• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

8يوليو2021

القلب السليم

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

السؤال الثالث:

ما الفرق بين قوله تعالى:

﴿ إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (89الشعرا).

وقوله:

﴿ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (84الصافات).

الجواب:

الفرق واضحٌ يا أحبة، يضع الله عز وجل شروط القبول عنده لمن أحبه، فشرط القبول عند الله ليس كثرة الأعمال وفقط، وليس كثرة الأذكار وفقط، وليس الجهاد في الصيام والقيام وغيرها من العبادات وفقط، إنما قبل ذلك وبعد ذلك وأثناء ذلك، تطهير القلب بالكلية لينقل الهمم الدنية والهمم الشيطانية والهواجس النفسية والخواطر الرضية، وتطهيره من كل ما سوى الله، وكل ما سوى الله يسمى غير، فيطهره من جميع الأغيار، ليملأه الله تبارك وتعالى من عنده بالأنوار، ويتنزل فيه بالأسرار التي ينال بها المرء درجة أن يكون من عباد الله الصادقين الأخيار.

فجعل الله عز وجل شرط من يأتي إلى الله وينال القبول والرضا والعطف والمحبة والمودة من الله أن يكون صاحب قلب سليم:

﴿ إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89الشعرا).

يأتي إلى مولاه ولم يقُل في الدنيا أو في الآخرة، إن كان في الدنيا وأتى الله بالقلب السليم، أعلى الله شأنه ورفعه إلى أعلى درجات التكريم، ووهبه من ضروب فضله وعطائه تبارك وتعالى:

إذا تعرض عبـــــــــدي       لنيل فضلي تحــــــــــلى

بحلة الحســـــــــــــن مني        وبالشهود تمــــــــــــــــــلى

يُحـــــــــــــــــــــــبه كل قلبٍ       مطهر لي صـــــــــــــــــــلَّى

يُحــــــــــــــــــبه كل خلقي       والحب مني قبـــــــــــــــــلا

                      وإن فتحت كنوزي       أغنيتُ قولاً وفعــــــــلا

                     وإن نظــــــــرت بعيني        للعبد قد صار مولى

                     حكمتُ أني قريـــبٌ        هلا تقربت هـــــــــــــلا

                     إليك أقرب منــــــك        بمحكم الذكر يُتــلى

فيتقرب العبد إلى الله بأنواع العبادات وهذه وسيلة له للدرجات في الجنات، أو يتقرب إليه بالزهد في الدنيا، وهذه وسيلة له للنجاة من النيران، لكن من أراد أن يتقرب لذات الله فرَّغ قلبه مما سواه سبحانه وتعالى:

﴿ إِلا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89الشعرا).

من الذي فعل ذلك ونال ذلك، هذا المثل الذي ذكره لنا الله عز وجل، وهو عن سيدنا إبراهيم نبي الله وخليل الله:

﴿ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84الصافات).

فإنه وهو في بلاد العراق أُلقي في النار، والنار كان الملك النمروذ ومن حوله من الأعوان قد جمعوا حطبها كما قيل في ستة أشهر، ولما أوقدوها لم يستطيعوا أن يقتربوا منها ليلقوه فيها، فجاءهم إبليس في ورة إنسان وأشار عليهم أن يصعدوا إلى قمة جبل، وأشار عليهم أن يعملوا له المنجانيق، وهو عبارة عن عمودان من الخشب وبينهما عامود يتحرك، وجعلوا فيه حبلين وفي قاع الحبلين كرسياً وأجلسوه على الكرسي، وحركوا هذه الحبال ثم قذفوه في النار.

فتلقاه الأمين جبريل قبل أن ينزل إلى النار بعد أن ضجَّت ملائكة السماء واتجهوا نحو الله عز وجل ضارعين أن يُنقذ خليل الرحمن.

ولما جاءه جبريل قال:

[أليس لك حاجة؟ قال: أما منك فلا، وأما من الله فعلمه بحالي يُغني عن سؤالي].

فكان عنده يقين شديد في مولاه حتى أنه رفض أن يسأل جبريل مع أن الذي أرسله هو الله.

وجبريل كان كان قد أخذ معه سُترةً واقية من النار من الجنة، وألبسه هذه السترة ونزل في قاع النار ونزل جبريل فمد يده فأتى بشجرة من الجنة، وأشار بأصبعه إلى الأرض فنبعت عين ماء، وجاء له بقرفصةٍ يعني مرتبةٍ من الجنة جلس عليها، فيأكل من ثمار الشجرة ويستظل بظلها، ويشرب من الماء وهم يظنون أن النار قد أتت عليه.

ثم ابتلاه الله تبارك وتعالى بعد ذلك فعاش حتى سن الثمانين ولم يُرزق بولد، فلم يجزع ولم يشكوا ولم يتألم، ولم يشكو الله إلى عباد الله كما يفعل الجميع في عصرنا هذا، بل سلم أمره إلى الله.

وبعد الثمانين وكان قد ذهب هو وزوجته السيدة سارة إلى مصر، فأراد الملك أن يعتدي عليها فحفظها الله، ووهب لها جارية وأبقار وأغنام، فأشارت عليه أن يتزوج بالجارية لعله يُرزق منها بغلام، والجارية هي السيدة هاجر، وكان في هذه الحكمة تكريمٌ لمصر وأهل مصر من الله، لأن من صاهرهم هو رسول الله وابنه الوحيد الذي أُنزل كان من مصر، وكان ذلك بعد إبراهيم عليه السلام قد فعل الله معه ما فعل مع إبراهيم عليه السلام.

فتزوج إبراهيم هاجر وأنجب منها إسماعيل، وبعد أن شبَّ الولد وحُبب إليه، أمره الله أن يأخذه وأمه ويضعه في منطقةٍ جرداء لا زرع فيها ولا ماء، ولا حتى شجر ولا حيوان ولا أي شيئٍ فيه حياة، فقالت: بعد أن تركها إبراهيم هي والغلام، لمن تتركنا ها هنا يا إبراهيم؟ فلم يرد عليها، فلما كررت ثلاثاً قالت: أألله أمرك بهاذ؟ قال: نعم، قالت: إذاً لن يضيعنا.

ولما بدأ الولد سن الرشد، وكان فيه سيما التبوة أمره الله تبارك وتعالى أن يذبحه:

﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ـ عرف الغلام أن رؤيا الأنبياء وحيٌ ـ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ (102الصافات).

ولذلك لما سُئل: لم سُمي الخليل خليلاً؟

قيل لأنه جعل جسمه للنيران، وجعل ماله للضيفان ـ فكان لا يأكل إلا إذا جاءه ضيف، وربما يصوم الأيام المتتالية حتى يأتي الضيف ليأكل، جعل جسمه للنيران، وماله للضيفان، ووولده للقربان، وقلبه للرحمن.

فجاء الله عز وجل كما قال الله:

﴿ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84الصافات).

وهذه هي حقيقة التسليم الذي يقبل الله بها كل عبدٍ يريد أن ينال هذا المقام الكريم، ويدخل في قول الله في محكم التنزيل:

﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75الأنعام).

فكان إسماعيل إبن إبراهيم من زوجته المصرية تكريماً لأهل مصر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلَّم فزاد هذا التكريم، فتزوج بمارية القبطية وأنجب منها إبنه الوحيد إبرهيم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم:

(إستوصوا بأهل مصر خيراً، فإن لي فيهم نسباً وصِهراً).

أما النسب فهو أم إسماعيل التي وُجد منها ذرية إسماعيل، وإسماعيل جده الأكبر صلى الله عليه وسلَّم، وأما المصاهرة فهي زوجته التي تزوجها من مصر وهي مارية القبطية، وإنما سُميت قبطية لأنها كانت من القبط، ولكنها لما تزوجت النبي أسلمت وكانت مسلمة.

نسأل الله أن يحفظ مصرنا من كل سوء، وأن يُجيرنا من كل خزيٍ، وأن يجعلنا وأهل مصر في أمان، كما قال في القرآن:

﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ (99يوسف).

وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

الخميس: 7/7/2021 موافق 28 ذي القعدة 1442 هـ دار الصفا الجميزه

لقاء الأحبة على برنامج التواصل الإجتماعي زووم ـ على الإنترنت

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid