• Sunrise At: 4:53 AM
  • Sunset At: 6:57 PM

Sermon Details

3 مايو 2001

العلماء سرج الدنيا ومصابيح الآخرة

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

…………………………………………………………………………………………

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى جمعنا على هداه، ووثق رابطة قلوبنا بنور الإيمان بالله، وجعلنا مع تباعد أجسادنا وإختلاف بلادنا إخواناً فى الله، عقيدتنا واحدة، وعبادتنا واحدة، وأخلاقنا فاضلة، ومعاملاتنا على نهج الشريعة كاملة. والصلاة والسلام على خير من دعا إلى الله، بهديه وحاله وخلُقِهِ قبل قاله، سيدنا محمد وآله وصحبه، والقائمين على دعوته إلى يوم الدين، آمين.. آمين..  يارب العالمين. (أما بعد)

فيا إخوانى ويا أحبابى بارك الله عز وجل فيكم أجمعين

من فضل الله عز وجل على هذه الأامة، التى كشف عنها ببركة حبيبه كل غمة، أنه جعل لها فى كل زمن رجال، يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلاِّ الله ، وجعل لها فى كل بلد من بلاد الإسلام بلغة أهلها رجال من بينهم يقومون بأمر الله ناشرين لدين الله عز وجل، صدق فيهم قول ربى عزَّ شأنه:  {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } (4-إبراهيم).

فنحن العرب فى كل بلد من بلدان الله، وفى كل نجع وفى كل واد، نجد رجالاً قائمين جنَّدهم الله، ووهبهم نور الإيمان بالله، وحبَّبهم فى الدعوة إلى الله، ابتغاء مرضات الله عز وجل، حتى لا تخلوا بلداً من بلدان الله من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراٌ، وإما باطناً مستورا. وكذلك الفرس عندهم آيات الله- يعنى العلماء، يسمونهم آية الله. وكذلك الروس، وكذلك الهنود، وكذلك الصين. كل بلد من بلدان الله فيها رجل قائم، حتى أن البلد – وهذا من عجيب صنع الله عز وجل _ التى ليس فيها أحد، يبعث الله عز وجل رجلاً من العلماء أو الصالحين، رغبة فى الهجرة إلى هذه البلد، فيهاجر إليها، ويستوطنها ويقيم بين أهليها، ليكون نوراً لهم، وهادياً لهم، ونافعاً لهم، بأمر من يقول للشئ كن فيكون.

صحيح أن هؤلاء العلماء يتفاوتون، لكن كلهم حصَّلوا العلوم الشرعية التى يجب أن تكون مرعية، والتى هى الأساسية، والزيادة فى الإفادة، وأهل الزيادة يطلبونها من أهلها، وقد يتجشمون المشاق فى السفر إلى أهلها يطلبونها منهم، لأنه الأساس الذى لابد منه.

هناك رجال قائمون به فى كل واد وكل بلد وظفتهم الحضرة المحمدية، وأقامتهم الأنوار الربانية، ليكونوا كما قال المصطفى خير البرية –  صلوات ربى وسلامه عليه: (العلماء سرج الدنيا مصابيح الاخرة) وحركة العلماء – عندما يتحركون فى الأرجاء – كحركة الماء الذى ينزل من السماء، ليحى الزرع بأمر الله عز وجل، يحيون موات القلوب، ويجدون الإيمان فى النفوس، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (جددوا إيمانكم).

وخير ما يجدد الإيمان العلم من العلماء العاملين، الذين يجددون لنا الثقة فى ديننا، والخشية من ربنا، والخوف من عاقبتنا، والرغبة فى العمل الصالح الذى يقربنا من ربنا، يجددوا معانى الإيمان فى قلوب المسلمين فى كل وقت وحين. هذا ما أحببت أن أقوله فى البداية، لأن – والحمد لله – أهل الإسلام جميعاً كما قال فيهم صلى الله عليه وسلم: (علماء، حكماء، فقهاء، كادوا من فقهم أن يكونوا أنبياء).

نحن جماعة المسلمين أجمعين فرضٌ على كل رجل منا أن يتعلم ما لا بد له منه من أمور الدين، ويجتهد فى العمل به، فإذا علم وعمل وهبه الله عز وجل علم ما لم يكن يعلم. وقد خطَّ لنا سادتنا العلماء الأجلاء خطاً واضحا مطابقاً لنهج السماء، فأمرونا ألا نتعنى ولا نشق على أنفسنا بالبحث عن المتشابهات التى أوجدها الله عز وجل فى كتابه، علينا أن نعلم: { مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ( } (7- آل عمران).

والمتشابهات ليس لنا داعى بها، لأننا لا حاجة لنا بها، وإذا صدقنا العلم بالعمل فإن الله عز وجل يلهمنا بمعرفتها، لأنها لا تخطُّ فى كتاب الله، ولا تدرس فى جامعة، لأسرارها المانعة الجامعة، التى إستودعها الله عز وجل فى كتابه، الذى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. ومن جملة ذلك الذى بينه لنا العلماء أيضا، أن نأخذ العظة والعبرة فيما قصَّ لنا الله من أنباء السابقين، سواء من الأنبياء والمرسلين، أو ممن ذكرهم من الفتية المؤمنين والصالحين، علينا هنا بالعبرة  { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ } (111يوسف)، ولا نفعل كما فعل قوم موسى عندما طلب الله منهم بقرة، فأخذوا يشقون على أنفسهم بذكر أوصافها وهيئاتها، مع أن الله عز وجل كان – من البداية- كان يرضى منهم بأى بقرة، ولكنهم لما شَدَّدوا شُدِّد عليهم.

فمثلا حكى الله عز وجل عن أهل الكهف، وعن الرجل الصالح الذى أمر الله سيدنا موسى أن يتعلم على يديه مما علمه الله عز وجل، نجد كثيراً من إخواننا المسلمين مشغولين بأمور لم يكلفهم بها رب العالمين، ولا تنفعهم فى الدنيا ولا فى الدين، مثل أهل الكهف أين كانوا؟ وما البلد الذى ظهروا فيها؟ ومن الملك الذى كان فى زمانه؟ وما عددهم؟ وما أسماؤهم؟

ما النفع من هذه الأشياء؟ أبداً لا نفع منها، لو علم الله عز وجل منفعة فيها كان قد جنبنا المشقة وذكرها فى كتابه. ولم لم يذكرها فى كتابه؟ حتى لا تقف عند هذه الأشياء وتنسى العبرة، والمهم أن نأخذ من القصة العبرة { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ } (111يوسف)

والمصيبة الكبرى نجد بعض المسلمين يشتطون فى الجدال فى هذه الأمور – وهى أمور تافهة ، لأنها لا تنفع الإنسان فى الدين ولا فى الدنيا – البعض يقول خمسة، والآخر يقول ستة، ويحدث بينهم عراك واحتداد، والعبرة ليست بالخمسة ولا الستة، ولكن العبرة فى القصة فقط. كانوا فى زمن دقيانوس .. كانوا فى زمن فلان .. ولكن إذا كان فى هذا الموضوع نفع كان قد ذكره الله عز وجل لنا، لأن الله لا يريد منا أن لا نقف عند الزمن ولا المكان ولا الأشخاص، نأخذ العبرة من القصة نستفيد بها فى حياتنا، ونعمل بهذه الإفادة فتنفعنا يوم لقاء ربنا عز وجل. هذه هى العبرة من القصة.

أجد خلافات شديدة .. الخضر نبىٌّ أم ولىّ؟ وربنا قال عنه: (عبداً من عبادنا) وفقط، لو علم أنه فيه أمر زائد عن ذلك ينفعنا، كان قد ذكره الله. طالما قد سكت عنه الله – وقد قال صلى الله عليه وسلم فى مثل هذه الأمور: ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم فلا تبحثوا عنها)، يعنى رحمة بكم .. الواجب السكوت وعدم السؤال عنها.  هل هو ولىٌّ أم نبىّ؟أو أين كان؟ وما اسمه؟ ذلك يا إخوانى يؤدى إلى مشاكل وخلافات، ويؤدى إلى إحن وبغضاء فى الصدور، من غير سبب ولا داعى أبداً، فإن الله عز وجل لم يقصد ذلك حين قصَّ علينا ذلك.

ونجد قصص القرآن كله بهذه الكيفية، { وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا } (32- الكهف). من الرجلين؟ وما بلادهما؟ وفى عصر من كانوا؟ هذا الموضوع لا يهم فى أى شئ، يا إخوانى العبرة فى القصة، لأنه لم يذكر ربنا هذه الأسماء والأشخاص، حتى يعرفنا أن نبحث فوراً على العبرة من القصة، ولا ننشغل أبداً بهذه الأمور التى الجدال فيها لا يفيد، بل يولد عداوة وحقداً وبغضاء فى الصدور، والله عز وجل لا يريد ذلك لعباده المؤمنين الصادقين.

كذلك الأمور التى فيها التفاضل، من الأحسن؟ النبى صلى الله عليه وسلم أتى على أصحابه ووجدهم يتكلمون عن الأنبياء: النبى فلان أفضل ، أو النبى فلان أحسن وأعلى شأناً، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلونى على يونس ابن أمتى)، لا تفضلونى على أحد، ولا تفضلوا أحداً على أحد. { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} (253 البقرة).أين التفضيل؟ ما قاله ربنا سبحانه وتعالى: منهم مَنْ كلم الله، ومنهم مَنْ أحيا الموتى بإذن الله، ومنهم مَنْ كان خليلاً لله، ومنهم مَنْ كان روح الله، ومنهم مَنْ كان حبيب الله ومصطفاه، لكن القرآن ذكر التفضيل؟ لا، لأنه أمر لا يجب أن ننشغل به، ما لنا ولهذه الأمور؟ نفضل هذا على ذاك، لماذا؟! وما لنا وللملائكة نفضل بعضهم على بعض، لماذا؟! وما لنا وللخلق – مثلا الصالحين أو العلماء- يقولون الشيخ فلان أفضل من فلان!! ما لنا ولهذا يا إخوانى؟ التفضيل جعل ميزانه العلىُّ القدير، وقال لنا { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13- الحجرات). وهذا المقياس هل منا أحد يستطيع أن يزن به؟ لا، أبداً، إذن ليس لنا شأن بهذا التفضيل أبداً، ولا أقول فلان أفضل من فلان، ولا فلان خير من فلان، ولا أزكى أحداً على أحد. حتى أن حضرة النبى صلى الله عليه وسلم قال: (أحسبه كذا والله أعلم).

من الذى يعلم السرائر والضمائر؟ هو رب العالمين عز وجل. يجوز الذى أفضله رجل بحب الظهور، ويجوز الأفضل منه رجل مستور مغمور، له عند الله عز وجل نور، ولا يرجو ظهوراً إلا يوم النشور. والنبى صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه ويربيهم على ذلك، رأى اثنين يسيران وراء بعض فسأل أصحابه عن الأول، قالوا: (هذا حرى إن خطب أن ينكح، وإن تكلم أن ينصت له، وإذا استأذن على الأمراء يؤذن له)، رجل وجيه له منزلة عند الناس. ومرَّ الرجل الثانى، ما رأيكم فى هذا؟ قالوا: (هذا حرى إن خطب ألا ينكح، وإن تكلم لا ينصت له، وإن استأذن على الأمراء لا يؤذن له) فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (هذا خير وأعظم عند الله من ملئ الأرض من مثل هذا).

إذن التفضيل، خصوصية للعلى القدير عز وجل، وكل ما علينا كما قال النبى لنا: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان). ربما يروح إلى المسجد ويصلى الفرض، وأنا علىَّ الظاهر والله يتولى السرائر.

إذن يا إخوانى لا نفصل بين العلماء ولا نفضل بين الصالحين والأولياء، وإنما نقول بقول الله فى الأنبياء: { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } (285- البقرة)، وكذلك لا نفاضل بين أحد من خلقه من العلماء أو الصالحين، لأن القلوب لا يعلمها مثلنا أصحاب العيوب، وإنما الذى يطلع على ما فيها حضرة علام الغيوب عز وجل.  يجوز رجل نحن لا نهتم به، ولكن يكون هو الرجل الذى يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم: (رب أشعت أعبر ذى طمرين، لا يأبه له، لو أقسم على الله عز وجل لأبرَّه). والأمر عند الله ليس بفصاحة اللسان، ولا بالصوت الحسن – لأن الصوت منه – ولا بحركات الأبدان، وإنما بالنيات الصالحة التى تسبق العمل الذى نتوجه به إلى الله عز وجل. وقد صلينا الآن الظهر معاً، وركعنا مع بعضنا، وسجدنا مع بعضنا، وسلمنا مع بعضنا، ولكن درجاتنا فى الصلاة بعضنا مثل بعض؟ أبداً، لماذا ؟ علماً بأن حركات الجسم مثل بعض، ومتفقين فى الحركات والسكنات وكل شئ، ولكن العبرة بماذا؟ { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}  (1، 2 – المؤمنون).

إذن العبرة بالخشوع، مَنْ منا يرى الخشوع لإخواننا الحاضرين؟ فكيف بنا أن نقول صلاة فلان أحسن من صلاة فلان؟ وأن صلاة فلان مقبولة عن فلان؟ هذه مصيبة!! أحسن منه فى الركوع والسجود يجوز، ولكن أقول فلان صلاته مقبولة والآخر غير مقبولة!! أبدا لا نعرف، ومن الذى كلفنى؟ لأن هذه الأمور ليس معى أجهزة تراها، ولا الحق عز وجل كلفنى بها، ولا اطلعنى عليها، ولكنها أمور لا يعلمها إلا الله عز وجل، وأخفاها حتى لا يغتر أحد ويقول: أنا أحسن من فلان أو فلان فى صلاتى، ولا نعرف عنها شيئاً، ولكن (الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرىء ما نوى). وقال الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه: (إن الرجل ليصلى بصلاة أخيه، وركعوهما واحد، وسجودهما واحد، وما بينهما كما بين السماء والأرض).

يجوز واحد يتصدق بألف جنيه، وآخر يتصدق بجنيه واحد، وصاحب الجنيه له قدر عند الله وصاحب الألف ليس له منزلة ولا جاه!! إذن أحكامنا كلها لا تصلح فى هذه الأمور، ولا نحكم: { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ } (40- يوسف)، ولا نحكم على أحد أنه أتقى من فلان، أو أرقى من فلان، أو عمله مقبول عن فلان، فإن هذه الأمور ليست لنا وإنما للواحد الديان عز وجل.

ومن الكبائر التى يقع فيها كثير من المسلمين، مثلاً واحد بنى مسجداً مثل هذا – وأنا لا أعرف نيته- فأقول: ليس له فيه أجر ولا ثواب، من أين عرفت؟ هل اطلعت على الغيوب؟ كيف تصدر الحكم بدون حيثيات؟ القاضى فى المحكمة لابد أن يكون أمامه حيثيات حتى يحكم فى القضية. هل أنت مندوب عن رب العالمين كلفك حتى تنظر إلى هذا العمل ظاهراً وباطناً؟ لماذا كل ذلك؟! أو واحد حجَّ إلى بيت الله الحرام: فلان حجته مش نافعة، هذا رايح من أجل الظهور، حتى يقولوا الحاج راح، والحاج فلان جاء، حتى يشترى لقباً. وربما عندما ذهب إلى هناك غيَّر الله نيته ورزقه الإخلاص!! هل اطلعت على نيته؟ هل رأيته وهو يطوف لماذا يطوف؟ وهو يسعى يسعى بأى نية؟ وهو واقف على عرفات ماذا كانت نيته؟ أبداُ، ولماذا تتعجل وتتسرع وتحكم حكماً أنت لست على مستوى هذا الحكم؟ وهذا الحكم سيوقفك موقف مذلة وصغار يوم لقاء الواحد القهار عز وجل، لأنك بَهَتَّ هذا الرجل، وترميه ببهتان عظيم بما ليس فيه.

إذن – يا إخوانى – المؤمن الناصح الحكيم مَنْ يَكِلُ السرائر إلى الله عز وجل، ولا يفتى بشانها، ولا يحكم على أهلها بالنظر إلى أعمالهم، لأن الله لم يطلعه على نياتهم. هذا – ياخوانى – الأمر الذى إذا سرنا عليه كنا – والحمد لله – من أهل السلامة، وعدم الندامة، يوم لقاء الله عز وجل، ولكن الذى سيندم فى الموقف الندم الشديد من يصدر الأحكام – وهو لا يعلم شيئاً عن أى أحد – يقول: فلان هذا كذا،وفلان فاسق، وفلان صلاته باطلة، وفلان كذا، مالك بهذا؟!!

نحن جميعا قال النبى صلى الله عليه وسلم لنا: عندما جاء سيدنا خالد بن الوليد وقال الرجل أمامه (لا إله إلا الله) فقال له: أنت تقولها حتى تحمى نفسك من السيف، وقتله. وكلما رآه النبى صلى الله عليه وسلم يقول له: (قتلته ياخالد، اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد)، فيقول سيدنا خالد بن الوليد رضى الله عنه: قالها ليحمى رأسه من السيف، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه؟). لنا الظاهر والله يتولى السرائر.

رجل كلَّف نفسه وجاء إلى بيت الله وتوضأ ووقف بين يدى ربه، وأنا بعد ذلك أهدم كل ما عمله وأقول: صلاته غير مقبولة!!  وهل أنا شققت عن قلبه؟  {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}  (27 – المائدة). لا نتعجل ياإخوانى ولا نتسرع أبداً، ولا نقول، ونترك كل هذا لله عز وجل.

@@@@@@@@@@

 سؤال 1: من مات فى الحرب بواسطة المفرقعات؟

حسم القضية فى مصر مجمع البحوث الإسلامية، والمفتى عندنا، وشيخ الاسلام، قالا عن هذا أنه شهيد. (من مات دون ماله فهو شهيد)، إذا كان لدى مال وواحد يريد أن يأخذ هذا المال عنوة، أدافع عن نفسى ومالى وإذا مت فأنا شهيد، ولا تفرط فى حقك. إمرأة وأراد رجل أن يعتدى عليها، فنقول لها: ابذلى كل ما فى وسعك، وإذا مت فأنت شهيدة، ولاتمكنيه من نفسك.  هذا من الاسلام، فمن دافع عن نفسه وعن عرضه، وعن ماله وبناته، ومات، فهذا يكون مات شهيداً.

@@@@@@@@@

سؤال2 : بالنسبة لعلامات يوم القيامة.

أمور غيبية لم يحددها فى القرآن ربُّ البرية، تركها إلى أن تحدث وسيوجد الله رجالاً يخبروننا بشانها. سيدنا عبدالله بن مسعود رضى الله عنه – تعلَّم فى مدرسة حضرة النبى صلى الله عليه وسلم – إذا جاءه الناس يسألون عن أمر، فماذا يقول؟ يقول: هل هذا الأمر حدث فعلاً؟ يقولون: لم يحدث بعد، فيقول لهم: إذا حدث فسيقيض الله رجالاً يحدثونكم عنه، وأنا لا أفتى إلا فى الأمور التى وقعت فعلاً ، لكن الأمور التى هى مثلاً: سيدنا عيسى عليه السلام نزل أم لا؟ وأين سيكون؟ وماذا سيفعل؟ هذه الأمور غيبية. ومثلاً الدابة، ماشكلها؟ وماذا ستفعل؟ ومثلاً المسيخ الدجال، هل هو رجل؟ وماشكله وما صفته؟ كل هذة الأمور أشار إليها النبى صلى الله عليه وسلم إشارات خفيفة، وتركها إلى وقتها، ونحن غير مأمورين بالبحث فيها، ولا التعنى فيها.

أنا أبحث عن القيامة الخاصة بى، وليس لى شأن بالقيامة الأخرى. ما علامات القيامة الخاصة بى؟ الشعر الأبيض، والظهر ينحنى قليلاً، والنظر يضعف، وأبلغ الأربعين سنة، واذا كان كذلك أجهز الشنطة، لأن تذكرة العودة جاءت إلىَّ، وأجهز نفسي لألقى الله عز وجل:{  حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ } (15 – الأحقاف). اجعلنى فى هذة الفترة المقبلة أن أقوم بشكرك على النعم، وأعنى فى عمل الصالحات، لأن علامات القيامة بالنسبة لى ظهرت. ولكن نحن نود – ونسأل الله – أن يعجَّل بنا قبل مجيئها، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم القيامة إلا على كافر بن كافر) وفى الروايه الأخرى: (لاتقوم القيامة إلا على لكع بن لكع ).

ما لنا ولهذه الأيام، نود أن نخرج منها بإذن الله قبل مجيئها. نبحث عن العلامات الخاصة بنا، والقيامة الخاصة بنا، متى وقتها؟ بعد كم سنة، أو كم يوم؟ ممكن تكون اليوم، أو غداً أو أكثر؟ وعلامات الساعة التى ألقى فيها الله عز وجل.

أما كلام العلماء فى هذة الموضوعات فقد دخل فيها كثير من الإسرائليات، وكثير من الاجتهادات بحسب وقتهم وعقلهم، فلم يهتدوا بهدى نبيهم، لأنهم فسروا هذا فى وقت قبل مجئ وقته، لأنه إذا جاء وقته سيظهر، لكنهم يريدون الاجتهاد، إما يحصلون على العلوم من الكتب القديمة – التوراة والإنجيل – المقدسة، وإما أن يجتهد على حسب الزمن الذى كان فيه، ونجد معظم كتب التفسير – ابن كثير، والقرطبى، والطبرانى – تجد المسائل العلمية فى القرآن، الواجب أن نحذفها من كتب التفسير، لأنها غير مطابقة للواقع الآن، لأن النظريات العلمية تغيرت. مثلاً الإمام القرطبى فى مسألة الزلازل يقول: أن الأرض محمولة على قرن ثور، وعندما ينقلها من هذا القرن إلى ذلك القرن يحدث الزلزال، هل هذا يقال فى هذه الأيام؟!! المفروض أن تحذف مثل هذه الأشياء فى النواحى العلمية، لا نستطيع أن نتكلم بها الآن، لأن العلوم تقدمت وتغيرت، وتفسيرهم لهذه القضايا كان على حسب زمانهم.

مثلاً الدابة عبارة عن بقرة عرجاء تخرج من الصفا والمروة، ولها كذا وكذا، ولكن هل لديكم دليل أو برهان؟ أبداً، أو روايات صحيحة؟ لا آخذ بها لأنها اجتهادات على قدر زمانهم ووقتهم.

جاء الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه وعندما رأى الراديو يتكلم قال: هذا علامة من علامات الساعة، خروج الدابة، صدق الله إذ يقول  { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ } (82 – النمل). دابة لأنها مصنوعة من دبيب الأرض، ومن عناصر الأرض كلها، راديو أوتلفزيون أوالمسجل وإنها جميعاً تبلغ رسالات الله  {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} (5 – المرسلات). من الذى يلقى الذكر الآن؟ إذاعات القرآن الكريم، {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} (6- المرسلات). فكلها اجتهادات من العلماء وهذا رأى الإمام أبى العزائم رضى الله عنه فى هذا الوقت، وكل فى وقته وزمانه، كلها اجتهادات من العلماء، ولكن الحقائق لا تظهر إلا فى وقتها لأهلها.

@@@@@@@@

سؤال:  هل تفقد الآثار للعلم والمعرفة حلال؟

الآثار التى أمرنا الله بها أن نتفقدها مذكورة فى قول الله: { فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } (50 – الروم). ننظر إلى آثار رحمة الله فى الكون، وهى التى تبين قدرة القادر، وعظمة العظيم، وحكمة الحكيم، وإبداع الصانع عز وجل. ننظر الى آثار رحمة الله فينظر الإنسان إلى طعامه { فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ. أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا. وَعِنَبًا وَقَضْبًا. وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا. وَحَدَائِقَ غُلْبًا. وَفَاكِهَةً وَأَبًّا } (24 : 31 – عبس). هذه هى الآثار الواجب أن ننظر إليها، آثار رحمت الله وهى التى تدل على عجائب قدرة الله عز وجل.

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid