Sermon Details
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الزواج مفتاحاً لكل خير، وباباً لكل برّ. فالزواج باب للأرزاق، وباب لمكارم الأخلاق، وباب لكلِّ خيرٍ يتنزل لنا من حضرة الرزاق. والصلاة والسلام على الحبيب الأكرم، والنبيِّ الأعظم، الذي سنَّ لنا هذا الهدى القويم، وقال r : ) الزَّوَاجُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي(([1]).
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد الشاب التَّقِىَّ النَّقِيّ الذي يريد الزواج للعفاف بأن يعينه على تكاليفه، ويقوِّيه على أداء واجباته، وأن يوفِّقه في كلِّ أموره في حياته، وأن يُخرج منه الذرية الطيِّبة النافعة في دنياه، وأن يجعل آخرته طيبة في جوار حبيب الله ومصطفاة، قال r: ) ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ – أولهم: اَلنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ(([2]). أوجب الله على نفسه أن يعينه في كل أموره.
وأشهد أنَّ سيدنا مُحَمَّداً عَبْدُ الله ورسولُه، نبيُّ الهدى والبرِّ والتقى الذي أتانا من عند الله بكلِّ خيرٍ وبرّ، ووضَّح لنا ونهانا وحذرنا من كل ضُرٍّ وشرّ.اللهم صلِّي وسلِّم وبارك عَلَى مَنْ قُلْتَ في حقِّه لنا: ) وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا( [7الحشر]. سيدنا محمد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة لجميع خلق الله.
أيها الإخوة الحضور: طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلا. اعلموا علم اليقين أن مجالس النكاح كمجالس العلم تحضرها الملائكة الكرام، قال r: ) أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ (([3]). تشهد الملائكة هذه المجالس الطيبة التي يوفِّق الله فيها بين زوجين في الحلال على شرع الله U.
وإني في هذا المكان الكريم أوجه صيحةً ونداءً إلى أبنائنا الشباب أجمعين، وأقول لهم: رفقاً بأنفسكم، ورفقاً بأهليكم، ورفقاً بأهالي الزوجة، ورفقاً بالمجتمع. ارجعوا إلى يُسْرِ الإسلام واتركوا المغالاة في الجهاز، واتركوا المغالاة في الذهب، واتركوا المغالاة في الحفلات – التي لا تنفع ولا تفيد – وامشوا على منهج النَّبِيِّ الذي يقول فيه r: (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا) ([4]). ليست العبرة بعلوِّ قيمة المهر، ولكنَّ العبرة بالصلاح والتقى التي أمرنا بها الله، فقال عزَّ شأنه ) وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ( [32النور].
وأول زواج تمَّ في هذه الدنيا كان في الجنة، وكان بين آدم وحواء، وأراد آدم أن يقترب منها، فقالت له الملائكة: (مه – يعني انتظر – يا آدم حتى تؤدى مهرها، قال: وما مهرها؟ قالوا: الصلاة على النبيَّ r). فأول مَهْرٍ دفع لأول إمرأةٍ في النساء: كان الصلاة على حضرة النبيِّ r!! ويسَّرَ النبيُّ الأمور للشباب، فعندما أراد شابٌ أن يتزوج بفتاة قال r : (الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) – وهل يوجد حالياً أحد يلبس خاتماً حديد؟؟!! وهو ليس فضةً حتى، وإنما خاتماً من حديد!! – قال: (يا رسول الله لا أملك ذلك، قال: أوما تحفظ شيئاً من القرآن؟ قال: بلى، سورة كذا. قال: زوجتك بهذه السورة من القرآن إياها) ([5]). يعنى المهر أن يحفِّظها سورة من القرآن.
هذا هَدْىُ النبيِّ الكريم الذي أرجو من شبابنا أجمعين أن يلتفتوا إليه، وأن يرجعوا إليه، وأن يقتفوا أثره r، حتى يُيسِّرَ الله أمور الزواج لأولادنا وفتياتنا، وحتى تذهب العنوسة من بناتنا وتولى إلى غير رجعة، ويصير كلُّ بنات المسلمين أمهات صالحات قانتات تائبات عابدات.
أسأل الله U أن يوفِّق بين الزوجين، وأن يرزقهما المودَّة والرحمة، وأن يجعل بينهما الألفة والمسرَّة، وأن يوفِّقهما العملَ بما يحبُّه ويرضاه، وأن يحفظهما من الشرور والآثام، ومن شرِّ الخلق والجن، ويجعلهم دائماً في رعاية الله وصيانة الله على الدوام. وأسأله U أن يرزقهما الذرية الطيبة، وأن يجعل حياتهم هانئة بشرع الله، وأن يجعل دنياهم كلَّها في رضاه، وأن يجعلهم في الآخرة سويًّا هم وذرياتهم في جوار رسول الله ومصطفاه r.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
———-
قولوا جميعاً: ( نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم ونتوب إليه، تُبْنَا إلي الله، ورجعنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا وعلى ما قلنا، وعزمنا على أننا لا نعود إلى ذنبٍ أبدا، وبرئنا من كلِّ شيء يخالف دين الإسلام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله)
صِيغَةُ عَقْدِ القِرَان
———
وكيل الزوجة: بسم الله الرحمن الرحيم، إني استخرت الله تعالى، وزَوَّجْتُكَ موكلتي البكر الرشيدة الآنسة (اسم العروس)، على كتاب الله، وعلى سُنَّة رسول الله، وعلى المهر المسمى بيننا، عاجله وآجله، والله على ما أقول شهيد.
الزوج: بسم الله الرحمن الرحيم، إني إستخرت الله تعالى، وقَبِلْتُ منك زواجها لنفسي، على كتاب الله تعالى، وعلى سُنَّةِ رسوله r، وعلى المهر المسمى بيننا، عاجله وآجله، والله على ما أقول وكيل.
الزوج: زَوِّجْنِي موكلتك البكر الرشيدة الآنسة (اسم العروس)، على كتاب الله تعالى، وعلى سُنَّةِ رسوله r، وعلى المهر المسمى بيننا، عاجله وآجله، وأتعهد برعايتها، والقيام بحقوقها على شرع الله، والله على ما أقول وكيل.
وكيل الزوجة: زَوَّجْتُكَ إِيَّاهَا.
اللهم بارك لك فيها، وبارك لها فيك، واجمعهما على خير، وأخرج منهما الذرية الطيبة الصالحة، واجعل حياتهما هائنة، واحفظهما من جميع الفتن، بسرِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبسرِّ الفاتحة.
[1] روى عن أنس بن مالك في صحيح البخاري .
[2] روي عن أبي هريرة في جامع الترمذي .
[3] رواه الترمذي وضعفه، وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها.
[4] الحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها
[5] البخاري والنسائي عن سهل بن سعد رضي الله عنه بلفظ: (انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ).
عقد القران بديوان أبو حميرة الأربعاء 29/1/2014م