Sermon Details

……………………………………………………………………….
تمام الإستعداد
رب طهر قلوبنا واجذبنا |
جذبة العارفين أهل السماح |
وهذا هو تمام الإستعداد لمن أراد الإستمداد من رب العباد، هل الإستمداد يكون بالأجساد أم بالقلوب؟ بالقلوب، إذاً يكون عملنا حتى نتنعم بكتاب رب البرية أن نغسل القلوب من الذنوب ونطهرها.
وأول ذنب في القلوب هو ذنب الغفلة عن الله، إذا غفل القلب عن مولاه طرفة عين أو أقل فهذا أكبر ذنب يندم عليه يوم لقاء الله جل في علاه، فغفلة المؤمنين أكبر ذنب:
إذا القلوب سهت عن ذكر خالقها |
فهي الصخور التي ركبت أبدانا |
إذا الوجوه خلت من نور سجدتها |
لم تستحق غداة الموت أكفانا |
إذا خلا المرء عن فهم ومعرفة |
ظلمت نفسك لو تدعوه إنسانا |
فأكبر ذنب هو الغفلة عن هذا الإله الذي يوالينا في كل أنفاسنا بعطاياه التي لا نستطيع أن نعدها ولو في نفَس واحد، فكيف نسهو عنه ولا نذكره U؟!!
ومن ذنوب القلوب عدم إخلاص التوحيد لحضرة الحميد المجيد (عزوجل)، بأن يعتقد الإنسان أن أخيه الإنسان الضعيف له شأن، يفعل ويوظف ويرزق ويشفي، وينسى أن الفعال لما يريد بجميع العبيد هو وحده الحميد المجيد U، فمن يشهد الغير فعال وله فعل من ذاته، وليس تأثير الفعل من ربه فهو مشرك في عقيدته في حق ربه (عزوجل):
من يشهد الغير فعال فمنقطع |
لأنه مشرك قد مال للسفل |
لا يشفي الطبيب إلا بإذن من الله، ولا ينفع الدواء إلا إذا أذن له الله، ولا يُشبع الطعام إلا إذا نزل عليه سر المقيت، والمقيت هو الله، ولا يعمل أى إنسان أو كائن في الكون حركة ظاهرة أو باطنة إلا إذا حركه المتحرك، والمتحرك والمحرك هو الله جل في علاه، إذاً لا بد أن تنزه إلهك عن السوى، فإذا ضعفت أمام بشر، وظننت أنه له فعل من عنده، وله تأثير من ذاته، وأن له اختصاص بدون إذن من ربه، فهذا ذنب عظيم ينبغي أن تطهر قلبك منه.
ومن ذنوب القلوب اليأس من علام الغيوب:
( يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ) (87يوسف)
إذا نزل بالإنسان ضائقة، أو أصابته ملمة، أو أحدق به خطر وتغير قلبه نحو مولاه، وظن أن مولاه تخلى عنه بعنايته ولطفه وقدرته، ويأس من رحمة الله، فهذا ذنب كبير يجب أن يتوب منه إلى الله جل في علاه.
إذا أعجب الإنسان بنفسه، ورأى أن له شأناً، وأن له صولجان وله هيلمان، ويستطيع أن يفعل، ويستطيع أن يقول، ويستطيع أن يأمر، ويستطيع أن ينهي من نفسه، بغير معونة وتوفيق من ربه، فقد ذل وضل، وينبغى أن يتوب من هذا الفعل، مع أنه ذنب قلبي وليس ذنب من الجوارح أو الأجسام.
يتوب الإنسان من ذنوب القلب، ويغسله من الغفلات والضلالات والزلات، ويملؤه بالأنوار الكاشفات، بالإقبال على ذكر الله في جميع الأوقات والآنات، يذكر الله في كل أحيانه، فلا يقوم إلا على ذكر، ولا يجلس إلا على ذكر، ولا ينام إلا على ذكر، ولا يمشي إلا على ذكر:
إذا صفا القلب من وهم وشبهات |
يشاهد الغيب مسروداً بآيات |