المذيع: اليوم نأخذ سورة من سور القرآن العظيم وسيرة سيدنا لقمان، جعل الله له سورة كاملة، ووصايا لقمان لابنه وهو يعظه مع ضيفنا اليوم فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد. نبدأ مع ضيفنا الكريم: فضيلة الشيخ، مَنْ لُقْمَان؟
فضيلة الشيخ: لقمان الحكيم عبدٌ صالحٌ من عباد الله عزَّ وجلَّ، ألهمه الله عزَّ وجلَّ الحكمة، قيل: أنه من بلاد النوبة أصلاً، يعني من مصر، يعني نوبي مصري، وكان في بني إسرائيل قبل داود وسليمان عليهما السلام، ولحق بداود، وكان بعد موسى.
وبعد أن ذهب بنو إسرائيل إلى فلسطين، كان لقمان مع بني إسرائيل الذين كانوا في فلسطين، وكان قبل داود هو مفتي وقاضي لقومه، وعندما بُعث داود وآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب – امتنع عن الإفتاء، فقيل له: لم لا تُفتي؟ – كان دليلاً على حكمته أنه أجاب فقال: (قد كُفيت)، يعني: كفاني الله هذه المأونة بداود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام. وكان هذا الرجل مشهوراً بالحكمة، وسُئل في ذلك: ما الذي جعل الله عزَّ وجلَّ يُعطيك الحكمة؟ قال: (الصدق، والصمت، وأداء الأمانة).
ثلاثٌ عظيمات؛ من اتصف بهنَّ آتاه الله الحكمة: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (269البقرة).
المذيع: الصَّمت يعني أن يكون الإنسان في موقف ويستطيع أن يحصل على حقه فيصمت نهائياً؟
فضيلة الشيخ: فُسِّر هذا بإجابة أُخرى؛ فقال: (لا أتكلم فيما لا يعنيني)[1]، فالصمت هنا أنه لا يتكلم إلا إذا كان الكلام له وقعٌ، فإذا لم يجد لكلامه وقعاً فلا يتحدَّث، لا يتدخل في شئون الآخرين، ولا يُدخل نفسه في أمرٍ لا يعنيه، وإنما يتدخل في الأمر الذي يعنيه فقط، وهذا يقول فيه صلًّى الله عليه وسلَّم: (من حُسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه)[2].
وهذا خُلقٌ طيِّبٌ يحتاج مجتمعنا إلى الرجوع إليه مرةً أُخرى حتى لا يتدخل الناس في شئون الآخرين، فيكون كلُّ إنسانٍ مشغولاً بشأنه فلا يتدخل في شأن غيره.
المذيع: الوصايا التي أجراها الله على لسان سيدنا لقمان في القرآن الكريم في أول وصية:(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13لقمان)، تفضَّل سيدنا الشيخ.
فضيلة الشيخ: وصايا لقمان تُعدُّ برنامجاً إلهياً قرآنياً لتربية الشباب، وهذه التربية المُكلَّف بها في البداية الأب والأُم، يعني البرنامج المكلَّف به الأب والأُم نحو أبنائهما. نجد كثيراً من الناس في عصرنا يظن أن الأب والأُم مكلفان بإعداد الشاب من الناحية المالية؛ من ناحية الملابس، ومن ناحية الدروس، ومن ناحية العلاج، ونسوا أن الأصل الذي هم مكلفان به هو إعداده تربوياً واجتماعياً.
هذه الوصايا اشتملت على منهجٍ كامل، وهو إعداد الشاب أولاً: من ناحية العقيدة، وهذا أول بند من البنود. ثم إعداده ثانياً: على احترام الوالدين. ثم إعداده ثالثاً: لمراقبة الله عزَّ وجلَّ في كل حركاته وسكناته. ثم ربط العلاقة بينه وبين مولاه. ثم القيم والأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها في نفسه ومع من حوله من عباد الله. منهجٌ كاملٌ يقوم به الأبوان نحو ابنهما.
البند الأول: يا بنيَّ لا تشرك بالله، وهو غرس العقيدة الصحيحة في توحيد الله عزَّ وجلَّ، وإفراده بالألوهية، والإعتراف له عزَّ وجلَّ بالربوبية، وهذا يُعتبر بمثابة التحصين للشاب من التيارات الإلحادية والمذاهب الطبيعية التي تحاول أن تجتذب شبابنا الآن في زماننا هذا عن رياض التوحيد، وعن الأديان التي تُوحِّد الديان عزَّ وجلَّ.
(يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ): واستخدم لقمان مع ابنه منهجاً يجب علينا أن نمشي على ضوءِه:
أولاً: خاطبه برفقٍ ولين فقال: (يَا بُنَيَّ)، وهذا يستدِّر عاطفة الولد، خطاب محبوبٍ لمحبوبه، وخطاب مُحبٍّ لولده. (يَا بُنَيَّ) بلُغة التصغير، وهذا يدل على شدة المحبة.
ثانياً: طلب منه أن لا يُشرك، وبيَّن له لِمَ طلب منه ذلك، لأن الأولاد يريدون أن يفهموا السرَّ في المنع، أو السرَّ في الأمر، لِمَ ينهى؟ فقال: (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ)، ثم علَّل ذلك فقال: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، والظُلم لا أحدٌ يرضاه من خلق الله قطّ، فبيَّن له ما طلبه منه وبيَّن له السرَّ ليمنعه عن ذلك.
فهذا البرنامج الأول وهو تربية الشباب على توحيد الله عز وجل.
المذيع: هذا أمر التربية، فما قصة: (وَوَصَّيْنَا الانْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)؟ [قصة التربية وهذا المنهج الذي ذكره سيدنا لقمان في وصاياه لابنه، قد سجلنا تقريراً في الخارج مع الناس نستأذن فضيلتك أن نعرضه ونعود مرةً ثانية لنُعلق عليه] – لِمَ ربط الله وصايا الوالدين بعد النهي عن الشرك بالله عزَّ وجلَّ؟
فضيلة الشيخ: هذا منهج تربوي إلهيٌّ عالي، لأن الوالدين أول مدرس يُدرِّس للولد، فأراد الله عزَّ وجلَّ أن يُبيِّن لنا ولكل وزارات التربية، ولكل المربين أنه لابد:
أولاً: أن نختار المُربي القدير الذي نزكيه، ولابد أن نزكي هذا المربي للطفل حتى يثق فيه ويأخذ المعلومات منه براحة نفسٍ، وهذه واحدة.
ثانياً: علَّمه الله عزَّ وجلَّ الأدب مع المُربي، ولما كان الوالدان أول المؤدبين للأولاد، فعلَّم الأولاد الأدب الواجب نحو الوالدين، ويختصرها الله عزَّ وجلَّ في برِّ الوالدين. والبرُّ هو الطاعة، والطاعة حتى لا نأخذها على عِلَّاتها احتاط الله عزَّ وجلَّ في الآية احتياطاً جميلاً، كأنه يقول لنا – كما قاله النبيُّ لنا: (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق)[3] – (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) (15لقمان).
نختصرها في قولٍ بسيط: ((الطاعة في المعروف))، يعني نطيعهما في الذي تعارف عليه الناس والذي أتى به الدين، ولكن لا نطيعهما فيما يخالف أمر الله، ولا ما يخالف دين الله، ولا ما يخالف العُرف الذين دار بين الناس.
المذيع: يحدث الآن بين الأجيال نوعٌ من الصراع بين الأب والأُم وبين الأولاد سواء أولاد أو بنات، فنحن جيل المعلومات وجيل الإنترنت، فهذا نوع من الصراعالحقيقي ما بين الأولاد وأُمهم وأبيهم، فتُحدث مشاكل كثيرة في البيوت، فما تراه في ذلك فضيلتكم؟
فضيلة الشيخ: الموضوع من البداية أن الأب والأُم سمحوا بوجود ثنائية بينهما وبين الابن أو الابنة، يعني هما طرف وجعلوا الولد أو البنت طرفاً آخر. لكن المفروض في التربية أن الولد مكملٌ لأبيه، والبنت مكملة لأُمها، فكما نرى لا يوجد أحدٌ في الوجود يتمنَّى لأحدٍ أن يكون أفضل منه إلا الأب والأم، فالأب يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه في كل الأمور، ويفرح بذلك، وكذلك الأُم.
فمن البداية نأخذهم بالرفق واللين، ولا نحملهم – وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون على التربية التي تربينها عليها مع آبائنا وأُمهاتنا، لأنها ربما تكون غير صواب. سيدنا الإمام علي رضي الله عنه كان يقول: ((لا تحملوا أولادكم على أخلاقكم، فإن لهم زمانٌ غير زمانكم)). يعني لابد أن نراعي تطور العصر معهما، وعلى سبيل المثال:
كانت ألوان الحياة في الأجيال السابقة فقيرة، وسلوكيات الآباء والأُمهات الموروثة أكثرها عن جهلٍ وليست عن علم، فوُجد في هذا العصر كثرة الخيرات، وأصبح العلم هو أساس كل ألوان الحياة، فأَبني تعاملي مع أبنائي وبناتي على السلوك العلمي – من القرآن، ومن علم النفس الحديث، ومن علم الذوق الذي أُستجدَّ وينافس هذا العصر – فنعاملهم بما يلائم هذا العصر لا بما كنا نتعامل به في عصورنا.
المذيع: فضيلة الشيخ، رغم ذلك نرى آباءنا أنشأونا جيدين، وأخرجوا أجيالاً جيدة، فالآن الأولاد في حالة من الإنفصام بين الأُسرة والأولاد، لأن الأب مشغولٌ طوال يومه، والأُم كذلك في العمل والأولاد في فضاءٍ إلكتروني.
فضيلة الشيخ: ينبغي من البداية أن يكون للأب وللأم وقتٌ – قليل أو كثير – للجلوس مع أولادهم للنصيحة وللوعظ وللتوجيه: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ) (13لقمان)، فهذا يدل على أن لابد للأب وللأُم من وقتٍ يجلس فيه مع ابنه منذ الصِغر ليتعود على ذلك، فيردُّه برفق، وينصحه بلين، ويذكر له أسباب التوجيه لكي يقتنع، فلا يعمل عملاً وهو كاره أو وهو مضطرٌ إليه.
إذا تربَّى من البداية على هذا المسلك الطيب، فإذا كبُر نعمل بقول الإمام عليٍّ: ((لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً))؛ أُصاحب ابني، والأُم تصاحب ابنتها، وإذا كانت هناك صداقة بين الأب وابنه، وبين الأُم وابنتها فإن الحياة تكون على ما يُرام بينهما، لكن إذا انشغل الأب في دروب الحياة ولم يجالس أولاده، فإنهم يفتقدون هذا الشئ لأنهم لا يجلسون معه ولا ويستمعون إليه، ولا يشكون إليه أحوالهم، ولا يستمعون نصحه، فلابد من توافر هذا الوقت مهما كانت الظروف.
المذيع: بعض الآباء والأمهات يشكون أولادهم في أنهم يتكلمون معهم بلغةٍ غير مقبولة، فيلوموا الأولاد، والأولاد يلومون الآباء والأُمهات، فأين الحقيقة؟
فضيلة الشيخ: الحقيقة كما قلتُ من البداية، لو رافقنا الأولاد وعلمناهم الذوق الصحيح في المعاملة، فإن الأدب في المعاملة لا يُلقنه للأولاد إلا الأبوين، لا المجتمع ولا المدرسة بمفردهما، الأبوان هما اللذان يُلقنان الأولاد من البداية الذوق السليم والأدب الجمَّ.
وانظر معي إلى أولاد الإمام عليٍّ والسيدة فاطمة بنت النبيِّ؛ الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين، عندما وجدا رجلاً لا يُحسن الوضوء ماذا صنعا ليقُومَا بتوجيهه؟!! اصتنعا خلافاً؛ يقول أحدهما للآخر: أنا أتوضأ أحسن منك، والثاني يقول: أنا أتوضأ أفضل منك، فاحتكما إلى الرجل ليحكم بينهما، انظر إلينا وانظر إلى من منا يُحسن الوضوء، فتوضأ الأول .. وتوضأ الثاني، فأدرك الرجل بفطنته أن كليهما يتوضأ وضوءاً صحيحاً، فقال لهما: أنا الذي أخطأتُ في الوضوء.
من الذي علَّمهما هذا المسلك الطيِّب؟ المنزل الذي تربيا فيه.
فلو أن الطفل من البداية تعلم في المنزل: من فضلك، لو سمحت، بعد إذنك، وعدم رفع الصوت في الحديث، وإستخدام الأدب الجم في الكلام، مثل: (يا عمي)، (يا بابا) .. فيمشي على هذا المنهاج في داخل المجتع على الدوام. إذن الأبوان هما المدرسة الأولى في تعليم الولد الأدب في الحديث، والذوق التام في التعامل مع جميع الأنام.
إذا لم يكن لديهما وقتٌ رسب الطالب – وهو الولد، والطالبة – وهي البنت – في هذه المادة، من الذي يعلِّمهم الأدب السليم والذوق الرفيع؟ لا أحد، لا يوجد مدرس ولا تدريس ولا تطبيق عملي.
المذيع: بعض الآباء والأمهات يشتكون أن الأولاد لا يتلقون منهم، ولكن عندهم المدرس والمدرسة أكثر قبولاً في ترويج الفكرة، والبعض يقول: أنا غارق في شغلي لجلب المال، وهي كذلك، ويتركون الأولاد إما مع حاضنة أو مع دادة أو وحدهم بمفردهم – وهذا حال الأسر المصرية.
فضيلة الشيخ: لابد أن نعاود هذا الفكر، فنحن نتعب من أجل الأولاد، والأهم لدى الأولاد وفي مصلحة الأولاد أن يكون هناك وقتٌ عندنا للجلوس مع الأولاد، فنُضحِّي بالقليل من الوقت في سبيل الرعاية.
الأولاد في حاجة إلى الحنان والعطف والمحبة والمودة والشفقة، من الذي سيُعطي الأولاد هذه الصفات غير الأبوين بالجلوس معهم؟ فهم في حاجة لهذه الأوصاف.
المذيع: بعد أن تكلَّم ربُّنا في وصية لقمان بالوالدين، ففي الآية: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهِ) (16لقمان). المشهد انتقل بنا من الشرك بالله: (إن الشرك لظلمٌ عظيم)، ثم إلى التوصية بالوالدين إلى آية من آيات الله؛ هنا موقفٌ تربوي أيضاً يعلمنا أن الوالدين ينبغي أن يكونا جاهزين للرد على إستفسارات الأولاد؟
فضيلة الشيخ: إن سبب نزول هذه الآية أن ابن لقمان سأله: هل لو نزلت حبة خردل في قاع المحيط فهل يراها الله عزَّ وجلَّ؟ فأجابه الأب: (إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ) – وليست حبة كاملة، ولكن بعض حبة –(مِنْ خردل فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهِ).
وهذا مقام ينبغي أن نعلمه لأولادنا في المنزل وهو مراقبة الله عز وجل، المراقبة هي أن يلاحظ الإنسان أن الله يطَّلع عليه ويراه في كل حركاته وسكناته، ولن يصلح حال المجتمع إلا بالوصول إلى هذا المقام.
وقد كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلَّمورضوان الله تبارك وتعالى عليهم، هم الرعيل الأول في تعليم أولادهم، وأول ما يعلموهم هو مقام المراقبة.
ولذلك كان عمر بن الخطاب يمرُّ ليلاً ليتفقَّد أحوال الرعية، فسمع حوار بنتٍ مع أُمِّها؛ تقول لها أُمُّها: يا بُنية، ضعي قليلاً من الماء على اللبن ليزيد حجمه، فقالت البنت: يا أُماه، أما علمتِ أن أمير المؤمنين قد نهى عن غشِّ اللبن بالماء؟ فقالت الأُم: وهل أمير المؤمنين يرانا؟ فقالت الابنة: إذا كان أمير المؤمنين لا يرانا فإن الله عزَّ وجلَّ يرانا.
علم عمر أن هذه البنت وصلت إلى الدرجة العُليا في تعلم المراقبة، فعلَّم البيت بحجر، وذهب إلى منزله وجمع أولاده وقال لهم: لو كان بي قوَّة لتزوجتُ هذه الفتاة، مَنْ منكم يتزوج هذه الفتاة وأقوم أنا بتحمُّل نفقات الزواج كلها؟، فوافق ابنه عاصم على أن يتزوَّج هذه الفتاة، فتزوجها وولدتْ بنتاً وهذه البنت – التي ولدتها – أم الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله تبارك وتعالى عنه.
بل إن هذا مقام كانوا يعلمونه حتى لمن لم يذهب إلى المدارس، أو ما نسميه في زماننا أُمِّيًّا!! لأن مقام المراقبة لا يحتاج إلى تعليم مدني، ولكن يحتاج إلى حالٍ قلبيٍّ في مراقبة الله عز وجل. فعبد الله بن عمر كان يمشي في الصحراء، وشعر هو ومن معه إلى حاجتهم إلى طعام، ورأى غلاماً يرعى الغنم فذهب إليه وقال: (يا غلام بعني شاة، فقال: يا سيدي أنا أجير وهذه الغنمات ليست لي ولكنها ملكاً لسيدي. فأراد أن يختبره في مقام المراقبة، فقال له: قُل لسيدك إن الذئب أكلها، فقال: إذا قلتُ هذا لسيدي الصغير هنا، فماذا أقول لسيدي الكبير يوم القيامة) ؟!!
أحرص شئٍ كانوا يحرصون عليه تعلُّم مراقبة الله عزَّ وجلَّ، ولو استطعنا تحقيق ذلك انصلح حال المجتمع كله، وهذا الواجب علينا نحو أولادنا، قال صلى الله عليه وسلَّم: (لا إيمان لمن لا أمانة له)[4]. فإذا وُجدت الأمانة وُجدت مراقبة الله عزَّ وجلَّ، وهذا ما نحتاجه للنهوض بمجتمعنا كله في شتَّى المجالات.
المذيع: قال تعالى: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الامُورِ) (17لقمان)، نريد إلقاء الضوء على هذه الآية.
فضيلة الشيخ: أراد لقمان أن يوطِّد العلاقة بين ابنه وبين ربِّه عزَّ وجلَّ، فالإنسان المؤمن لابد أن تكون له علاقة طيِّبة مع ربِّه، وحالٌ طيبٌ في نفسه، وعلاقة طيبة مع مَنْ حوله، ثلاث جهات:
فبدأ أولاً بالعلاقة مع الله؛ ولا يُصلحها إلا الصلاة: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ). فالصلاة هي الصلة بين العبد وبين ربه، وإذا أقام الصلاة يعني أقامها بخشوعها وحضورها مع الله، فإنه يتحقق بقول الله: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (45العنكبوت)، فإنها تنهاه عن كل فحشاء وعن كل منكر. ثم أمره أن يكون إيجابياً في مجتمعه، لا يكون سلبياً -لأن الإسلام لا يعترف بالسلبية – ويكون له دورٌ إيجابي، ولكي يكون له دورٌ إيجابي لابد أن يبدأ بنفسه أولاً، فلا يأمر غيره قبل أن يأمر نفسه: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
يبدأ يبنفسه أولاً فيأمرها بفعل الخير وينهاها عن فعل الشر، ثم يكون له موقفاً إيجابياً مع غيره إذا رأى ما لايُحمد، فعليه أن يُنبِّه برفق – لأن السلبية ليست في دين الله عزَّ وجلَّ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ)[5]، فينصح غيره برفقٍ وبلين، وإذا فُقدت النصيحة ضاع المجتمع، ففيالأثر: (لَعَنَ اللهُ قَوْماً أَضَاعُوا الحَقَّ بَيْنَهَمْ).
فيبدأ بنفسه ثم يشارك غيره، وإذا شارك غيره وأراد أن يكون إيجابياً مع غيره، فقد يتحمَّل ما لا يطيقه، فقد يسئ إليه أحدٌ الرد، وقد يعامله أحدٌ معاملة لا تنبغي، فعليه أن يصبر: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ)، فالنصيحة للخلق، لأنهم ليسوا كلهم على درجة واحدة.
ثم بيَّن له السبب فيما يدعوه إليه لكي يقتنع، فقال: (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الامُورِ)، كل هذه الأمور من عزم الأمور، يعني إذا فعلتها صرت ذا عزيمة قوية، ويحمد الله عزَّ وجلَّ مسلكك، وتكون لك منزلةٌ كريمةٌ عند الله عزَّ وجلَّ.
المذيع: الواضح في التفسير القرآني حرص سيدنا لقمان على ابنه – ويُحبُّه كما تفضَّلت سيادتك، وأيضاً يريد أن يتنقَّل له بين المشاهد، وكأنه يريد أن يُربيه من كل الجوانب، فيقول له: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الارْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الاصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (18، 19لقمان)، فنريد تفصيلها واحدة واحدة.
فضيلة الشيخ: ما ينبغي أن يكون عليه في نفسه داخل المجتمع – لكي يُحبه الآخرون – أن ينهاه عن الأخلاق السيئة، ولا يكتفي بذلك بل يأمره بالأخلاق الحميدة.
(ولا تُصعِّر خدَّك للناس): يعني لا تمشِ وخدَّك مائل، والخد المائل دليلٌ على الكِبْر، فكأنه ينهاه عن صفة الكِبر، وصفة الكِبر تجعل الإنسان بغيضاً عند الناس، بغيضاً عند الله عزَّ وجلَّ، ويكفي فيها قوله صلى الله عليه وسلَّم: (مكتوبٌ على باب الجنة: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر)[6]. والناس لا يحبون المتكبرين، والله عزَّ وجلَّ كما قال في قرآنه: (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (76غافر).
(ولا تُصعِّر خدَّك للناس): يعني يُنزهه عن الكِبر، وعكس الكِبر التواضع، يعني أن يكون هيِّناً ليِّن الجانب مع جميع الناس، فيألفه الناس ويألف الناس، قال صلى الله عليه وسلَّم: (المُؤمِنُ إِلْفٌ مَألُوفٌ)[7]، يعني الناس تألفه وهو يألف الناس، الناس يُحبونه وهو يُحب الناس، ولابد من ذلك لسلامة المجتمع ولكي يعيش الإنسان في راحة بالٍ في حياته.
(وَلا تَمْشِ فِي الارْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ): ينهاه عن المشي أيضاً بتكبُّر وباختيال وبزهو، فالإنسان إذا مشى بزهوٍ، يعني: يرى نفسه أفضل ممن حوله في المجتمع فيمشي مزهواً عليهم، أو يريد أن يُبيِّن لهم أنه أفضل منهم، وهذا مسلكٌ غير حميد بالنسبة للإنسان في نفسه ولمن حوله، فنهاه عن هذا الخُلُق. ولذلك قال له: (وَلا تَمْشِ فِي الارْضِ مَرَحًا)، وبيَّن له أيضاً السر في ذلك فقال: (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (18لقمان).
ثم بين له بعد ذلك الطريقة الصحيحة في المشي، فلم يكتفِ بالنهي، بل جاء بالطريقة الأفضل: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) (19لقمان)، والاقتصاد في المشي هو المشي بتؤدة وبتأنِّي، وهذا هو المعنى الظاهر في المشي العادي.
ولها معنى أعمق: وهو أن الإنسان يمشي متوسطاً في كل أمور حياته، ((فخير الأمور الوسط))، فالقصد: الاعتدال – فيكون مُعتدلاً في طعامه وشرابه، ومُعتدلاً في أساس بيته، ومعتدلاً في لباسه، ومعتدلاً في كل حركاته وسكناته، قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (143البقرة). فهذه الوسطية هي الاعتدال والتوسط في دين الله عز وجل. والإنفاق يقول فيه الله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)(67الفرقان). فالقصد يعني الاعتدال في كل الأمور.
ثم جاء إلى الخُلُق الذي ينبغي أن نكون عليه أجمعين: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) فينبغي للمؤمن أن لا يتحدث إلا بصوتٍ على قدر السامعين، أما الجلبة والصياح والصوت العالي الذي نسمعه في أسواقنا وفي شوارعنا فهذا ليس من ديننا، فدين الله عزَّ وجلَّ يدعو إلى الصوت الخافت.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم عندما نزل عليه: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)(2الحجرات)– قالوا: كانوا لا يكلمونه إلا مساررة، يعني كما يوشوِّش آخرُ في أُذنه، وكان هذا دأبهم حتى مع بعضهم، فإذا أراد أحدهم حديثاً من آخر فلا ينادي عليه من بعيد، بل يذهب إليه ويُحدثه في أُذنه، لأنه كانت سيمة المجتمع الإسلامي الصوت الخافت.
لا تسمع جلبة في بيت، ولا في سوق، ولا في شارع، ولا في مسجد، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلَّم دخل المسجد فوجد قوماً يدعون بصوتٍ مرتفع، وقوماً يقرأون القرآن بصوتٍ مرتفعٍ، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (إنكم لا تنادون أصمَّاً – خفِّضوا أصواتكم،أربعوا على أنفسكم)[8]. لماذا تُجهدون أنفسكم بهذا الصوت العالي؟
الصوت الخافت هو شعار المجتمع الإيماني الذي ينبغي أن يكون. وهذا علامة على رُقي المجتمع، إذا كان المجتمع لا يتحدَّث أفراده إلا بصوتٍ يُسمع الآخرين، ولا جلبة ولا صخب، فهذا دليلٌ على أن هذا المجتمع إرتقى إلى مقامٍ راقي.
المذيع: نسمع في كل الشوارع تقريباً أصوات السيارات وتشغيل الكاسيت بصوتٍ عالي جداً، وكذلك التكاتك أيضاً في المناطق الشعبية، أو تجد فرحاً بسماعات الدي جي وأصواتها عالية جداً، وأصبح الناس أصواتهم عالية، فماذا قال سيدنا النبي في الصوت العالي؟
فضيلة الشيخ: نهى صلى الله عليه وسلَّم عن رفع الصوت، ونهى الله عزَّ وجلَّ كما قلنا في الآية: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) (2الحجرات)، وقال لنا – كما قال لقمان: (إِنَّ أَنْكَرَ الاصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)، عن الصوت العالي، والمجتمعات الراقية التي لنا فيها أُسوة في هذا الزمان.
واذكر في هذا المجال أن في سويسرا وغيرها من دول شمال أوروبا، ممنوع فيها منعاً باتاً تشغيل السيفون بعد الساعة الحادية عشر مساءً، حتى لايُقلق الجيران – والسيفون في دورة المياه – فممنوع تشغيله بعد الساعة 11 مساءً إلى الصباح، لماذا؟ حتى لا أُقلق من كان تحتي ومن كان فوقي ومن بجواري من الجيران، حرصاً على الهدوء والسكينة التي يبغيها الإسلام.
ما يحدث عندنا الآن لا يحدث في أي مكان، وهذا نرجوا من المسلمين أجمعين أن ينتبهوا، وأن يدعوا إلى أصل هذا الدين، والدين يدعو إلى الصوت الهادئ الحنون.
وكان صلى الله عليه وسلَّم في ذاته غير عالي الصوت، فكان صوته هادئاً، ومع ذلك يُسمع من حوله. ورد أنه كان في مِنى وخطب خطبةً في منى، وقد توزَّع الناس في خيامهم حتى على رءوس الجبال، وقال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: (خطبنا صلى الله عليه وسلَّم في منى فأسمعنا جميعاً ونحن في خيامنا). فليس الصوت العالي هو الذي يُسمع.
المذيع: ربما تكون هذه خصيصة للنبي – فضيلة الشيخ؟
فضيلة الشيخ: وخصيصة لأمة النبي كذلك إذا مشوا على نهج النبي، لأن الله قال لنا في شأنه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا)(21الأحزاب).
المذيع:كيف نعالج الصوت العالي في مجتمعنا؟
فضيلة الشيخ: أولاً: ينبغي وقف كل الحفلات سواء المـآتم أو الأفراح التي تُقام في القاعات المخصصة لذلك، وتكون لهذه القاعات سماعات داخلية لا تتجاوز القاعة، وهذا شأن الأمم المتحضرة الذي ينبغي أن نفعله جميعاً الآن.
وكذلك في بيوتنا: أنا أُريد أن أسمع، فأسمع على قدر شقتي أو منزلي، وإذا كان من بجواري – حتى في منزلي – لا يريد أن يسمع، فأضع سماعةً في أُذني حتى لا أؤذيه، فكثير ما سمعنا عن معارك بين الزوجة وزوجها، فالزوجة تريد أن تنام والزوج يريد سماع المذياع أو التليفزيون، وهي متعبة طوال النهار، فمن يُريد أن يسمع فيسمع عن طريق سماعة الأُذن، أو يشاهد ويسمع بسماعة، فلا يؤذي مشاعر الآخرين.
فأحياناً يكون هناك طلبة يذاكرون، أو يكون بجوارهم مريض، وهؤلاء يحتاجون إلى راحة وسكينة، فينبغي أن تقوم ثورة أخلاقية في مجتمعنا للقضاء على الصوت العالي نهائياً.
المذيع:هل يُتصوَّر بحدوث ثورة أخلاقية؟
فضيلة الشيخ: ما المانع؟ وخاصة حالياً قد توفرت الوسائل الحديثة، فأُريد أن أُنادي على فلان وهو بعيدٌ عني، أطلبه على الموبايل وأُحدِّثه فيما بيني وبينه، بدلاً من أن أُنادي عليه بصوتٍ عالٍ، فأصبحنا نقضي على هذه الظاهرة بالكلية وندخل في مصاف الأمم المتحضرة.
المذيع:في نفس السورة: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الامُورِ)(22لقمان)، ما معنى أن يُسْلِمَ الإنسان وجهه إلى الله؟
فضيلة الشيخ: الوجه هنا يعني حقيقة الإنسان الباطنية؛ التي هي القلب والروح والعقل وما شابهها، وما تبعه من الحقائق التي هي باطن الإنسان.
المذيع: هل القلب المقصود به المُضغة التي في الجسد؟
فضيلة الشيخ: القلب النوراني الذي به الإنسان إنسانٌ مؤمنٌ، هذا القلب الذي فيه الإيمان، وفيه الحب، وفيه الإسلام، وفيه التوكل على الله، وفيه الشفقة والحنان والعطف، فينبغي أن يُسلم الإنسان حقائقه – يعني يعمل بما أمره مولاه في شرع الله في كتاب الله، أو بما ورد في سنة رسول الله – ولا يجتهد بعقله في أي أمرٍ أمره به الله ويتوقف عنه، كما نرى البعض في عصرنا، ويقول: هذا الحُكم لا يوافق العقل، أو لا يطابق العصر، وهي موضة موجودة الآن، لا، فلابد أن أُسلِّم بكل ما جاءني به الله وأمرني به الله في كتاب الله وفي سنة رسول الله، أُسلم الوجهة لله، وأكون في هذا الوقت أُحسن كل عملٍ طلبه مني الله: (وَهُوَ مُحْسِنٌ):(إن الله يُحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه)[9].
ومن تمام الإحسان أن الإنسان يعمل العمل وهو يعتقد أن الله يراه، وأن الله يطلع عليه، وأنه يسمع كلماته، وأن الله ينظر إلى حركاته وسكناته، فيُحسن العمل لاعتقاده أن الله عزَّ وجلَّ يطلع عليه ويراه، ويستمسك (بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) – والعُروة الوُثقى هي شريعة الله عزَّ وجلَّ – فإن فيها النجاة من كل فتن الدنيا التي ظهرت في هذا العصر – وهذا العصر عصر الفتن. وفيها النجاة من كل المحن التي يتعرض لها الإنسن لأن فيها طوق النجاة من هذه المحن، وفيها النجاة يوم لقاء الله ودخول الجنة: (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) (69النساء). نسأل الله أن نكون منهم أجمعين.
المذيع: نشكر فضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد على هذه المعلومات الصافية الوافية في وصايا لقمان في سورة لقمان. وأختم هذه الحلقة بدعاء لفضيلة الشيخ فوزي لعل الله يتقبل منا ومن السامعين والمتابعين:
فضيلة الشيخ: (ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، واغفر لنا إنك أنت العزيز الحكيم. اللهم فقِّهنا في ديننا، وألهمنا رُشدنا، ويسِّرنا للعمل الذي تُحبه وترضاه، واحفظنا بحفظك وصيانتك من كل ما لا ترضاه، واجعلنا من الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين).
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
*******************
[1] وقال له رجل: (ألست عبد فلان فما الذى بلغ بك ما ارى من الحكمه فقال لقمان: “قدر الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركى ما لا يعنينى” ) – التفسير الوسيط للشيخ سيد طنطاوى.
[3] روى البخاري ومسلم من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف). وروى أحمد عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (كيفَ بك يا عبدَ اللهِ إذا كان عليكم أُمراءُ يُضيِّعونَ السنَّةَ ويُؤخِّرونَ الصلاةَ عن مِيقاتِها؟ قال: كيفَ تَأمرُني يا رسولَ اللهِ؟ قال: تَسْأَلُنِي ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ؟، لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ).
[4] قد روى الإمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له).
[5] رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
[6]روى مسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمدعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ).