Sermon Details

30أكتوبر2015
برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية فتاوى الهجرة الحلقة الثالثة _مجلس الزقازيق الجمعة 30-10-2015
إقرأ الموضوع
****************
السؤال الأول: ما معنى قوله تعالى: (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) (40التوبة)؟
———————
قلنا: (بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا)، يعني: جنودٌ لا تراها العين، وبعض العلماء ذكر أن الجنود هنا وهي العنكبوت والنبات الذي كان موجوداً على باب الغار، واليمامتان، وقد رأتهم العين، أما الآية فتقول: (بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا)، فما هذه الجنود؟
أولها: توفيق الله عزَّ وجلَّ؛ مدد التوفيق الإلهي لحضرته.
ثانيها: السكينة: هو الذي أنزل السكينة أين؟، (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) (4الفتح). فالسكينة تنزل على القلب، وكذلك: (فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) (40التوبة).
ثالثها: قال فيه صلى الله عليه وسلَّم: (نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر)[1]. فكان صلى الله عليه وسلَّم إذا قصد قوماً وبينه وبينهم مسافة شهر يحدث لهم رعب، مع أنه بينه وبينهم مسافة ومسيرة شهر، وهذا حدث في موقعة تبوك، وتبوك موجودة في شمال الجزيرة العربية وجنوب الأردن وبينها وبين المدينة المنورة حوالي 700 كيلومتراً. والروم جهَّزُوا جيشاً تعداده 50 ألف جندياً جهَّزه قيصر الروم ليغزو المدينة ويأسر النبي صلى الله عليه وسلَّم ومن معه ويقضي على الإسلام، وتجمَّع الجيش في تبوك.
جمَّع النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم جيشاً مع أنه كان في وقتٍ كان الناس على غير أُهبة للخروج، وكان في وقت حصاد التمر وهو المحصول الرئيسي في المدينة، فكيف يتركوا الحصاد ويذهبون؟ وفي موسم الحصاد كذلك قد أصابهم الكساد وليس معهم شيء، فكان الناس يعانون من قلة الشيء، وكان الجو شديد الحرارة، ومع ذلك لما خرج النبي بجيشه ووصل إلى تبوك لم يجد هناك أحداً!!، فمجرد أن سمعوا بخروجه من المدينة تفرقوا وانفرط عقدهم!!، لماذا؟، لقوله صلى الله عليه وسلَّم: (نُصرت بالرعب). وهي جنود لا يراها الإنسان، ومن أين يأتي هذا الرعب: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) (26الحزاب). يقذفه الله عز وجل في القلوب، فيحدث لها رعبٌ من الإنسان الذي هو مُؤيدٌ من حضرة الرحمن عزَّ وجلَّ.
فالرعب والتأييد والستر والحماية، {فقد خرج صلى الله عليه وسلَّم صلى الله عليه وسلَّم من بيته، والجند من حوله يتحدثون، وليسوا نائمين ولكن مستيقظون، فيقول بعضهم لبعض: إن محمداً يزعم أن من يتبعه سيصير له جنان – يعني حدائق – كجنان بلاد العراق وبلاد الشام، فخرج وقال: (نعم أنا أقول ذلك)، فلم يسمعوه ولم يروه، فأخذ الله بأسماعهم وأبصارهم، وزاد على ذلك أنه أخذ حفنة من التراب ووضعها على رؤسهم، فلم يترك رأساً إلا ووضع عليها الحصى، ومع ذلك فلم يشعروا. وكان سلاحه في هذا الأمر أن تلا قول الله تعالى: (يس)، إلى قوله: (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) (9يس)، وأعادها فحدثت لهم الغاشية فلم يسمعوا ولم يبصروا، حتى جاء قائدهم أبو جهل لعنة الله عليه يمر على جُنده وهم جلوس عنده، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: ننتظر محمداً، قال: خيبكم الله، لقد خرج وما ترك رجلاً منكم إلا ووضع تراباً على رأسه، وخلع حذاءه وأخذ يضربهم به، وظنَّ أن الأمر بأيديهم، ولكن الأمر من القدير عزَّ وجلَّ}[2].
وأيضاً أيده الله (بجنودٍ لم تروها): أى جنود الأرض، فعندما لحق به سراقة بن مالك، قال الأمين جبريل: الأرض طوع أمرك فمُرها بما شئت، قال: يا أرض خذيه فانشقت وانضمنت على أقدام الفرس وأرجل سراقة وانطبقت عليهما، فأعلن سراقة التوبة وقال: يا رسول الله تُبتُ ولن أعود إلى ذلك فادعُ الله لي، قال: يا أرض أتركيه فتركته. ثم عادت له الخواطر السيئة وقال: أنها مائة جمل لمحمد ومائة جمل لأبي بكر وأنا أريدهم، فهمَّ بسوءٍ، فقال: يا أرض خذيه – ثلاث مرات، فكانت الأرض طوع أمره.
جُندٌ آخر من جُند الله يجد الإنسان فيه عجباً: الناقة يركبها الحبيب ويريد الناس الإمساك بها واستضافته، واليهود من جملة الناس، فعند بيت اليهودي تمر مسرعةً، فما الذي عرفها أنه بيت يهودي؟، هل كانت هناك علامة حمراء؟!!، وعند بيت المؤمن تقف، والمؤمنون مجهزين تحية لسيد الأولين والآخرين، فمنهم من جهَّز تمراً، ومنهم من جهز لبناً، ومنهم من جهز عسلاً، فكل واحد منهم جهَّز شيئاً فيحاولون أخذها، فيقول لهم صلى الله عليه وسلَّم: (دعوها فإنها مأمورة)[3]. وهل الناقة تُؤمر؟!!، فهذا سرُّ لا يعرفه إلا صاحب سرّ، وكيف تكون مأمورة؟، وهل معها خط سير؟، وكيف عرفت؟، فظلت تمشي وتمشي حتى وصلت إلى مكان – وهي من نفسها حلحلت وذهبت وعادت – ثم بركت فيه. ما الذي عرفها أن هذا المكان هو المكان الذي اختاره الله لبناء مسجد النبي العدنان؟، ومن أين عرفت؟، وكان هذا المكان بجوار بيت حضرة النبي الذي جهَّزه له ربنا.
وحضرة النبي عندما هاجر للمدينة لم يذهب إلى أحد ولكن نزل في بيته، في بيته هو وملكه، فقد كان ملك اليمن أسعد الحميري – قبل أن يهاجر النبي بثلاثمائة سنة – خرج ومعه جنده ويريد أن يستولي على ما حوله من الأرض. فعندما وصل إلى المدينة فقابله اليهود وقالوا له: لن تسطتيع أن تدخل هذه المدينة لأنها مُهاجر خاتم الأنبياء، فهم يعرفونه: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) (146البقرة). سيدنا عبد الله بن سلام يقول لسيدنا عمر: أنا أعرف حضرة النبي أكثر من إبني، فقال له: كيف؟، قال: أنا لا أشك في معرفة النبي، ولكن بالنسبة لإبني فأنا غير متأكد إن كان من صُلبي أم لا، يعني أنجبته زوجتي مني أو من أحد آخر؟[4]، وهذا كلام ربنا: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) (146البقرة).
والمَلِكُ كان معه مجموعة من العلماء، قيل: سبعون، وقيل: أربعمائة حسب إختلاف الروايات، سألهم: فقالوا: هذا الكلام صحيح وموجودٌ في الكتب السابقة. بنى لكل واحد من العلماء بيتاً، وزوَّج كل واحدٍ منهم بجارية، وقال لهم: تظلون هنا تنتظرون هذا النبي إلى أن تنصروه، وهؤلاء هم أصل الأنصار، ولذلك الأنصار جاءوا من اليمن. وبنى بيتاً من دورين وهو لإمام العلماء – رئيسهم، وقال له: هذا البيت معك أمانة إلى أن يأتي حضرة النبي، فهو بيته هو، وترك معه رسالة وقال له: تعطيها لنجلك إلى أن يوصلوها لحضرة النبي.
وعندما نزلت الناقة وكل واحد يريد أن يأخذ رحل حضرة النبي عنده، فقال صلى الله عليه وسلَّم صلى الله عليه وسلَّم: من أقرب بيتٌ هنا؟ قالوا: بيت أبي أيوب، فقال: إذن احمل الرحل أبا أيوب، فقالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: المرء مع رحله[5]، وبعد أن دخل عند أبي أيوب قال له: يا أبا أيوب أين كتاب تُبَّع؟ – الكتاب الذي موجودٌ عندكم لحين حضور حضرة النبي – والكتاب كان مكتوباً فيه:
شهدتُ على أحمــــــــــــــــد أنه رسولٌ من الله باري النســــــم
فلو مُدَّ عمري إلى عمــــــره لكنت نصيراً له وابن عـــــــــــم
وجالدت بالســيف أعداءه وفرجت عن صدره كل غــــم
إلى بقية الأبيات، فقال صلى الله عليه وسلَّم فيما معناه: (أول من آمن بي تُبَّع). فنحن نعلم أن أول من آمن به هو أبو بكر، لكن أول من آمن به كان تُبَّع لأنه آمن من قبل هجرة النبي بثلاثمائة سنة، وجهَّز له بيته. فما هاجر صلى الله عليه وسلَّم إلا في بيته، ولم ينزل عند أحدٍ آخر من إعزاز الله عزَّ وجلَّ له.
فالجنود التي لا نراها، جنودٌ لا عدَّ لها ولا حصر لها، منها ما ذكرناه، ومنها ما هو مبثوثٌ في كتاب الله، فأمده الله عز وجل بجنود الإخلاص، وأمده الله عز وجل بجنود الخشوع، وأمده الله عز وجل بجنود الثقة بالله، فأبو بكر كان خائفاً فيقول له: {ما بالك باثنين الله ثالثهما، (لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا) (40التوبة)}.
التوكل الصحيح على الله، وكل هذا يا إخوانا هو جنود وهي الجنود القلبية التي تنزل مباشرةً من الذات الإلهية على الحضرة المحمدية، وهي جنودٌ إلهية لا تراها الأعين لأنها مددٌ من الله لقلب حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلَّم.
**************************
السؤال الثاني: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، (والمؤمن من آمن جاره بوائقه)، (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)[6]. لِمَ جعل النبي صلى الله عليه وسلَّم مراعاة الجار مقاماً من مقامات أهل الإيمان؟، وكيف يرقى المؤمن في هذه الدرجات الثلاث؟
———————
المؤمن هو الذي يجاهد نفسه في ثلاثة أمور: في تغيير نفسه إلى ما يريده منه ربه عزَّ وجلَّ، وفي المعاملة بينه ويبن خلق الله – وأقربهم إليه جاره الذي يجاوره في مسكنه أو في عمله، وفيما بينه وبين الله. ولذلك دائماً نعمل ميزاناً لأتباع الصالحين، متى يرتقي الرجل من مقام محب إلى مقام سالك؟ إذا تغير في هذه المنازل.
يعني واحد جاءنا ومحب لنا ومكث معنا خمسين سنة ولم يتغير فيظل محباً وانتهى الأمر، فليس له في البضاعة الباطنية الإلهية المعنوية التي إئتمننا عليها الله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله عليه وسلَّم، لأن هذه البضاعة لابد فيها من تغيير الأوصاف.
أولاً: الصدق: مثلاً هو تعوَّد مثل أهل الزمن على الكذب، إذا لم ينتهِ عن الكذب ويتعود على الصدق فما له وما للصادقين؟!!، فمتى يصحبهم؟ ومتى ينتفع بمواهب الصادقين؟، وكيف يأخذ عطاءات الله عزَّ وجلَّ التي أعطاها العارفين وهو من الكاذبين؟!!، والله يقول: (لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ) (61آل عمران). لابد وأن ينتهي عن هذا الخُلُق فوراً.
ثانياً: الإنشغال بذكر وطاعة الله: يميل إلى الغفلات وهذا ما نشاهده عندما يتغير واحد ويدخل إلى طريق الله، تجده وقد تغيرت حياته كلها!!، حتى أن كل من حوله يقولون: قد تغير مائة في المائة، وكان طوال النهار يشاهد الأفلام والمسلسلات وغيرها، ولكن تجده الآن مشغولاً عن ذلك كله، ويمسك طوال النهار بالقرآن ويقرأ فيه، أو ممسكاً بالمسبحة ويذكر الله طوال النهار عليها، أو نجده يتصفح كتاب دين ومشغولاً عن هذا الكلام نهائياً. وعندما يتكلم أمامه أحدٌ بكلام أهل الدنيا تجده يثور ويفور ويقوم من المجلس، لماذا؟، لأنه تغير، ولكن لو لم يتغير من هذه الأمور فكيف يطلب العطاء من العليِّ الكبير عزَّ وجلَّ؟
يحاسب نفسه ويجاهد نفسه في أى كلمة يقولها، إلى أين؟ ومن أين؟، ولذلك تجد المريد إذا سلك ملك اللسان، فيميل إلى الصمت. أما كثير الكلام ومن يتكلم بصفة مستمرة بغير هوادة فتعرف أن هذا لم يدخل طريق القوم، ولا يزال في الخارج. هل يسمح المدرس لأحد التلاميذ في الفصل أن يتكلم كثيراً؟!!، ممكن في الفناء أو في الشارع، لكن في الفصل يتكلم كثيراً؟ لا، فلن يستفيد شيئاً.
فعلامة السالكين الصمت، لأنه يريد أن يتكلم مع أحكم الحاكمين ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ، فلا يريد أن يضيِّع وقته الثمين في الكلام مع الآخرين، ومشغول عن هذه الأمور، لأنه يعرف أن الدنيا ساعة فيجعلها طاعة، لأنه يريد أن يُكثر من البضاعة، فيخرج من هنا يوم الساعة فيجد نفسه من الوجهاء، ومن العظماء، ومن الذين أنعم الله عليهم عند الله عزَّ وجلَّ. فلابد للإنسان أن يغير من أخلاقه وسلوكياته، فلا أنظر إلى العبادات ولكن المهم هو تغيير السلوك والأخلاقيات.
ولذلك لِمَ جعل الجماعة الصالحون الأورواد والأذكار؟، لأن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، ولذلك أشغلها بالأوراد في طاعة الله، ولذلك عندما نرى بعض الأحبة السالكين في طريق الله يترك بعض الأوراد تجده قد رجعت له نفس الأعراض مرةً أُخرى، فيرجع للغفلة، ويرجع للتليفزيون، ويرجع للهو وللعب، لأنه ترك الأوراد.
فنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، لأنه لابد من شيء يشغل النفس، إما هذا أو ذاك. ولذلك جعلوا الأوراد ليشغل الإنسان نفسه بما ينفعه عند الله عزَّ وجلَّ، فتضحك عليه نفسه رويداً رويداً في ترك بعض الأوراد حتى يترك الأوراد كلها، ويقول أنا تمام هكذا، وهذا تمام في نظر نفسه – ولكنك تركت الأصل الذي به الوصول، لأنهم قالوا: ((لا ورود لمن لا ورد له)). فلا يوجد من يترك الورد ويرد على فضل الله وإكرام الله وعطاء الله عز وجل، فلابد للإنسان من أن يتغير في هذه الأمور.
إذا كان في مقام الإسلام – يعني يتعامل مع المسلمين – فيكون: (سلم المسلمون من لسانه ويده)، تقول له: إن فلاناً قال عنك كذا، يقول لك: لا، إن فلاناً لا يخرج من فمه مثل هذا الكلام، والناس تعرفه، لأنه رجلٌ موزون ولا يخرج منه إلا الكلام الموزون، لا غِيبة ولا نميمة، ولا نقل كلام، ولا فتنة، ولا وقوعٌ في فتنة، ولا سب ولا شتم، ولا إشاعات، ولا كلام زور، ولا كلام يشير إلى الفجور، فليس له شأنٌ بهذا الكلام، فما يخرج من لسانه إلا كلام يورِّث النور، وهذا دليل على أنه سالك إلى الله عزَّ وجلَّ.
بالنسبة لتعامله مع من حوله فكما قال الإمام على رضي الله عنه في شأن الصالحين: ((شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة – يخاف مما يأتي – أنفسهم عفيفة، وحاجاتهم خفيفة)) ـ لا يحتاج إلى شيء من أحد، فلا يمد يده لفلان أو علان لأن عنده عفَّة، فجيرانه سيحبونه، فلا تصدر منه كلمة لاغية ولا عبارة جافية، ولا سب ولا شتم ولا لعن، فلِمَ يكرهوه؟!!، فيحبوه، إلا إذا حسدوه فيعادوه، فيعاديه من يحسده الذي يريد أن يكون مثله ولا يستطيع، وهي أيضاً موجودة ولن تمنع الحافز.
(والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه): لأن المهاجر يتشبه بالملائكة، والملائكة: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (5التحريم)، وهو يريد أن يكون حاله ملكي روحاني، فلابد وأن يهجر المعاصي بالكلية، وأول ما يهجره معصية الغفلة عن الله، فتجده دائماً ذاكراً لله عزَّ وجلَّ. المؤمن من إذا رأيته ذكرت الله عزَّ وجلَّ – لأنه دائم لذكر الله عزَّ وجلَّ.
******************************
السؤال الثالث: لِمَ إختار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم سيدنا أبا بكرٍ الصديق رفيقاً له في الهجرة ولم يختر صحابياً آخر؟
——————-
أولاً: النبي صلى الله عليه وسلَّم ليس له إختيار في أمر، وإنما الذي يختار له هو ربُّه عزَّ وجلَّ: (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (68القصص)، (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) (68القصص). فالاختيار هنا لله، لم إختاره الله؟، لأنه أصفى قلب وأضوأ روحٍ لله من عباد الله المحيطين بحبيب الله صلى الله عليه وسلَّم، وأصدقهم له، يحبه لذاته لا لمنفعة عاجلة ولا لطلب منصب ولا لمكسب، وإنما يحبه لأن الله عزَّ وجلَّ أمر بحبه صلوات ربي وتسليماته عليه. فلم تكن له أى مآرب ولا مطامع، وجعل نفسه وماله وأولاده وكله لله، كل ما له لله، فما بقي له؟!!.
ماله: اشترى به العبيد الذين آمنوا وآذاهم أقوامهم وهم في مكة، فأبوه يقول له: يا بني اشترى رجالاً أقوياء يحمونك، فيقول له: إنما أشتريهم لله – ويعتقهم لوجه الله عزَّ وجلَّ. وأولاده: مَنْ الذي كان يجهِّز الطعام؟، ومن الذي كان يتسمَّع الأخبار؟، ومن الذي كان يحفظهم في الغدو والرواح – وهم ذاهبون لحضرة النبي؟، ومن الذي اشترى الناقتين اللتين سيركبهما هو وحضرة النبي، وأجَّر الدليل في الصحراء؟
أخذ ماله كله، ولكن بناته كنَّ فقهاء، فالمال كان ذهباً وكانوا واضعينه في طاقة في الحائط – كان أهلنا زمان يعملون طاقة شركة بيننا وبين جيراننا لنضع فيها الأشياء ولم تعد تصنع الآن – فأبو سيدنا أبي بكر لم يكن آمن بعد، فقد آمن في عام الفتح، قال للسيدة أسماء: أظن أنه فجعكم في ماله فأخذه كله؟، فقالت له: المال كما هو، وجاءت ببعض الحجارة ووضعتها في صُرة – وكان أبوه قد كُفَّ بصره – وقالت له: ضع يدك عليه، فوجد الحجارة كذهب، فقال: إن كان قد ترك لكم هذا فقد ترك لكم خيراً كثيراً، وهو لا يرى شيئاً، وقد أخذ كل ماله وهو مع سيدنا رسول الله، وكما يقول في الحديث: (ما تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله).
هل هناك من وصل لهذا اليقين؟ الرجل الآخر ترك لهم نصف ماله، فقال صلى الله عليه وسلَّم ليوضِّح المكانة: (بينكما ما بين كلمتكما). ما بينكما وبين بعضكما كما بين الكلمتين الاثنتين، لأن الأول أتي بكل ماله لأنه كان عنده يقين، قال فيه سيد الأولين والآخرين: (لو وُزن إيمان هذه الأمة بإيمان أبي بكر، لرجحت كفة أبي بكر)[7].
وصل به الإيمان إلى درجة: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (99الحجر). فكان من أهل اليقين، ولذلك لما إنتقل حضرة النبي للرفيق الأعلى والجزيرة العربية أقامت كلها ثورة، وقالوا: لن نخرج الزكاة ويكفينا الصلاة، فأصحاب سيدنا رسول الله – ومنهم سيدنا عمر – قالوا: أنقاتل قوماً يقولون: (لا إله إلا الله)؟ فقال لهم: لا، والله لأقاتلن من فرَّق بين الزكاة والصلاة، حاولوا معه فلم يفلحوا وأخرج سيفه وقال لهم: إن لم تقاتلوا معي فسأخرج لهم وأقتالهم وحدي – أنظر إلى اليقين خرج بسيفه مفرداً ليُعلن قتال المرتدين – فاضطروا للخروج خلفه.
ولذلك عندما كان سيدنا عبد الله بن عمر يتحدث مع أبيه في سيرة سيدنا أبي بكر، فقال له: ((والله يا بُني ليومٌ وليلة من أبي بكر خيرٌ من عمر وأهل عمر)). ما هذا اليوم؟ يوم الردة، فلولاه هو، لم يحارب أحدٌ كل هؤلاء القوم، فقالوا له: كيف تحاربهم وهنا زوجات النبي؟، فقال: ((والله لو تخطفت الوحوش زوجات النبي لخرجت محارباً)). إصرار وصل إلى اليقين، وتم له ما أراد، وقُضي على الفتنة في وقتها، لو لم يكن هذا الرجل ما قُضي على الفتنة ولا تم القضاء عليها.
ومثلها تماماً يوم انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى، سيدنا عمر أمسك بالسيف وقال: من قال أن محمداً قد مات قطعتُ عنقه، سيدنا عثمان إهتز ووقع مغشياً عليه، وكل واحد من أصحاب سيدنا رسول الله حدثت له حالة، فلما جاء سيدنا أبو بكر وكان ساكناً خارج المدينة، فدخل إلى حجرة الرسول وكشف عن وجهه وقال: ((طبت حياً وميتاً يا رسول الله))، ثم خرج وقال لهم: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت: {(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) (144آل عمران)}. سيدنا عمر قال: كأني أسمع هذه الآية لأول مرة.
من الذي ثبَّت قلوب هؤلاء الرجال من الزلزلة في هذا الوقت؟ سيدنا أبو بكر، إذن فضل سيدنا أبي بكر لا نستطيع عدَّه ولا حدَّه، ويكفي فيه قول الحبيب صلى الله عليه وسلَّم: (لكل رجلٍ عندنا يداً – يعني نعمة – كافأناه بها، إلا أبا بكر فإن له عندنا يداً يكافئه بها الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة)[8].
نعمه التي قدمها لرسول الله وفي سبيل الله عزَّ وجلَّ لا يستطيع أحدٌ من الأولين ولا الآخرين حصرها ولا عدَّها. يكفي أنه ذُكر مع رسول الله في آيةٍ واحدةٍ خمس مرات: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ)، مَنْ الثاني؟، أبو بكر. (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)، (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا) (40التوبة). خمس مرات يكون مع حضرة النبي في آية واحدة، ويكفي أن الله عزَّ وجلَّ قال لحبيبه: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (5الضحى). فقال للصدِّيق: (وَلَسَوْفَ يَرْضَى) (21الليل). فهي نفس الوراثة يا إخواني. والكلام في هذا الأمر واسع المجال لا نستطيع أن نغطيه في هذا الوقت البسيط.
*******************************
السؤال الرابع: لماذا اختار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم المدينة النورة داراً لهجرته، ولم لم يُقم صلى الله عليه وسلَّم المجتمع الفاضل في مكة؟
—————-
نعود مرةً أخرى فنقول: الإختيار لله وليس لرسول الله، فإنه صلى الله عليه وسلَّم عندما أُسري به من مكة إلى بيت المقدس قال له الأمين جبريل: (إنزل هنا فصلِّ، فقال: وما ها هنا؟ قال: هذه دار هجرتك). وكانت أرضاً ذات نخل، ولذلك قال النبي عندما رجع إلى أصحابه قال لهم: (أُريت دار هجرتكم)[9]. أنا رأيت الدار التي ستهاجرون إليها، إذن من الذي إختارها؟
وأنا قلت الآن: أن الله هيأها ومنعها وكان اليهود يعلمون مكانها منذ بعثة موسى وعيسى، وأرسل الله النصراء – الأنصار – قبل بعثته بثلاثمائة سنة بتمهيد من الله عز وجل. إذن فالذي اختار المكان هو الله لأمرٍ يعلم سرَّه الله عزَّ وجلَّ.
فبداية الدولة الإسلامية لتقوم تحتاج إلى تطهير الأرض أولاً من الشرك والمشركين، ثم تكون البقية الباقية ثُلة من الأتقياء المسلمين المستجيبين، فيستجيبون لتعاليم الدين ولكتاب رب العالمين، ويتأسون بسيد الأولين والآخرين فيكونون نموذجاً طيباً يحتذيه المؤمنون في كل زمان ومكان، وهذا ما حدث في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
أما مكة فقد كان أهلها أغلبهم مازال مصرًّا على كفره، ولا يتركون المؤمنين في راحة، فكيف يحققون لنفسهم المجتمع الإيماني؟ فلا يستطيعون أن يأمنوا على أنفسهم حتى في طاعة الله، فلابد من مكان جديد ليس فيه موطئاً للشرك، وكلهم كانوا أتقياء مؤمنين، وهذا ما حدث في المدينة المنورة، ولذلك نزلت التشريعات في المدينة ليظهر جمال الدين في المعاملات، وفي الأخلاق، وفي العبادات، على أصحاب النبي الأمين صلى الله عليه وسلَّم.
**********************************
السؤال الخامس: ما معني قوله تعالى: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ الله يَجِدْ فِي الارْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله) (100النساء)؟
———————
أمر الله عزَّ وجلَّ المؤمنين أمراً بيناً واضحاً، أن لا يستسلم المؤمن في مكان فيه تضييقٌ عليه في طاعة الله وفي العمل في شرع الله، فإذ ضُيِّق عليه في أى وضع فعليه بالهجرة، وسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً، فلا يرضى بالضين، ولا يرضى بالذل، ولا يرضى بالعيش الوخيم، وإنما ينوي الهجرة في سبيل الله، فإذا هاجر فسيعطيه الله عزَّ وجلَّ من عنده فرجاً قريباً.
وهذا في أى أمرٍ حتى في أمور الرزق، فإذا ضاقت على الإنسان الأرزاق في مكان يهاجر من هذا المكان: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) (15االملك). فيمشي فيجد في مكانٍ آخر باباً واسعاً من الرزق، فلا يستسلم لأن استسلامه يؤدي به إلى القنوط واليأس من رحمة الله، أو يؤدي به إلى معصية الله بطرقٍ غير شرعية حرَّمها عليه الله، فالأولَى له أن يخرج مهاجراً وسيجعل الله له من مكانه فتحاً ومخرجاً إن شاء الله. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
**********************
السؤال السادس: لماذا نجد كثيراً من المتشددين ينهون المسلمين عن الإحتفال بالعام الهجري الجديد؟ أو الإحتفال بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلَّم؟
————
أولاً ليس لنا شأنٌ بالمتشددين، المتشددون لهم منهجٌ خاصٌ بهم في دين الله، ونحن لنا منهجٌ هو منهج الأئمة أهل الوسطية الذين استنبطوه من كتاب الله ومن سنة رسول الله. فالإنسان لا يشغل باله بقول هؤلاء.
ولذلك أجد دائماً كثيراً من أحبابنا يقول لي: أن الشيخ فلان يفتي بكذا، فأقول له: ليس لنا شأنٌ به، ففتواه لمن يتبعه، ففتوانا من أهل المذاهب الأربعة الذين شهرهم الله في البلاد، وعلمهم من لدنه، وكانوا علماء وأولياء وهم أهل الوسطية، فليس لنا شأنٌ بالمناهج الأخرى. لأننا لو شغلنا أنفسنا بالمتشددين فسندخل معهم – لماذا يحتفل الشيعة بعاشوراء بهذه الكيفية؟ وما حكمهم؟ وندخل في هذه المخالفات.
نحن اخترنا المنهج الوسطي، فليس لنا شأنٌ بالمخالفين لهذا المنهج الوسطي، فلا نسألهم عن فتواهم، ولا نناقشهم فيما يفتون أو يقولون، لأنهم يجتهدون بمنهج خاص، وفق هدفٍ خاصٍ في صدورهم. وأصحاب المناهج الأربعة لا يهدفون من وراء مناهجهم ولا مذاهبهم إلا وجه الله وإصابة الهدف في شرع الله.
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الدِّيم
فكونهم يحتفلون أو لا يحتفلون شأنٌ لا يعنينا، فنحن نحتفل بأيام الله، لقول الله لحبيبه ومصطفاه – على ما ذكره في القرآن لسيدنا موسى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (5الرعد). وأيام الله التي نحن فيها نصرٌ لله، فإذا كان النبي لما هاجر إلى المدينة ووجدهم يصومون يوم عاشوراء، فسألهم: لِمَ تصومون هذا اليوم؟، قالوا: هذا يومٌ نجَّى الله موسى وقومه من فرعون وقومه، فنصومه شكراً لله، فقال: (نحن أولى بموسى منكم)[10] ـ أفلا نحتفل باليوم الذي نجَّى الله فيه حبيبه ومصطفاه من الكافرين؟!!. فإذا كان قد صام اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه شكراً لله، أفلا نحتفل باليوم الذي هاجر فيه من مكة إلى المدينة؟!!، بنصر الله الذي قال فيه الله: (فَقَدْ نَصَرَهُ الله) (40التوبة).
إذن فنحتفل هنا بنصر الله لحبيبه ومصطفاه، ونأخذ منها الدروس والعبر، بعضها أشرنا إليها، وبعضها لم نشر إليها، لا تعد ولا تحد، وماذا فيها أن نأحذ الدروس والعبر ونعلمها لأنفسنا ولأولادنا ولبناتنا. الدرس الذي أخذناه اليوم؛ من أين؟ أليس من السيرة النبوية والهجرة؟ وكذلك درس الأمانة من الهجرة، وهكذا فيها دروس لا تُعد ولا تُحد.
فنحن نحتفل بهذا اليوم لأن الله نصر حبيبه ومصطفاه وذكر ذلك في كتاب الله، أفلا يحق لنا أن نفرح بنصر الله وقد قال الله: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللهِ) (4، 5الروم). أفلا نفرح بنصر الله لحبيبه ومصطفاه؟!! ونأخذ العظة والعبرة في هذه الحياة أجمعين إن شاء الله. أما الآخرون فلا نستمع إليهم حتى لا نشوِّش أفكارنا، ونجعل أنفسنا على الفطرة النقية السليمة إن شاء الله.
************************
السؤال السابع: ما الدرس الذي يستفيده الشباب في هذا الزمان من الهجرة؟
——————
أن الإنسان إذا كان له مبدأ وأصَّر عليه، وهذا المبدأ يوافق عليه شرع الله ويتأسى فيه بحبيب الله ومصطفاه، فإن الله عزَّ وجلَّ لابد وأن يؤيده وينصره ويحقق له أمله كما فعل مع حبيبه ومصطفاه، فلا ييأس، ولا يحاول أن يصيبه وهنٌ أو ضعفٌ أو فتور ما دام يؤمن بهذا المبدأ، فعليه أن يستأسد في سبيل الدفاع عنه.
فإن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان بمفرده، وأراد أهل مكة أن يثنوه عن دعوته، وعرضوا عليه العروض، وأرسلوا إليه: إن كنت تريد بما أتيت به ملكاً ملَّكناك علينا، وإن كنت تريد بما جئت به مالاً جمعنا لك أموالاً حتى تكون أغنانا، وإن كان الذي بك رئيًّا من الجن – مسَّاً من الجن – أحضرنا لك الكهان والأطباء حتى يعالجوك. ولكنه صلى الله عليه وسلَّم أعرض عن ذلك وأصرَّ على دعوته وعلى مبدأه في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
فأرسلوا إليه عمُّه فقال: يا ابن أخي، لا تحملني فوق طاقتي – أنا لم يعد معي أحد يدافع عنك، فكلهم تخلوا عني حتى أعمامك كلهم تخلوا عني، فقال يا عماه: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره الله أو أهلك دونه)[11]. ما المبدأ هنا؟ يعد كل شاب، فما دُمت آمنت بالمبدأ الإلهي يوافق الشرع الإلهي ويتأسى بحضرة النبي، فإياك أن تتراجع، فإن الله عزَّ وجلَّ لو رأى صدقك لابد وأن يؤيدك ويساندك ويُعززك ويُحقق لك كل ما ترجوه من الله عزَّ وجلَّ.
ونحن والحمد لله أملنا في هذه الحياة أن نصل إلى درجة المعرفة بالله عزَّ وجلَّ، فلا تجعل أملك في الفاني، فإن كان أملُك في عمارة فسيأتيها زلزال فيفنيها، ولو كان أملُك في مال فالمال يأتي اليوم ويذهب في اليوم الثاني، وفي ماذا يكون أملك؟
يكون أملك في شيء باقٍ، وأحسن أملٍ يأمله الإنسان في هذه الحياة أن يعرف الله حقَّ معرفته، وأن يدخل في قول الله: (شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (18آل عمران). أن يكون من جملة هؤلاء: (قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (18آل عمران). قيل للإمام عليٍّ رضي الله عنه: أكنت تتمنى أن تموت صغيراً؟، قال: ((لا، لأني كبرتُ وعرفت ربي، وما كنت أوَّد أن أموت قبل أن أعرف ربي عزَّ وجلَّ)).
ما أغلى أمل؟!!، هو أن يعرف الإنسان الله المعرفة اليقينية: (كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (5التكاثر)، أو عين اليقين، أو حق اليقين، فيعرف الله عزَّ وجلَّ المعرفة اليقينية الشهودية، فيشهد قول الله عزَّ وجلَّ: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (21الذاريات)، وفي قراءة: (وفي أنفسكم أفلا تبصرونه)، (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (53فصلت). نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يبلغنا هذا الأمل أجمعين.
***********************
السؤال الثامن: ما دور الشباب في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟ وكيف وظَّف إمكانياتهم في مساعدته في الهجرة؟
—————–
البنات كانت تصنع الطعام، والولد كان يتسمَّع للأحاديث في آخر اليوم يحكيها للنبي، وراعي الغنم يمشي ذهاباً وإياباً ليُغطي وقع أقدامهما حتى لا يتعرف على آثار الأقدام الكافرين، والإمام عليٌّ نام في فراش النبي ليُعطي الأمانات لأهلها بعد هجرة النبي، ونساء الأنصار وبنات الأنصار كُنَّ في استقبال حضرة النبي بالأناشيد العظيمة والكريمة. كل هذا دور الشباب، وليس هؤلاء الشباب فقط، ولكن هؤلاء كانوا شباباً ولهم دورٌ عظيم في هجرة الرؤف الرحيم صلى الله عليه وسلَّم.
******************************
السؤال التاسع: أين كانت الراحلتان عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلَّم؟
————–
سيدنا أبو بكر اشترى راحلتين وأخذ يعلفهما، وكانت الخطة أن الدليل عبد الله بن أُريقط يأخذ الجملين ويذهب بهما إلى الغار، وسيدنا رسول الله ومعه سيدنا أبو بكر الصديق ذهبا إلى الغار ماشين على الأقدام.
ولذلك عندما صعد النبي صلى الله عليه وسلَّم الجبل – وكان مرفَّهاً – والجبل كانت حجارته مدببة فجرَّحت قدميه، فسيدنا أبو بكر حمله على أكتافه إلى باب الغار، فجاءهم عبد الله بن أُريقط إلى الغار بعد ثلاثة أيام ومعه هذين الجملان، وكان الجملان عند سيدنا أبو بكر وكان قد دفع ثمنهما، فقال له سيدنا رسول الله: سأدفع ثمن واحدٍ منهما، فقال له سيدنا أبو بكر: أنا متطوع بهما، قال له: لن أركب حتى أدفع ثمن الواحد، وأصَّر أن لا يركب حتى يدفع ثمن أحدهما. وهذا هو الأدب النبوي، فعلمنا رسول الله بأنه ندفع ثمن ما كان لله حتى لا نُحرم من الأجر.
وذهب براحلته إلى المدينة وهي ناقة رسول الله وكان اسمها القصواء، وقال بعض الصالحين – وهذا الكلام خاصٌّ بنا – قال: إن شأنها شأن البراق، فهي دابةٌ ملكوتية وليست من عالم الأرض، ولكن على هيئة جمل، ولذلك فهي تعرف الطريق، وتعرف أن هذا بيت يهودي وهذا بيت مسلم، وتعرف المكان الذي تنزل فيه.
بعد ذلك إذا أراد رسول الله أن يصلي في مكان يأمرها أن تقف أمامه كساترٍ أثناء الصلاة، فتقف ولا تتحرك حتى يصلي. حج عليها بيت الله الحرام، وطاف بالكعبة وهو فوقها، وسعى بين الصفا والمروة، فحبست بولها وغائطها ولم تخرجهما حتى خرجت من المسجد الحرام. وفي غزوة الحديبية وقفت، فقالوا: خلأت القصواء – يعني: عصت الأمر، فقال لهم: ما خلأت، وما كان لها هذا بخُلُق، وإنما أوقفها الذي أوقف الفيل – أى: الذي أوقفها هنا هو الذي أوقف الفيل ومنعه من دخول مكة وهذا شيء غير عادي. ورُوي أيضاً عندما مات الرسول صلى الله عليه وسلَّم خرجت تجري ولم يعرفوا مكانها – هل كانت تعرف أنه مات؟!!. وهذا ما جعل بعض العارفين يقولون: أنها دابة ملكوتية كالبراق، فهي دابة ولكن معها بصيرة، وليست بصيرة عادية، ولكنها كانت بصيرة منيرة، ومعها أيضاً تعليمات إلهية.
**********************
السؤال العاشر: لماذا يتم غلق ضريح سيدنا الحسين يوم عاشوراء؟
——————
نحن نحتفل بيوم عاشوراء كما احتفل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، إما بالصيام أو بالدعاء – كما فعل رسول الله. ولكن لا نحتفل بعاشوراء كما يصنع اليهود، ولا كما يصنع الشيعة، فالشيعة يوم عاشوراء يريدون أن يُكفِّروا عن ذنب أنهم أرسلوا لسيدنا الحسين ثم تخلوا عنه، فماذا يصنعون؟، كل واحد منهم يُذبِّح نفسه، فيكشف الواحد منهم ظهره ويضرب بعضهم بعضاً بالجنازير – سلاسل الحديد – حتى ينزل الدم من ظهورهم وأجسامهم، وهذا حُكم الله عليهم!!، فقد قذفوا السيدة عائشة، وعندنا حكم القاذف في الإسلام الجلد، فلابد أن يجلدوا أنفسهم كل سنة مرةً لأنهم قذفوا السيدة عائشة، وهذا حُكم ربنا. وكذلك يأتون بطفل صغير ويشققِّوا رأسه بموسى حتى ينزل الدم من رأسه، لماذا هذا؟!!، وهل هذا إحتفال يوافق عليه الإسلام؟!!.
فنحن نحتفل بيوم عاشوراء ولكن الإحتفال الوارد عن رسول الله، إما بالصيام أو الدعاء، أو بالصيام والدعاء معاً. ولكن إحتفال الشيعة ورد عن مَنْ؟، هل ورد عن رسول الله؟، حاشا، أو هل ورد حتى عن أئمة أهل البيت؟، أبداً، ولكنها أفكار شيطانية دفعهتا الأهواء الإبليسية إلى عقولهم وينفذوها. فهل نعينهم على ذلك؟ وهل يجوز أن نقيم مثل هذه الأشياء عندنا في ضريح الحسين؟، فنحن نمنع المنكر بغلق هذا المكان لأن فعلهم هذا ينافي العقيدة والشريعة الإسلامية.
وهذا ما يتكلم فيه بعض الناس في هذه الأيام، لأنني أعلم أن الشيعة انتشرت بعض الشيء عندنا في مصر في هذه الأيام. هنا في الزقازيق أمسكوا بخلية شيعية وكلها بنات، وكذلك في طنطا أمسكوا أيضاً بخلية بنات، لأنهم يحصلون على أموال وتتزوجن زواج المتعة، فلا البنت تريد الإرتباط ولا الشاب يريد الإرتباط، ويتزوج كل منهما الآخر لمدة شهر أو شهرين وانتهى الأمر. وبالنسبة للصلاة فيسهلون لهنَّ الصلاة فيقولون لهن: لم تصلين خمس مرات، يكفي صلاة الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء فتكون الصلاة ثلاث مرات وليست خمسة، فالصبح يكون وحده والظهر يكون مع العصر، والمغرب تكون مع العشاء. فننتبة لهذه الأمور ونُحسن الردود إن شاء الله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
*************************
[1] روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ).
[2] ابن اسحاق عن محمد بن كعب القرظي (الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني).
[3] الطبراني والبيهقي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
[4] قال الإمام ابن كثير: ((يخبر الله أن علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما يعرف أحدهم ولده، والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا كما جاء في الحديث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لرجل معه صبي صغير «ابنك هذا» ؟ قال: نعم يا رسول الله أشهد به، قال: «أما إنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه». ويروى عن عمر أنه قال: «لعبد الله بن سلام» أتعرف محمداً صلّى الله عليه وسلّم كما تعرف ولدك؟. قال: نعم وأكثر، نزل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته، وإنى لا أدرى ما كان من أم ولدي، فقبل عمر رضي الله عنه رأسه)).
[5] الطبقات الكبرى لابن سعد ودلائل النبوة البيهقي: عن شُرَحْبِيلَ بْنَ سَعْدٍ: {لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ قُبَاءَ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو سَالِمٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَخَذُوا بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ هَلُمَّ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَالسِّلاحِ وَالْمَنَعَةِ، فَقَال: (خَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ) ، ثُمَّ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو الْحَارِثِ بْنُ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ اعْتَرَضَتْ لَهُ بَنُو عَدِيٍّ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى بَرَكَتْ حَيْثُ أَمَرَهَا اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الأَوَّلِ، قَالَ : ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ وَأَخَذَ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ حَتَّى جَاءَ بَلْحُبْلَى، ثُمَّ مَضَى حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ فَبَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُكَلِّمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّزُولِ عَلَيْهِمْ، وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ فَحَطَّ رَحْلَهُ فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ).
[6] روى أحمد عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تَدْرُونَ مَنْ الْمُسْلِمُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ. قَالَ: تَدْرُونَ مَنْ الْمُؤْمِنُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ فَاجْتَنَبَهُ). وروى أحمد وابن حبان والحاكم عَنْ أَنَسٍ بن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ).
[7] أَخْرَجَهُ ابنُ عَدِيٍّ وابنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: (لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ لَرَجَحَ) .ورواه البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً، ولفظه عن عمر: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم)، وأخرجه كذلك الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وإسحاق بن راهويه في مسنده، والإمام أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة.
[8] رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (ما لأحد عندنا يد إلا كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة).
[9] رواه البخاري عن عائشة بلفظ: (إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ).
[10] روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون ونحن نصومه تعظيما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بموسى منكم، وأمر بصيامه).
[11] السيرة لابن هشام: (أن قريشا حين قالوا لأبي طالب: يا أبا طالب إن لك سنا و شرفا و منزلة فينا ، و غنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، و إنا و الله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، و تسفيه أحلامنا ، و عيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله و إياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين ، او كما قالوا له، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق؛ قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته)، قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي، قال: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا)، وانظر كذلك الروض الأنف.
********************