• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

18 نوفمير 2014

أسئلة حائرة وإجابات شافية _ مجلس السهرة مركز شباب المحاميد قبلى 18/ 11 / 2014م

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

مشايخ التربية وأوصافهم

الحي القائم

أوصاف الشيخ المربي

بين المجذوب والمعتوه

أين الله؟

القلب والفؤاد واللب

حول بناء الأضرحة

قراءة سورة المسد في الصلاة

تأييد الله لرسوله

طلاق الغضبان

تغسيل الأم لابنها والزوجة لزوجها

البلاء ودعاء الصالحين
المجلس الحادي عشر: أسئلة[1]

بسم الله الرحمن الرحيم، قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: ((ما تزالون بخيرٍ ما إن وُجد فى صدر أحدكم شيئاً وجد من يُخبره عنه)) إذا وُجد من يُخبر الناس بما يحيك فى صدورهم من مسائل الدين أو الطريق إلى الله فيكون والحمد لله، الخير مازال موجوداّ وفى الأثر المؤيد بالحديث: { الْخَيْرُ فِيَّ وَفِي أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ }[2]

السؤال الحادي عشر: ابتُلى المسلمون ابتلاءاً شديداً في هذه الأيام، ابتلاء فى مصر وإبتلاء فى سوريا وإبتلاء فى العراق، والصالحون كما قلت فضيلتكم ملأى منهم الأرض، فأين دعوات الصالحين من هذا البلاء؟ أليس فيها دعاءٌ مُستجاب؟

الدعاء مُجاب ويُستجاب والحمد لله، ونحن فى مصر لولا دعاء الصالحين هل كنا وصلنا إلى هذا الحال؟ فلولاه لوصلنا إلى ما وصلوا إليه فى ليبيا والصومال والعراق، فالذي حفظ مصر وأهل مصر دعاء الصالحين.

لكن هذه الفتن اسمها فتن القيامة، سيدنا رسول الله ذكرها بالتفصيل وأكتفى بحديث واحد منها وهو حديثٌ صحيح، قال فيه صلى الله عليه وسلم:

{ سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ: مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }[3]

يكون فى آخر الزمان شبابٌ صغار – كما ترونهم الآن – كلهم عقولهم غير سوية يقولون بقول خير البرية، يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان، وهذا ما يحدث الآن.

فعندما ظهر الشذوذ الفكري وبعدنا عن الوسطية ظهرت كل المشاكل التى نعاني منها الآن، فلو عُدنا للستينيات كان كل المنتشر فى بلادنا هم رجال الأزهر، وكل الناس يذهبون إليهم ليستفتونهم ويسألونهم، فرجال الأزهر ليس لهم شأنٌ بالسياسة ولا بحزب سياسي ولا يريدون زعامة ولا يريدون كرسي ولا مناصب، فكانت البلاد كلها مستريحة.

فلما ظهر الفكر الشاذ، وهذا الفكر شاذٌ لأنهم أتخذوا الإسلام شعاراً لمآرب أخرى، فمنهم من جعل الإسلام شعاراً لينجح فى إنتخابات وعمل حزب سياسي، ومنهم من جعل الإسلام شعاراً لأن عندهم طموحاً شديداً فى أنهم يحكمون المسلمين تحت زعم الخلافة الإسلامية، أليس هذا ما يحدث الآن؟ ماذا يفعلون؟ جاءوا بأفكارهم وكفّروا باقي المسلمين، وهذه هي المصيبة التى نزلت بنا حالياً.

ذهب فريق للعراق وسوريا ليصلحوا بينهم وقالوا لهم: إن أمريكا وحزبها يحاربونكم، فاتحدوا مع بعضكم بدلاً من محاربة بعضكم، فداعش تحارب النُصرة وتحارب أنصار الشريعة وغيرهم وكلهم يضربون بعضهم، فجلسوا هناك عشرة أيام، وبعد ذلك قالوا: فشلنا، فسألوهم لماذا فشلتم؟ فقالوا: كلما أردنا أن نجلس مع جماعة منهم يقولون: كيف نجلس من هؤلاء الكفرة؟! فهؤلاء يكفرون المسلمين حالياً، وهؤلاء هم أتباع الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي رضى الله عنه.

وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن أحوالهم، والفتنة لكى تشيع ملَّكهم الله بعض الأموال، وأمسكوا ببعض السلاح فيغُرون الشباب:

فمنهم من يغرونهم بالمال، ومن يغرونهم بالجنس ويقولون لهم: تعالى إلى سوريا والعراق وها هنا النساء الأوروبيات وبناتهم الجميلات لتتزوج منهن، أو أهل الشام الجميلات ونعطيك فى اليوم الكثير من الدولارات.

وهم يطلبون مهندسين بترول، لماذا؟ لأن عندهم بترول، وعندما حدثت المعارك فالمهندسون المتعاقدون فى شركات البترول هربوا وتركوهم، فاحتاجوا لتشغيل الناس فعملوا إعلانات بأنهم محتاجين لمهندسين وسيعطونهم فى الشهر مائة ألف دولاراً، أنظر إلى الراتب وقدره؟! وأنا لا أقول هذا الكلام فيكون أحد الحاضرين متخصص فى البترول فيذهب إلى هناك؟ لا، فهم محتاجين لمهندسين بترول وهذه هى المصيبة، حتى لو أن أحدٌ أراد أن يرجع فلا يتركوه حتى يقتلوه.

فهذه هي الفتنة التى عمَّت الأمة الإسلامية، فكيف النجاة منها؟

نرجع مرةً أخرى إلى الوسطية:

 ] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [ (143البقرة)

نعود للوسطية الإسلامية ونترك هذه الأفكار الشاذة كلها، وأنا أقول أنها الأفكار الشاذة فى دين الله، لأننا نسمع كل يوم فتاوي شاذة فى الدين مثل: أن المرأة التى تنزل البحر تكون زانية، لأن كلمة البحر ذكر وهي أنثى فتكون زانية!!.

فيجب أن نرجع للوسطية فى الفتاوى الدينية، كما كانت دولة الخلفاء الراشدين وما كانوا عليه من شريعة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه  وسلم

******************

أين الله؟

السؤال الثالث: أين الله؟

الذي يقول أين الله؟ أسأله سؤالاً واحداً وأقول له أتؤمن بالعقل؟ الكل يؤمن بالعقل، فأين العقل؟! كلنا نؤمن بوجود الروح، فأين الروح؟! كلنا نعلم علم اليقين بوجود النفس، فأين النفس؟! فإذا كان العقل لا يعقل العقل! ولا يعلم أين هو، فكيف يعقل من خلق العقل؟!.

أنا ليس معي الأجهزه التي أستطيع بها إدراك الله، كلنا هنا ونعلم أن المكان الذي نحن فيه وأي مكان آخر به عوالم أخرى من عوالم الله، ونوقن بها، مثل عالم الجن، من منا يرى عالم الجن؟ قال تعالى: ) إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ( (27الأعراف) نحن لا نراهم لكن هم يروننا، لماذا؟ لأنه ليس معنا الأجهزة التي أرى بها عالم الجن.

إذاً إذا كنت لا أستطيع أن أرى الجن ولا أرى الملائكة التي معي من الكرام الكاتبين، فكيف أرى خالق كل الكائنات المنزة عن المكان والزمان والحيطات وهو الله عزوجل؟!!.

نحن نحب بعض، أنا أحبكم وأنتم تحبوني، من منكم يستطيع أن يُرني هذا الحب؟ أين هو؟ لا يُرى لكن تُرى أثاره، والأثار هي أن نرى بعضنا ونجالس بعضنا ونسلم على بعضنا ونسأل عن بعضنا البعض، وكذلك الكره.

من منا يرى التيار الكهربائي؟ هل أحد يستطيع أن يرى شكل الكهرباء ؟ لا، لكن نرى أثاره في لمبة، أو في مروحة أو في مكبر صوت، فالله عزوجل لايُرى في ذاته لكن يُرى في مظاهر قدرته ودلائل إبداعه في جميع الكائنات.

***************

القلب والفؤاد واللب

السؤال الرابع: سؤال: ما حقيقة القلب والفؤاد واللب؟

قلب الشيء يعني حقيقته، القلب الذي فيه الإيمان والذي فيه النور والهداية، والذي فيه الشفقة والعطف والحنان ليس هو القلب الجسماني الذي يضخ الدم، هذا القلب موجود مع الكافر وموجود مع الحيوانات، ووظيفتة يستقبل الدم وينقيه ويضخه ليسير في الأعضاء، بمعنى هو المركز الرئيسي الذي يُسير جهاز الإتصال وهو الدم الذى يوصل كل شئ إلى حقائق الإنسان، لكن القلب الثاني هو حقيقة غيبية إلهية، مثلها مثل الروح والعقل والنفس، لِمَ خص الله عزوجل الإنسان بالخلافة؟ لأن الإنسان المخلوق الوحيد في الكون عاليه ودانيه الذي به الكونين، به الملك والملكوت، الجسم من عالم الملك، وهو العالم الظاهر، والملكوت يعني العالم غير الظاهر، أو العالم الباطن الذي هو الروح والقلب والخفى والأخفى والسر والنفس، وكل هذه حقائق غيبية في النسخة الباطنية لك أيها الإنسان، لك نسخة ظاهرة ونسخة باطنة، وبيَّن الله الأفضلية بينهم، بالنسبة للمُلك الخاص بالدنيا كلها فقال: ) تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ( (1الملك) وبالنسبة للملكوت وهو العالم العلوي قال: ) بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْء( (88المؤمنون) هذا بيد وهذا بيد، قال تعالى: ) مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( (75ص) الإثنان، يوجد فيك الملك والملكوت ؟ فيك كل ما في عالم الملك وعالم الملكوت، وقال فيه سيدنا علي رضى الله عنه:

دواؤك فيك وما تبصر

وداؤك منك وما تشعر

أتزعم أنك جرم صغير

وفيك انطوى العالم الأكبر

العالم كلة منطوي في الإنسان لكن لا يدركة الإنسان.

إذاً القلب الحقيقي عالم من النسخة الباطنة للإنسان، فيه حقائق الإيمان وفيه النور والهدى وفيه الحب والبغض وفيه كل الحقائق الإلهية التي يدير بها الإنسان حياتة الكونية، إن كانت مع الخلق أو مع شريعة الملك الحق عزوجل.

واللُّب باطن الشيء، ولُب الإنسان كل الحقائق الباطنة التي ذكرناها والتى منها القلب، أما الفؤاد فهو العين القلبية التي ترى الغيوب العلية الإلهية، عين الفؤاد هي العين التي في القلب التي تحظى برؤية عالم الملكوت وأنوار الحي الذي لا يموت عزوجل.

***************** 4

حول بناء الأضرحة

السؤال الخامس: بعض الناس عندنا وفى القُرى بالذات، يموت الميت فيقولون: قبره نوَّر فابنوا له مقام، فيبنون له مقام ولا يزوره أحد ولا يذهب إليه أحد،فما رأى فضيلتكم؟

عندنا في بلادنا كثير من المقامات التي نسميها مقامات الرؤية، وبعض البلاد الصغيرة تسميها علامة، يأتي رجل من الصالحين في المنام لأحد ويقول له علم لي علامة، فيُعلم له علامة صغيرة على وسع طاقتة أو يبنى له ضريحاً أو يبني له مسجداً
به ضريح، ولذلك تجد الأضرحة متعددة!!

كم ضريح للسيدة زينب؟ كثير جداً، وهذه منامات الرؤية، لكن شرط الصالح الذى نبني له ضريح أن يكون جسمه موجود ولم يتغير ولم يبلى، فإذا وجدنا جسمه قد تغير فهذا يكون من أهل اليمين وليس من أهل المقربين ويدفن في مقابر المسلمين.

لكن شرط أهل الخصوصية قدر من ميراث النبوة وقال صلى الله عليه وسلم:

{ إِنَّ اللَّهَ عزوجل قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلام }[4]

وورثة الأنبياء تحت هذا الحكم.

شهداء غزوة أُحد بعدما تم دفنهم بإثنين وأربعين عاماً:

قام معاوية بن أبى سفيان بحفر عين ماء قريبة منهم، فجاء كل رجل منهم إلى قريب له في المنام، وقال له أغيثونا من الماء، فحفروا لهم، سيدنا جابر بن عبد الله كان أبوه من ضمنهم فوجد أبوه كما هو واللحية كما هي والشعر كما هو!!!

وكان مصاباً في بطنه فعندما دفنوه وضعوا يده على بطنه حتى لا ينزل الدم، فرفعوا يده من على بطنه فنزل الدم، فوضعوا القطن فلم يتوقف الدم فوضعوا يده مرة أخرى فتوقف الدم، وهذا بعد إثنين وأربعين عاماً!

وأثناء الحفر جاءت الفأس في رجل سيدنا حمزة فنزف الدم منها، لماذا؟

لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، فهذا هو شرط الولي الذي نصنع له ضريح.

وهذا ليس معناه أن نهدم الأضرحة القديمة، لكن تذكير ونصيحة للقادم أن لا نصنع ضريح إلا من به هذه المواصفات!!

لكن إن كان جاءه ويريد أن يصنع يحفر مكان العلامة وإن وجد الجسد يصنع الضريح وإن لم يجد الجسد يقوم ببناء مصلى صغير بإسمه ولا يصنع ضريح.

 

********** 5

تأييد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم

السؤال الثامن: يقول تعالى: } وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }   (الإسراء) كيف يكون هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟

كلام الله عزوجل فى هذه الآيات يبين لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان بشراً …. لكنه عَلا وارتفع بوحى الله وتأييد الله عزوجل له … !، فلو تُرك لبشريته كان ممكناً …. ، لكن الله ما تخلَّى عنه طرفة عين ولا أقل.

************* 6

قراءة سورة المسد في الصلاة

السؤال السادس: سمعت من بعض علماء المسلمين يقول: أن سورة المسد يُكره قراءتها فى الصلاة، فما الحكم فى ذلك؟

لماذا قال العلماء ذلك؟

رجل فى عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن من الصادقين، فكان يتعمَّد أن يقرأ هذه السورة فى كل صلاة جهرية ليُسيء إلى رسول الله!!.

فأخذوا هذا الحكم من هنا: من يقرأها عامداً متعمداً الإساءة إلى رسول الله فيكون هذا الحكم، لأن الله عزوجل نهى فقال: ) لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا ((69الأحزاب).

لكن إذا كان من يقرأ القرآن بالترتيب ثم جاء دور سورة المسد فهل يتركها؟ أو هل نرفعها من القرآن؟!

أو متعوَّد قراءة القرآن ويقرأ بما يفتح عليه الله، وكثير من المسلمين كذلك عندما يقرأ القرآن غير مرتب فيُلهمه الله بقراءة سورة المسد فما المانع أن يقرأها؟! لكن من يتعمَّد الإساءة فهذا الذي هو المكروه.

فسأل أحد الحاضرين:

كيف يُكره لمن أراد الإساءة لرسول الله فى قراءته متعمداً، ….. أليس يجب أن يكون محرماً؟

يُحرم من الثواب ويُحرم من الأجر فى القراءة لتعمُده ذلك!

ولكن هل هناك تحريم لقراءة آياتٍ من كتاب الله؟

لا، وهذا حُجّة العلماء الأجلاء، لأن العلماء عندهم دقّة فى الكلام فيُكره له هذا الفعل، ولكن حرمانه من الأجر والثواب وعقابه على الله، لكننا لا نستطيع أن نحرِّم قراءة آية من كتاب الله عزوجل.

 **************** 7

هل يجوز أن تغسل الأم إبنها الميت أو الزوجة زوجها؟

يجوز غسل الأم لإبنها، ويجوز غسل الزوجة لزوجها، ومن يقول أن العلاقة انتهت بالموت نرد عليه ونقول له أن السيدة فاطمة النبوية أوصت أن يغسلها زوجها الإمام علي رضى الله عنه، وغسلها الإمام علي رضى الله عنه وكرَّم الله وجهه، مع أنها قبل موتها اغتسلت ولبست ثيابها واتجهت إلى القبلة وماتت ولقيت ربها عزوجل، ومع ذلك أوصت بأن يغسلها زوجها، وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة:

{ مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَقُمْتُ عَلَيْكِ فَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَدَفَنْتُكِ}[5]

ليعلمنا صلى الله عليه وسلم جواز الأمر.

 **************** 8

طلاق الغضبان

السؤال التاسع: هل يقع طلاق الغضبان؟

قال صلى الله عليه وسلم: { لا طَلاقَ فِي إِغْلاق }[6]

الغضبان في الشرع من أغلقت حواسه ولا يدري ما يقول، فلا يسمع نفسه، وعندما تقول له أنت قلت طلاق يقول: لم يحصل، لأنه لم يدرِ ماذا فعل!!، لكن الناس أخذتها تكأة أو عذراً، ويقول لقد كنت في ساعة غضب، لكن ساعة الغضب في الحديث ما أغلقت فيها الحواس ولا يدري ما قال بها.

لكن إن كنت أدري ما أقول وعرفت مانطق بة لساني، فيكون خرج من دائرة الغضب المذكورة في الحديث النبوي، والحديث يقول: { لا طَلاقَ فِي إِغْلاقٍ }، وإغلاق (العقل) بمعنى لا يدري مايقول وهنا لا يكون الطلاق فى إغلاق، لكن إذا كان يذكر ما قاله ويميز ما قاله فهذه ليست الحالة التي ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لا بد أن نكون أحرص الناس على الدقة في الطلاق بالأخص، ولا نستسهل في هذا الأمر، لأن هذا الأمر شدَّد فيه الله عزوجل، وشدَّد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تهتز السموات السبع إلا في لفظ الطلاق، وأنت لا بد أن تتثبَّت منه تماماً.

*************** 9

مشايخ التربية وأوصافهم

ونبدأ بالسؤال الأول: هل مشايخ التربية نادرٌ وجودهم فى هذا الزمان؟

مشايخ التربية لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكانٌ، لكن الناس هُيئ إليهم أنهم غير موجودون، فما الحقيقة؟ إذا كان أهل الزمان مهتمين بأمر الدين والعمل بالآخرة ظهر هؤلاء الأفراد، لأن بضاعتهم مطلوبة، وإذا انشغل الناس عن طريق الله بالدنيا – كما حدث فى هذا الزمان – توارى هؤلاء الأفراد، و ما الحكمة فى ذلك؟ لأن الله عزوجل يُعلن الحرب على كل من يستهزئ بهم أو يسخر من سلوكهم:

{ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ }[7]

والناس إذا كانوا متوجهين إلى الدنيا والشهوات بالكلية تجدهم إما أن يُنكروا على أهل الآخرة، أو يعترضوا على الصالحين وعلى أحوالهم، أو والعياذ بالله يسخروا منهم ويستهزئوا بهم، فمنهم من يتهمهم بالخبل، ومنهم من يتهمهم بالجنون، لماذا؟ لأنهم يظنون أن ما هم فيه من الكدح فى الدنيا والسعى فى جمعها من العقل بل ومن تمام العقل، فكيف يزهد الناس فى الدنيا ويقبلون على الله؟ لكن الصالحين لا يخلُ منهم زمانٌ ولا مكانٌ، ونأخذ منهم صنفاً واحداً، يقول فيهم صلى الله عليه وسلم، واسمعوا الحديث وعُوه:

{ لا يَزَالُ أَرْبَعُونَ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ ، يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمْ عَنْ أَهْلِ الأَرْضِ ، يُقَالُ لَهُمُ الأَبْدَالُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوهَا بِصَلاةٍ وَلا بِصَوْمٍ وَلا صَدَقَةٍ  ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَبِمَ أَدْرَكُوهَا ؟ قَالَ : بِالسَّخَاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ }[8]

وهذا صِنفٌ واحدٌ من الصالحين، فالأرض لا تخلو من أربعين على قدم إبراهيم فقط، فكيف بمن كان على قدم عيسى؟ ومن كان على قدم موسى؟ وكيف بمن كان على قدم محمد صلى الله عليه وسلم؟

فالأرض مليئة بهم ولا تخلو بلدةً من بلاد الله – حتى من البلاد الإسلامية التى لا تتكلم العربية – من أولياء، وأهل كشف، وأهل شهود، وإياكم أن تظنوا أن الولاية فى مصر فقط، بل فى كل الدول الإسلامية حتى التي لا تنطق العربية ففيها أولياء وأهل مكاشفات.

وهل الكشف يحتاج إلى مصرى أو سودانى أو أمريكانى أو روسى؟ لا، فصفاء القلب تُفتح به عين السريرة فيرى الأنوار المنيرة فى ملكوت الله ومُلكه، فليس له علاقة إن كان هذا الرجل يتكلم عربى أو يتكلم فرنسى، ولكن المهم أنه وصل إلى درجة الصفاء فحظىَ بالنور والعطاء، أعطاه له الله عزوجل وتفضل عليه بعظيم الجمال والبهاء، فالأرض لا تخلو منهم أبداً.

كل ما أريد أنبِّه إخوانى عليه لأنكم سألتم النصيحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:

{ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ }[9]

فهذه أمانة، فمن يبحث عنهم يحتاج إلى شيئين، يحتاج أولاً إلى الصدق مع الله، فقد ورد فى الأثر المشهور قولهم: { إن الله لا يمكر بطالبه }

الحي القائم

فطالما يصدق مع الله فلا بد أن يكشف له الله عن الرجل الذى يرقيه فى هذه الحياة، وينبّه المنبهين أن شرطه أن يكون حيَّاً يُرزق بيننا، أما الصالحون الذين هم بالأضرحة وكلهم سادتنا وأقطابنا ونزورهم لنتبرَّك بهم، وندعوا الله فى أضرحتهم ويستجيب الله لنا ببركاتهم، لكن أنا أحتاج إلى واحد يُؤدبني ويرشدني، وينظر إلىَّ بعين اليقين نظرةً ترفعني، وهذا لابد وأن يكون كما قالوا: (الله حيٌّ قيوم، ولا يصل إليه واصل إلا بحيٍّ قائم).

من الذى يستطيع أن يتربَّى على أيدي من بالبرزخ الآن؟ من وصل إلى درجة الكشف، فعندما يدخل على رجلٍ من الصالحين فى الضريح فيُكلمه ويسمعه، فهذا يمكن أن يتربَّى أو يُكمل تربيته على يد هذا الرجل وهو فى برزخه، لكن من كان مثلنا ويدخل الضريح ولا يرى شيئاً، فكيف يتعلم؟ وكيف يتنبه؟ وكيف يتوجه؟لا بد له من رجلٍ حيٍّ يُرزق ليربيه.

والعلِّة فى الحىّ القائم أيضاً أن تُقام الحُجَّة على النفس، لأن الإنسان يدعو نفسه إلى العمل، فالروشتة التى يُعطيها له الرجل الصالح كما نسمع حالياً أن أصحاب رسول الله كانوا متفرغين وليسوا مشغولون بشيء، لكننا عندنا مشاكل وعندنا مشاغل ولا نستطيع عمل شيء مثلهم، أليست هذه حجتنا والتي تأتينا بها النفس؟ فقال لنا: لا بد لله الحجة البالغة، فما حجته البالغة فى الدنيا؟ أناسٌ معنا ويعملون مثلنا ومشغولون فى أعمال ومتزوجون ويربون الأولاد ويكدحون فى السعى على المعاش، ومع ذلك:
﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّه﴾ (37النور) وهذا هو الفضل حتى إذا قلتُ: يا رب أنت تعلم أن عندى أولاد وأنا مشغولٌ بكذا وكذا، فيقول لى: كان أمامك هذا وكان مشغولاً أكثر منك مراتٍ عديدة، ولذلك نوَّع الله عزوجل الأنبياء ليكونوا حججاً على الناس، فمن الناس من ينشغل بالملك ويقول: يا رب الملك شغلني، فيقول له الله: وهل عندك ملك كملك سليمان؟ وهذه هى الحجة، فقد كان ملكاً للجن وللإنس وللحيوانات والوحوش وللطيور، ومع ذلك لم يشغله ذلك عن طاعة الله طرفة عين.

يقول: يا رب أنا مشغولٌ بالحروب، فيقول له الله: وهل عندك حروبٌ كحروب داود عليه السلام؟ ومع ذلك كان يُخصِّص وقتاً للمناجاة الصافية الخالصة التى تستجيب فيها معه كل الحقائق الكونية، حتى يبين الحجة، ووقتاً لأهله، ووقتاً لرعيته.

يقول العبد: يا رب أنا كنت مبتلياً بالأمراض، فأشفى من مرضٍ وأُصاب بمرضٍ آخر، فيقول الله عزوجل له: وهل أُصبت بأمراضٍ مثل أيوب؟ فكلٌ منهم له حجةٌ قائمة من حجج الله على عباد الله.

يقول: يا رب فتنتنى بكذا وكذا وكذا، فيقول له الله: وهل تعرَّضت لفتنة كفتنة يوسف؟ فى فتنة النساء وفتنة الملك وفتنة العبودية، فتنٌ لا تُعد ولا تُحد.

فكل واحدٍ منهم جعله الله عزوجل حُجّة لهم على عباد الله الصالحين، وجمع هذه الحجج فى أمة خير الأولين والآخرين، ففى كل زمان تجد أُناساً حججاً لله على خلقه.

فإذا صدق الإنسان فلا بد لله أن يوصله، أُصُدق الله تجد الله عزوجل فوراً يكشف لك عن مناك، ولكن فقط تطلب الصدق، تطلب وأنت تتردَّد وأنت مُتحير، والمتحير والمتردد لا يفوز بأمر ولا يظفر بطلب، فالمهم لا بد من العزيمة وتبحث عما تريد.

وأنا فى صغري لكى أبحث عن الرجل جُبت كل الصالحين فى بحري وفى قبلي وأزورهم وأجلس معهم وأسأل الله عزوجل عن الرجل الذى أتربَّى على يديه، وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض القوم يقولون لي: طالما ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تبحث عن مرادك، لكن الصادقين من الصالحين قالوا لي: لا بد وأن تبحث عن الرجل، إلى أن جاهدت فى هذا الأمر وكأني به صلى الله عليه وسلم وكشف لي عن صورة الرجل وقال: هذا شيخك، فلا بُد وأن تظهر لك آية ما دمت أنت مصمِّم على ذلك.

لكن أنت كمن يريد أن يُصلي ويقول: ليتني أجد الجامع مُغلق، حتى أقول: بركة يا جامع، لكن لا بد أن يكون الطلب بصدق: هرول بصدق وإخلاص يُلبيك على الفور.

أوصاف الشيخ المربي

ثانياً: لابد أن أزن – على قدري – نفسي بالموازين الإلهية التى خصَّ الله بها الرجال وأوصافهم فى الآيات القرآنية، من هؤلاء المربين؟ هل ينفع أن يتربَّى شخص على يد مجذوب؟ قال:

} وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا  { (17الكهف)

هناك ولي مجذوب، وهناك ولي كلفه الله ورسوله بإرشاد غيره وهذا ما نريده، لكن من كان ولياً لنفسه لا .

ذهبت لولى من كبار الأولياء فى نظري وكان هو الشيخ أحمد حجاب وهو فى جوار سيدي أحمد البدوي، وكان قد تخرَّج من الأزهر وتفرغ فى مسجد سيدي أحمد البدوي للعبادة، وذهبت إليه فقال لي: يا بنى وهل أنا حملت نفسي حتى أحمل غيري؟ فلم أنتبه لهذه العبارة، لأنه لم يكن مكلفاً بذلك، وانظر يا بنى آخر مكلف بهذا الأمر، والناس تُحب أن تطلع على المجذوب، ولكنه ليس له علاقة بذلك فله طريقٌ آخر، فهذا له وظيفته، والآخر له وظيفته.

المجاذيب قد يتحملون الأحمال عن الخلق، فيكون البلاء نازلٌ من السماء فيقول: يا رب ارفع هذا البلاء عن هذا البلد وضعه هنا، فلا مانع وهذه وظيفة.

وآخر يتحمَّل الأمراض عن الناس فيذهب إليه مريض فيحمل عنه مرضه وكذلك المصائب، وهكذا، لكن وظيفة المربي ما شرطه؟ أول شرط ذكره الله لكليم الله سيدنا موسى عليه السلام، حتى نعرف أن من كان يستغني عن المربي لكان من وصل لدرجة الكليم، لكن هو وصل إلى درجة الكلام والمحادثة مع الله ومع ذلك ردَّه الله للعبد، وما صفته يا رب؟

{آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا { (65الكهف)

أن يكون عنده رحمة وشفقة لأنه وارثٌ للرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم، فلابد من الميراث فى الرحمة، فهل من عنده شدة وغلظة يصلح أن يكون مربياً؟ لايصلح للتربية؟ حتى أن الشدة والغلظة لا تصلح فى الأمور الدنيوية كالمدارس والأسر وغيرها، وهذه ما أوجدت المشاكل النفسية والأسرية فى زماننا، فلا بد من الرأفة والرحمة والشفقة والعطف والحنان التى كان عليها النبي العدنان صلى الله عليه وسلم.

الصفة الثانية: أن يكون معه علمٌ من الله، لا من الكتب ولا من المراجع ولا من السماع من العلماء فقط، وإنما حصَّل بالفؤاد فى حالة القرب والوداد من الله عزوجل.

وهذا هو العلم الإلهامي، وكيف أعرف العلم الإلهامي؟ أعرفه عندما أقابله أو أذهب إليه فأشعر بخواطر وتساؤلات فى قلبي، وقبل أن أتكلم أجده يجاوبني عليها بدون سؤال، وهذا هو حال الصادقين من الصالحين، فهل هناك كرامة أكبر من هذا؟ أم نريد كرامات السحرة؟ كمن يطير فى الهواء أو يفعل كذا وكذا، فما لنا وما لهذه الأشياء؟ نريد الكرامات المعنوية القرآنية.

وهذا الرجل أين ساحته؟ سيدنا موسى يسأل الله فقال له ليس له ساحة ولا أحد يعرفه، أنت تمشي وتأخذ تلميذك الصغير هذا معك وتأخذون سمكة مشوية حتى إذا جُعتم أكلتموها، فعندما تمشي لن تشعر بتعب لأنك ذاهبٌ لله، وعندما تشعر بالتعب تعرف أن الرجل فى هذا المكان.

سيدنا موسى مشى ومعه غلامه، وكان غلامه وفتاه سيدنا يُوشع بن نون، فقال: يارب سوف أمشي حتى ولو بلغتُ ثمانين سنة حتى يصل إلى الشيخ الذى سيتربَّى على يديه، ووصل عند شاطيء دمياط، وهو مجمع البحرين: بحر النيل والبحر الأبيض، والكلام الموجود فى الكتب غير سليم والذى يقولون فيه: أن مجمع البحرين فى الخليج العربي، وما لهم والخليج العربي؟! فهل موسى ذهب إلى الخليج العربي؟! موسى كان فى مصر، ومنهم من يقول: إنه خليج السويس، وهل هناك بحر ماء عذب فى خليج السويس؟ لا يوجد، لكن البحر العذب فى إلتقاء النيل مع البحر الأبيض عند دمياط.

فمشى موسى وعندما شعر بالتعب قال لغلامه:

} آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا { (62الكهف)

هات يا بنىَّ السمكة لنأكلها، فقال له السمكة نزلت البحر، فقال له: كيف نزلت البحر؟ قال له: عندما كنا فى المكان الفلاني كان هناك رجلاً نائماً على كوم، وقام يتوضأ فتطايرت منه قطرات ماء، فنزلت القطرات على السمكة فاحتيت ونزلت إلى البحر، فقال له: هذا هو الرجل الذى نبحث عنه،جاء سيدنا موسى كل هذا المشوار ليبحث عن العبد الصالح الذى يوصله إلى الله عزوجل.

أنا أريد أن أقول: أنه ليس شرطاً فى العبد الصالح أن يكون مشهوراً، وليس شرطاً أن يكون العبد الصالح على شاشات الفضائيات، فليس له علاقة بذلك لا من قريب ولا من بعيد، وليس شرطاً أن يكون عنده ساحة للذاهبين والآيبين، والطعام والشراب فهذه كلها لقضاء المصالح، وهو مع الصالح لكى يصلحه لله عزوجل، وهؤلاء ليسوا كثيرين، وهم كما قال الله تعالى: ﴿ لَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾ (24ص)، ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ   ﴾ (13سبأ) فليس شرطاً أن يكون مشهوراً، قال صلى الله عليه وسلم فى شأنهم:

{ إِنَّ اللَّهَ عزوجل يُحِبُّ الْعَبْدَ: التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ }[10]

من الذى يعرفه؟ المحبين فقط، والذين يريدهم الله وهم أهله وذويه، أهل الصفا عن أعين الخلق قد سُتروا، هم لا يريدون الخلق، وماذا يفعلون بهم؟ فمنهم من كان يرُدُّ الملوك والأكابر لأنهم مشغولون عنهم، وهو مشغول بالله ويريد من الناس من كان صادقاً فى همته لطلبه لله، وهذا أقل من القليل.

الصفة الثالثة: لا بد وأن يكون معه البصيرة النورانية التى أخبر بها سيدنا رسول الله أنه سيورثها لمن كان على شاكلته إلى نهاية الزمان: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ (108يوسف).فهو صاحب بصيرة.

الصفة الرابعة: لا بد كما بين ربنا وقال فى القرآن: {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ  ﴾ (46الأحزاب) فيكون معه تصريحاً من سيدنا رسول الله، فالطبيب الذى يفتح عيادة بدون تصريح من نقابة الأطباء لا يعالج الناس.

كذلك لا يجوز لإنسان أن يفتح عيادة لعلاج أمراض النفوس وتطبيب القلوب بدون إذنٍ صريحٍ من الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم!!

بل لا بد وأن يكون معه إذنٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الصفة الخامسة: ما العلامة التى أكشفها على قدري مهما كان علمي ومهما كانت قدراتي؟ وأى إنسان يعرفها؟

) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ( (21يس)

لا يريد أجراً من أحد، لا يريد مني شيئاً، وإذا طلب أو ألمح بالطلب لأمورٍ دنية أو دنيوية فلا يكون من هؤلاء القوم، لأن هؤلاء القوم عندما يقيمهم الله يتولَّى إعانتهم: ((إذا أقاموك أعانوك)) فلا يريد من هذا ولا من ذاك، يقولون: نريد العادة من الشيخ فلان ومن الشيخ فلان، وما هذه العادة؟ نريد العبادة ولا نريد العادة، ونريد أن نطهر من العادات وندخل فى العبادات، فلماذا نرجع للعادة؟!.

الصفة السادسة: وهو الشرط المهم والهام، أن يكون عالماً بالظاهر وبالباطن، فيكون عالماً بشرع الله ولا يتخلف عن أداء ما فرضه الله طرفة عين ولا أقل، وكذلك عالماً بالباطن.

رجلٌ تاركٌ للصلاة هل يجوز أن نأتم به فى الطريق إلى الله؟! يقول من حوله: إنه يصلي فى بيت المقدس أو يُصلي فى الكعبة، ما لي أنا وما لهذه الأمور؟! يجب أن يكون الرجل قدوة، وما دام هو قدوة فلا بد وأن يريني حتى أصلي مثله، فحضرة النبي كان يقول لهم:

{ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي }[11]

وذلك لكى يُعلم من كان خلفه، فإذا كان الإمام تاركاً للصلاة فهل من كان خلفه سيُصلي؟! وإذا كان الإمام بحجة الجذب يُفطر فى رمضان، فما هذا الجذب؟ الجذب الصادق والمجذوب الحقيقي ولنعرف أنه مجذوباً حقيقياً شرطه أن لا يترك فريضة من فرائض الله حتى فى أشد أوقات الجذب، يرده الله فى أوقات الصلاة ليؤدِّيها لله، ويرُدُّه الله فى حاله فى رمضان حتى لا يخرج من حُرمة الشهر أمام المسلمين ويصوم مع المسلمين، وهذا هو المجذوب الحقيقي.

ومن يأكل فى رمضان أمام الناس، فهذا غير مجذوب، فقد جرى العُرف – وهى مشكلة عندنا كلنا – أن كثيراً من الناس يظنُّ أن من عندهم بعض تخلف عقلي أنهم مجذوبين، لا ليس هو مجذوب بل عنده تخلف عقلي فيمشى عرياناً، ((إذا أخذ ما وهب أسقط ما وجب)) لكن لا أجعله ولياً ولا أصنع له ضريحاً، لا يصِّح هذا.

طفلٌ حديث الولادة هل يجوز أن أصنع له ضريحاً والناس يطوفون حوله؟ ما له وما للولاية؟! فالولي يجب أن يكون عالماً عاملاً، علم بشرع الله ثم عمل به كما كان يعمل رسول الله، فورَّثه الله الأحوال العلية من حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، والتي قال فيها:

{نَحْنُ مَعَاشِرُ الأنَبِيَاء ، لا نُوَرِّثُ دِرْهَمَاً وَ لا دِينَاراً ، وإنمَا نُوَرِّثُ عِلْمَاً وَ نُوَر}[12]

هذه الأوصاف يجب أن أتحقق منها لأنك تختار إنساناً ستسلمه روحك ليوصلك إلى الله، أو أنت فى غنى عن أنك تمكث سنين مع إنسان ثم تكتشف أنه ليس هو فتبحث عن غيره، والعمر لا يكفي لذلك كله، أنا أريد من يأخذني وفي لمح البصر يوصلني إلى المراد ويقربني من الله عزوجل، لذلك لا بد وأن أدٌّقق فى البحث أولاً وأتأمل وأسأل الله، وأديم قرع باب الله حتى يوصلني إلى رجلٍ صادق يأخذ بيدي إلى طريق الله جلَّ فى عُلاه، والحمد لله فالصالحين لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكان.

بين المجذوب والمعتوه

السؤال الثاني: رأيت فى بعض الطرق من بعض المجاذيب أحياناً أنه يخطئ فى جنب الله تبارك وتعالى فيقول: أنا ذهبت عند ربنا وقلت له: لماذا أنت متكبر، فقال لي: أنا يجب أن أكون كذلك وتعالى اجلس مكاني، فقال له أي المجذوب: لا، أنا لا أستطيع ذلك، وتجد ملابسه متسخة ومهلهلة ولا يتوضأ ولا يغتسل ولا أي شيء من هذا القبيل، فما رأى فضيلتكم فى مثل هذه الأمور؟

هذا ليس إسمه مجذوب، لكن إسمه معتوه أو مخبول، لأنه عنده نقص!!

لكن شرط المجذوب المحافظه على الفرائض وإجتناب العيوب التي نهى عنها علام الغيوب عزوجل، هل يوجد مجذوب يقَبِّل فتاة أو امرأه أو يحتضنها ويقول أنا مجذوب، مال هذا ومال الجذب؟!! هذا رجل بعيد عن الله بالكلية، شرط المجذوب – كما ذكرت – أن يحافظ على فرائض الله في وقتها، وألا يقع في معاصي الله ، وفتشوا كلكم في سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل سمعتم أن هناك رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت هيئته مثل هيئة هؤلاء؟ لم يحصل ذلك بل كانوا جميعهم على قدم وساق على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[1] الأقصر- مركز شباب حاجر المحاميد قبلي  26 من محرم 1436 هـ 18/11/2014م

[2] الجد الحثيث فى بيان ما ليس بحديث للعامرى، قال ابن حجر لا أعرفه ومعناه صحيح، وكذا فى الدرر المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة، وفى المقاصد الحسنة للسخاوى، قال لا أعرفه ولكن معناه صحيح يعني في حديث (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة).

[3] الصحيحين البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه

[4] سنن النسائي وأبي داود عن أوس بن أوس الثقفي رضى الله عنه

[5] سنن ابن ماجة والدارمي عن عائشة رضي الله عنها

[6] سنن الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها

[7] صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه

[8] المعجم الكبير للطبراني وحلة الأولياء لأبي نعيم عن عبدالله بن مسعود.

[9] سنن الترمذي وأبي داودعن أبي هريرة رضى الله عنه

[10] صحيح مسلم ومسند أحمد عن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه

[11] صحيح البخاري وسنن الدارقطني عن مالك بن الحويرث رضى الله عنه

[12] رواه الطبراني في مجمعه الأوسط بإسناد حسن

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid