• Sunrise At: 5:03 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

19 اغسطس 1999

الوقيعة فى الصالحين

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

إذا استدعاك الملك لمقابلة، ماذا تفعل؟

قال: سأشترى جبة صفاتها كذا وأخيطها وأجهزها، قال: ولوا قالوا لك إن الملك سيكلمك، ماذا تفعل؟ قال: أحضر المراجع وأجهز خطبة عصماء حتى أكلم بها الملك، قال: ذهبت وطلبوك وألقيت الخطبة والملك قال لك: أنظر ماذا تريد نعطيه لك؟

يصح أن تقول له أنا أريد (مليم)، قال: لا، قال: لماذا؟ قال: يكون عيب، كيف أطلب مليم من الملك؟ قال له: يا أخى الدنيا لا تساوى عند الله مليم، الدنيا لا تساوى عند الله جناح بعوضة ولو كانت تساوى عنده جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء.

فهذه هي الحكاية يا إخوانى، لم يعطى الله الصالحين ما يشاءون؟ أيريدون مال؟ فما كان لك فسوف يأتيك، ماذا يريدون؟

الفضل والرضوان، والنور والكشف، والحكمة والإلهام، وروح البيان ونور القرآن، ووصال العارفين وفضل الله الذي يعطيه للأنبياء والمرسلين، هذا الكلام الذي نطلبه كما سمعنا الإمام أبو العزائم وهو يخاطب رسول الله:

ألا يا رسول الله جئناك نرتجي

نوال الرضا والفضل يا نور مهجتى

فالإنسان عندما يزور الصالحين، سيدنا الحسين، يزور سيدنا أحمد البدوى، سيدتنا زينب، ماذا يطلب هناك؟ لا يطلب شيء ليس له قيمة من ربنا فى المكرمات، لا يذهب عند سيدنا الحسين ويقول أنا أريد قرشين أروح بهم بيتي، أهذا يليق؟

أطلب حاجة من فضل الله، أريد منحة باطنية، هذه الحاجة التى تستحق الطلب والإلحاح، قول أنا أريد أنوار محمدية، أسرار قرآنية، أريد عيون بصيرة مضية، اطلب حاجة تليق بالمقام، لكن الواحد يعجب لما يأتى واحد ويقول: يا سيدنا الحسين أنا أريد رغيف وحبة فول أفطر عليهم فى الصباح، أهذا يليق، حتى إبنك لما يأتيك فى الصباح ويقول لك: أريد الفطار أنت تطرده وتقول له عندك أمك، لأنه طلب لا يليق بأبوه، فالطلب الذي يليق بالصالحين الفضل العظيم، والنور الكريم الذي حباهم به المولى العظيم عز وجل ولهذا فإن العارفين يعرفونا هذه البضاعة، يروح عند سيدنا الحسين نريد أن الزرعة هذه السنة تصح وإن صحت سنأتيك بكذا وبكذا، ماذا يفعل سيدنا الحسين بهذا، الذي يحتاجه الفقراء والمساكين هناك، وهو ماشي على درب أبوه الذي قال فى كتاب الله: } إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا { [الآية، سيدنا الحسين عندما يطلب أحد منه شيء ويحققه له أيريد أجر على هذا الجميل؟ كلا، وما ترك لأمثالنا، لا يريد شيء حتى ولو كلمة متشكرين لأنه سيد شباب أهل الجنة، وعلى خلق أهل الفتوة، أهل الفتوة هؤلاء لهم أخلاق عالية يقول فيها سيدي أبي يزيد البسطامي t وأرضاه عندما سألوه ما الفتوة؟

فقالوا: “الفتوة فى نظرنا أن نعفوا عمن ظلمنا ونعطى من حرمنا ونصل من قطعنا”

فقال لهم: لا ينال العبد مقام الفتوة عند الله يوم لقاء الله حتى يشفع فى من آذاه ليدخله الجنة، الذي آذاه يشفع فيه ليدخله الجنة، ما هذه الأخلاق العالية، أخلاق عالية جداً كونه يشفع فيمن يحبه فهذا وضع طبيعي، لكن يشفع فيمن آذاه ليدخله الجنة، ولذلك هذا هو الجزء الذي نحاول أن نزيله عن الأذهان فيما يتعلق بالصالحين، فالأمر الذي دائماً نسمعه أن فلان أذى فلان من الصالحين فسوف يحدث له كذا وكذا، هل الصالحين رحمة ام نقمة؟! رحمة، فكيف يؤذوا من يؤذيهم؟! إذن يصيروا مثلهم مثل غيرهم، ولا يكون هذا.

سيدنا أبو بكر كان ابن خالته اسمه مسطح بن أثاثة، وكان هو الذي يأكله ويلبسه ويصرف عليه، وعندما حصل موضوع السيدة عائشة ومسطح هذا هو الذي روج هذا الموضوع وأشاعه، ((اتق شر من أحسنت إليه)) – فقال أبو بكر: لا أعطيه شيء بعد ذلك، وقال لأولاده: لا تعطوه شيء، فقال الله له: } فاعفوا واصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم { [الآية، سيدنا رسول الله بعث له وقال: ربنا بعث لك برسالة، ما رأيك؟

قال: بلى يا رب أنا أريد المغفرة، يا أولاد أعطوا مسطح كل ما كان يأخذه وزودوه، يعلمنا أخلاق أهل الكمال، وهذه أخلاق الصالحين والمتقين، لكن من يعترض عليهم سيؤذوه أو يسموه أو يضربوه أو يمرضوه هذا الكلام لا يليق بالصالحين، كل الذي يحدث فى هذا الحال، إذا كان الواحد ربنا يحبه فينبهه بشيء من هذه الأحوال حتى يرجع ويحب الصالحين، لكن من يغضب عليه الله يتركه على ما هو عليه، سيدي أبو الحسن الشاذلي t وأرضاه قال: إذا أبغض الله عبداً رزقه الوقيعة فى الصالحين لأن الله يغار على أحبابه ويعلن عيه الحرب: {من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب}، الحرب هنا: إن أمرضه سيرجع لكن من يعلن عليه الله الحرب: } فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه { [الآية، يعاقبه عقوبة قلبية لا يحس بها فى حياته الدنيوية ، يمسح من قلبه حلاوة الطاعة فلا يشعر بها، يأتيه مرض قسوة القلب فلا يكون عنده رحمة نهائياً، يأتيه داء الغفلة عن ذكر الله، وعن طاعة الله عز وجل، ويظل وراءه حتى كما قال كثير من الصالحين وأجمعوا على ذلك: (من أصر على الوقوع فى الصالحين، مات على سوء الخاتمة) وقالوا أفصح من ذلك: ( سلب الإيمان قبل موته ومات على سوء الخاتمة)، هذه هي العقوبات التى يعاقب بها الله من يقع فى الصالحين، لكن لو كسر رجله مثلاً فيكون قد رحمه، سيرجع وتكون هذه طهارة للذنوب، لو آذاه فى نفسه أو ماله أو أولاده أو زرعه، تكون طهارة له: {ما من غم ولا هم ولا نصب يصاب به العبد المسلم إلا كفر الله به من خطاياه}

تكفير له لأنه يحبه، لكن من يغضب عليه لوقعه فى الصالحين، ماذا يعمل فيه؟

الذي ذكرناه، يظل وراءه حتى ينزع منه الإيمان ويميته على غير دين الإسلام والعياذ بالله عز وجل، وقد كانوا يجربون ذلك فقد ورد فى كثير من الروايات ما يضيق الوقت عن ذكره أنهم كانوا ينظرون إلى من يقع فى الصالحين حتى يموت، بعد موته فيجدونه وقد تحول وجهه عن القبلة وكلما وجهوه إليها وتركوه حول وجهه عنها فإذا يأسوا من ذلك تركوه على ما هو عليه، فنحن لا نخوف أحد إذا وقع فى الصالحين ونقول له سيحدث لك كذا وكذا ..، لأن الصالحين رحمه وليسوا نقمة: } وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما { [الآية، وليس يدعوا عليه، لأنهم لا يدعوا على أحد أبداً لأنهم يدعون لله ويدعون خلق الله إلى الله بالحال والمقال، فيدعون حتى كما كان صلى الله عليه وسلم يدعوا على من حاربه وآذاه فيدعوا ويقول: {اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون} وهم على هذا الأثر، يدعون لهم بالهداية وبالتبصير والرعاية، وبالولاية، لكن لا يتوعدون أحد إلا إذا زاد عن الحد تركوه للواحد الأحد وفوضوا أمورهم إلى الله والله كما قال في قرآنه: } فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{ (45) سورة غافر

فعندما ندخل نزور الصالحين نطلب منهم ما يليق بهم من الكمال الإلهي والجمال القرآني والنور المحمدي، وإذا اعترض علينا معترض فى حبهم وفى أحوالهم لا نعامله بمعاملته، بل نتركه وشأنه، لا نجادله ولا نحاربه ولا نحادثه حتى لا يزيد فى الكراهية، فيزيد عليه مقت الله عز وجل، اشفاقاً عليه من غضب الله ومقت الله عز وجل، وندعوا له بالهداية والبصيرة والعناية حتى يشفيه الله من هذا الداء وهو الوقيعة فى الصالحين رضي الله عنه وأرضاهم.

نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بحبهم ويرزقنا قربهم وأن يجلسنا على موائد النور التى تفضل بها عليهم وأن يوصل قلوبنا بقلوبهم، وأن يرزقنا فى الدنيا أخلاقهم ويجعلنا ممن يسعى فى الدنيا والآخرة للحاق بهم بجاه النبي صلى الله عليه وسلم.

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid