Sermon Details

**************************
الأمراض التى تصيب الإنسان فتجعله لا يتذوق الطاعات تنقسم إلى قسمين، مسلم سليم، وهذا المسلم المستقيم، وعلمتم فى نفسه أنه يتذوق، ماذا أفعل؟ يحس بالإنشراح والرضا عندما يوفقه الله لعمل من أعمال البر، ويحس بالسعادة عندما يكرمه الله عزوجل بطاعة من الطاعات التى نبهنا إليها الله، لو استيقظ فى الثلث الأخير من الليل وصلى لله، تجده فى النهار منشرح الصدر مسرور، ومن عمل لا يعمله إلا من أحبه الله والصالحين من عباد الله، إذا جاء يوم من أيام البر، يوم عرفة أو يوم عاشوراء وصام ذلك اليوم تجده حاسس بسعادة لا توصف ولا يستطيع أى مقياس من مقاييس البشر، ترمومتر أو أى جهاز من الأجهزة، أن يقيس السعادة أو يحدها، فلا يقيسها إلا الله عزوجل ورسوله ﷺ، هذا المؤمن السليم، والمؤمن السليم عند ربنا ليس سليم الجسم .. لا : { إلا من أتى الله بقلب سليم } [الآية، بأن قلبه فيه السلامة من الأمراض المعنوية، التى أشرنا إلى بعضها، والإنسان المريض الذي لا يشعر بحلاوة الطاعات والقربات وعمل الصالحات، وأحيانا يعملها وهو متضرر فيكون المرض أشد، وأحيانا يعملها لكن لم يشعر بحلاوة، يكون المرض هنا فى البداية، وأحيانا عندما يترك هو طاعة من الطاعات يتضايق وإذا ترك صلاة الفجر جماعة، او يظل نائما حتى تطلع الشمس يظل طول النهار مغموم ومتضايق لأنه حاسس أنه قصر فى حق الله، فهذا صحته سليمة، لكن صلى الصبح بعد الشمس كما يصلى الفجر الأولى مثل الثانية، إذن ميزانه غير سليم ويكون قلبه فيه مرض معنوى يريد العلاج من كتاب الله عزوجل، لأنه كيف يترك الطاعة ولا يحزن عليها، هذا المرض قد يكون إختبار، وقد يكون مرض بسبب الغرور، الإنسان السائر فى طريق الله يختبروه، كما أخبر سيدنا رسول الله ﷺ، قال: يقول الله عزوجل : (يا جبريل أقبض حلاوة الإيمان من قلب عبدي فلان، فإن حزن عليها فردوها إليه وزده، وإن لم يحزن عليها فلا تردها عليه مرة أخرى) يقول له إرفع حلاوة الإيمان من قلبه وانظر هل يحزن ويتنكد ويغتم حتى تعود له مرة ثانية، فرجعها له وتزيدها، يكون نجح فى الإمتحان، إستوت عنده الأمور، فتكون الجماعة الأولى فى الفجر مثل الجماعة الثانية كما يصلى بعد الشمس، هذا يكون مرضه قد استفحل ويحتاج عمليه جراحية قرآنية لتطهيره من المدارج النفسية والشيطانية التى غيرت أخلاقه وجعلته لا يستطعم حلاوة طاعة الله التى قال فيها الله: { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا } [الآية، الذي يتلذذ بالأغاني ويتنكد عندما يسمع القرآن ويريد أن يهرب من المكان، هذا مريض ويحتاج العلاج، فأول سبب يا أحباب يجعل الإنسان يفقد فى قلبه ذوق حلاوة الطاعة والإيمان والقرآن وحديث النبي العدنان أن يكون قد جرى فى عروقه دم نشأ من مطعم حرام، نأكل الأكل، المعدة تطحنه، الأمعاء تهضمه، يحول إلى الكبد ومنه إلى الطحال، ويتحول إلى دم ليغذي جميع الأعضاء، فلو القلب تغذى بغذاء حرام فسد الميزان، قال فى ذلك سيدنا عبدالله بن عباس رضى الله عنه: {اللقمة الحلال لها نور يشعر به قلب المؤمن، وهي تجره إلى طاعة الله عزوجل وتشده للطاعة، واللقمة الحرام لها ظلمة يستشعر بها نفس المؤمن وتشده إلى معصية الله عزوجل }، إذا وجد العبد أعضاءه تشده إلى المعصية … أنظر إلى الرائحة والغادية، يود يسمع غيبة ونميمة ، نفسه يسمع قول الزور وأحاديث الفجور، يعرف أن أعضاءه تغذت بشيء غيرت مزاجها عن النور ولا تريد أن تستسيغ أحاديث النور ولا طعم النور، وتريد أن تتحسس وتتجسس وأخبار فلان، وعائشة وفاطمة والثانية والثالثة طالما الأذن وصل إليها هذا المكروب وغير سماعاتها وجعلها لا تريد أن تسمع الطيبات، يريد أن يسمع أحاديث الأخيار ومسامرات الأبرار ويتمتع بالجلوس مع النبي المختار ويقرأ كتاب الله عزوجل مع الأبرار، يعرف أن أعضاءه سليمة ومستقيمة وتميل إلى الله سبحانه وتعالى أول علامة تدل على ذلك هذه هي، وهذا الدليل، اللقمة الحلال هى هى نفسها ظاهراً مثل اللقمة الملوثة .. إذا دخل واحد معدته طعام ملوث ماذا يحدث له؟ اضطراب فى الهضم وإسهال، ما الذي خلص من ذلك؟ ليس إلا غسيل المعدة، فينزل كل آثار هذه اللقمة حتى ترتاح المعدة وتستقر، فلقمة الحرام تغير وتضطرب منها كل الحقائق الباطنة التى تقبل على الله وتسمع كلام الله وتحب الله وتعشق الصالحين من عباد الله، كل هذه الأجهزة والحقائق، والمدة التى تظل فى باطن الإنسان مؤثرة على حقائقه قال ﷺ: هذه اللقمة تقعد أربعين يوم، أين هذا الكلام؟ قال ﷺ: {إن الرجل ليقذف باللقمة الحرام فى جوفه لا يتقبل منه عمل صالح أربعين يوماً}، يظل أربعين لا يقبل صلاة ولا غيره، ما الذي يصلحه؟ ليس إلا: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الآية، لا بد من التوبة النصوح، توبة على الماشي لا تنفع عند الله عزوجل، كالذي يأخذ مُسَكِن، فيسكن المغص والإسهال فترة ويعود مرة ثانية، لأنه لم يقض على المرض، فكذلك فالأساس أن يقضى على الميكروب نهائياً، ولذلك كانت بداية السلوك مع رجال الله الصالحين لو تصفحنا دواوينهم كيف كانوا يربون رجالهم كما كان ﷺ يربي الرجال الذين معه صلوات الله وسلامه عليه، سيأخذ العلاج، قبل ما يبدأ العلاج، ماذا يفعل؟ لا بد أن يشرب شربة تطهر جوفه: {وسقاهم ربهم شرابا طهوراً } [الآية، شربة يعنى جرعة عين رباني بالخشية من الله وبتقوى الله وبالورع الذي يحبه الله تجعله يستفرغ كل ما في جوفه مما يبغضه الله ولا يحبه الله ويباعده عن حضرة الله جل جلاله هذا فى البداية، الشربة التى يشربها من الصالحين لتطهر جوفه من كل مالا يحبه الله عزوجل ، من اللقمة الحرام الواحدة وبعد ذلك من الحقد والحسد والحرص والطمع والأثرة والأنانية وكل عيب من الصفات والأمراض النفسية التى تجعل القلب مريضاً لا يتذوق المطعومات القرآنية ولا يحس بنكهة المشروبات المحمدية، فهو مريض كيف يحس بهذه الحقائق؟ المريض والذي عنده الحقد مثله كالمريض بالحمى، الحقد يساوى فى المرض الظاهر الحمى، فالذي عنده حمى لا يستطعم الطعام، ولا يحس به، كذلك الذي عنده حقد لأى عبد من عباد الله لا يتذوق شيء من كلام الله ولا من حديث رسول الله ﷺ، حتى لو إلتمس الأعذار فى نفسه فيكون قد ضحك على نفسه
ألا من يكن فى قلبه بعض ذرة |
من الكبر والأحقاد ما هو ذائق |