو بكناية من كنايات الطلاق، لكن الشيء الذي في نفسك قال فيه صلى الله عليه وسلَّم: (رُفع عن أمتي السهو والنسيان وما حدَّثت به أنفسها) .
من حكمة الله، ورحمة الله بنا، أن ما بداخلك لا يحاسبك عليه الله عزَّ وجلَّ، فلو فكرت في ذنب ولم تفعله فلا يحاسبك عليه، ويحاسبك عليه لو كان شيئاً خيرياً، فلو فكرت في عمل خير ولم تفعله يعطيك أجراً عليه، ولكن لو كان شراً فمن رحمته انه لا يحاسبك عليه.
فلابد النطق باللفظ الصريح، أو بلفظ من ألفاظ الكناية التي تؤدي إلى معنى الطلاق، كأن يقول لها: إذهبي إلى بيت أبيك، فهذا معناه الطلاق.
********************* السؤال الثامن: ما حكم طلاق الغضبان؟
————-
قلنا مراراً وتكراراً أنه لا يصح فينا من ينطق بلفظ الطلاق.
أولاً: الطلاق في حالة الغضب فيه حديث قال فيه صلى الله عليه وسلَّم: (لا طلاق في إغلاق) . يعني: الواحد فكره توقف ولا يدري ما يقول، يقولون له: أنت قلت كذا، يقول: لم يحدث. فهذه اسمها حالة الإغلاق، فهنا لا يؤاخذ بما قال.
لكن أنا عرفت ما قلته، يسألوه: ماذا قلت؟، يقول: قلت كذا وكذا، فليست هذه حالة الغضب فكثيرٌ من الناس يريد أنا يُدخل نفسه في حالة الغضب وهو في الحقيقة لم يدخل في الغضب ويعرف ما قاله، فهذه المشكلة الكبرى لأن المفتي يفتيك على حسب ما تقول، وعلى مسئوليتك أنت، والناس يظنون أنه عندما يكذب ويتحايل لكي يفتي له المفتي بذلك فقد نجا، لا، المفتي يفتي على حسب عرضك أنت، فلابد من العرض بصدق.
فالإغلاق هو أن لا أدري ماذا أقول؟، ولكن إن كنت أدري ما أقول وأعرف هذا الكلام وأحفظه فهذا ليس في حالة الإغلاق، ولكنه في حالة الوعي. فالإغلاق الذي نستطيع أن تسميته بحالة فقدان الوعي، فيُهزي ويُهزي ويُهزي ويقولون له: أنت قلت كذا، فيقول لم يحدث، فهذا ما يسمونه بحالة الإغلاق التي لا يقع فيها الطلاق.
****************** السؤال التاسع: هل المطلقة تمكث في بيت زوجها بعد الطلاق؟
—————-
الأفضل شرعاً أن تبقى في بيت زوجها ما لم يؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل، لماذا؟ لأنهما إذا كانا قريبان من بعضهما فسيتيسَّر الرجوع، على أن تحفظ نفسها منه ولا يحدث ما يُعكر الصفو بينهما.
لكن إذا كان الموضوع زائد عن الحد وإذا بقيت معه فستزيد المشاكل فنقول لها إبعدي عنه لتفادي زيادة المشاكل، لكن هي الأفضل أن تبقى في بيت زوجها مع الوقاية والحفظ.
********************* السؤال العاشر: هل يقع الطلاق إذا لم يتم اللفظ به؟
———
كنايات الطلاق موجودة ونرجع فيها للنيَّة، وننظر ما نيَّته، مادام الطلاق غير صريح ونسأله عن نيَّته، وهو الذي يحكم على نفسه.
******************* السؤال الحادي عشر: هل تُحسب عدد مرات الطلاق في الجلسة الواحدة؟
————–
في القانون الذي نمشي عليه: إذا كنت في مجلس – مثل هذا – وفي نفس الجلسة كررت اليمين نعتبره يمين واحد، فإذا غادر الجلسة – ودخل الحمام مثلاً – وخرج فتكون جلسة أخرى، وإذا خرج مرةً ثانية ليتكلم في المحمول وعاد أصبحت جلسة ثالثة. لكن لو كنا جالسين كما نحن الآن ولم نتحرك فكل الأيمان التي يقولها تعتبر يميناً واحداً، مادام كان في جلسة واحدة، وهذا التشريع الذي نحن عليه.
********************* السؤال الثاني عشر: هل من الضروري أخذ رأي البنت عند الزواج؟
————-
لابد من أخذ رأي البنت عند الزواج، فقد ذهبت بنتاً إلى حضرة النبي وقالت له: أبي زوجني من إبن أخيه ليرفع بي خسيسته ـ يعني هو رجل فقير والآخر غني ـ وأنا كارهة، فقال لها: تريدين أن نُنهي هذا الموضوع، قالت: يا رسول الله أنا لا أردُّ أمر أبي ولكن ليعلم الرجال أن النساء لابد من أخذ رأيهنَّ.
أنا أحببت أن لا يعمل الرجل برأيه ولكن لابد من أخذ رأي إبنته، ولذلك الحديث الآخر: (البكر تُستأذن وإذنها صُماته ـ أى يقول لها: ستتزوجين فلاناً، فإذا سكتت فهذا علامة موافقتها ـ والثيب تُستأمر) .
ولكن الثيب أمرها معها وليس مع أحد آخر، وهي التي تُقرر، فلا ولي الأمر يُقرر لها، ولا أحدٌ يُقرر لها إلا بعد موافقتها ـ لكن البكر لحيائها نسألها فإذا سكتت فهذه موافقتها، ولذلك الحديث قال: (وإذنها صُماتها) ـ يعني سكوتها.
*************** السؤال الثالث عشر: هل كل إنسان مرتبط بنجم في السماء؟
————-
هذه علوم يعملوها الجماعة الذين يبغون التنجيم، أن فلاناً هذا مرتبط بنجم كذا، وفلاناً الآخر مرتبط بنجم كذا، وفلاناً مرتبط بنجم كذا، ولكننا لا نؤمن إلا بواحد من إثنين: الأول: إما شيء ورد في الآيات القرآنية وفسرته الأحاديث النبوية، فهذا نؤمن به. الثاني: أو شيء ثبت في العلم الحديث بصورة يقينية. كل العلوم الأخرى التي لا في هذا ولا في ذاك فهي علومٌ ظنية أو وهمية أو خيالية فلا شأنٌ لنا بها.
ولذلك يختلف من واحد لآخر، فمنهم من يدعي أنه يرى النجم، ومنهم من يدعي أنه يرى الرمل، ومنهم من يدعي أنه يقرأ الكف، ومنهم من يدعي أنه يقرأ الفنجان، وقد يُصيب وقد يُخطئ، لكن كلها علومٌ ظنية وليست يقينية. ومتى تكون يقينية؟ إذا جاءت من طريق القرآن والسنة، أو العلم الحديث أثبتها يقينياً، فلم تعد نظرية ولكن أصبحت قانوناً علمياً ثابتاً.
فعلوم النجوم التي يتحدثون عنها كعلوم الأبراج وغيرها، وهذا برج الميزان وهذا برج كذا، وكما يحدث في الصُحف يقولون: اليوم أصحاب برج الميزان يحدث لهم كذا، أو أصحاب برج كذا يحدث لهم كذا وكذا وكذا، فهل من يُولدون في هذه الفترة تحدث لهم هذه الحالة.
فكلها أمور ظنية تخيلية والمفروض أن لا ننشغل بها، والمؤمن لا يذهب إلى عرَّاف ولا إلى مُنجِّم ولا إلى كاهن، وقالوا: ((كذب المنجمون ولو صدقوا))، فقد يصدق مرة، ولكن هل معنى ذلك أنه يصدق بعد ذلك؟ لا، فلا نصدقه بعد ذلك لا من البداية ولا من النهاية.
****************************
السؤال الرابع عشر: ما حكم العطية من الميراث؟
————
الإنسان في حياته يتصرف في ماله كما يشاء، فهذه المرأة التي ليس لها أولاد فليس لها الحق في التصرف في مالها إذا كانت تريد أن تحرم أهل الميراث الأصليين.
وليس عليها شيء في أن تُعطي من مالها هذا الذي كان يُنفق عليها وتريد أن تعوضه عن ذلك، فنيَّتها هنا خير، فتريد أن تؤدي له الشكر كما تكلمنا في الخطبة الآن. فهي حرة في التصرف في مالها في هذه الحالة وليس عليها شيءٌ، فتفعل ذلك وهي مطمئنة أنه ليس عليها شيء إن شاء الله.
****************** السؤال الخامس عشر: نرجوا توضيح الفرق بين قوله تعالى: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) (6الرحمن)، وبين قوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) (1النجم)؟
—————-
النجم هنا غير النجم هنا، فقوله تعالى: والنجم والشجر يسجدان، أى أن النجم هنا نبات ليس له ساق فنسميه النجم، لكن النجم الذي ذُكر في أول السورة هو النجم الذي في الفضاء الكوني، وهي النجوم التي قال الله فيها: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (75الواقعة).
وهو النجم الكوني، لكن النجم هنا هو كل نبات ليس له ساق، ولذلك قال: والنجم والشجر، يعني الشجر الذي لله ساق، والنجم أى النبات الذي ليس له ساق، وكلهم يسجدون لله عزَّ وجلَّ.
******************
السؤال السادس عشر: نرجوا توضيح قوله تعالى: (وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ) (45الحج)؟
—————-
البئر هنا هي البئر التي كانت عندما نزل الملكين على أهل العراق قال تعالى فيهما: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) (102البقرة).
وبابل هي أرض العراق حالياً، والملكين هما هاروت وماروت، فقالوا: أنهما بعد أن علموا الناس السحر وافتُتنوا به، فسيدنا سليمان عندما جاء جمع كتب السحر كلها ووضعها في بئر اسمه بئر برهوت، وهذا البئر الذي تعطل فسُمي ببئر معطلة.
****************** السؤال السابع عشر: نرجوا توضيح قوله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (75، 76الواقعة)
————–
نحن الآن عندما عرفنا ما لم يعرفه العرب من قبل، فعرفنا علم الفلك أو شيء من علم الفلك، ورأينا فيه النجوم كيف تمشي في الفضاء: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (38يس)، فهذه تمشي هنا وتلك تمشي هناك: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (40يس). فكل نجم يسير فأين رجال المرور الذين ينظمون مسارات هذه النجوم؟، لم نسمع أن نجماً اصطدم بنجم، أو اصطدم بكوكب – فمعناها أن تقوم الساعة – فكيف يسيرون في هذه المسارات؟
فعندما رأينا هذه الأشياء حالياً في علم الفلك، ورأينا النجوم نفسها حالياً لها عمر وينتهي، وأن هناك جبانة موجودة في الفضاء، ورآها رجال الفضاء بالمناظير الكبيرة جداً كمناظير هابل وغيره وغيره، ويروا أن النجم عندما ينتهي عمره يُدفن في مقبرة من هذه المقابر، وهي مقابر للنجوم في الفضاء الآن – سبحان الله.
وعندما نراها الآن، نعلم أن الأرض تدور حول الشمس، وأن الشمس جزء من مجموعة اسمها المجرَّة، ومجرتنا اسمها دِرب التبانة، ويوجد أكثر من ألف مجرة ومجرتنا أصغرهم. هذه الأشياء عندما نراها الآن يزيد المؤمن يقيناً في الله عزَّ وجلَّ، ولذلك ربنا قال في القرآن: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (76الواقعة)، لو عرفتم لوجدتموه قسماً عظيماً، والآن بدأنا نعرف، لأن علم الفضاء لا حدَّ له ولا نهاية له.
******************* السؤال الثامن عشر: نرجوا توضيح قوله تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) (45فصلت).
—————
الكلمة معناها واسع، فالكلمة هنا هي: القضاء والقدر الإلهي الذي جهزه الله عزَّ وجلَّ، وجعل فيه مقادير العباد وأحوال العباد إلى يوم القيامة. فالكلمة هنا هي: أقدار الله السابقة، ولكن معناها يكون على حسب الموقع والوضع الذي ذُكرت فيه.
فإذا انتقلت إلى آية أخرى تجد لها معنى آخر، ككلمة الله في سياق آخر: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (82يس). فالكلمة هنا هي كلمة (كُن)، فتختلف الكلمة من مكان لآخر، لكنها هي الأقدار التي جعلها الله عزَّ وجلَّ وقدَّر فيها أقدار كل شيء إلى يوم القيامة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم