Sermon Details

7 نوفمبر 2015
أسئلة حائرة وإجابات شافية_مجلس النساء السبت 7-11-2015
إقرأ الموضوع
……………………………………………………………………………..
السؤال الأول: أناس ظلموني بالضرب والإهانة، وأنا أكلمهم ولكن قلبي غير صافٍ لهم، فما حكم صلاتي وصومي؟
——————————
إذا كان الإنسان مظلوماً فالله عزَّ وجلَّ يعلم الظالم والمظلوم، الحقد والحسد الذي يمنع قبول الأعمال إذا فكَّر أصحابه في الإساءة إلى غيره أو في شرٍّ لغيره، لكن ظلمني واحد وأنا متألم من هذا الظلم، فهذا أمر شرعي، لكن الذي لا يرضاه الله أنني أحاول أُسبب له إيذاءً أو أسبب له ضُرًّا أو أُسبب له شرًّا، فما دام الإنسان لم يصل إلى هذه المرحلة فيكون إن شاء الله أعماله مقبولة عند الله عزَّ وجلَّ.
***********************
السؤال الثاني: ما عقاب من يتخلف عن الصلاة لكثرة الأعمال والأشغال في البيت والأطفال؟
——————–
إنها الورقة التي عملناها هنا، والعقاب بالضرب غير موجود في الإسلام، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلَّم عاش حياته وتزوج إحدى عشرة إمرأة، لم يضرب واحدة منهن قطّ في حياته، وقال في ذلك في شأن النساء: (لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم)[1].
وحتى الخدم سيدنا أنس بن مالك يقول: (خدمت النبي صلى الله عليه وسلَّم عشر سنين فلم يقل لي أُفٍ قطّ، ولا لشيءٍ صنعته لم صنعته؟ ولا لشيءٍ تركته لم تركته؟)[2]. يتركه على حاله وعلى راحته، لأن حضرة النبي كان يؤسس، ويؤسس أن تُبنى الأمور كلها على المحبة.
أحتضن أولادي فيحبوني، فلو إستطاعوا أن يفدوني بأعينهم لفعلوا، ولكن إذا بدأت بالضرب فعلى الفور أصبح الطفل عنده موقفٌ داخلي مني فيسبب له مشاكل نفسية لا عدَّ لها ولا حدَّ لها. يريد أن يعبر عن سخطه عليَّ تارة بالإعتراض، ومرة بالإمتعاض، وثالثة بعدم إطاعة الأوامر، وأخرى بالتظاهر بالطاعة وعدم التنفيذ، كل هذا لماذا؟ لأنه داخلياً عنده شيءٌ من جهتي. لكننا المفروض الولد أو البنت يكون داخلياً ليس عنده بعد الله ورسوله أعزُّ من الأب أو الأم، فيسارع في برِّهم وإرضائهم على الدوام.
كما وضحنا في المنشور الذي معكم، أو هذه المطوية: قلنا أن الضرب آخر العقاب، لو لم ينجح معه أى أسلوب ألجأ إلى الضرب وبالطريقة الإسلامية، لكن الأفضل أن أبني ابني على المحبة أولاً، فإن أساء أنصحه برفق وبلين، فإذا أساء مرةً ثانية أنظر له بعنين فيهما غضب، فيعرف أن عينيَّ غاضبة فيرجع، فلو أساء ثالثاً يكون زجراً خفيفاً ليس فيه تعنيف، فلا يكون فيه سبٌ ولا شتمٌ ولا لعنٌ.
ولا ينفع أن أقول لأحد كرمَّه الله: أنت حمار – كيف يكون حماراً؟ خير مخلوق أقول له حمار!! لا ينبغي أن يُقال لأي آدمي وليس للمسلم فقط هذه العبارة. لكن أدعو عليه؟!! النبي حرَّم ذلك فقال: (لا تدعوا على أنفسكم ولا أبنائكم ولا أولادكم ولا أموالكم فعسى أن تكون ساعة إجابة فتندموا)[3]. فأنا من سيحمل الهمَّ كله بعد ذلك، أشتم وأقول: أنا أشتم نفسي وأقول: يا ابن كذا وكذا، فلِمَ تشتميه وتعوِّديه على هذه الألفاظ؟!!.
الطفل لا يُخرج الأم أو الأب عن الحدود أبداً مهما كان قدر عصيانه وشقاوته، فكل شيءٍ باللين ممكن هدايته إلى المنهج القويم. لم يستجب إلى الزجر أو التعنيف الخفيف، ألجأ إلى شيءٍ آخر: أعرض عنه فلا أكلمه يوماً أو اثنين، فيشعر أنني غاضبة منه فيبحث عني. لم يشعر بهذا الأمر، أقول له: أنا خاصمتك، والخصام في الإصلاح وارد في حديث رسول الله فأقول له: لا تكلمني. كل هذه وسائل تربوية يلجأ إليها المرء المسلم والمرأة المسلمة في تربة الأبناء.
أريده أن يصلي لابد وأن أبدأ بنفسي وأصحبه معي، رجل مسلم كتب رسالة للإمام مسلم في السعودية ويقول له: أريد من الآباء أن يجربوا هذه التجربة التي طبقتها:
فإبني كان رافضاً الصلاة بالكلية، وأحاول أن أقنعه وأفهمه فلا فائدة، فلما وجدتُ الأمر كذلك فقلت له: يا بني ذكرني بوقت الصلاة، عندما يأتي وقت الظهر ذكّرني، وكذلك العصر. ففرح أنني أسندت له وظيفة!!، فكان يحاول أن يُذكِّرني بوقت الصلاة. وبعدها قلت له: أنا تعبان يا بني ولا أستطيع أن أذهب للمسجد وحدي فتعال معي نصلي معاً، وأخذته بهذه الكيفية وأصبح الآن يديم الصلاة. وبدأ لا بالزجر ولا بالشتم ولا بالضرب، ولكن بوسيلة لطيفة!!ن قال فيها الله: “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا” (132طه).
فالحكاية تحتاج إلى صبر طويل، لأنهم في سن الشيطان يلعب بهم، الشيطان يلعب بالصبيان لعباً، فأنا آخذه بالراحة وباللين حتى يتعود أنه يصلي لله ولا يصلي لي أنا.
يخاف مني فعندما يراني يصلي، وعندما أذهب يترك الصلاة، وكما سمعنا ونسمع في بعض البيوت: يحاول الأب بالليل أن يُوقظ ابنه لصلاة الفجر، فيقوم يتوضأ فإذا الأب نزل إلى المسجد يتوضأ الولد ويدخل لينام ولا يصلي مع أنه توضأ، وإذا نزل الأب للمسجد بدري يدخل الإبن الحمام ثم يعود للنوم. وإذا ضغط عليه الأب أحياناً يقف في الصلاة بغير وضوء، فلمن يصلي؟!! ليس لله – ولكني أريده أن يصلي لله فيتطهر ويتوضأ ويحرص على أداء الصلاة لإرضاء الله وليس لإرضائي أنا.
فلابد من الإقتناع، ولابد أن أقنعه بالطريقة الطيبة.
بعد ذلك لو بذلتُ معه كل الوسائل ولم يعد – هناك وسيلة غير الضرب، فقبل أن أضربه لابد أن أقنعه أنه يستحق العقوبة حتى يعرف ماذا فعل؟ ولم العقوبة؟ فيتقبل الأمر. العقوبة لابد أن لا تكون في ساعة الغضب، لأن في ساعة الغضب كما يحدث الأم تجد أيَّ شيءٍ أمامها ترمي به الولد حتى ولو كانت قطعة حديد، فتجرحه أو تُحدث فيه شيئاً خطيراً، أو تكون جريمة وهي تقول: كنتُ غاضبة، فلا ينبغي الضرب ساعة الغضب.
نضرب، .. فالإسلام منع الضرب على الرأس وعلى الوجه وعلى الأماكن الحساسة، ومنع الضرب باليد سواء بالكفِّ، أو بحركة الملاكمة، فأحياناً الأب يعمل ملاكماً مع خصم ضعيف وهو ابنه، أو خصم أضعف قليلاً وهي زوجته، يتمرن فيها الملاكمة، فالإسلام نهى عن ذلك، ممنوع الضرب. ووضع العقوبة الشديدة فقال صلى الله عليه وسلَّم: (من لطم عبده – والعبد الذي هو ملكه – فكفارته عتقه)[4]. كفارة ضرب العبد أن يعتقه حتى يمتنع عن الضرب باليد.
فبأى شيءٍ أضربه؟!!. عصا بسيطة لا تزيد عن عشرين سنتيمتراً، لأن النبي عندما أراد أن يضرب، هدَّد بالضرب وأخرج السواك وقال للعبد الذي عنده: (لولا خشية عذاب الله لضربتك بهذا السواك)[5].
والإمام أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه عندما تكلم عن الضرب في كتاب الله، والرجل عندما يريد أن يضرب زوجته، فبِمَ يضربها؟!!، قال: يأتي بمنديل ويربطه ويضربها به، وليس منديلاً ورقياً، ولكن منديل محلاوي – أى قماش – والموضوع كله إظهار أنه غاضب.
كيف أضربه؟!!، في البداية أضرب على شئ حوله، وهذا لأظهر له أنني غاضب، وأنزل العصا على هذه المنضدة أو على هذا الكرسي، وأتفق مع أمه وأقول لها: أنني سأضرب الولد وأنت تحجزيه عني، وإذا أراد الفرار فاتركيه يفرُّ، وكل الموضوع هو إظهار الغضب، وأظهر له أنني غاضب ليرجع عن ما يريد.
ولكن إذا ضربتُ مرة والثانية والثالثة والرابعة بعد قليل الضرب لم ينجح كوسيلة، فقد رأيت في التربية والتعليم ـ كان الولد يفتح يده في المرحلة الإعدادية أو الثانوية – والمدرس معه خيزرانة كبيرة – ويقول له التلميذ: اضرب عشرين، .. ثلاثين، .. أو كما تريد، وكأنه لا يؤلمه نهائياً!!، وأصبح وكأن الضرب لا يؤلمه. فما العقاب بعد ذلك؟ لا يوجد عقاب، وسيتحداني وسيخاصمني ويكون واقفاً نِدَّاً لي على الدوام.
لكن أضرب على ما حوله، وأترك له فرصة للفرار، أو أترك فرصة لمن حولي أن يتدخل. لكن لا أقول لها: لا تمنعيني عنه، وإن منعتيني عنه فإنتِ كذا وكذا وكذا. وماذا فعل هو؟!!، هل ارتكب جريمة من الجرائم؟!!، فكل الموضوع أنني أريد أن أُشعره أنه أذنب في الموضوع الفلاني وأخطأ.
أضرب بعد ذلك، فيكون ضرباً قالوا فيه: (باليد فلا تُرفع فوق مستوى الكتف – فعندها ماذا يكون الضرب؟!!، خفيفاً، ولا تكون اليد مرتفعة لأعلى فيكون ثقيلاً وشديداً كما يفعل سائقي العربات مع الحيوانات – والضرب يؤلم إيلاماً خفيفاً ولا يترك أثراً).
فيكون الضرب على اليدين أو على الرجلين، ولا أضربه أمام إخوته: لأنني أكون قد سببتُ له مشكلة نفسية، أو أمام غيره فأكون قد تسببت له بعقدة نفسية، ولا أعايره في هذا الأمر، ولا أعايره بعد ذلك وأقول له: أنا ضربتك لأجل كذا وكذا أمام أحد، ولا أشكو هذه الواقعة لا من بعيد ولا من قريب لأحد، لأن التعامل مع بشر وليس مع حجر. ولا يزيد الضرب عن عشر، قال صلى الله عليه وسلَّم: (لا ضرب أكثر من عشر ضربات إلا في حدٍ من حدود الله)[6].
واحد شرب خمراً، أو واحد زنا – والعياذ بالله – التي فيها الضرب الشديد، لكن طفل أو ضرب عادي لا يزيد عن عشرة وهو أقصى حد للضرب، وبين الضربة والثانية أنتظر قليلاً، ولا أستمر في الضرب، وبعد أن أُنهي الضرب أقول له: أنت تعرف أنني أحبُّك، ولم أكن أريد أن أجعلك تتألم، ولا أريد ضربك، حتى لا يأخذ موقفاً مني، فقد أضطررت لضربك لكذا وكذا وكذا، ولو أنك عُدت لما تريده فأنت تعرف محبتي ومعزتك عندي ما قدرها. أفهمَّه وأحتويه ليعرف معزته عندي. وهذا باختصار طريقة الضرب في الإسلام إذا وصلنا للضرب، سواء للشاب أو للفتاة أو للمرأة المتزوجة التي لا ينبغي ضربها أبداً.
**********************
السؤال الثالث: زوجة ترفض زوجها لأنه لا يتقرب إلى الله، ولأنه مقصر في الصلاة وفي كل أمور الدين؟
———————-
ما دامت المرأة ارتضت بزوجٍ من البداية فلتصبر عليه إلى النهاية، وكل مشكلة ولها حل إذا صدقت النية، واستعانت بالله في أى معضلة أو مشكلة سيحلها الله حلاًّ جميلاً إن شاء الله، لكن لا تلجأ إلى وسائل عقابية مع الزوج، فيكون عنده العناد، لأن الرجل يحب العناد فتتفاقم المشكلة وتزيد وربما تستعصي على الحل. لكن كل الأمور تحتاج الحكمة والموعظة الحسن، وربنا قال فيها الموعظة الحسنة، كيف؟
تقول له: أنت تعرف يا فلان أنني أحبك وأُحب لك الخير، لكن وأنت أعزّ عندي من كل شيء في الدنيا إلا الله ورسوله، وأريد أن لا نخرج لا أنا ولا أنت من الدنيا ونذهب للآخرة ونحن خاسرين وليس لنا مكان في الجنة ونتعرض للعقاب في النار، أو للعقاب في الموقف العظيم. ويكون بطريقة لطيفة، ونريد أن نعرف الأشياء التي توصلنا إلى الله لنعملها أنا وأنت.
ولا تقول له: أنا أُصلي وأنت لا تصلي، فيعتقد أنها ترى نفسها أحسن منه فيعاند أكثر، لا ـ لأنها مهما كانت تفعل تُشعره أنه أستاذها وينبغي عليه أن يعلمها، وتقول له: إن لم تكن تعرف فاسأل، وربنا يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (7الأنبياء)، وتعالى قل لي ما المنهج الجيد الذي نمشي عليه؟، وكما نريد المنهج الجيد لنمشي عليه في نفقات البيت حتى لا يكون علينا ديون، ولا نكون مضطرين ونمشي كما ينبغي، فنريد أيضاً منهجاً طيباً نخرج به من الدنيا فنجد لنا مكان في الجنة نسكنه، ونجد لنا أمان يوم القيامة، فنفرح هناك كما نفرح هنا. هذه الطريقة اللطيفة يا إخواني هي الأساس، وسأقص عليكم حكاية حدثت أيام الصحابة الأجلاء:
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم عرَّفهم أن البلاء دليل على تذكر الله للعبد، والعبد الذي لا ينزل عليه بلاء – والبلاء يعني ولو شيء من الإنفلونزا، أو صداع، فهو بلاء أو شيء ضاع منها وأخذت تبحث عنه ساعتين فهو أيضاً بلاء – ولو أن الواحد حتى كان ماشياً في الطريق وقطع حذاؤه فهو بلاء، فكل شيءٍ من هذه الأشياء يحدث له يسترجع ويقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه خيراً وعوضنا عنها خيراً منها)[7]، قال صلى الله عليه وسلَّم: (استرجعوا حتى في شسع نعلكم)[8]. يعني في قطع نعلكم لو قُطع وأنتم ماشيين.
وعرفنا أن فرعون موسى ما الذي جعله يتفرعن – يطغي – ويعمل نفسه إلهاً؟ فقد عاش أربعمائة سنة لم يُصب بألمٍ قطّ، لم يأتيه مرض في الأربعمائة سنة حتى ولو صداع، وهذا ما جعله طغى وعمل نفسه إلهاً.
إمرأة تزوجت رجلاً وتنتظر أن يُصاب بقليل من الرشح أو صداع أو أيِّ شيء ولو خفيف فلم يُصب!!، وظل فترةً طويلة فقالت له في النهاية: هيا أنا وأنت نذهب للقاضي، فقال لها، لماذا؟ فقالت له: ستعرف هناك، وأثناء سيرهما إلى القاضي تعثَّر، فقالت له: نرجع مرةً ثانية، فقال لها: ما الموضوع؟، لأنه يريد أن يعرف السرَّ، فقالت له: كنا نعيش معاً فلم يأتك بلاء، وظننت أن ربنا غاضب عليك، وغضبه سينزل عليك، ولما عثرت فعرفت أن ربنا تذكرنا بالرحمة فرجعت. فكان العلاج بالنسبة للصحابيات الجليلات بالحكمة والموعظة الحسنة.
المرأة وزوجها لا ينبغي لهما التوتر في الكلام، ولا العصبية ولا الغضب في التفاهم، إذا نزعنا التوتر والعصبية والغضب وكان الكلام في وقتٍ طيب باللين والمودة، فكل الأمور ستنصلح وستُقضى إن شاء الله، فنحن فقط نخرج العصبية والتوتر، والخروج عن الشعور في المعاملة مع الزوج ومع الأولاد ومع الخلق أجمعين إن شاء الله.
*****************************
السؤال الرابع: جاء في الأثر: (النساء شقائق الرجال).
بم تنصحنا – رجالاً ونساءً ليؤدي كلٌ دوره، علماً بأن بعض الرجال ينظرون لنا نظرة استمتاع فقط ولا دور لنا في الحياة، وبعض النساء منا ترين أنهن خُلقن للإمتاع أيضاً فقط، فبما تنصحنا فضليتكم).
———————–
الواجب على المسلم والمسلمة – قبل وبعد الحياة الزوجية – معرفة الحقوق الشرعية لكلا الطرفين، فتعرف حق الزوج وهو يعرف حق الزوجة.
إذا الرجل عرف حق الزوجة في الشريعة الإسلامية، وهي عرفت حق الزوج في الشريعة الإسلامية، وقاما بذلك لن تحدث مشكلة بينهما أبداً، ولذلك أرى أن معظم المشكلات سببها الأول الجهل أو العصبية الجاهلية، ولو رجعنا للعلم فلن تكون هناك أى مشكلة بين الطرفين أبداً.
أى علم؟!!، العلم الوسطي الذي عليه أئمة المسلمين وإجماع المسلمين، وليس لنا شأنٌ بالأفكار الشاذة النادرة والتي مشى عليها طائفة من المؤمنين، لأن هذه الطائفة أفتت في الدين بهواها فخرجت عن الطريق السديد والمنهج الرشيد الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلَّم والصحابة والتابعون والعلماء العاملون، فليس لنا علاقة بالطوائف الشاذة التي تذيع أفكاراً ليست في أصول الدين ولا في فروعه، ولكن نأخذ العلم من إجماع المسلمين، يعني علماء الأزهر أو من يماثلهم في هذا المنهاج. إذا عرفنا الحقوق ومشينا عليها فلن تقوم مشكلةٌ قط بين الزوجين أيَّاً كانت.
ولذلك ينبغي في فترة الخطوبة أن يكون التركيز بين الرجل أو الشاب والفتاة في دراسة هذه الحقوق، مع الحب الذي يتواصلوه نعرف أيضاً في وقت هذه المحبة ما لها وما عليها، وهو أيضاً يعرف ما له وما عليه، فندخل الحياة الزوجية ونحن نعرف الحقوق الشرعية إن شاء الله ربُّ العالمين.
*********************
السؤال الخامس: أتكلم مع خطيبي في التليفون، فما حكم ذلك؟
—————–
إذا كان الكلام مع الخطيب في التليفون كلاماً عادياً وليس فيه خروج عن الإلف والطباع، وليس فيه أى كلامٍ يجعل هذا الشاب يطمع في شيء فيها قبل إتمام الزواج، فهذا لا حُرمة فيه، وننفذ قول الله في القرآن: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) (32الأحزاب).
وأنتم تعرفون الشباب – وخاصة في هذا العصر – ضعيفاً، فلو واحد كلَّم فتاة كلمة عادية وتبسمت – وهذا أدب الإسلام – فعلى الفور يظن أنها تحبُّه لأنها تبسمت له بسمة، فهذا ضعفٌ نفسي، فما بالنا لو قالت له كلمة طيبة، فهي نفس الحكاية، وماذا نفعل؟!!، (وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) (32الأحزاب).
فيكون الكلام عادياً: ما أخبارك؟ وماذا تفعل في عملك؟ وماذا فعلت في تجهيزاتك؟ الكلام في الأمور العامة أباحه الشرع وليس فيه شائبة، وهي تكلمه بصوتٍ معروف، أى صوتٌ عادي ولا يكون صوتاً فيه ليونة، ولا فيه أنوثة زائدة حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض. هذه هي الأمور المباحة في الحديث بين الخطيبين سواء أكان في مواجهة بعضهما، أو في التليفون، أو في أى زمانٍ أو مكان.
*************************
السؤال السادس: نعود إلى الصلاة مرةً أُخرى: في عدم التركيز في الصلاة، هل أستمر في عدم تركيزي أم أترك الصلاة؟
————————-
عدم التركيز في الصلاة يوجد مع جميع الخلق، ولم يسلم من ذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فلو كان هناك أُناسٌ لا يسهون في الصلاة فهؤلاء أُناسٌ خواص وصلوا إلى هذه المرحلة بعد جهادٍ طويل في تصفية النفس، وفي تصفية القلب وفي الإقبال على الله عزَّ وجلَّ. لكننا كلنا لابد من مشاغل في الصلاة، وكلنا نحاول أن نقلل قدر وكم هذه المشاغل، وأهم شيءٍ أننا عند تكبيرة الإحرام نكون حاضرين تماماً في هذه التكبيرة بين يدي الله، وأنا أقول نويت أُصلي الظهر لله: (الله أكبر) ـ فيكون الواحد منا حاضراً تماماً بين يدي الله.
تأتي المشاغل – ولابد من المشاغل – فبعد الصلاة ماذا علمنا النبيُّ؟!!، وماذا علَّم أصحابه؟!!. أننا نستغفر الله بعد الصلاة ثلاث مرات، فنقول: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه)[9]، ومما نستغفر؟ لهذا السهو الذي حدث منا في الصلاة، والسهو الذي حصل معنا.
فربُّنا عزَّ وجلَّ إختصَّ هذه الأمة بكرمه العميم، فكل الأمم السابقة سيعاملها بالعدل، ولكن هذه الأمة قال: سأعاملها بالفضل، كيف يا رب؟ قال: هذه الأمة العمل الذي يعملوه حتى ولو كان غير تام فسنقبله إكراماً للحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
فالعمل الغير تام بشرط أن تكون أركانه تامة فربنا سبحانه وتعالى سيقبله وقال في القرآن: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (16الأحقاف).
يريد الإنسان أن يستريح باله ولا يشك فليصلِّ في جماعة، لأن صلاة الجماعة مقبولة، فإذا لم أستطع أن أذهب إلى المسجد – الرسول قال: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ – يعني المتفوق – بسبعٍ وعشرين درجة)[10]، ولم يقل في المسجد – يصلي جماعة في البيت، فإذا وُجد رجلٌ في البيت فيصلي بنا، فإن لم يُوجد وكنا ابنتين نصلي مع بعض، فواحدة تصلي إمام والثانية خلفها، فنكون قد ضمنا القبول من الله عزَّ وجلَّ، ولكن نحافظ على الصلاة، ونعلم علم اليقين أنها مقبولةٌ عند الله ولو كان فيها عيوب، فإن الله يتغاضى عن هذه العيوب إكراماً للحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلَّم.
******************************
السؤال السابع: ما حكم ختان الإناث؟
———————–
الختان قال فيه صلى الله عليه وسلَّم: (الختان سنة للرجال ومكرُمة للنساء)[11]. للرجال لابد منه، وأظن أن أهل أوروبا الآن أصبحوا يختنون أولادهم لأنهم رأوا أن الطبَّ يقول أنه في صالح للأولاد. أما بالنسبة للإناث:
أولاً: أنتم تعلمون أن الختان لا يجوز قبل سبع سنوات، لكن الولد من سن الولادة على الفور يختتن – لماذا؟!!، لأن الختان يكون لعُضوٍ وهو ما يسمونه البظر، وهو عُضوٌ خارجي فوق الفرج وهو لا تتساوى فيه النساء، فبعضهن يكون العُضو بسيط لا يحتمل الختان، وبعضهن يكون العُضو كبير وهذا الذي يحتاج ختاناً خفيفاً، من الذي يحكم بذلك؟ أهل الخبرة من الأطباء الأمناء، فلا نذهب لداية ولا لممرض ولا لتمرجي، ولكن يكون طبيباً جرَّاحاً، وهو الذي يرى الحالة ويقول: هذه البنت تحتاج إلى ختان إذا كان العُضو بارزاً وكبيراً ويؤثر عليها.
وكيف يؤثر عليها؟!! إذا كان العُضو بارزاً وكبيراً والبنت بلغت، فبعد البلوغ كلما تحتكُّ ملابسها الداخلية فيُهيِّج شهوتها ويجعلها تبحث عن الجنس الآخر، فالختان يجعلها في حالة إعتدال. ولذلك نجد النساء المسلمات معتدلات والحمد لله، أما نساء أوروبا كما ترون فلا يكفيها زوجها – وهو معها – وتبحث عن الآخرين، وقبل الزواج لا يوجد هناك نساء أبكار، لأن من تكون بكراً فيكون عندها مرضٌ نفسي، لماذا؟ لأنهم أطلقوا العنان لشهوة الجنس والعياذ بالله – فيكون ختان البنات من المكرومات، وماذا تعني المكرومات؟
يعني أنه إذا كانت البنت تحتاج إلى هذا الأمر – ومن يحدده؟!! إنه طبيب أمراض النسا أو جراح، فإذا لم تحتاج فليس علينا وزرٌ في هذا الأمر، ولو تركناها لأنها ليست في حاجة إلى هذا وفي غُنية عن هذه العملية.
فهذا الموضوع المفروض أن لا نتحدث فيه، ولا نتكلم فيه، وأنا كما قلتُ حالاً من يتمسَّك بهذا الموضوع ويتشدد فيه هم الجماعة المتشددون، والذي نقول: لا تسمعوا لأفكارهم.
ديننا من أين أتى؟!!، وما البلد التي ظهر فيها الإسلام؟!!، أليست السعودية الآن؟ والسعودية الأجواء فيها حارة، والأجواء الحارة تزيد الشهوة شيئاً ما، ومع ذلك كلها ليس فيها ختان للإناث نهائياً!!، وأين يُوجد الختان؟!!، في مصر والسودان لأنها عادة فرعونية من أيام الفراعنة وليست عادة إسلامية، والمصريون معتدلون، يعملون بقول النبي عندما قال للمرأة التي تقوم بهذا العمل: (يا أم عطية إخفضي ولا تُنهكي)[12]. يعني خُذي شيئاً خفيفاً واتركي الباقي حتى تحتفظ المرأة بشهوتها بعد ذلك. السودان يقطعون العُضو بالكلية، فيحرمون المرأة من الحياة الجنسية طوال عمرها بعد ذلك. فهذه ليست عادة إسلامية، والحكم الإسلامي كما قلنا: من يحكم فيه؟، الطبيب المؤمن، فلا ينفع أن نذهب لطبيب مسيحي، أو لطبيب مسلم غير ملتزم، ولكن يكون طبيباً مؤمناً تقيًّا، وهو من يحكم في هذا الأمر، ونخرج من هذه العملية بخيرٍ إن شاء الله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
***************
[1] رواه ابن عساكر في “تاريخه ” عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)، وروى الترمذي وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)،
[2] رواه البخاري وعند مسلم: قال أنس : كان رسول الله صلى الله عليهوسلم مِن أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجتُ حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرتُ إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس، أذهبتَ حيث أمرتُك؟ قال: قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله، قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمتُه قال لشيء صنعتُه لِمَ فعلتَ كذا وكذا، أو لشيء تركتُه هلاَّ فعلتَ كذا وكذا).
[3] روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم).
[4] روى البخاري في الأدب المفرد عن ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ لَطَمَ عَبْدَهُ أَوْ ضَرَبَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ ، فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ) .
[5] روى أبو يعلى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي =وَكَانَ بِيَدِهِ سِوَاكٌ فَدَعَا وَصِيفَةً – لَهُ أَوْ – لَهَا حَتَّى اسْتَبَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ فَخَرَجَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِلَى الْحُجُرَاتِ فَوَجَدَتِ الْوَصِيفَةَ وَهِيَ تَلْعَبُ بِبَهْمَةٍ فَقَالَتْ لَهَا : أَلا أَرَاكِ تَلْعَبِينَ بِهَذِهِ الْبَهْمَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ . قَالَتْ : لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا سَمِعْتُكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَوْلا خَشْيَةُ الْقَوَدِ لأَوْجَعْتُكِ بِهَذَا السِّوَاكِ).
[6] أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد عن أبي بردة بن نيار–رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله). وضُبط (يجلد) بوجهين: أحدهما: بفتح الياء وبكسر اللام، والثاني: بضم الياء وفتح اللام، وكلاهما صحيح – شرح النووي على مسلم
[7] روى الإمام مسلم عن أُمِّ سَلَمَةَ رضى الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا).
[8] روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه بلفظ: (لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ).
[9] قال ابن حجر في المطالب العالية ، وقال أبو يعلى عن البراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استغفر الله تعالى في دبر كل صلاة ثلاث مرار فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، غفرت له ذنوبه وإن كان فر من الزحف).
[10] متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).
[11] أخرجه أحمد والبيهقي من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.
[12] روى الحاكم في مستدركه والطبراني في مجعمه الكبير عن الضحاك بن قيس قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض – أي تختن – الجواري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أم عطية: اخفضي ولا تُنهِكيِ، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج)، وروى أبو داود والبيهقي في سننهما عن أم عطية الأنصارية: أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُنهِكيِ، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل).
……………………………………………………………………………..
العوامية ـ الأقصر ـ مركز شباب طيبة – السبت 7/11/2015م الموافق 25 المحرم 1437هـ