Sermon Details

5 اكتوبر 2012
الحلقة الأولى من برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية_مجلس المعادى 5-10-2012
,
ثورات الربيع العربي
السؤال الأول: حدثت ثورات دموية في الوطن العربي، وقد عاصرت إحداها في ليبيا، وتَحتَّم علينا أن نحمل السلاح لندافع عن أنفسنا وعن النساء والأطفال والشيوخ، وقد قتلت كثيراً، ولكني قمت بنحر شخصين قاموا بقتل زملائنا في الجهاد بعد أن أسرناهما وكنا نحقق معهما، فقيل لي: أن ذلك جُرْمٌ بعكس القتل العادي، وأنا في حيرة من أمري، فما الواجب علىَّ فعله؟
====================================
إذا كان الإنسان يدافع عن عرضه أو ماله فقتل المعتدي أثناء دفعه فلا شيء عليه في ذلك، لكن إذا استسلم المعتدِي فأصبح في حُكْمِ الأسير، والأسير لا ينبغي قتله إلا بعد ثبوت استحقاقه للقتل أمام محكمة شرعية.
فالسائل تعجَّل في ذلك الفعل؛ والذي دفعه إلى ذلك معرفته أنهم فعلوا الكثير من القتل أو هتك الأعراض أو ما شابه ذلك، لكن كان ينبغي عليه أن يتريث حتى يتم التحقيق معهما ثم تحكم المحكمة الشرعية بما تراه، ومن هنا فعليه – احتياطاً في الدين، وراحة لقلبه – أن يُخرج عن كُلِّ رجل منهما فدية شرعية، والفدية الشرعية هنا في هذا المقام إطعام ستين مسكيناً، أو كسوتهم لوجه الله عزَّ وجلَّ، ويستغفر الله عزَّ وجلَّ من ذنبه، ونسأل الله عزَّ وجلَّ له أن يغفر له.
****************
العمل في منتجع سياحي
السؤال الثانى : هل يجوز لامرأة مسلمة أرملة، ومغتربة في أوربا، وهي أم لطفلين أن تعمل كمحاسبة في منتجع سياحي في أوربا يوجد به خمور ولحم خنزير، علماً بأن العمل يُجبرها على حساب تلك السلع ولمسها إذا تطلَّب الأمر؟
=====================================================
الواضح أنها تعمل كاشير، أي تأخذ البضاعة وتقيِّمها وتأخذ النقود – وعموماً هذا الباب في الفقه المستحدث، وقد أفتى مفتي مصر الدكتور/ علي جمعة، وهو على ما نظن ونعتقد قد بلغ رتبة الاجتهاد، أفتى بفتوى جامعة: أنه يجوز للمسلم في البلاد غير الإسلامية إذا لم يجد عملاً إلا عملاً فيه تداول للخمر فليقبل ذلك مترقباً أن يفتح الله عزَّ وجلَّ عليه عملاً آخر.
ويمكن الرجوع إلى فتوى الدكتور علي جمعة في كتابه: (فتاوى عصرية) أو على موقعه على شبكة الإنترنت، فستجد هذه الفتوى بأدلتها العلمية والعقلية والثبوتية كاملة إن شاء الله.
*********************
اللحوم المذبوحة على غير الطريقة الإسلامية
السؤال الثالث: شاب مسلم يعمل في ألمانيا، ومجبر أن يتناول طعام الغذاء في مطعم العاملين، والمطعم يُقدم وجبة لحوم أبقار ولكنها غير مذبوحة على الطريقة الإسلامية، فما حكم الشرع في ذلك؟
=============================================
ذكر الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه (الحلال والحرام) أن أناساً ذهبوا إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا لحضرته أنهم قُدِّم لهم لحم لم يُسمَّ عليه، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: أن يسَمِّوا الله ويأكلوا، أي إذا لم يُسمَّ على هذا اللحم بدءاً؛ فسَمِّ أنت عليه لاحقاً وكُل، لأن: ) وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ( [5المائدة]، ما دام الذي ذبح هذا الطعام مسيحيٌّ أو يهوديٌّ فلا شيء في ذلك، أما الذي لا ينبغي أن نأكل منه إذا تحققنا أن الذي ذبحه مشركٌ أو وثنيٌّ أو لا ديني.
**********************
الاستطاعة للحجِّ
السؤال الرابع: سيدة تعاني من مرض لا يسمح لها بالسفر إلى المناطق الحارة، وكان حِلْمُها أن تحجَّ لبيت الله الحرام، فخصصت مبلغاً من ثروتها وقامت بالتبرع لعائلتين فقيرتين من سبعة أشخاص ليؤدوا فريضة الحج، هل يتقبل الله عملها وكأنها قامت بأداء الفريضة؟
=================================================
لا ينبغي لها أن تفعل ذلك إلا إذا عجزت عجزاً كلياً عن أداء الفريضة. فإذا كان الطب يمنعها من السفر إلى الأماكن الحارة فلتترقب الحج في فصل الشتاء، لأن الحج يدور مع العام. فإذا كان وقت الحج في الشتاء تستطيع أن تقوم بذلك، فعليها أن تنوي إذا أعانَها الله، وتجمَّع ما تيسَّر لها من فضل الله للحجِّ، وتعزم على أن تؤدي الفريضة إذا جاء الحجُّ في الشتاء، أو تؤدي الفريضة بمزيد من الإنفاق مع شركات السياحة في سفر مكيف، ومسكن مكيف، وخيام مكيفة، وهذا يجعل الإنسان لا يشعر بأيِّ حرّ.
ونحن جميعاً نعلم أن الله عزَّ له معونة خاصة يخصُّ بها زوار بيت الله!! فكم من عاجز عن الحركة تحرَّك عندما ذهب إلى هناك بأمر الله!! وكم من مريض بمرض مستعصي وعندما يذهب إلى هناك يشفيه الله!! فعليها أن تذهب بهذه النية، وإن شاء الله تؤدي فريضة الحجِّ إلى بيت الله. والذي فعلته تعتبره صدقة لها عند الله، لكن يجب عليها أن تجدِّد النيَّة بهذه الكيفية التي أشرنا إلى بعضها.
*******************************************************
ختان الذكور
السؤال الخامس: شخص إيطالي الجنسية، مسلم ومتزوج من سيدة عربية مسلمة، يسأل: هل الختان على الطفل الذكر من الفرائض الواجبة على المسلم القيام بها؟ وهل يجوز الختان عن طريق الليزر لا بالطريقة التقليدية؟
======================================================
الختان يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: { الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ } (مسند الإمام أحمد وسنن البيهقي).
فهو من سنن الفطرة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الفقهاء ارتقوا به إلى درجة الوجوب لأنه من العلامات الفارقة بين المسلم وغير المسلم، فلو كانت هناك معركة حربية بين المسلمين والكافرين، ولم نتبيَّن شكل القتيل ونريد أن نعلم هل هو مسلم أم كافر، كيف نعلم؟ يكشفون عن ذكورته، فإن وجدوه مختتناً علموا أنه مسلم، وإن كان غير مختتنٍ علموا أنه غير مسلم.
أما الطريقة التي يتم بها الختان، فليس هناك طريقة محددة في شرع الله، فقد يتم بمشرط الجراح، أو بالليزر، أو بالأجهزة، وأنا أعلم أن هناك جهازاً حديثاً يقوم بالختان بدون ألم.
وخاصة أن العلم الطبيّ يوجب الختان لأنه يحفظ صاحبه من الأمراض التي يكون سببها أنواع البكتريا التي تتكون حول القلفة، وهو الجزء الذي يُغطي الذكر، والذي نقوم بإزالته، وقد تُسبب له العنَّة، وقد تُسبب له فقد الذكورة، وقد تُسبب له أمراضاً أخرى كثيرة ذكرها الأطباء، حتى أن أهل الغرب الآن لجأوا إلى الختان، لا من أجل أن شريعتهم تبيحه، ولكن من أجل الضرورة الطبية التي يحتاجها الإنسان إذا تم اختتانه.
إذاً يُجري الختان بأى طريقة وبأيِّ كيفية حتى يكون على السُنة وعلى النهج الإسلامي القويم.
*****************************
بَدْءُ الأشيَاءِ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
السؤال السادس: عند دخول المنتديات على شبكة الإنترنت، قد يطلب أصحاب المنتديات من الأعضاء الداخلين للمنتدى عند تسجيل دخولهم أن يذكروا الله، أو أن يُصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز إذا أنشأنا منتدى أن نقول: سجل دخولك في المنتدى بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
===================================================
ليس هناك في شرع الله عزَّ وجلَّ ما يمنع من ذلك، بل إن ما ورد في سُنَّة رسول الله يُحبِّذُ المسلم إذا دخل بيته أو بيت ربه أن يُسمي الله ثم يُثني بالصلاة على رسول الله، وإذا أراد الدعاء أن يجاب فعليه أن يبدأ بالصلاة على رسول الله ثم يدعو ويختم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا مانع من أن يُصلي المرء عند دخول المنتدى، كما يُصلي عند دخول المنزل، كما يُصلي عند دخول المسجد، كما يُصلي عند دخول أيِّ موضع، يُصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذا من هَدْيِ ديننا الحنيف الذي وجَّهنا إليه نبيُّنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان بعض المتشددين يُحرِّم ذلك، فإنهم توسعوا في التحريم على غير الشروط الإلهية التي نزلت في شرعنا الحكيم، فإن كلمة حرام لا ينبغي أن تُقال إلاَّ إذا كان كتابُ الله ذكر في هذا الأمر أنه حرام، أو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن هذا الأمر حرام، فالحرام ما حرَّم الله ورسوله.
ولا يجوز لأيِّ إنسان كائناً ما كان أن يُحرِّم من نفسه بغير سند من كتاب الله أو نص صريح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتحريم والتحليل انتهى بعد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبحنا نقول كما قال الفقهاء: (القاعدة الشرعية: الأصل في كل الأشياء الإباحة ما لم يكن هناك مانع شرعي).
فما دام لا يوجد مانع شرعي، فهذا الأمر مباح إن شاء الله، وصاحبه وقائله مُثَابٌ عند الله جلَّ في علاه.
*******************
الزواج بغير رضا الأم
السؤال السابع: تعرَّفتُ بفتاة على النت، والتقيت بها، فوجدتها فتاة جيدة، وتعاهدنا على الزواج، ولكن أمي رفضت هذا الزواج، حيث أن هناك أناس يعرفون الفتاة أخبروا أمي أنها غير صالحة للزواج من أسرتنا، والآن الفتاة تُهَدِّدُنِي بالانتحار إذا لم أتزوجها، فماذا أفعل؟ هل أُعرض عن الزواج تماماً، أم أتزوج الفتاة حتى لا تنتحر رغماً عن أمي؟
======================================================
الزواج سُنَّة لقوله صلى الله عليه وسلم: { النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي } (سنن ابن ماجة)، وطاعة الأم فريضة، والفريضة مقدمة على السُنَّة. فينبغي أن يطيع أُمه ولا يعبأ بما تقوله هذه الفتاة، وإذا كانت الفتاة تهدِّده بالانتحار فهذا يدل على رقة – ضعف – إيمانها، ويُحبذه على عدم الاستمساك بها. وعليه ألا يُعرض عن الزواج بالكلية حتى لا يُخالف الهَدى الإسلامي: { مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي } (سنن ابن خزيمة).
ولكن عليه أن يتخيَّر غيرها، أو يطلب من أُمِّه أن تختار له بمعرفتها غيرها على خُلُق ودِين، ثم يتزوجها فيفوز برضا الله بطاعة الأُم، ويفوز بفضل الله بتنفيذ سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في النكاح بالطريقة المرضية التي سنَّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اقترض ثم ضيَّع
السؤال الثامن: اقترض مني زوجي مبلغ ثلاثين ألف درهم ليشارك في تجارة، وهذا المبلغ جزء منه ثمن حُلي لي بعتها لأجله، وجزء اقترضته من أمي، وقد وقع زوجي ضحية نصب من شركاء له، فقال لي: إن هذا الدَين سقط من عليه لأن المال ضاع منه بسبب خارج عن إرادته، وهو لا يسعى حتى لإبلاغ الهيئات الرسمية، فما حكم الشرع هنا؟ وماذا علىَّ أن أفعل؟
======================================================
الشرع جُنَّة ووقاية من جميع المشاكل بين الأفراد والجماعات، وقد قال الشارع الحكيم عزَّ وجلَّ في تنزيله: ) إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ( [282البقرة]. والذي دعا الزوج إلى التلاعب بزوجته، وتغيير نيتَّه في السداد هو عدم تسجيل هذا الدَين في وثيقة رسمية، مع أن الإسلام أمر بتسجيل الدَين، إن كان للزوجة أو للأخ أو للقريب أو للبعيد، صغيراً كان أو كبيراً: ) وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ( [282البقرة].
لكن الدَين يلزم الزوج بالسداد لأنه أخذه قرضاً، ولم يأخذه مرابحة أي شركة. لأنه لو أخذه مرابحة في تجارة وضاع فالشريكان متضامنان، لكنه أخذه قرضاً وضيَّعه، فصاحب القرض ليس له شأن بذلك، وعلي المقترض أن يوفِّ دَيْنَهُ، وعلى صاحب القرض أن يستوفى قرضه أو ينظره إلى حين ميسرة، لكن لا يُنْكَر حقَّه.
أما حجة أنه لا ينبغي أن يُسدد هذا القرض لأن القرض ضاع في التجارة فهو المسئول عن ذلك. ولا تضيع أموال الشركاء حتى في التجارة إلا إذا كانوا مشتركين جميعاً في الإدارة ومسئوليتهم واحدة في ذلك. لكن لو أخذ رجل مالاً وتولى هو الإدارة، وضاع المال بقضاء الله أو بقدر الله يقتسمون الخسارة.
لكن مادام ضاع المال بسبب فساد إدارته، فالشَّرعُ الحنيف يُحمِّل الذي كان يدير هذا المال المسئولية، وليس لأصحاب الأموال نصيب في خسارته، لأنه أضاعه بتقصيره وقصوره وإهماله.
ولا يتحلل الشركاء جميعاً من الدَين على صاحب الدَين إلا إذا أُعلن أمام الخلق أجمعين بعد تقديم المستندات الرسمية للجهات الرسمية وبالطرق القانونية المشروعة والمعتبرة في مثل تلك الأحوال، وأُعلن أن هذا الإنسان أصبح مُفلساً، فإذا أُعلن إفلاسه رسمياً كان لكل دائن قسطه في المال المتبقي بحسب سهمه في الدَين، وهذا كله ليس في هذا السؤال، فهذا السؤال قرض، وصاحب القرض مُلْزَمٌ بردِّه، وإنما وضحت الأمر حتى لا يكون هناك لبس.
****************
كتاب: (إحياء علوم الدين)
السؤال التاسع: ما رأى فضيلتكم في كتاب (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي، مع توضيح رأى بعض العلماء الآخرين في هذا الكتاب؟
======================================================
كتاب: (إحياء العلوم الدين) للإمام الغزالي من خير الكُتب قديماً وحديثاً التي جمعت أحكام الدين الإسلامي، حتى قال الأولون: (من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء).
فقد جمع الشريعة الإسلامية بصورة مبسطة تُغني كل مسلم يريد أن يعمل بشرع الله، ولا تُغني المـُتفقه الذي يُفتي غيره فيما يُستجد من الفتاوي، فلا بد له من أن يطَّلِع على الموسوعات، لكنها تُغني لمن يريد أن يعمل بشرع الله عزَّ وجلَّ.
وزاده صاحبه رحمة الله عزَّ وجلَّ عليه، فجعل فيه قسماً في كل عمل شرعي – كالصلاة أو الصيام، أو الزكاة أو الحج أو غيرها – للأعمال الباطنية القلبية التي ينبغي أن يستحضرها العامل ليُصحِّحَ عمله، ويكون عملُه مقبولاً وخالصاً عند الله عزَّ وجلَّ، وزاد فذكر في هذه الأجزاء ما ورد. وكان منهج الإمام الغزالي في ذلك ما يلي:
-
يبدأ بذكر الآيات القرآنية الواردة في هذا الباب.
-
ثم يُثَني بالأحاديث النبوية التي تتحدث عن هذا الباب.
-
ثم يذكر أقوال السلف الصالح في هذا الباب.
-
ثم يؤيد ذلك بحكايات مقبولة وردتْ عن الصالحين في هذا الشأن.