• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

7 ديسمبر 2012 م

أسئلة حائرة وإجابات شافية_مجلس الجمعة_الحلقة الثامنة 7-12-2012

.

شارك الموضوع لمن تحب

 *****************************

الحلقة الثامنة

******************

  • الغش في الامتحانات

  • الإسراف في الملبس

  • الشك القاتل

  • الخلاص من الظلم

  • الفتاة والخطبة

  • خلط اللحوم في المطعم

 

الغش في الامتحانات

سؤال: تقدمت لامتحان تأهيلي لوظيفة، وقمت بالغش من زميلتي في الامتحان لأحصل على التأهيل، فما حكم ذلك؟ وما حكم أنني أقسمت بالله لزميلتي أنني لم أغش منها، وكنت أقصد في باطني امتحان آخر وليس هذا الامتحان؟

======================

هناك مخالفتان: المخالفة الأولى: الغش!! الحديث الصحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {مَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا} (صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة).

حرَّم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغش بكل أنواعه وفي كل أحواله على المسلمين والمسلمات، وأراكم توافقوني على أن ما به أمتنا الإسلامية الآن من تخلف عن الأمم الناهضة المتقدمة في مجال التكنولوجيا، أو في مجال الفضائيات، أو مجال النت، أو حتى في مجال الأغذية، أو في أي مجال، سببه الأساسي أن التعليم عندنا يقوم على الغش، فلا يُنمِّي الإبداع، ولا يفتح مَلَكة الإلهام حتى يستطيع كلٌ في مجاله أن يبدع وأن يخترع، وأن يكتشف فننهض كما نهضت الأمم.

المخالفة الثانية: هي اليمين بالله عزَّ وجلَّ كذباً، واليمين إذا حلفها الإنسان وهو يعرف أو يتأكد أنه على الحقِّ ثم اتضح له بعد روية أنه أقسم خطأً، وأن قسمه ليس صحيح، فعليه كفارة يمين، إما أن يعتق رقبة إن وجدت، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم عشرة مساكين. لكن لو حلف الإنسان يميناً وهو يعلم علم اليقين عند الحلف أنه كاذب في هذا اليمين، فهو يمين غموس، أي يغمس صاحبه في النار.

وهو كبيرة من الكبائر، ولا بد له أولاً من توبة نصوح، والتوبة النصوح أن يشعر الإنسان بالندم والخجل والأسف على ما فعل، ثم يتوب إلى الله عزَّ وجلَّ مما جناه، ويعزم عزماً أكيداً ألا يعود إلى هذا العمل مرة أخرى، ثم بعد ذاك يُكفِّر بأمرٍ مما ذكرناه، فيصوم ثلاثة أيام أو يطعم عشرة مساكين.

*******************

الإسراف في الملبس

سؤال: أمي تأتي بثيابِها من الخارج، ويتكلف الفستان الواحد عدة آلاف من الريالات، فهل هذا إسراف؟ وما حكم شراء فستان الزفاف بآلاف الريالات ولا يُلبس إلا ليلة واحدة؟

===============================

يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا[67الفرقان]. قال صلى الله عليه وسلم في الأمر الجامع في هذا الشأن: { كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا، فِي غَيْرِ مَخِيلَةٍ، وَلا سَرَفٍ } (ابن ماجة والنسائي والإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو).

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يظهر لنا صدق فراسته، ودقة بصيرته في تشخيص هذا الأمر، فالإنسان الذي يُسرف في الزِّيّ واللبس، أو في الأكل يعود لأمرين: إما لكثرة الإنفاق بالمال، ويريد أن يُنفق منه حتى لا يكون مثل غيره من الفقراء، أو لأن عنده رغبة في المباهاة والزهو على غيره – وهي الخيلاء، فإذا صنعت ثوباً بآلاف الجنيهات للمباهاة والفخر والخيلاء فهذا يقول فيه الله أيضاً: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [18لقمانفَنَهى الله عزَّ وجلَّ عن ذلك، كما نَهى الحبيب صلى الله عليه وسلم عنه.

إذاً علينا أن نلزم الوسطية، والوسطية أن نراعي الحكمة التي من أجلها نصنع الشيء، نحن نأكل ونصنع الطعام الذي به المواد الغذائية التي يحتاج إليها الإنسان ولا يستطيع أن يستغني عنها، واللبس لستر العورات وإظهار المرء في مظهر فيه عزٌّ وتكريم للإنسان، والإنسان يزهو بخُلُقه ولا يزهو بثوبه، ويزهو بفعله ولا يزهو بقوله، لأنه يجب أن يكون الإنسان في المقام الأول بأخلاقه وأوصافه التي يتخلق بها بأخلاق الله، أو بأخلاق كتاب الله، أو بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما في الثياب فعليه ألا يتغالى فيه، لأن الإسلام نهى عن المغالاة في الرياش والزي والثياب، والذي يصنع ذلك ولا حاجة له – ضرورية – في ذلك، يدخل في بند الإسراف وبند التبذير، والتبذير نهى عنه الله وقال: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [27الإسراءوقال في المسرفين: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [141الأنعام]. والدافع الذي يدفع الناس إلى ذلك أنهم يظنون أنهم أحرار فيما اكتسبته أيديهم من أموالهم ويصنعون بها ما يشاءون!!

لكن المؤمن يتربَّى على أن المال مال الله، سلَّمه له الله يُنفق منه بحساب على ضرورياته التي لا يستغني عنها، وما زاد عن ذلك يردُّه إلى الله في عمل خير، أو في عمل برّ، أو في إنفاق على الفقراء، أو في إنفاق على المساكين، أو مشروعات خيرية، وهذا حال المؤمن مع الله، والمؤمن دائماً يرن في أذنيه قول مولاه: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [7الحديد]. فالمال مال الله، وأنا خليفة عن الله، وأمين مخازن لهذا المال الذي خَوَلَنِيهِ الله، وأمين المخازن لا ينفق إلا في البنود التي أباحتها له شريعة الله – في كتاب الله وفي سُنة رسول الله – التي لا غنى له عنها، والباقي يُدخله في: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً [46الكهف].

ولذا أمرنا الله وأمرنا رسوله بالوسطية في الإنفاق: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾. [143البقرة]. الوسطية في الطعام، والوسطية في اللبس، والوسطية في الأثاث والرياش، والوسطية في المكتب، والوسطية في اقتناء السيارات، الوسطية في أي أمر من الأمور هي الأمر الذي اختاره لنا الله، وكان عليه وأمرنا به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا نقول فيمن تشتري ثوباً للزفاف يُكلف آلافاً مؤلفة ولا حاجة لها به: هي أمام أمرين: إما أن تؤجِّر ثوباً للزفاف يكون مناسباً لها يؤدي الغاية ثم تردُّه، أو تشتري ثوباً يليق بها ويكون ملائماً لأقرانها ثم تتصدق به إلى جهة من جهات الخير والبرِّ من المؤسسات التي ترعي الفتيات ليلبسونه في حفلات الزفاف، لأنهن غير قادرات، لو اختارت هذا أو ذاك فهو الصواب.

لكن إذا لبسته مرة ثم ركنته في الأثاث، ماذا تصنع به؟! وماذا تفعل به؟! وماذا تقول لله عزَّ وجلَّ عن المال الذي أنفقته فيه؟! كل مال يُسأل عنه الإنسان من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟ المسلم دائماً وأبداً يجعل نفسه أميناً على المال الذي خوَّله له الله، والمال مال الله، لذا لا يُنفق منه إلا بما يُرضي الله، ولذا لو أنفق هذا المال في الذنوب والآثام يحاسبه عليه الله.

***********************

الشك القاتل

سؤال: أنا أعيش في حالة مضنية من الشك القاتل لأني أشك أن زوجتي في علاقة مع جار لنا، والجميع يقول لي أنها أوهام وحكايات في رأسي فقط، ولكني لا أصدق ذلك، فما العمل؟

==================================

الخواطر قد ترِد من الله وهي التي تحض على الخير وعمل البر، وقد تَرِدُ من النفس وهي التي تحض على المخالفة والعصيان، وقد ترِد من الشيطان وهي التي تهيج الإنسان نحو قطيعة إنسان، أو نحو الهجوم على إنسان، أو نحو معاداة إنسان، أو نحو كراهة إنسان، كل هذه الخواطر تمر على القلب. والإنسان عليه دائماً وأبداً أن يأخذ بقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: {إِذَا ظَنَنْتَ فَلا تُحَقِّقْ}( رواه الطبراني عن حارثة بن النعمان).

إذا كان هناك أدلة حسية مادية شرعية ملموسة محسوسة تؤكد هذا الظن فيجب علىَّ أن أتوقف، وأن أتحرى جيداً قبل أن أقدم على أي خطوة حتى تتم التحريات وتستتم الدلالات المحسوسات، لقوله صلى الله عليه وسلم: {الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى} (سنن الترمذي والنسائي ومسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو).

أي أمر تدَّعيه لابد أن يكون معك بيِّنة تُثبت صحة هذه الدعوى، والله عزَّ وجلَّ قال لنا: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾. [6الحجرات]. قد يكون الفاسق إنسان، وقد يكون الفاسق خاطر سوء في القلب ورد إليه من النفس أو من الشيطان، وسواء هذا أو ذاك لا بد أن يكون هناك دليل مادي محسوس ملموس.

نهى دِينُنا عن مجابهة الإنسان لإنسان بأي تهمة بغير بيِّنة أو دليل، لأنها تثير النفوس بغير أمر محسوس ملموس، ونهى عن مجابهة أي إنسان لحقيقة ليست معها بيِّنة، وأحاول أن أُكرهه على أن يعترف بما أظنُّه، وهذا يحدث مع كثير من الأزواج، فنرى بعض شبابنا بعد الزواج يحاول أن يُشدِّد على زوجته ويقول لها: لابد لك من علاقة شرعية قبل الزواج، اعترفي وسأسامحك، ويُصر على هذا الأمر!! ما لك ولهذا الماضي؟!! حتى أن الزوجة ربما تكذب عليه لترضيه وتنجو من هذا الإلحاح!! فلا ينبغي للإنسان أن يظنَّ أيَّ ظنٍّ ويُحققه إلا بعد الملابسات الحسية والمادية التي تتحقق بها مثل هذه الأمور الشرعية.

ولذلك نقول لهذا الأخ: ما دمت لم ترَ شيئاً محسوساً، ولم تستند إلى شيء ملموس فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وخرِّجْ هذا الوسواس من نفسك، وهو وسواس من الشيطان يريد أن يثير الضغينة بينك وبين زوجك ليُعكر صفو حياتك، ويجعل حياتك في همٍّ وغمٍّ ونكدٍ على الدوام. وهذا شبيه لمن يصاب بداء الغيرة التي نهى عنها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وهذا مرض استشرى في مجتمعنا الآن فكثير من شبابنا مصاب بداء الغيرة.

والغيرة منها غيرة محمودة عند الدلائل والقرائن، كمن وجد من يريد أن يشاكس زوجته، أو من يريد أن يختطف زوجته فهذا يغار هنا. لكن هناك غيرة بغير قرينة ولا بيِّنة، وهذه غيرة مذمومة لأنها قد تؤدي بالمرأة لأن تكره زوجها كراهية مطلقة، لأنها غيرة بدون ريبة، كأن يمنعها من الوقوف في النافذة أو البلكونة التي تطل من الشقة حتى لا يراها أحد حولها، ما لها ولمن حولها؟! هل تضعها في سجن أم في شقة؟! وهل ترضى لنفسك أن تعيش في هذا السجن بين الأربع جدران لا تنظر إلى هنا ولا إلى هناك؟!!

مادام ليس هناك ريبة لِمَ تُجشم نفسك وزوجك بهذه المشاق التي تؤدي إلى الكراهية العمياء؟!! بل إنك إن أكثرت من الغيرة عليها بغير حقٍ؛ رماها الناس بالسوء لشكك الزائد بها ولذا قال الإمام على: (لا تكثر من الغيرة على أهلك فتُرمى بالسوء من أجلك). هذه التصرفات الحمقاء التي سببتها الغيرة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: {مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ} (سنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن حبان عن جبر بن عتيك الأنصاري).

أو تكون زوجته عامِلة ومعها زملاء، ومعها تليفون محمول وتضع عليه أرقام تليفونات هؤلاء الزملاء، لأنها في حاجة إليهم وهم في حاجة إليها لتنظيم العمل، فإذا رنَّ التليفون في البيت يريد أن يعرف مَنْ الذي يتحدث؟ وماذا يقول؟ ولماذا يطلبها هنا؟ وهذا يؤلب عدم الثقة، فتعتقد أنه لا يثق فيها، وأنه لا يعتد بها، وهذا مما يثير الإحن والشحناء والبغضاء بين الزوجين، وسبب كل ذلك الغيرة التي ليس لها سبب، وليس عليها دليل.

فالإنسان المؤمن يعمل بشرع الله، فلا يأخذ إلا بدليل حسي محسوس ملموس، وهذا الدليل رآه بعينيه، وسمعه بأذنيه، وتكرر أمامه مرات حتى يتخذ خطوات إيجابية، وإلا فليطرد الشيطان ليعيش هو وأهله وزوجه في أمان إن شاء الله.

الغيرة القاتلة إذا لم ينفع معها الاستعاذة من الشيطان، والرجوع إلى منهج الرحمن الذي جاء به نبيُّنا العدنان صلى الله عليه وسلم، فهذا مرضٌ نفسيّ يحتاج إلى طبيب اختصاصي من أطباء الأمراض النفسية ليضع له علاجاً يعالج هذه الغيرة القاتلة.

الغيرة قد تكون من تأثير البيئة الطبيعية التي نما فيها الإنسان، كأن يكون قد نما في بيئة جامدة وأهلها متشددون في مثل هذه المجالات، وما أكثر المتشددون على النساء في بلدان الإسلام الآن، وقد يكون سلوكه في شبابه غير سَوي، فلا يُصدق أن هناك بنتاً سوية أو امرأة تقية، وهذا كثير. لكن المؤمن التقيَّ النقيّ يمشي على مذهب الحبيب الصفيِّ الوفيِّ صلى الله عليه وسلم.

*********************

الخلاص من الظلم

سؤال: أنا مسلمة أعيش في أوربا، وزوجي رجل طيب وكان له شريك أخذ منه مالاً كثيراً، وهذا الشريك اشتكانا مؤخراً بأننا أخذنا منه مبلغاً من المال، ونحن لم نأخذ منه هذا المال، ولكنه نظراً لأنه كان شريكاً لزوجي فلديه أوراق نتيجة تعاملات بينهم، فبماذا تنصحني؟ وهل هناك دعاءٌ يفُكُّ به الله كربنا وينصرنا على هذا الظالم؟

==============================

المؤمن ينبغي عليه ألا يتعامل تعاملات مالية – ولو كانت قليلة، حتى ولو كان مع أخيه من أبيه – إلا كما نصَّ كتاب الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [282البقرة والذي رفض تنفيذ الآية أقول له: إنك لست من أهل العناية ولا أتعامل معه إلى النهاية، حتى ولو كان المبلغ صغيراً، قال العليُّ الكبير: ﴿ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ [282البقرة].

قال العلماء: كل ما زاد عن ما يساوي العشرون جنيهاً يجب أن يُكتب، إلا إذا كنت أعطيه له ولا أنوي أخذه، إن جاء به فبها ونعمت، وإن لم يجيء به فأنا أخرجته صدقة له. إذن ينبغي أن تكون كل علاقاتنا على شرع الله، مع أخواتنا رجالاً أو نساءً، ومع جيراننا، ومع زملائنا، ومع أقاربنا، مع أي إنسان: ﴿ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ [282البقرة].

وهذا الذي حدث بسبب خطأ ارتكبوه وهو عدم تسجيلهم الأوراق الرسمية المعتمدة التي تدل على الشراكة، وتحتفظ بالحقوق لكل منهما وفق الشريعة الإسلامية، وعليهم أن يقولوا كما قال الله: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [44غافر].

ويكرر هذا القول مرات بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة الجمعة والجماعات كل يوم، حتى يُهيىء الله عزَّ وجلَّ بفضله إلهاماً من خيره وبره يُنزله على قلبه، فيجعله يراجع نفسه ويعلم أنه أخطأ ويرجع إلى صوابه، ويرجع إليهم ويرد إليهم حقوقهم، قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ} (صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد والمستدرك عن عبد الله بن عمرو وإن لم يعترف هو بالخطأ فأرجع إلى من بيديه مفاتيح القلوب، وأرفع إليه شكواي، وأوكله في تحصيل حقوقي، فإنه عزَّ وجلَّ ربما يُنبِّه قلبه ويرده إلى صوابه فيأتي إلىَّ بحقي إن شاء الله رب العالمين.

*************

الفتاة والخطبة

سؤال: أنا فتاة في الثلاثينات، وجاءني عريس لخطبتي ووجدنا ارتياحاً لبعضنا، لكن أهله اتصلوا بوالدي وقالوا له إن طولي غير مناسب لابنهم، هل الطول يكون عائقاً حتى يرفضني الخطَّاب؟!! وهل أحاول الاتصال بهذا الشاب لأن زميلاتي يقلن لي أنك جامدة ولهذا رفضك؟

======================================================

الشاب الذي يخطب فتاة علَّمه المجتمع اللياقة في حسن الجواب إذا لم يشعر بارتياح نحو هذه الفتاة، والارتياح نسبي يختلف من شخص إلى شخص، فربما كان في وهمه صورة معينة للفتاة ولم يرها في هذه الفتاة، فأراد أن يرد رداً يرضيهم فقال: إنها ليست بالطول المناسب.

ولكن لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، فنرى في المجتمع من يبحث عن الطويلة، ومن يبحث عن القصيرة، ومن يبحث عن المتوسطة، ومن يبحث عن النحيفة، ومن يبحث عن السمينة، ومن يبحث عن الغنية، ومن يبحث عن الفقيرة، ومن يبحث عن المتعلمة، ومن يبحث عن سيدة المنزل … كل إنسان جعل الله عزَّ وجلَّ له خواطر تدور في ذهنه ليعم بذلك البشرية كلها.

فلو كانت أفكار الشباب كلها أفكاراً واحدة لانصبت على صنف واحد من النساء وبارت جميع النساء الأخريات، لكن لكل إنسان ذوقه، وما دامت هذه البنت تقية، وإن قال لها زميلاتها أنك جامدة فهي تقية، فلتعلم علم اليقين أن تمسكها بالدين يزيدها رفعة عند الشباب الصالحين الذين يبحثون عن الصالحات، فتحافظ على نهجها ولا تتصل بهذا الولد بعد أن رفضها لتعرض نفسها، وتلجأ إلى الله، وتعلم علم اليقين أن الله سيرسل إليها من يعفها لما ورد في الأثر: {إن لله ملائكة سياحين يسوقون الأهل إلى أهلها}، فسيبعث الله إليها من يوافقها في طباعها وفي أوصافها، ويفرح بها إن شاء الله ربُّ العالمين.

***********************

خلط اللحوم في المطعم

سؤال: اللحوم البلدية في بلدنا غالية جداً، وأنا عندي مطعم مشهور للمشويات، وقد زادت التكاليف والأعباء في هذه الأيام ولم يُصبح الدخل يكفي العمال وغير ذلك من التكاليف الكثيرة، فهل يصح أن أستخدم اللحوم المستوردة الرخيصة وأخلطها مع اللحم البلدي ليستمر المحل في عمله – علماً بأن أكثر المحلات تفعل ذلك؟

=======================

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم التجار الأخيار إذا كان في بضاعتهم عَيْبٌ أن يُظهروا هذا العَيْبَ، وعندما ذهب صلى الله عليه وسلم إلى السوق ووجد طعاماً ظاهره يابس فوضع يده فيه فوجد أسفله مبلول، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء، قال صلى الله عليه وسلم: {أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ} (صحيح مسلم وسنن الترمذي والمستدرك عن أبي هريرة).

فأمرنا أن نبيِّن العيب. فأي تاجر في أي مهنة، أو أي حرفة، عليه أن يبيِّن العيب الذي يوجد في صنعة يبيعها، أو تجارة  يتاجر فيه للمشترين حتى يكون الربح حلالاً، ويدخل في قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} (سنن الترمذي والدارمي عن أبي سعيد).

وكذا صاحب الطعام عليه أن يُعرِّف زبائنه مما يصنع هذا الطعام، ومما يتكون هذا الإدام، إن كان لحماً مستورداً أعلمهم أن هذا لحم مستورد، إذا كان لحماً بلدياً أخبرهم أن هذا لحم طازج، ويصنع هذا بمفرده، وهذا بمفرده، ويضع لهذا سعراً يناسبه، ولهذا سعراً يناسبه، ويُخير المشترين، فنجد قوماً يشترون الطازج لسعتهم المادية، وقوم يشترون المجمد لضيق ذات اليد، وبهذا يكسب محله وينال رضاء الله عزَّ وجلَّ . أما أن يخلط هذا بذاك دون أن يعلم المشترين أو الآكلين فهذا غشٌّ نَهَى عنه سيِّد الأنبياء والمرسلين، وقال في شأنه صلى الله عليه وسلم: {مَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا} (صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة).

وهذا مثله مثل من يخلط في أي بضاعة فيها صنفين، صنف جيد وصنف رديء، فيخلط الجيد بالرديء ويبيعه على أنه كله جيد، وهذا غشٌّ نهى عنه النبيُّ الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعادي 23 من محرم 1434هـ 7/12/2012م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid