الحياة البرزخية: حياة أخرى غير التي نحن فيها – روحانية نورانية. والحياة البرزخية وعالم البرزخ يحتاج إلى الشفافية لرؤية ما يحدث فيه، ولا يستطيع أحد وصفه لأهل التفوس. ومادامت النفس حية فإنها ستعترض على كل الحقائق الإليهة!!! ليس لديك العقل الذي يقبلها!! فكل ما نحن فيه في هذا الكون يوزن بميزان العقل، أما العالم الآخر فله ميزان خاص اسمه: “الذوق” .. الذوق ماذا يعني؟ يعني سيرى (ذق تعرف) … إذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة فسيرى.
ماذا تحكي؟!! .. هب أن واحداً منكم الآن أخذوه وأهلوه وأدخلوه الجنة؛ هل يستطيع أن يصف لنا الجنة؟!! – ليس معنا العقول المؤهلة لوصف الجنة! – لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك: (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)[1]– فكيف تصدق هذه الحقائق؟!!!.
فهذه حقائق إلهية .. لما يأتي الإنسان – إذا كان له حظٌّ: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم)(35:فصلت)– إذا كان له حظٌّ في هذه الحقائق فسيدخلها ويسلِّم بها، ويعطبه الله عزَّ وجلَّ الإدراكات التي يستطيع أن يدركها بها .. لكنني الآن ليس معي هذه الإدراكات !! وعفواً سأضرب مثلاً:
كل واحد فينا على سطح أي ذرة من جلده ملايين الكائنات – أي ذرة من الجلد – أليس كذلك؟ هل هذه العين تكشفها؟ .. ما الذي يكشفها؟ إنها تحتاج إلى عين ميكروسكوب قوي – وليس أي ميكروسكوباً عادياً – كل ذرة من جلدك عليها مليارات الكائنات الحية!! .. كيف تعيش؟!! وكيف لا يحدث تداخل بينها؟ .. ولماذا؟!! وليس معك الآلة التي تراها بها، ولا تعقلها بها.
إذا كان هذا الكلام في عالم الدنيا .. فما بالك بعالم الآخرة؟!!!
مثال آخر: لو أحضرت طفلاً عنده خمس سنةات وجلست أشرح له شرحاً وافياً للذة العلاقة الجنسية .. هل يدرك هذا الأمر؟!!! .. من الذي يدرك؟ .. الذي ذاقها .. (ذق تعرف) .. أليس كذلك؟!! .. هي نفس الحكاية
فهذه الأمور تعرف عن طريق الذوق .. وليس عن طريق العقل.
هذا العقل لا يزن إلا الأشياء المادية التي حولنا – الحسية، أما الأمور الأخرى فهتاك عقل آخر اسمه: (عقل موهوب) ، وكل مقام له عقل بغقل عن هذا المقام .. وهذا كما قلت اليوم وبالأمس: هذه خصائص عظمى خصك بها الله، لكنها محتاجة أن نعمل بقول الله: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (21:الذّاريَات)
من الذي يريد جولة سياحية في مملكته الإنسانية؟ وهذه تحتاج إلى شركات سياحبة لعمل جولة سياحية في المملكة الإنسانية؛ جولة في ملكوتك، جولة في أنوارك، جولة في أسرارك، جولة في عالمك الروحاني!! فأنت محتاج إلى مثل ذلك .. تريد شركة منظمة تكون معها القدرات والطاقات التي تؤهلك حتى تأخذ هذه الجولة السياحية … والسياحة التي يسمونها: “السياحة الروحانية النورانية” .. التي هي: (السَّائِحُونَ) (112:التوبة) .. سياحة حقية