من حكمة الله التى نتعلمها من هجرة النبي e وأصحابه الكرام أننا كمؤمنين وأعلنا الإيمان، لابد للإيمان من امتحان، ما هو الإمتحان؟ الذي نتعرض له فى حياتنا الدنيوية، أمرين اثنين، أمور نهى عنها الله وأمور أمر بها الله، الذي يتعرض للمنهيات، ويقع فيها يكون ذل ورسب فى الإمتحان، والذي يأتى على المأمورات ولم يعملها يكون رسب فى الإمتحان، ولذلك هذا الموضوع هو الذي كان يشغل أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، الذي يشغلنا جميعاً الآن موضوع الرزق، كيف آكل وأولادى كيف تعيش؟ ومن أين؟ لكن الذي عليك أن تنفذ القانون الذي قاله الله لك: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ) (132) سورة طـه، نحن الذي نعطيك – رزقك علىّ فلا تشك- ولذلك سيدنا الإمام على(رضي الله عنه)وكرم الله وجهه قال: “أترضى بصراف ولو كان كافراً ضمينا ولا ترضى برب الأراضين”، تنتظر صراف آخر الشهر ولو كان كافر ومعتمد عليه ولا تعتمد على الله (عزوجل)، النبي قال لأصحابه: {كن بما في يد الله أوثق بما في يد نفسك}، الذي في يدك ممكن يضيع من يدك فى لحظة، لكن الذي في يد الله ……..، السيدة رابعة العدوية رضى الله عنها وأرضاها حدث غلاء فى زمانها فى البصرة وبلاد العرب، قالوا: ألم تسمعى عن الغلاء؟ قالت: ومالى بهذا الأمر: “وعزة ربي لو صارت الحبة بدينار ما اهتممت، علي أن أعبده كما أمرني وعليه أن يرزقنى كما وعدني”، اختصاصي أن أنفذ مراد الله، واختصاص الله يكلأني برعايته وكفالته ولا يحوجني إلى أحد، يقول فى الحديث القدسي: ((إذا كنت أرزق من غفل عني وعصاني، فكيف لا أرزق من ذكرني وأطاعني))
( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)
يريد أن يدخل ولده هذا كلية الشرطة وغيره كلية الهندسة وهكذا وإن لم يكن يغضب .. إلخ
يعود من العمل، الولد راح الدرس، العصر يؤذن ليس مهم، يأتى الولد من الدرس المغرب يؤذن ليس مهم، المهم أن يذاكر، المهم أن ينجح فى الدنيا، لكن المؤمنين ليس هذا همهم، أول ما يصبح يقرأ نشرة اليوم فى صدره .. يقرأ ما علىَّ اليوم لله، هذا هو المهم، إذا أصبح يوم ولم يقرأها بمعنى أنه استيقظ ولم يلحق صلاة الفجر فى الجماعة الأولى لكن صلاه بعد ذلك يظل طول يومه مهموم مغموم، كيف تفوتنى صلاة الجماعة الأولى اليوم، ويأتى أصحابه يخففون عنه دون فائدة، كم يوم على ذلك؟ قالوا: كان الذي تفوته تكبيرة الإحرام يعزونه لمدة ثلاثة أيام، يعزوه من أجل الفضل الذي فاته، ومن يفوته الفريضة الأولى كانوا يعزونه لمدة أسبوع من أجل الفضل الذي فاته فى هذه الجماعة فى هذه الطاعة لله U، فكان الواحد فى الصبح لا يفكر يغش من اليوم، أو يكسب كم اليوم، لأنه يعلم كما قال له النبي: ما كان لك سوف يأتيك {ما كان لماضغيك أن يمضغاه فلا بد أن يمضغاه}، لا يخرج واحد من الدنيا وبطاقة الدنيا النازلة من ديوان سيدنا ميكائيل له فيها وجبه، لا بد أن يأخذ ما فيها، بل لابد يكون مكتوب على الأشياء نفسها .. لو واحد منا نور الله بصيرته وذهب إلى الغيط ورأى حبة القمح، يرى الكتالوج داخل الحبة، التلسكوب لا يستطيع أن يراه، لكن الذي يطلع عليه نور البصيرة النورانية، الكتالوج موجود داخل الحبة، فيه أين تزرع، وكم سنبلة تخرج منها وكل سنبلة فيها كم حبة؟ ومن الذي سيزرعها ومن الذي يحصدها ومن الذي يطحنها، وفى النهاية هذه الحبة تذهب لمن؟ وميقات الساعة التى تدخل فيها جوفه، والتمرة هذه لمن تذهب؟ وتدخل جوفه فى أى ساعة؟
كل هذه الأشياء مقدرة بتقدير دقيق أحكمه الكبير المتعال (عزوجل)( وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها )، لذلك تاتى أحياناً تأكل وتقطع اللقمة وتصل إلى فمك، يأتى واحد فجأة يقول لك: تعال، لماذا؟ مكتوبة لك وليست لك، مع أنك أنت الذي جهزتها، كذلك زجاجة كاكولا تفتحها وتضعها على فمك فتناولها له وتقول: إنها لك، لماذا؟ الرزاق هو الذي ساق وقدر الأرزاق (عزوجل)، ليس معنى ذلك ألا نسعى ونقعد ونقول: سيأتينا الرزق؟ لا، أعطانا الله الطريقة التى نمشي عليها، كيف؟ فى السعى على الرزق على مهلك ولا جزع ولا هلع، وأن مايأتى لك، فاعلم أنه هو رزق الله (عزوجل)، كيف نمشي؟ ( فامشوا فى مناكبها ) ، ونمشي ولو حتى فى المناكب، المناكب أعلى شيء فى جسم الإنسان وأعلى شيء فى الأرض هى الجبال، حتى إمشي فى الجبال ومن أين تأكل؟ إياك أن تقول من تعبك أو من شغلك أو من ذكائك، ( فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه ) ، هو الذي أتى به، عندما تضع الحبة فى الأرض، وإذا كان الفدان يحتاج شيكارة سماد ضع له عشرون، وهو لا يريد لههذه الحبة أن تنبت، ماذا تفعل أنت؟ ليس أنت الذي تزرع: ( أفرأيتم ما تحرثون، أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) ، الزارع هو الله (عزوجل)، وأنت ما عليك إلا أن تأخذ بالأسباب، بالله عليكم من الذي يستطيع أن يزرع فاكهة من الفواكه ويتحكم فى طعمها وحلاوتها وشكلها وهيئتها، أيقدر أحد على ذلك؟ كلا، من أين يأتى بطعمها؟ لا فى السماد ولا الماء ولا الأرض فيها حلاوة، لكن الطعم يأتى من الله U، شكلها، نضجها، حجمها، هيئتها، تغليفها، هل فى الكون كله مصنع يقدر يغلف كما تغلف الفاكهة البرتقالة أو التفاحة أو المانجو، ولو استطاعوا مهما أوتوا من الخبرة والقدرة أن يأتوا بمثل هذا الغلاف الذي صنعه الصانع (عزوجل)بقدرته وحكمته وإرادته تبارك وتعالى، ومع ذلك كل واحدة مكتوب عليها من الذي يأكلها ( صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل ) ، شجرة واحدة تأخذ من حبة واحدة ومن أرض واحدة ومن هواء واحد والثمار على نفس الشجرة واحدة ومع ذلك تجد واحدة حلوة وأخرى مزة (دلعة) لماذا؟ لأن هذه إرادة الصانع (عزوجل)، فالواجب علينا تجاه الرزق أن نمشي على مهلنا ولذلك قال النبي: {اتقوا الله وأجملوا فى الطلب} إياك أن تحاول الحصول على رزقك بطريقة ملتوية، لأنه سيأتيك، تغش يأتيك ما كتب لك، تسرق لا تأخذ إلا ما هو مقدر لك، ترشي تأخذ ما وهبه الله لك، كل هذه المحاولات لا تأتيك إلا بما قُدَّر لك، لكن المصيبة أنك أخذته بطريقة لا ترضي الله فعرضت نفسك لعقاب الله وحرمت البركة التى وضعها فيها الله (عزوجل)، ولذلك سيدنا عمر ذهب ليزور رجل من أصحابه، ورأى رجل فقير فقال له: تعال إمسك البغلة حتى أزور فلان، ونوى فى نفسه أن يعطيه دينار، بعد انتهاء زيارته طلع وجد البغلة واقفة وليس عليها السرج، أين الرجل؟ -قد أخذه وباعه فى السوق- وصل للتاجر وقال له: من أين أتيت به؟ قال: باعه لى واحد الآن، بكم؟ قال: بدينار، قال: صدق رسول الله (صلي الله وعليه وسلم)، ماذا قال؟ قال: {ما سرق السارق إلا من رزقه ولو أنه صبر لأخذه فى الحلال}، أعدّه له عمر، ومستحيل يأخذ غيره لأن قدره الله U بإرادته وحكمته، لكن استعجل وركب الطرق الملتوية فعرض نفسه لغضب الله وحرم البركة التى وضعها فيها الله، وهذه هى الآفة التى حدثت فى مجتمعنا الآن، بم أهتم أكثر؟ بالذي بينه النبي ووضحه القرآن، فى الرزق أمشى على مهلك، لكن خارج للصلاة، ذاهب لمجلس علم، ذاهب لزيارة مريض، ذاهب للحج، أو عمل من أعمال الخير، تهتم أكثر، ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) ، هذه الأعمال تسرع أكثر، لكن نحن الآن عكسنا الوضع فى الصبح أسرع إلى العمل لكن وقت الصلاة، الوقت طويل، حتى يكمل الآذان، الجماعة الأولى، توجد الثانية، قبل العصر بلحظة، أخطف الظهر، لكن هم لم يكونوا هكذا، كان ساعة الآذان يعتبر نفسه تأخر، لأن الآذان لا بد أن يؤذن عليه وهو جالس في بيت الله، سيدنا عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) يحكى فيقول يأتى علينا وقت لا يتخلف عن صلاة الجاعة إلا منافق ظاهر النفاق، واحد يعرفه الكل منافق، لأن هؤلاء قال الله فيهم فى القرآن: } وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى { ولذلك أنت مطالب أن تطهر نفسك من الأوصاف التى وصف بها ربنا والنبي المنافقين، ربنا قال فى المنافقين أنهم كسالى فى الصلاة، يكون عندك همة ونشاط فى تلبية نداء الله، حتى لا يكون فيك شيء يشبه هؤلاء القوم، النبي (صلي الله عليه وسلم)قال: العلامة –بيننا وبين المنافقين شهود العتمة (الفجر) والعشاء، الجماعة المنافقين لا يقدرون عليهما.