• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

23 مايو 2013م

إصلاح النفوس و إصلاح الأفراد وسعادة المجتمعات

.

شارك الموضوع لمن تحب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بيده مفاتيح الخير لكلِّ مَنْ في الوجود، وله وبه وحده صلاح كلِّ موجود، واستقامة الأمم والأفراد، وظهور الأخلاق الكريمة، والعادات القويمة، والقيم الإسلامية القرآنية العظيمة. والصلاة والسلام على رسول الإنسانية، ومصلح جميع الأمم القَبْلِيَّةِ والبَعْدِيَّة، بسياسته القرآنية، وتشريحاته الصدرية والنفسية، سيدنا محمد وآله الأماجد، وأصحابه الأشاوس، وكل من سار على هديه، ومشى على دربه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين يا ربَّ العالمين.

إخواني وأحبابي: بارك الله عزَّ وجلَّ فيكم أجمعين

نحن كلنا محتارون في هذه الأيام .. المشاكل التي زادت عن الحدَ، والأخلاق التي فسدت بغير مقدار، والأمانة التي سافرت وطارت من هذه الدار، والإخلاص الذي كفَّنَّاه ودفنَّاه ومنتظرينه ليوم القرار .. ومع هذا كلِّه نتساءل: ما السبيل إلى إصلاح أحوالنا؟ وإلى استقامة أمورنا؟ وإلى رجوعنا إلى رشدنا؟!!!

ونريد -كما سمعنا واطلعنا وقرأنا – أن نكون على قدرنا، كنموذج بسيط لما كان عليه نبيُّنا وصحبه الكرام: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) (29الفتح). يا ترى هل نحن ماشيين على نهجهم؟! فلماذا حالنا واقف؟ طيب حالنا غير نافع!! فما السبيل والدليل لإصلاحه؟ طيب النماذج الموجودة في الوجود – للماديين، أو الشهوانيين، أو العلمانيين، أو الملحدين، أو غيرهم – تنفع عندنا؟ أبداً، لأنها غير نافعة حتى عندهم. إذاً كيف لهذا الرَّجُلِ الأميّ – حتى لم يكن يقرأ ولا يكتب، ولا أخذ حتى ابتدائية – كيف خرَّج رجالاً كان لهم مواهب – إلى وقتنا هذا – يتعجب في مواهبهم الزمان والعصر والأوان، وفي طَرْفَةَ عينٍ سيطروا على الدنيا بكل مقاليدها، وصارت لهم الكلمة العُليا في كل مكان!! ما الفارق بيننا وبينهم؟

الإنسان – يا أحباب – باختصار شديد، إما أن يكون صحيح الجسم والنفس، وهذا هو الإنسان السويّ الذي يستطيع أن ينتج، ويصلح، ويفعل كل ما يريد – لنفسه ولمن حوله – وإذا كان مريض الجسم سيؤثر على إنتاجه، ويحتاج إلى علاج حتى يقدر أن يصل إلى الحد الأدنى من الإنتاج الذي نطلبه منه. طيب  هل هناك أحد يستطيع أن يدرس الطب ويقرأ ويعالج في الطب؟ لا، حتى كليات الطب يقولون لنا عنها: إن حتى الامتحانات فيها تقريبا 20% على التحريري، و80% على العملي لأن هذا هو الأساس. ذاكر الطب مذاكرة طيبة، ونال فيه مائة في المائة (نظري)، لكن في العملي فاشل، ينفع يعالج؟!! هي نفس الحكاية بالنسبة للنفوس.

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك – بما علَّمه مولاه – أنه لا صلاح للأفراد، ولا سعادة للمجتمعات، إلا بإصلاح النفوس!! إصلاح النفوس ليس في حاجة إلى نظريات نقرأها، ولا كتب ندرسها، ولا محاضرات نعلمها، ولكن في حاجة إلى حياة عملية نغيِّر فيها أخلاقنا غير القرآنية، ونصلح فيها أخلاقنا إلى أن تصير على الأخلاق القرآنية، الأخلاق الوحيدة المرضية عند ربِّ البرية عزَّ وجلَّ، ولا بد من ورشة عمل.

سمعنا الآن من أخي الحاج/ محمد بكر رضي الله عنه وأرضاه – كلمة رضي الله عنه يعني نسأل الله له أن يرضى عنه، أنتم تعرفون أن الكلمة ليس فيها حاجة، نقولها لكل مسلم – كيف أتكلم؟ كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يربِّي أحبابه والملتفين حوله، الصلاة والوضوء .. علَّمها لهم في لحظات بسيطة – وهي التي فيها كل العراك، والخناقات الموجودة في المساجد هذه الأيام من أجلها – سيدنا رسول الله علَّمها لهم في دقائق!!!

فُرِضَ عليه الصلاة، ونزل سيدنا جبريل علَّمه الوضوء والصلاة، قال لهم: تعالوا حتى أعلمكم، كيف نتعلم؟ قال: أحضروا طست وأبريق مملوءً بالماء، وأنتم تقعدون وترون ماذا أعمل وتعملون مثلي. واحد يصب وحضرة النَّبَي يتوضأ. (غسل مرةً مرة – ليس ثلاث مرات مثلنا!! أنظر إلى التيسير- وقال: هذا وضوء لا تصح الصلاة إلاَّ به) (رواه الإمام مالك عن أبي بن كعب رضي الله عنه). يعني: الواحد لو غسل مرة واحدة ينفع أم لا؟ ينفع!! انظروا الحكمة النبوية!! اللطف، والرحمة، واللين!!

وأعاد .. صُبْ يا بني مرة ثانية، وتوضأ مرتين مرتين، وقال لهم: (من توضأ مرتين مرتين أخذ أجره مرتين)، يكون له أجران. إذاً الذي يتوضأ مرتين ينفع أم لا؟ ينفع، هذا ينفع وهذا ينفع، لماذا نتعارك في هذا الأمر؟ رجع مرة أخرى: صُبْ يا بنيّ، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، ووضوء أبي إبراهيم عليه السلام) (معجم أبي يعلى الموصلي وبن شاهين والحاكم في المستدرك عن بن عمر رضي الله عنهما)

يعني معناها: كل واحد يختار ما يناسبه. هل ألزمهم بنمط واحد يا إخواني؟ لا. أنا اخترتُ نمطاً من هذه الأنماط الثلاثة، المصيبة في العصر الذي نحن فيه، الذي يختار نمطاً يريد أن يُلزم الجميع بهذا النمط!! وكل الذي يخالفه يصدر عليه الأحكام، وأحكام ليست في شريعة الإسلام!! مثلاً .. يصدر له أحكاماً بسيطة هكذا؟ يعني هذا خلاف الأولى، أو خلاف الأصلح، أو خلاف الأنفع – أبداً!! مباشرة: هذا مشرك!! وهذا كذا – لا أعرف – لماذا؟ هذا كله من رسول الله، وهذا من رسول الله، وهذا من رسول الله!! وكله تيسير من حبيب الله ومصطفاه!! (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) (159آل عمران).

وجاء إلى الصلاة .. تعالوا وقفوا ورائي، وانظروا ماذا أعمل، واعملوا مثلي: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّى) (رواه الإمام البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه). لم يحفِّظهم ما فرائض الصلاة؟ ولا ما أركانها؟ ولا ما سُننها؟!!! قال لهم: انظروا إليَّ فقط، وما أفعله افعلوا مثلي لا غير، وانتهى الأمر على ذلك .. (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّى). ومن لم ينهض أن يرى في الظهر يرى في العصر، والذي لم يحضر العصر رأى المغرب، والذي لم يشاهد اليوم يشاهد في الغد، يشاهدون ما يفعل النَّبِيُّ ويفعلون مثله. كم استغرق تعليم الوضوء والصلاة يا إخواني؟ في دقائق!!

أما الأمر الذي اهتم به وظل يبحث عنه ما هو؟ تربية النفوس!! اسمها في القرآن: (التزكية). التزكية يعني: التطهير، تطهير النفس، وتصفية القلب، والتجمُّل بالأخلاق التي يحبُّها الكريم الخلاق عزَّ وجلَّ. هذا هو الجزء الذي ركز عليه كما سمعنا الآن أخي الحاج محمد!! الولد الذي لا زال في الروضة .. ما أهم حاجة يركز عليها؟ كتمان السرّ .. أمانة الكلمة!! سمعتَ كلمة .. إياك أن تبلِّغها أو تذيعها، أو تشيعها أو تنقلها!! لو كانت في حق أحد إلى صاحبها. ومن البداية على هذا الأمر!!

نحن حالاً نعلِّم أولادنا في المدارس اللغات حتى يطلع خواجة في اللغة الإنجليزية، ويصبح أينشتاين في الرياضيات، ويصير في العلوم عالم ذرة، لكن أين الأخلاق النبوية التي نلقِّنُها له؟!! وهذه لا تحتاج إلى كتاب، إنها تتطلب أن نكون نحن متجملين بهذه الأخلاق والآداب، حتى ينقل عنا. وحضرة النَّبِيِّ ركَّز على هذه الأخلاق في كل أمر، حتى الواحد مع امرأته، يقول: وأنت مع امرأتك إذا قلت كلمة نبِّه عليها أنها لا تنقل الكلمة حتى إلى أختها، ولا إلى أمها، ولا إلى أبيها، ولا لأيِّ أحد .. وهي لو قالت كلمة إياك – أنت كذلك – أن تنقلها لأحد.

ولو فعلنا ذلك يا رسول الله؟ فأنت أكيد يوم القيامة تُفضحوا أنتم الاثنان لو فعلتم هذا الفعل: أشد الناس شناعة يوم القيامة من؟ (الرجل يفضي إلى زوجته) يعني: يقول لها كلمة، (وتفضي إليه ثم يصبح ينشر سِرَّها وتنشر سرَّه) {روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأتِهِ وتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)}. شرُّ الناس منزلة يوم القيامة الذي سيعمل هذه الحكاية. الأمر كذلك!! نحن أمة كتمان الأسرار!! ما نسمعه أو نراه يدخل في صدورنا فلا يطلع عليه إلا العزيز الغفار عزَّ وجلَّ، ولا نبيحه إلا يوم القرار، حتى نكون من الأبرار والأطهار والأخيار الذين مع حضرة النبي المختار صلى الله عليه وسلم.

تجد هذا الخُلُقَ مع العيال الصغار، مع النساء، مع الرجال، مع الكل كما سمعتم!! غلام سبع سنين وخادم عند حضرة النبيِّ، ذهب يقضي مصلحة ما، فقابل أمه – وليس شخصاً آخر!! – يا بني: أين أنت ذاهب؟ قال لها: أرسلني حضرة النَّبِيِّ لحاجة. قالت له: ما هي؟ قال لها: ما كنت لأفشي سِرَّ رسول الله!! لا يصح أني أبيح بسِرِّ رسول الله. لم تضربه!! بل احتضنته وقالت له: هكذا فكن!! ابق على ذلك على الدوام. لكننا الآن .. الأم إذا وجدت جماعة يتكلمون، تأمره أن يذهب ليقف بجوارهم، حتى تعلم ماذا يقولون، وتعالى أخبرني به. هي التي تمرنه على التجسس والتحسس على أخبار الآخرين!!

لقد وصل الأمر إلى أسوء من ذلك في البيوت .. حدثت مناوشة بينها وبين أبيه مثلاً، وهي دخلت إلى المطبخ، تأتي بعدها: تعالى .. ماذا قال أبوك عليَّ بعدما دخلت إلى المطبخ؟ أليس يحصل هذا الكلام يا أحباب؟!! ماذا قال أبوك؟!! أنت تعلميه هذه الخصلة الذميمة!! ويأتي الرجل مرة أخرى: ماذا فعلت أمك وأنا غير موجود؟ ما هذا الذي نحن فيه؟!!! أين هذا من حضرة النَّبِيِّ وتربيته؟!! انظروا هذا من هذا!! حضرة النَّبِيِّ طالع ومعه عشرة آلاف مقاتل – انظر إلى التربية وإلى أي شيء وصلت إليه؟ يقول: نحن ذاهبين إلى مكة، لكن لا أريد أحداً يذيع الخبر لأحد من أهل مكة حتى يفاجئوا بنا أمامهم. كم مدة السفر؟ أسبوعاً .. وعشرة آلاف مقاتل ليس فيهم أحداً يبعث الخبر، ولا يذيع الخبر!! هذه هي التربية النبوية التي ركز عليها سيدنا رسول الله، والمعارك لا تدار وينال فيها النصر إلا بذلك .. لو تربَّت الرجالُ على ذلك.

نحن نذكر من ضمن المحاسن – وأنا لست مع أحد، الناحية السياسية ليس لنا شأن به – لماذا نجحنا في حرب 73؟ من أجل هذا الأمر، قائد سلاح الطيران كان مبارك، زوجته لم تعرف أنه سيدخل المعركة، ولا متى ستبدأ المعركة، إلا بعدما سمعت من الإذاعات!! ليس هو بمفرده، وإنما كل الذين كانوا معه!! وبالتالي متى يتحقق لنا النصر؟ لما نرجع لماذا؟ لتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم. سأربيه على أعلى أنواع الأسلحة، وعلى أعلى أنواع التكتيكات، لكن تركت الناحية الأخلاقية، سيطعنني من الخلف بالجاسوسية، وأي إنسان ضعيف الشخصية سيضعف أمام الجاسوسية، أليس كذلك يا إخواني، أم لا؟ لكن سيدنا رسول الله سدَّ هذا الباب بهذه التربية النبوية للأحباب، كتمان السرِّ .. فرامل شديدة للسان، لا ينطق اللسان إلا بما يحبُّه حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ.

حتى النساء!! نحن نعرف النساء دائماً يكون لسانهن على طول، لكن لا .. النساء اللاتي مع حضرة النَّبِيِّ أبداً. حضرة النبي في مرض الموت ودخلت عليه ابنته السيدة فاطمة، لما رأته بكت، فشاور لها أن تعالي، وشوشها  بكلمة في أذنها ضحكت وفرحت!! السيدة عائشة أخذتها على جنب وقالت لها: ماذا قال لك حتى ضحكتِ؟ قالت لها: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم!!! لا يصح أنني أفشيه، الكل تربىَّ على ذلك، أمناء على الأسرار!! من أراد أن يكون أميناً على أسرار الله، وعلى أسرار معاني كتاب الله، وعلى معاني أسرار خزائن الحكمة في أحاديث رسول الله، لا بد أن يكون أميناً في حديثه مع جميع خلق الله!! مواصفات لا بد منها لمن أراد أن يكون على ذلك.

بعد ارتفاع النَّبِيِّ إلى الرفيق الأعلى .. قالت لها: الآن أخبريني ما الأمر؟ إنها مازالت مشغولة!! لماذا ضحكت؟ وما الذي أسرَّه إليك النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قالت لها: قال في أذني يا فاطمة أما أنك أول أهلي لحوقاً بي – أنت أول من سيلحق بي – ففرحت وانبسطت، وضحكت لما أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة (رواه مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها).

سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، سيدنا عمر ابنته السيدة حفصة المباركة زوجها توفى في إحدى المعارك وحامل همِّها، وكانوا كما علَّمهم النَّبِيُّ يعرض ابنته على تقيّ، لأن هذا هو أمر نبيِّ الإسلام، والتقيُّ إن قبل يذيع، وإن لم يجد في نفسه قبولاً لا يذيع ولا يشيع ولا يشنع ويقول: الرجل الفلاني بعث إلي حتى أتزوج ابنته!! ما الذي بها؟ أو ما الذي فعلته؟!! كما يحصل في الزمن الذي نحن فيه الآن!! أبداً .. كانوا أمناء على هذه الأشياء. وراح سيدنا عمر عرض ابنته على سيدنا أبي بكر، قال له: طيب أنا سأشاور نفسي وأرد عليك. تركه وراح عرضها على سيدنا عثمان!! سيدنا عثمان اعتذر وقال له: ليس عندي نية أتزوج هذه الأيام – على طول ليس فيها شيء!! لم يغضب ولا حاجة لأنهم كانت عقيدتهم الحقَّة في الحقِّ عزَّ وجلَّ. سيدنا عمر بعدما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب يعاتب سيدنا أبا بكر، فقال له: أنا ذكرت لك حفصة وأنت قلت سأشاور نفسي وأرد، ولم ترد عليَّ!! أنا وجدت في نفسي – لم يتركوا في نفوسهم شيئاً حتى يكون بينهم وبين بعضهم صفاء ونقاء، العتاب أصفى للوداد، نعاتب بعضاً مباشرة أولا بأول – قال له: سأخبرك!! أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها – يعني يريد أن يخطبها – وما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخطبتها!! أنا كنت منتظر لأرى حضرة النَّبِيِّ ماذا يفعل؟

فانظروا – يا إخواني  – هذا الأدب العالي الغالي الذي علَّمه حضرة النَّبِِيِّ لأصحابه الكرام، أين نحن الآن من هذا الخلق فقط؟!! والذي يقول فيه حضرة النبيِّ: (المجالس بالأمانات) {الخرائطي عن عليٍّ كرَّم الله وجهه مرفوعاً، ورواه أحمد وأبو داود عن جابر رضي الله مرفوعاً بلفظ: (الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ إِلاَّ ثَلاثَةَ مَجَالِسَ؛ سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ، أَوْ فَرْجٌ حَرَامٌ، أَوْ اقْتِطَاعُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ)}.

جلست في مجلس أصبح المجلس هذا أمانة، لا يجب أن تذيع منه شيئاً أو تشيع إلا إذا أذن لك أهل المجلس، وإلا لا تذيع منه شيئاً. كذلك كلمني أحد بحديث، كيف أعرف أنه أذن لي في إذاعة الخبر أو لم يأذن لي؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حدَّثك أخوك بحديث ثم التفت – يعني التفت حوله لينظر هل أحد قادم أم لا؟ لا يريد أن يسمعه أحد – فهو أمانة) (السلسلة الصحيحة 1090 عن جابر رضي الله عنه). تعرف أن هذه أمانة لا يريد أحداً أن يعرف عنها شيئاً، يريد أن يفضي إليك بحديث، وبعد ذلك ينظر هل أحد قادم أم لا؟ يكون معنى ذلك أن هذا الحديث ماذا أصبح؟ أمانة.

طبيعة البشر التي خلقهم عليها خالق القوى والقدر أن الإنسان فيه ضعف بشري .. إذا حصل له ملمة .. إذا حصل له مشكلة .. إذا حصل له معضلة، يحدث له توترات داخلية، واضطرابات عصبية تؤثر عليه نفسياً وجسمانياً وسلوكياً إلى أن تخرج منه هذه التوترات والاضطرابات. كيف تخرج؟ لا تخرج إلا إذا هو حكاها لأحد، ساعة ما الواحد يحكي الذي في صدره والذي هو متضايق منه لأحد يرتاح، يحس أن الغمة راحت!! الذي سيحكي له المفروض يكون ماذا؟ أميناً. ولذلك سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه يعرفنا من الذي نصاحبه، فماذا يقول؟ (لا تصاحب إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله تعالى). من الأمين يا إخواني؟ الذي يخاف الله، الذي يخشى جبروت وجلال وقدرة الله، الذي يخشى المساءلة والمحاسبة والمعاتبة يوم لقاء الله. هذا هو الأمين الذي ينبغي أن يصاحبه الواحد في هذه الحياة.

نفس الأمر سيدنا الإمام عليٌّ كرَّم الله وجهه ورضي الله عنه، جاء يوصي به ابنه الإمام الحسن والحسين ساعة ما طعن، يقول لهم: (لا تصاحب الكاذب لأنه كالسراب يقرب إليك البعيد فإذا اقتربت منه لم تجده شيئاً)، الكذاب سيبني لك حكايات ويبني لك روايات والقرشين اللذين معك هؤلاء أنا أعمل فيهم كذا وكذا، وإن شاء الله في الشهر الأول ستأخذ كذا، والسنة الأولى كذا، والرصيد الخاص بك سيكون كذا،إلى أن يأخذ القرشين من الواحد، وبعد ما يأخذ القرشين ينتظر فلا يجد شيئاً!!! انتظر عليَّ هذه السنة!! أمهلني حتى السنة القادمة!! أعطني حتى أصل مالي!!!  من أين؟!! إن الفلوس قد ضاعت!! أليس هذا هو ما يحدث – يا إخواني – أم لا؟!!

والكذاب في…….  ماشي في عقد عمل!! ماشي حتى في حج بيت الله!! أصبحنا كذلك نفس الحكاية، وصلت الأمور إلى أن ينصبوا على الحجيج!! وأنتم سمعتم أكثر مني .. جعلوهم – حتى مساكين – لبسوا ملابس الإحرام، ونزلوا في مطار أسوان يقولون: (لبيك اللهم لبيك)، أين أنتم؟ في أسوان!!!! أليس هذا ما حدث – إخواني – أم لا؟!! ما هذا ؟!! هل هذه أخلاق المؤمن الذي سيقيم دولة؟!! وينشئ حضارة؟!! ويصلح به الله عزَّ وجلَّ هذه المجتمعات؟!! لا يا إخواني. المؤمن الذي سيُصْلِحُ لازم يَصْلُحُ أولاً بالتربية النبوية، والتزكية النفسية، والطهارة القرآنية، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع صحبه الكرام.

هذه البداية الأولى التي عملها رسول الله، ولن تكون لنا قائمة، ولن تنصلح أحوالنا، ولن نستطيع أن يكون لنا كيان في هذا الوجود، إلا إذا جدَّدنا التربية الإيمانية على نهج الحضرة المحمدية. ليس معنى ذلك أن نترك التربية الحديثة العصرية، أبداً، ولكن يكون معها التربية النفسية القرآنية على منهج حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. ولذلك نجد ربَّنا عزَّ وجل أين جعل رسالته؟ عند الأنبياء!! هؤلاء الأنبياء ما مواصفاتهم؟ وما شروطهم؟ ننظر في كتاب الله نجد أن ربَّنا عزَّ وجلَّ يصف واحداً منهم فماذا يقول؟ (إنه كان صديقا نبيا)

قبل أن يقول: نبيٌّ، قال: صدِّيق!! صدوق في قوله، صادق في فعله، لا يكذب على أحد حتى ولو كانت الحيوانات العجماء!! وعلى ذلك كان صحابة رسول الله ومن بعدهم من التابعين والعلماء!! سيدنا الإمام البخاري رضي الله عنه عندما جاء يموت، التلامذة قاعدين حوله يبكون، قال: لماذا تبكون؟ أنا الحمد لله الفيش الخاص بي سليم!! ليس به كذبة واحدة طوال عمري!! ها أنا ألقى الله عزَّ وجلَّ وليس عليَّ كذبة واحدة!! ولا غيبة واحدة!!

لا توجد كذبة واحدة طول العمر!! ولا غيبة واحدة!! قال: أبداً. ذهب يسمع حديثاً سمع أن واحداً يرويه في حضرموت – التي هي اليمن الجنوبي الآن – راح للرجل سأل عليه، قالوا له: إن جملاً تاه منه فذهب ليحضره، ها هو ذا، وأشاروا له عليه، ذهب فوجد الرجل جمع جلبابه هكذا على أن فيها أكلاً حتى يأتي الجمل، فلما نظر إليه قال: أنت ليس معك أكل!! قال: لا، قال له: تخدع هذه البهيمة العجماء!!  لا أسمع منك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى خداع البهيمة!! قال له: لا يصح أن أسمع منك حديث رسول الله، لأنه ما أوصاف المنافقين؟ (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).

دقائق ونصلي إن شاء الله، لن أطيل عليكم، أنا أعرف أننا متعجلين الصلاة، ونحن كلنا متعجلين وسوف نصلي إن شاء الله رب العالمين. لكن لحظة – درس علم ولو دقيقتين – مجلس العلم ، فقد جاء في الأثر : (مجلس علم وإن قلَّ خير من صلاة سبعين، أو من عبادة سبعين يوماً ليلها قيام ونهارها صيام!!!).

أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسخ القاعدة الأخلاقية بين أهله وأحبابه، وجنده وأصحابه، والمؤمنين أجمعين، حتى عُرِفَ المسلم – في كل أنحاء الدنيا – بأنه الذي يقول فيه الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) (100التوبة). المؤمن صادق في كل أقواله، وربما أنتم تحفظون معي .. عندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالته إلى قيصر ملك الروم، وقرأ رسالته وأراد أن يعرف عنه صلى الله عليه وسلم شيئاً، فسأل: هل هنا أحد من بلده؟

وكان في هذه الآونة أبو سفيان موجود في بيت المقدس – وأبو سفيان كان في هذا الوقت زعيم الكفار، حتى أنه قال بعدها: (لولا أن يؤثر الناس عني كذبًا لكذبت في ذلك اليوم). لكن مع أنه كان كافراً إلا أنه كان يخشى أن يكذب، من أجل أن الناس لا تشوه صورته ويقولون أنه رجل كذاب!! كان يحتفظ بشخصيته لأنه صدوق – فالرسالة هرقل ملك الروم ماذا يقول له: هل جربتم عليه كذباً؟ قال: لا، قال: ما كان ليترك الكذب على الناس ويكذب على الله عزَّ وجلَّ!!! إذا كان لا يكذب على الناس فما كان ليكذب على ربِّ الناس سبحانه وتعالى؟ أبداً!!!

فبم اشتهر النبيُّ وصحبه الكرام؟ الصدق في القول، حتى ولو كان هذا القول يؤدي إلى قطع الرقبة!! فقد كانوا يقولون: (إن كان الكذب يُنْجِي .. فالصدق أنجى)، كانوا صادقين في كل أقوالهم، وفي كل أحوالهم، وفي كل أعمالهم!!!

فما بال الأوصاف التي ظهرت في مجتمع المسلمين الآن؟!! حتى تعرفوا الهمّ الذي نحن فيه!!! الكذب، الخداع، الخيانة، الزور، التزوير، السبّ، الشتم، اللعن، السرقة، كل هذه الأوصاف كانت أوصاف مَنْ؟ عصر رسول الله كانت أوصاف المنافقين، المسلمون كانوا بعيدين بالكلية عن هذه الأوصاف، لأنهم كانوا قريبين من الملائكة الكرام في أخلاقهم وأعمالهم وأحوالهم، ولذلك حصل بينهم وبين الملائكة صداقة، وكانت الملائكة – كما قال الله: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) (30فصلت). تزورهم، وتؤانسهم، وتشجعهم في المعارك الحربية، وتبشِّرهم بتفريج الكروب، لأن هناك مجانسة بينهم وبين ملائكة الله!! الملائكة: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (6التحريم)، وأصحاب النبيِّ: كذلك، (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)، وكانوا يعرفون هؤلاء المنافقين بنورٍ جعله الله عزَّ وجلَّ في قلوبهم، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) (الترمذي في التفسير، والطبراني في الكبير، وابن عدي في الكامل ، والخطيب في التاريخ، وأبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة رضي الله عنه).

صفت النفوس .. صفت القلوب .. ملأها الله عزَّ وجلَّ بنور الإيمان، تشعشع نور الإيمان فظهر من القلب على الجوارح والأركان!! وكانوا ينظرون بنور الإيمان فيكتشفون – ما يخفى علينا – من سجايا الناس وأخلاقهم في هذه الحياة، حتى كان يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أتى علينا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زمناً كنَّا نعرف الكذَّابَ بعلامةٍ في وجهه)، ما هذه العلامة؟ علامة يعرفها الذي معه هذا النور؛ (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم) (29 الفتح).

فكانوا يعرفون المخادع، ويعرفون المنافق، ويعرفون الخؤول، ويعرفون الفاجر، بهذه الأنوار الربَّانية التي يقول فيها الله: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (122الأنعام)، هذا النور ليس في يوم القيامة، أنه هنها (يَمْشِي بِهِ) هنا في الدنيا، يعرف هؤلاء الناس!! وكانوا لصدقهم مع الله، وتخلقهم بأخلاق كتاب الله، أمدَّهم الله بنورٍ من عنده، في صدورهم وفي قلوبهم، يعرفون به المنافقين والمخادعين والخائنين، حتى يأمنوا جانبهم، ويُؤيَدُوا بنصر الله عزَّ وجلَّ في كل وقت وحين.

القائد في المعارك الحربية .. يهديه الله بنور بصيرته فيعلم الخؤول فيأخذ حذره منه، ولما يجده على وشك أن يعمل حيلته، يقبض عليه متلبساً، فلا يأخذه بالظنَّ، يأخذه بعدما يتلبس حتى يقيم عليه الحكم الشرعي الذي أنزله الله، والذي بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مجتمع المؤمنين – يا إخواني – غير مجتمع المنافقين، مجتمع المؤمنين .. الإنسان يعيش فيه كأنه في جنة النعيم، (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا) (35النبأ)، وإذا جلس بينهم يجدهم أما ذاكرين الله، وإما يذاكرون في سيرة رسول الله، وإما ينشغلون بتلاوة كتاب الله، أو بتفسير آيات من كتاب الله، أو بتعلُّم حُكْمٍ من أحكام شرع الله. لكن ليس لديهم وقت للغِيبَةِ والنميمة، والقيل والقال الذي انتشر في مجتمعنا في هذا الزمان، وجعل الناس في حيرة، وكَثُرَتْ الشائعات، وكَثُرَ المُرجفون!! وهذا يطلق شائعة، والشائعة في الناس تلف البلاد، والناس يعيشون في خوف وفي هلع وفي جزع، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمن لنا – صلوات ربي وتسليماته عليه – أننا لن يهلكنا الله عزَّ وجلَّ في هذه الحياة الدنيا – أمة الإسلام – لا بالجوع، ولا بالعطش، ولن يسلط علينا عدواً من غيرنا يجتاح بلادنا ويأخذها منا، ولن يهلكنا الله بحريق، ولا بغرق، ولا بشيء من هذه الأشياء الطبيعية، لكن حذرنا من حاجة واحدة!! قال: لكن إنها هي المشكلة الكبيرة التي بينكم وبين بعض، وهي التي لو تنتهي .. تنتهي كل المشاكل!! قال صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي عزَّ وجلَّ ألا يهلك أمتي بالجوع، فقال: لك ذلك – وفي رواية: ألا يهلك أمتي بقحط – يعني مجاعة – فقال: لك ذلك. وسألته ألا يُهْلِكَ أمتي بقلة المطر – الماء، فقال: لك ذلك، وسألته ألا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فيجتاحهم، يعني: يسيطر على البلاد كلِّها، قال: لك ذلك، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم، فمنعني ذلك) (رواه الإمام أحمد عن معاذ رضي الله عنه).

كل المشاكل اللي نحن فيها .. ما سببها؟ نحن مع بعض!! هذا يريد سُلطة، وهذا يبغي منصباً، وهذا يطلب رئاسة، وهذا يريد أن يكسب ويصير مليار ديراً في لحظة، بالغش والنصب، والخداع والاحتكار بأقوات المسلمين، وهذا يريد أن يكون مليار ديراً في لحظة، ويكوِّن عصابات، ويقطع الطرق على الفقراء والبائسين والمساكين. أليس ذلك هو ما يحصل – يا إخواني ولا إيه؟ من الذي يصنع فينا هذا الكلام؟ إنه نحن في بعضنا!!!

وتأتي البلية التي خوَّفنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الزمان، ما سبب كل المشاكل والبلايا التي نحن فيها؟!! الفرقة والانقسام والخلاف، بسبب إيِّ شيءٍ؟ الطمع في الدنيا، والتنافس في الدنيا، والتنافس في الفاني، التنافس في المناصب التنافس في المكاسب، التنافس في هذه الأشياء – التي سنتركها ونذهب جميعا للقاء الله عزَّ وجلَّ – وعلقنا كلنا قول الله عزَّ وجلّ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (10الحجرات). أين هذا الكلام في مجتمعنا الآن؟ قد انتهى!! لأن الأخ لا يروع مسلماً!!

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجده، وجاء واحد يصلي ومعه قرن لأحد الحيوانات، وضعه قدَّامه، فواحد يريد أن يمزح معه فأخفى القرن وهو يصلي، فالرجل بعد الصلاة، قال: أين القَرْنُ؟ فالآخر سكت، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ لِمسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يروِّعَ مسلماً) (أخرجه البزار عن بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً‏). نعم إنه مسلم .. لكنه أخفى القرن حتى يسبب له شيئاً من الهلع – ثم يحضرها مرة أخرى، قال: لا!! هذا ترويع للمسلم!!

لا ينبغي لمسلم أن يرفع سيفاً على أخيه –  مهما كان الأمر، لأنه أخوه!! ولو علمنا شروط الأخوة الإيمانية وطبقناها يا إخواني – سيغير الله أحوالنا إلى أحسن حال، ويصلح الله شأننا، ويجعل الله عزَّ وجلَّ بلدنا – كما وعدنا – رخاءً سخاءً هناءً، آمناً مطمئناً، سرَّ قوله سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (97النحل).

نحن محتاجين حالاً .. مثلما أننا مجتمعين في المساجد، نجتمع على الأخلاق القرآنية، وعلى الأخلاق المحمدية، وعلى الأخلاق التي كان عليها صحابة حضرة النبيِّ، حتى نشعر كلُّنا بمعاني الأخوة القرآنية، التي تجمعنا هذه الأوصاف فعلى الفور ربُّنا يغيِّر حالنا إلى أحسن حال.

نسأل الله عزَّ وجل أن يُصْلِحَ أحوالنا، حكَّاماً ومحكومين .. رؤساء ومرءوسين، وأن يذهب فساد قلوبنا، وأن يؤلِّف – دائماً – بيننا، وأن يرزقنا الحُبَّ لبعضنا، والإخلاص في أعمالنا لربنا، وأن يجعلنا أخوة متآلفين، متكاتفين متعاونين، وأن يقضي على النفاق والمنافقين، والانتهازيين والمتسلطين، الذين يريدون أن يربحوا على هذا الشعب الفقير المسكين، وأن يبدِّل حالنا إلى أحسن حال، وأن يُعْلِي شأننا بهيئته، وأن يجعلنا موفقين جميعاً للعمل بشريعته، والاقتداء بخير بريته.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid