• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

18 مارس2016م

أسئلة حائرة وإجابات شافية_مجلس الجمعة بالأسكندرية 18-3-2016

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

فضيلة الشيخ / فوزى محمد أبو زيد

الجمعة صباحاً 18/3/2016 موافق 8 جمادى الآخر 1437 هـ

الأسكندرية

 (أسئلة قبل صلاة الجمعة)

بسم الله الرحمن الرحيم:

أسئلة عن التقبيل: ما حكم التقبيل بين الرجل وزوجته؟

السؤال الأول: تنتقل العدوى لبعض الأمراض عن طريق الفم، فهل ينطبق هذا على معاملة الرجل مع زوجته المريضة عند تقبيلها؟

من لطف الله عز وجل بنا ـ وأن الأطباء الذين قالوا هذا الكلام:

أن التقبيل بين الزوج وزوجته هي الحالة الوحيدة الغير معرَّضة لنقل المرض، لكن لشخص آخر قابل للمرض، فطبقوها بتجربة عملية على أكثر من واحد.

والفيروس المشهور لا ينتقل عن طريق التقبيل ولكن ينتقل عن طريق الدم، فالأساس فيه الدم، سواء عن طريق نقطة دم أو مكان حقنة، فهذا أساسه.

وهذا من فضل الله علينا في تقبيل الزوج لزوجته عن طريق الفم ليس فيه عدوى، بل بالعكس أحياناً يكون علاجاً لكثير من الأمراض.

ومن لُطف الله عز وجل أن التقبيل بين الزوج وزوجته يعالج الحموضة، فلو كان الإنسان عنده حموضة فالتقبيل بين الزوج وزوجته عن طريق الفم يعالج الحموضة.

لكن ما نُشدِّد عليه أنه لم يرد في نصٍّ صريح تقبيل الرجل للرجل من الوجه، فالوارد كان سيدنا رسول الله كان .,,,,,,,, فقط.

لكن حكاية التقبيل من الخدين فلم يرد فيهما نصٌ، فالتقبيل من هذه الجهة أو هذه الجهة فلو كان عنده فيروس إنفلونزا مثلاً فتنتقل العدوى على الفور.

مقاطعاً: هذا الأمر على سبيل الكراهة أم الحُرمة؟

لم يقل أحداً أنها حرام، ولكنها تخالف التعليمات الطبية، وفي نفس الوقت ليس فيها أثر وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

فأنا عن نفسي مناعتي ضعيفة، ففي زياراتي هنا أو هناك يُصَّر بعض إخواني إن يقبلوني فأعود ويأتيني الدور ـ المرض ـ فأستمر في ذلك أسبوع أو عشرة أيام، وفي الزيارة الأخيرة ظلَّ المرض معي أسبوعين إثنين، لأن الأخ يُصِّر على التقبيل وأنا ليس عندي مناعة، والأنفلونزا أكثر من خمسمائة صنف.

فأنا أتناول مصل يُعالج الأمراض الشائعة، ولكن هناك أمراض كثيرة وغير شائعة، فما الذي يجعلنا نفعل هذا الممنوع؟

الصالحون علمونا طريقة لطيفة أن أُقبِّل يدك وأنت تُقبِّل يدي، فالفم معروف أنه موضع كل الجراثيم.

هناك حالة قد نبَّهت عليها مراراً وتكراراً إخواننا ـ لأنني دائماً إذا تكلمتُ عن أي شيئ فنتيجة الإستجابة تكون واحد في المائة فقط، والتسعة والتسعين في المائة يمشي على هواه.

وهي حالة واردة عن رسول الله، فكثير من الأحباب ـ وهو شيئٌ أتأسف منه ـ عندما يتكلم معك فلا تطيق رائحة فمه، فجوفه يُخرج رائحة كريهة، فلماذا هذا يا بنيَّ؟ وأين السواك؟ وأين معجون الأسنان؟ وأين النظافة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فأنا أتمنى أن يكون الأخ صورة مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

فعندما أراه أقول: كان الله في عون زوجته، فكيف تقبله؟ وكيف يقبلها؟ لأنها لن تطيق رائحته، وهي نفس الشيئ، فالمفروض أنا وأنت وكلنا وزوجتك وزوجتي قبل النوم نغسل أسنانا.

وكذلك نغسل اللسان، فالثابت أن نغسل بالفرشة أو بالمعجون ونغسل كذلك اللسان بتمرير الفرشاة أو السواك على اللسان، لأن اللسان هو موضع البلاء.

فنغسل الأسنان من الخارج ومن الداخل وفي أعلى الفم ونغسل كذلك اللسان.

وفي البداية في العلم الحديث الآن صنعوا بخَّاخة لهذا الغرض وتُباع في الصيدليات، فيضع الإنسان بخَّة ـ ضغطة ـ في فمه تجعل رائحة الفم طيبة.

فلم لا أستخدمها قبل النوم والزوجة كذلك، وأستخدمها كذلك وأنا ذاهب للمسجد أو أزور أحداً حتى يكون المؤمن رائحته طيبة.

وهذا الموضوع أقوله مراراً وتكراراً لكن لا استجابة لإخواننا ـ فقيل: أن كل واحد واضع لنفسه كمبيوتر في رأسه وفيه برنامج وهذ البرنامج لا يتغيَّر أبداً لا يريد تحديثة ولا يريد تغييره، وتنصحه أو لا تنصحه لا يغير ما في رأسه وانتهى الأمر.

فموضع الرائحة الطيبة يجب أن تكون شعاراً عندنا نحن، والتقبل من هنا ومن هنا ليس فيه أثر وارد ولا وافق عليه العلم الحديث، وخاصة الكبار في السن لضعف المناعة والأطفال، فالناس تتلهف على الأطفال والأطفال مساكين يُصابون بالعدوى على الفور من التقبيل في الفم.

أريد أن أُقبله فنفعل كما فعل النبي فتُقبل الطفل من رأسه، فيكون بعيداً عن هذه المنطقة الحساسة لأن الطفل مناعته ضعيفة جداً، ولماذا أصيبه بالعدوى؟

فالعلم لا يحبذه ولا يوجد أثرٌ وارد عن سيدنا رسول الله في فعله، وليس حرام ولكننا مُطالبين أن نعمل بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وما لم يرد عنه فلا نعمل به ومادام لا يوافق عليه العلم فنبتعد عنه، ويأخذ حكم الكراهة فقط ولكننا نبتعد عنه، أو يكون غير مستحب، وما دام غير مستحب أيضاً فلماذا أفعله؟ فلا داعي.

وقد حاولت نشره ولكن الكل يُصِّر على ما هو يمشي عليه.

سؤال عارض: هناك أُناس تقبِّل من الكتف؟

هؤلاء جماعة متشددين وما ورد عن سيدنا رسول الله أنه كان يلتزم، وما معني يلتزم؟ أنه كان عندما عاد سيدنا جعفر من الحبشة بعد غزوة خيبر، فسيدنا رسول الله كان في منتهى الذوق الرفيع واللباقة والأدب في الكلام، فقال عندما رآه:

(ما أدري بأيهما أنا أُسَّر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟).

يعني عمل قدوم جعفر كفتح خيبر، فعندما يسمع جعفر هذا الكلام فماذا يكون حاله؟ وقال في باقي النصّ:

(والتزمه ـ إلتزمه يعني إحتضنه، ولم يقولون: أنه قبله، لكن القُبل التي وردت أنه كان يُقبِّل الحسن والحسين فهي الثابتة عنه، فكان يقبِّل الحسن من فمه ويُقبِّل الحسين من رقبته، ولذلك الحسن مات مسموماً، والحسين مات مقتولاً في موضع القُبلة، وهذا الذي ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وطبعاً أصحابه كانوا يمشون كلهم على هُداه صلى الله عليه وسلَّم.

 

السؤال الثاني: وهل كان الصحابة يقبلون يد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟

نعم كانوا يقبلون يده ورجليه، وهناك نصوصٌ وليس نصَّاً واحداً على تقبيل يد رسول الله وكذلك رجليه صلى الله عليه وسلَّم، وموجودة في كتب السنة، وكان الصحابة يفعلون ذلك مع بعضهم على سبيل العلماء والكبار في السن والتوقير والإحترام.

سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يذهب لتلقي العلم ـ وأنظر إلى أدب طالب العلم ـ فكان يذهب لسيدنا زيد بن ثابت ليتعلم منه الميراث، ولكي يضمن مقابلته فكان يذهب له في بعد صلاة الظهر، والجو في هذا الوقت حار والشيخ يكون مُقيل في هذا الوقت، فيجلس عند باب بيته إلى أن يستيقظ الشيخ ويغتسل ويستريح ويأكل، ويسحب بغلته ليوصله إلى المسجد ـ وكان إبن عم رسول الله ـ فذات يوم قال له:

ما هذا يا بن عباس؟ فيقول له: هكذا أُمرنا أن نفعل مع عُلمائنا، فيقول له: هات يدك ويقبلها، ثم يقول له: هكذا أُمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا.

فانظر إلى الأدب المتبادل بين الطرفين، فهذا الوارد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

السؤال الثالث: موضوع مصِّ اللسان بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلَّم الله لسيدنا الحُسين؟ وموضوع تقبيل الصغار والرجل الذي قال لرسول الله: لي عشرة أولاد لم أُقبل منهم أحداً؟

من خصوصيات حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم كان ريقه شفاء، لكن هل نحن كلنا وصلنا إلى هذه الحالة؟ ولذلك عندما نتكلم في تحنيك الطفل، يقولون: أن سيدنا رسول الله مضغ تمرة لكي يكون فيها ريقه وحنَّك بها الصبي، فيقول الناس نفعل كما فعل رسول الله، فأقول له: لا ـ إحضر ملعقة عسل صغيرة وأطعمها له، لأن ريقك ليس كريق النبي، فريق النبي شفاء، وجائز أن يكون ريقك فيه داء.

فلا نُعرِّض أنفسنا لمثل هذا، فنعطيه شيئاً سكرياً، يعني النبي أعطاه تمرة فنُعطي الطفل حاجة سكرية، وأحسن شيئ العسل لأنه ينزل مهضوماً جاهزاً.

فتقبيل حضرة النبي غير تقبيلنا معشر البشر، فله خصوصيات ومالنا بهذه الخصوصيات، فقد انفرد سيدنا رسول الله بخصوصيات كثيرة، فليس لنا شأنٌ بها ونشاركه في الأمور العامة فقط.

السؤال الثالث: ما الفرق بين خصوصية الأنبياء والأمور العامة؟

قلنا الآن أننا لا نقلد النبي ولا الأنبياء في الخصوصيات، هذه الخصوصيات شيئٌ خاصٌّ به:

“مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ” (28الحزاب).

فرض عليه فروضاً زائدة عن فروضنا فقال له:

“قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا” (2المزمل).

أصبح قيام الليل بالنسبة له فرضاً، أما بالنسبة لنا فيكون سنة، وسنة يعني إذا عملتها فيكون لك ثوابها، وإذا لم تعملها فليس عليك وزر، لكنه أصبح عليه فرض.

هل أنا أفرض على نفسي قيام الليل؟ ممكن أفرضه على نفسي من باب الجد والإجتهاد، لكن لن تكون فريضة لأني لو تركتُ يوماً فليس عليَّ لا إثم ولا وزر.

فأنا لا أتشبَّه برسول الله صلى الله عليه وسلَّم في الخصوصيات التي خصَّه بها الله، وهو نهى عن ذلك، فعندما ذهب إليه الثلاثة:

فالذي يريد أن يقيم الليل كله، ومنهم من يُرد أن يصوم الدهر كله، والذي يريد أن لا يتزوج النساء، وسمع النبي الخبر وخرج عليهم وقال لهم:

(سمعتُ قولكم ـ أنت قلت كذا وأنت قلت كذا وكذا ـ فأنا أقوم وأنام، وأصوم وأُفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).

فأرادوا أن يصوموا صيام الوصال وأحبوا أن يقلدوه، فقال لهم لا:

(أنا لستُ كهيئتكم فإني أبيت عند ربي فيُطعمني ويسقيني).

ليس لكم شأنٌ بهذه الجزئية، فإنكم لابد أن تتسحروا وتفطروا، وليس هذا فقط؟ ولكن أيضاً خيركم من أخر السحور ويُعجِّل الفطر لتقاوموا أكثر.

لكن من يتابعه في صيام الوصال فلا يستطيع.

فخصوصيات رسول الله كلها ـ وقد جمعناها في كتاب الكمالات المحمدية ـ ففيه جزء كبير منها، لكن لو تريد كتاب خاص فموجود كتاب اسمه: “الخصائص” للإمام السيوطي وهو أربعة أجزاء، يتكلم عن خصوصيات رسول الله كلها، خصوصياته في العبادات، وخصوصياته في المعاملات، وخصوصياته في الدار الآخرة وخصوصياته في الزواج، فله خصوصيات كثيرة جداً لا تُعد ولا تُحد، فليس لنا شأنٌ بهذه الخصوصيات.

وكذلك ليس لنا شأنٌ بخصوصيات الأنبياء، لأن الأنبياء لا يفعلون شيئاً إلا بوحيٍ من الله، وماذا أفعل؟ أعمل بما أمرني به رسول الله:

“ومَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا” (7الحشر).

فما عليَّ الآن أن لا أتشبَّه برسول الله صلى الله عليه وسلَّم في خصوصياته، وحتى أننا دائماً نقول ونُنوِّه للأحباب:

[لا تتشبه بالمرشد في نهاياته، ولكن إذا أردتَ الفلاح فتشبَّه به في بدياته].

فما يُضيِّع كثير من الأحباب أنهم يريدون أن يتشبهوا بالرجل في النهاية، لأنه يرى حوله الناس ويركب سيارات ويذهب إلى أين؟ ويأتي من أين؟ ويدور في البلاد، فهو مثل فلان، فهل أخذت الطريق من بدايته أم جئت في النهاية وانتهى الأمر؟

فرجلٌ من البداية حصل على الإبتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية ثم الكلية ثم الجامعة ثم حصل على الماجيستير ثم الدكتوراه، فأنا أريد أن أتشبَّه به، وهل ينفع أن تتشبَّه به في الدكتوراه مباشرةً؟ لا لابد وأن تبدأ من البداية، لأن معظم من يضيع يضيع لأنه يحاول التشبُّه به النهاية، كيف يتكلم؟ يحاول أن يتكلَّم مثله.

وكيف يقرأ القرآن؟ فيحاول أن يقرأ القرآن مثله، ماشي على العين وعلى الرأس ولكن، في إقبال الخلق عليه يريد إقبال الناس عليه مثله، فالناس مُقبلةٌ عليه ولكن قلبه مع الله ولا يرى خلق الله نهائياً، ولكنك ترى الناس وتفرح بهم وتريد أن يزيد عددهم وتريد أن يُثنوا عليك ويفرحوا بك.

فالفرق بين هذا وذاك كالفرق بين السماء والأرض، حتى بالنسبة للمرشد لا يجوز الإقتداء به في نهايته لأنها ستكون حجاباً للسالك وتُعرِّضه للمهالك والمعاطب.

ومتى أتشبَّه به؟ في البداية كيف جاهد نفسه وأتشبَّبه في هذه الحالة في طور الجهاد حتى أصل إلى الفتح من الفتاح عز وجل.

السؤال الرابع: هل تجب الزكاة على مبلغ مُدَّخر؟

لي مبلغٌ في البنك وحال عليها الحول فهل عليها زكاة؟

إذا كان المبلغ أكثر من ثلاثة وعشرين ألف جنيهاً فعليه زكاة 2,5% كل سنة هجرية، وكل شهر عربي في كل سنة أُخرج في هذا الشهر العربي 2,5% ، أما لو كان أقل من ثلاثة وعشرين ألف جنيهاً فليس عليه زكاة.

مقاطعاً: أنا أريدها لشيئٍ معين فهل يجوز؟

لا مانع فأنا أريد أن أُحصِّنها، وما الذي يمنع الإنسان والحيوان من الأمراض، والرسول قال:

(حصِّنوا أموالكم بالزكاة).

لماذا؟ لأنني لو لم أُحصِّنها ماذا يحدث؟ يأتني طارق غير ما أعددته له، أضطر بوروده لسحبها وتضيع عليَّ لما إدخرتها له وأصرفها في غير ما أعددتها له.

فأريد أن أتحصَّن:

(حصنوا أموالكم بالزكاة).

فأُخرج الزكاة في شهر عربي وليس الحساب بالسنة الملادية، في شهر رمضان أو شعبان أو أي شهر عربي يكون فيه قد مرَّ عليه سنة هجرية، وكل سنة أنظر ماذا بلغ رصيدي كله وأُخرج له زكاته 2,5% عنه، فهذا يُحصِّن المال.

وإذا أصابني لا قدر مرض ,,,,,, لتظل الفلوس محفوظة، أو يحدث في البيت أي شيئ يحفظه.

مقاطعاً: ولو كان الإخراج لمسجد؟ وماذا لو جعلتُ المبلغ كله لعمارة المسجد؟

المسجد لا يزيد عن الثُلث لأن الزكاة أصلاً للفقراء، لأن الآن أين يصلي الناس؟ في الشارع فهل أطعم بها جائعاً أو أضعها في المسجد؟ أو أنفقها على مريض أم أضعها في المسجد؟

“إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ”

وآخر شيئ قال:

“وَفِي سَبِيلِ الله” (60التوبة).

أي المشاريع الخيرية كلها، بحيث لا يزيد عن الثُلث.

مقاطعاً: فلو كانت أُختي محتاجة؟

إذا كانت محتاجة وتأكدت من ذلك وليس فيها مجاملة فهي أولى، لأن الأقربون أولى بالمعروف.

فلابد من الزكاة لتحصين المال، ومن ضمن الغرائب التي قرأتها وهي موجودة في مجتمعنا الآن:

أنه ذهب رجلٌ للإمام أبي حنيفة وقال له: أنا أعمل بخمس دراهم في اليوم ولا يكفوني، فقال له: وأين تعمل؟ فقال: عند فلان، فقال له: قُل له: أن يعطيك أربعة دراهم فقط، فقال لصاحب العمل: إعطني أربعة دراهم فقط.

ثم جاءه وقال له: أيضاً لم يكفوني، فقال له: قل له: يعيطيك ثلاثة فقط، فقال له: إعطني ثلاثة فقط، وبعد فترة جاءه وقال له وهو مُتعجب: لقد كفتني الثلاثة دراهم وزيادة فلماذا؟ فقال له الإمام أبو حنيفة:

لأن العمل الذي تقوم به قيمته لا تزيد عن ثلاثة، فعندما كنت تحصل على أربعة أو خمسة فكنتَ لا تستحقها، فكانت تُضيِّع كل ما معك.

وهذا ما يحدث في مجتمعنا حالياً، وخاصة مع طائفة الصُناع، أطلب من السباك تصليح جزء في البيت، فيقول لي: سبعين جنيهاً، لماذا سبعين جنيهاً فهي لا تستحق أكثر من إثنين جنيه فقط؟ فأدفع له ماطلب وأنا مُتألم، فأين تذهب هذه النقود؟ يُنفقها على المخدرات، ولا يستطيع بناء بيت له ولا تجد منهم إلا ما قل وندر يستطيع أن يبني له ولو حتى شقة.

فحكمة الإسلام ظهرت الفراسة في أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وأرضاه فراسة ربانية، يعني من يستغل الإنسان يعود عليه بالخسران وهو ما نلاحظه في المجتمع كله، اي واحد يستغل الناس فمال الناس للكنَّاس، يكنس ـ فالحرام يكنس معه الحلال.

فلو مشي الناس بما يُرضي الله فيأخذ الأجر الذي يستحقه فستأتي البركة من الله، ويكون الأجر مبارك والإنفاق مبارك ويكفي ويزيد.

أرأيت ما سبب مشاكل المجتمع كلها؟ الجشع والطمع وما يأخذه أكثر مما يستحق، لكن السلف الصالح لم يكن كذلك، فتُعطيه أجرة يقول لك: إنها لا تستحق أكثر من ذلك، فتقول: له أنا أعطيها لك برضا نفس، فيقول لك: لا فأنا آخذ أجرى الذي أستحقه فقط.

فمتى نصل إلى هذه الحالة؟ نحتاج إلى سنين في الجهاد، فلو وصلنا إليها إنصلح المجتمع على الفور، لأن من يأكل فينا؟ هل اليهود؟ لا فنحن من يأكل بعضه، وهذا ما يحدث، لو أن الناس تراحموا فيما بينهم فستكون حياةً راغدة وخيرات وبركات ليس لها نهاية إن شاء الله رب العالمين.

فهذه نصيحة نحاول أن نضعها بطريقة صحيحة في آذان إخواننا لأن الدين النصيحة، وإياك أن تحاول إستغلال أحد، وخاصة الناس الذين ليس لهم إلا الله، فليس له حسب ولا نسب ولا وظيفة يعتمد عليها تجعلك تخاف وترتدع منه شوية، لا فهؤلاء الذين يجب أن تخافهم لأن الله تعالى قال:

“وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ” (46فصلت).

فإذا مشى الإنسان على هذه القاعدة فيا هناه في الدنيا ويوم لقاء الله عز وجل.

فنُوصي بها إخواننا ولكن بطريقة لطيفة كما قلنا، ولا نقول لا فلان ولا علان، ويكون الحديث بيننا وبين بعضنا حتى لا يتدخل الشيطان بيننا، ويقول لك: إنه يقصد فلان أو يقصد علان فيوجد فتنة، فتكون النصيحة للكل وليست لفلان ولا لعلان.

وكثير من إخواننا بعد الدرس يقول: الشيخ يقصدني بهذا الدرس، وفي الحقيقة أنا أقصد الكل، وإذا كان هو قد شعر أن هذا الدرس المقصود به بنفسه فما المانع في أن يُصلح نفسه؟

فانا لم أقل فلان ولا علان لا ظاهراً ولا خفياً فلا يصِّح أني بعد الدرس أقول: أنا كنت أقصد فلان، فلا ينفع هذا.

أو نحن مع بعضنا نتهامس: أتعلم يا حاج فلان أن الشيخ يقصد من؟ يقصد فلان الفلاني، فالكلام يصله فيظن أنني الذي قلت ذلك فيزعل مني، ولماذا نسمِّي؟ فتحدث الفتنة.

فنحن الحمد لله هل سمعتمونا نذكر فلاناً أو فلان؟ لا ـ لا سراً ولا جهراً وهكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وأنتم تسيرون على نفس الشاكلة فيما بينكم حتى يدوم الوداد.

واحد أخطأ وتريدون معالجته فتكون بطريقة لطيفة لأنه علاج، لكن العلاج العام فيجب عدم التخصيص لا فلان ولا علان، ويمكن أن نأتي بكذا مثال من قبلها، ويـأتي بمثال بعدها مشابهٌ لها، فهذه هي الطريقة الصحيحة التي نسير عليها.

فإذا تكلمنا عن الصالحين، فنتكلم أولاً عن الصحابة ويعدها عن الصالحين السابقين، ثم بعد ذلك الصالحين المعاصرين، وبعد ذلك نتحدث عن الإمام ابي العزائم فأصبح الموضوع موضوعاً عادياً لأنك سبقَّت بذكر الصالحين.

لكن أقول: أبو العزائم كذا وأبو العزائم كذا وكأنه لا يوجد غيره، فيقول الناس: ألا يوجد غير أبي العزائم؟ ولم أبو العزائم الذي تتكلمون فيه؟

اصحاب رسول الله كانوا نموذج من هذه الأحوال، وواحد من السلف الصالح إن كان السيد أحمد البدوي أو أبو الحسن الشاذلي أيضاً كانوا كذلك.

فالأسلوب الحكيم يحتاج إلى التدرج في النصيحة في مثل هذه المواضيع.

السؤال الرابع: كيف يلتزم المريد يتوجيهات شيخه؟

من المستحيل أن يطبق الإنسان كل شيئٍ دفعة واحدة، فأنا أختار لنفسي برنامجاً للتطبيق العملي مرحلة مرحلة، فإذا إنتهيت من المرحلة الأولى أبدأ في المرحلة الثانية، فإذا أنتيت من المرحلة الثانية أبدأ في المرحلة الثالثة، وهكذا.

فكثير من الأحباب يظن أن المراحل التي يجب إتباعها هي النوافل، لا ـ المنهج الأساسي الذي نهتم به هو السلوكيات، وهي التي تحتاج إلى الجهاد الشديد، فأنا أنظر إلى نفسي فأجدها أحياناً تكذب، لا ـ فآخذ عهداً على نفسي أنني أتحرَّى الصدق في الجد والهزل واللهو واللعب.

وأتابع نفسي، فلو حدث شيئاً أثناء السلوك ألومها وارجع إلى الله حتى لا تعود مرةً ثانية، أريد أن أتخلق بأخلاق الأنبياء:

فأستمسك بصفة الأمانة:

أمانة القلب: والأمانة في القلب أي أني إذا سمعت كلاماً أكتبه إلا إذا طُلب مني أن أقوله فأقوله كما سمعته، فلا أزيد ولا أنقص.

وأمانة النظر:

أن لا أنظر إلى العورات سواء السيدات أو البيوت أو غيره.

أمانة السمع: فلا أسمع الكلام إلا الذي أفرح به يوم لقاء الله، وأصم أذني عن سماع ما يُغضب الله، أو أقوم من المجلس بأي إعتذار لطيف:

“فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” (68النعام).

فيبدأوا في الخوض فأستأذن معي ميعاد ـ ميعاد مع من؟ مع الله، فأقوم بذكر الله ومع كتاب الله فأكون قد وفيَّتُ مع الله، لكن لا اترك نفسي معهم ـ وهكذا.

فالأساس كله في السلوكيات.

مقاطعا: وحق أخي هل عليَّ أن أوجهه؟

كما قلنا: النصيحة بالطريقة الصحيحة، ففي المجلس نحن جميعاً حُرَّاس ـ على المجلس كما أفعل عندي في الجميزة، فإخواننا بعد العشاء يأتي واحد فيبدأ على الفور بقراءة الصلوات، ولا نتظر حتى يتجمعوا ليعرفوا أنهم ملتزمون بعد العشاء مباشرةً، فإذا إنتهينا من الصلوات تبدأ حلقة الذكر ثم القرآن الكريم، ثم بعدا تُقدَّم النفحة، وبعدها درس علم واحد أو إثنين أو ثلاثة لخمس دقائق، ودروس علم مُنسقة، فواحد يتكلم في الأخلاق وآخر يتكلم في الآداب، وثالث يتكلم في الفقه، وبعد ذلك قصيدة وبعدها نختم ثم نمشي.

فإذا كان في موضوع يخُصُّ الجمعية أو خلافه نقول: إنتظر يا فلان وأنت يا فلان ثم نناقش الموضوع والآخرين يذهبون وليس الكل يبقى.

أجلس مع أخي فأقول له: لقد قرات كتاباً وفيه نصٌّ أريد أن نسمعه مع بعضنا ـ وكنا نفعل ذلك منذ زمن ـ ويقرأ هذا النص وأنا أسمع فنبدأ معا فنقضي لوقت فيما يفيد.

أو سمعت أن فلاناً مريضاً فهيا نزوره، أو سمعت أن فلاناً مع فلان بينهما خلاف فهيا بنا نصلحهما.

فأصحبه في عمل الخير، لكن نجلس معاً ونذكر فلان وفلان ونقرأ أخبار القرية؟ لا ينفع؟

فدائماً أحرص على أنني أكون مع أخي على الدوام.

فإذا وجدت أخي تعبان أسمع له وأحاول أن أُخفف عنه نفسياً بدون الخوض في الآخرين، ولكي أخفف عنه فهل أخوض في الآخرين؟ لا ـ لأنه يوماً ما سينقل هذا الكلام، فأقول له: ربما من قال لك هذا الكلام غير صادق، أو ربما هذا ظن ولكي يدوم الإخاء نحرص على غلق باب الظنن لأن معظم المشاكل بين الأحبة سببها ظن السوء.

أو أقول أتعرف فلان لماذا فعل ذلك؟ إنه يقصدني أنا؟ ومن أين عرفت؟ إنه سوء ظن، ومن أين أتيت بهذا الظن، فمعظم المشاكل من ظن السوء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:

(إياكم وظن السوء فإن ظن السوء أكذب الحديث).

إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ (12الحجرات).

فأظن خيراً، وأظن إحتمال الخير وليس السوء أو غيره.

فلو أن دائرة الإخوان حرصنا فيها من ظن السوء فينتهى الموضوع، أو أقول: أن فلان هذا يُحرِّض الإخوان عليَّ، ومن أين جئت بهذا الكلام؟ وهل عندك بينه أو دليل؟ فهذا ظن سوء تُب إلى الله منه واستغفره، قال صلى الله عليه وسلَّم:

(إذا ظننت فلا تُحقق).

مادام ليس معك بينة، ومتى يكون هذا الظن صحيحاً إذا كان معك دليلاً أو برهاناً، فليس معك لا دليل ولا برهان فهذا غير محقق.

وبهذا أكون قد حفظت دائرة الإخوان.

مقاطعاً: فمن بعُد عنا هل نسعى إليه أم نتركه؟

لا ـ نكون كما قيل:

[كن أقرب إلى أخيك عندما يكون قريباً من إبليس].

فأحاول بطريقة لطيفة أن أُقربه وأقول له: لنا فترة لم نرك ـ أو: لم لم نرك اليوم؟ أو لماذا كنت غائباً بالأمس؟ ومالذي عندك؟ أو تعالى نزور فلان، أو أنت لم تحضر بالأمس فقلنا ربما يكون عندك ظروف، فطمئننا عليك ـ لم نرك بالأمس وانت تعلم أننا لا غنىً لنا عنك.

وبكلمتين طيبتين نجبر بهما خاطره يعود سعيداً ويدخل في الدائرة مرةً أُخرى.

صلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم


Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid