• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

22 ديسمبر 2017

حلقة تلفزيونية _فقه المرأة سيدات بيت النبوة السيدة زينب بنت رسول الله

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

السيدة زينب بنت النبي رضي الله عنها

المذيعة: بداية قبل أن نتكلم في سيرة السيدة زينب نريد أن نوضح أن مقام السيدة زينب الموجود في مصر البعض يظن أنه مقام السيدة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولكن الحقيقة أنه مقام السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.

الرسول صلى الله عليه وسلَّم له من السيدة خديجة أربع بنات، الأولى زينب، والثانية رُقية، والثالثة أُم كلثوم، والرابعة فاطمة.

وزينب الموجودة بالقاهرة بنت السيدة فاطمة وبنت الإمام علي وأُخت الحسن والحُسين وحفيدة النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولكن زينب الكُبرى هي بنت النبي مباشرة، وتوفت في حياة النبي ودُفنت في البقيع في المدينة المنورة.

المذيعة: السيدة زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلَّم، نريد أن نتحدث بداية عن ولادتها من السيدة خديجة، في أي مرحلة من المراحل؟

الرسول صلى الله عليه وسلَّم كما نعلم تزوج من السيدة خديجة وكان عنده من العمر 25 عاماً، وكانت السيدة خديجة عندها من العمر 40 عاماً، بوعد زواجهما بخمس سنوات وُلدت لهما زينب، وهذا كان قبل النبوة، لأن النبوة جاءته في سن الأربعين، فكانت باكورة أو بكرية أبويها كما يصح أن نقول.

وكانت أسيرة عند حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، وكان يحبها حباً جماً لأنها أول ما رزقه الله من البنات، إلى جانب الأخلاق والهداية والمكارم العُظمى التي كان عليها بنات النبي جميعاً.

المذيعة: بالطبع ابنة النبي صلى الله عليه وسلَّم كانت خلاصة الخُلُق الكريم، ووالدتها السيدة خديجة وهي الزوجة الحنون وأول من آمنت بالإسلام ولها طباع وصفات وأخلاق متميزة، وبالتالي الابنة ستكون أيضاً صورة من أُمها.

هذا إلى جانب أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان وسط قومه قبل الإسلام وبعد الإسلام من أعلاهم نسباً ومن أشهرهم خُلُقاً، وخاصة أنهم سموه الصادق الأمين، والسيدة خديجة كانت من أشهر نساء قريش، لأنها كانت ذات تجارة واسعة وخطبها أكابر القوم ولكنها كانت ترفض، ومن العجب أنها رفضت الأكابر وهي التي طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلَّم أو أرسلت إليه تدعوه لخطبتها لما لمست فيه من مكارم الأخلاق، ولما أيضاً توقعته له من مستقبل عظيم لأن كان عندها استشعارٌ روحاني رباني نوراني.

ولذلك كانت هي مشيرته ومعينته عند كل الكوارث والمصائب، فكان لا يحدث مع النبي حدثٌ مع قومه إلا وذهب إليها وقصَّ عليها، فكانت هي التي تُخفف عنه، وهي التي كانت تُزيل العناء الذي انتابه، وهي التي ترفع همَّه، فكانت له نعم الزوجة السكن والراحة والبلسم لزوجها رضي الله عنها.

وبالتالي كانت السيدة زينب على نفس الشاكلة، فالسيدة زينب عندما نضجت تقدم لخطبتها كبار القوم من قريش لمكانة أبويها ولشخصيتها، إلا أن السيدة خديجة عندما طلبتها أُختها هالة بنت خويلد لابنها أبو العاص بن الربيع قبلت، وكانت هالة محببة لها وللنبي صلى الله عليه وسلَّم، وابنها هذا كان من زينة فتيان قريش، وكان أبهى قريش خُلقاً وأمانةً وأوسعهم ثراءاً وتجارة، يعني كان بارعاً في التجارة وعنده مالٌ كثير إلى جانب الخُلُق والأمانة.

ولذلك عندما تقدمت أُخت السيدة خديجة تطلب زواج زينب من أبو العاص لم ترفض وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلَّم أن يوافق عليه، فوافق وزوجها من أبو العاص بن الربيع وكان الزواج قبل الإسلام.

كان أبو العاص نعم الزوج لزينب، وكانت هي نعمة الزوجة له، ثم كُلِّف النبي صلى الله عليه وسلَّم بعد بعثته بالرسالة فآمنت زينب، وكان أول من آمن به زوجته السيدة خديجة وبناته كلهن، ومن ضمنهن زينب، ولكن زوجها أبو العاص لم يؤمن خوفاً من قومه.

وله موقفٌ رشيد سديد يدل على أصالته وعلى خُلُقه الطيب، فقد ذهب إليه زعماء مكة وقالوا له: هل لك أن تطلق بنت محمد على أن نزوجك من تشاء من فتياتنا؟ قال: والله لا أرضى أن أُطلق زوجتي ولو أتيتموني بأحب امرأة لكم في مكة، وكان هذا يدل على أصالته وحُسن خُلُقه الكريم ووفائه لزوجته.

المذيعة: هنا نتلمَّس في قصة السيدة زينب بنت الرسول وزوجها أبو العاص بن الربيع الحب والوفاء والإخلاص رغم الصعاب التي باعدت بينهما.

هنا يظهر موقف الرسول صلى الله عليه وسلَّم الحنون، مع أن زوج ابنته لم يسلم إلا أنه لم يفرق بينهما، بل ظلَّا معاً في الحياة الزوجية بعد الإسلام، فزوجها لم يُسلم، وبعد هذا نزلت آيات تحريم زواج المؤمنة من الكافر: ” وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ” (10الممتحنة).

أبقى الرسول صلى الله عليه وسلَّم الصلة بينهما طمعاً في إسلامه، ولحُسن خُلقه، فمر هذا الأمر لفترة حوالي ست سنوات، لأن الرسول صلى الله عليه وسلَّم هاجر وظلت هي مع زوجها لم تهاجر، وهي على دين الإسلام، وهو على دين أهل مكة، وأهل مكة كانوا يعبدون الأوثان.

وحدثت غزوة بدر وانتصر فيها الإسلام بفضل الله وبمعونة الله للمسلمين، وتم أسر سبعين رجلاً من قريش، ومن جملة هؤلاء الأسرى كان زوج زينب أبو العاص بن الربيع، لأنه كان يحارب مع قومه خوفاً منهم، لأنهم كانوا أشداء في هذا الأمر.

فأبو بكر الصديق كان ابنه عبد الرحمن يحارب ضده مع الكفار، وسيدنا أبو عبيدة بن الجراح كان أبوه يحارب ضده، فتعمد أن يقتله في هذه المعركة.

وعندما تم أسر أبو العاص بن الربيع أباح النبي لأهل الأسرى أن يُفدوا أسراهم بمال، فأرسلت السيدة زينب أخو زوجها ومعه بعض المال، ومعه العُقد الذي أهدته لها السيدة خديجة في ليلة عُرسها، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلَّم هذا العقد أخذه حنينٌ وشفقة وعطف وتذكر خديجة، وكان يحبها حباً جماً، فقال للمسلمين ـ وهذا يعلمنا صيغة القائد مع جنده، لا على هيئة الأمر ولا بشدة ولا بقهر ولكن بلطفٍ:

{ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَقَالُوا: نَعَمْ }[1]

هل هناك أدبٌ جمٌّ مثل هذا الأدب؟ قائد عام يتلطف مع جُنده ويقول لهم: إن شئتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا لها ما لها؟ وعندما وافقوا دعاه النبي – وهنا تظهر حكمة النبي البالغة – دعاه فيما بينه وبينه، ولم يتسمَّع بذلك أحدٌ مطلقاً ممن حوله، وطلب منه أن يطلق سراح زيننب ويرسلها إلى المدينة، لأنها لم تعد تصلح له، فهو على دين غير دينها، وكان هذا بينه وبين النبي ولم يسمع بذلك أحد، فوعده أبو العاص بذلك.

 

المذيعة: نريد أن نتوقف عند اللغة في الحوار، فسيدنا النبي صلى الله عليه وسلَّم يتكلم مع زوج ابنته كحمو، فلعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلَّم يكون لنا أُسوة، كيف يكون الحمو مع الزوج، ونحن نجد في الحياة أتفه الأمور قد تؤدي إلى الانفصال والطلاق؟

الأمر أشد من ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلَّم كان معه الاستطاعة أن يُبقيه عنده حتى يُرسل هو من يأتي بابنته، ولكنه لم يستخدم هذا الأسلوب، وهو أسلوب التهديد، أو أسلوب الوعيد، أو أسلوب الشدة، ولكنه اكتفى منه بوعد بينه وبينه حتى بغير شهود، وهذا يعلمنا مدى رحمة النبي في معاملة أصهاره.

المذيعة: نتمنى أن نتاسى بهذا الأسلوب، فهناك بيوتٌ كثيرة ستستقر ولن تصل إلى الطلاق، فبالتأكيد عندما تكون هناك مشكلة بين الزوج والزوجة ويصل الأمر إلى الحماة قد تأخذه حمية الجاهلية، ولا يتأسى بسيدنا النبي، فنريد توجيه رسالة لكل من يقول: لا أنا لست النبي، فماذا نقول له؟

الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان وصفه في التوراة:

{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَبْدِي الْمُخْتَارُ لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ }[2]

وصفه بهذه الأخلاق الكريمة والتي لخصها النبي ولخص فيها دعوته فقال:

{ إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ }[3]

وحتى لا يظن كثيرٌ من المسلمين أن هذه األخلاق خصوصية لحضرة النبي، فإن النبي صلى الله عليه وسلَّم عندما وضح صفة المسلم قال:

{ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ }[4]

ووضح صفة المؤمن فقال:

{ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِاللَّعَّانِ وَلَا الطَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ }[5]

لو كان المسلمون والمؤمنون في أي زمان على هذه الأخلاق الطيبة فلن يحدث بينهم نزاعٌ ولا مشكلات، وهذه واحدة.

والثانية: سيدخل الآخرين في دين الله أفواجاً فيما رأوه عليهم من جميل الصفات وكريم الأخلاق.

فسيدنا رسول الله ألَّف زوج ابنته أبو العاص بن الربيع بوعده أن يرد إليه ابنته بدون غلظة ولا شدة ولا استغلال لموقفه كقائد، وهذا أسير يصنع فيه ما يريد.

ذهب أبو العاص إلى مكة وجاء إلى أخيه كنانة بن الربيع وأمره أن يأخذ زينب ويهاجر بها إلى النبي صلى الله عليه وسلَّم.

والنبي صلى الله عليه وسلَّم كان قائداً حكيماً، يرسم لكل أمر خطته الماهرة الباهرة، وهو يعلم أن أبا العاص لا يستطيع أن يُرسل زينب إلى المدينة فأرسل من عنده زيد بن حارثة ومعه رجلٌ من الأنصار لسيتقبلوها خارج مكة، يعني مهمة أبو العاص ايصالها إلى زيد بن حارثة ومن معه خارج مكة، وهم يكملون المسير معها إلى المدينة.

المذيعة: السيدة زينب كانت محبة لزوجها ومخلصة له ووفية له، كيف كان موقفها في هذه اللحظة؟

لا بد أن تستجيب لأمر الله، وهنا يظهر الإيمان، فإذا كان أمرٌ من الله، وهناك محبة للزوج، فلا بد أن تكون محبة الله أعظم وأعلى حتى من محبة النبي.

فهذا أمرٌ لا بد منه، مع أنها لا تريد فراق زوجها، ولكنها كانت تطمع أن يسلم إن شاء الله رب العالمين.

وأعطى النبي زيد ومن معه الخاتم كعلام،ة حتى إذا رأت الخاتم تعلم أنهما مرسلان فعلاً من قِبَل النبي وليس رجلان أجنبيان.

خرج كنانة بن الربيع في النهار ومعه السيدة زينب على جمل ومعه سهامه، فلما رآه الكفار وكانوا حديثوا عهد بما حدث لهم في بدر من نكبة وذُل وخزي على يد المسلمين، فخرجوا أفواجاً وقالوا: بنت محمد تهاجر في وسط النهار، لا يكون، وروَّعها رجلٌ منهم وكانت تجلس في هودج على الجمل، فنخس الرجل الجمل فجري الجمل بسرعة فسقطت من عليه وكانت حاملاً فوضعت حملها واستمر نزيفها رضي الله تبارك وتعالى عنها، فأسقطت ما في بطنها قبل أن تصل إلى المدينة.

فنصب كنانة سهامه وقال: من يأتيني سأفعل فيه كذا وكذا، فقال أبو سفيان وكان عاقلاً: انتظر يا رجل وسنكلمك، أنت تعلم ما حلَّ بنا، فلِمَ تضرب بالسهام؟! وكونك تخرج بابنة محمد بالنهار فهذا معناه ذلٌ لنا وخزيٌ لنا لأنها خرجت رغماً عنا، فانتظر حتى تهدأ الأرجل ويعود القوم واخرج بها ليلاً، فلا حاجة لنا أن تبق بنت محمد عندنا.

وهذا أيضاً كان رأياً وجيهاً، فرجع، لكنها أُصيبت في سبيل الهجرة ولم ينس لها النبي صلى الله عليه وسلَّم هذا الموقف حتى أنه قال عند وفاتها:

{ هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ }[6]

لأنها أُصيبت رضي الله تبارك وتعالى عنها في سبيل الله والهجرة، فانتظر كنانة حتى هدأت الأرجل وخرج بها، وكان زيد ينتظرها، فوجد راعياً للغنم فسأله: لمن ترعي هذه الغنم؟ فقال: لزينب بنت محمد، فقال له: هل لك أن توصل لها هذا الخاتم؟ قال نعم، فأوصل لها الخاتم فعلمت أنهما مرسلان من قبل أبيها لأخذها، فأخذها كنانة إليهما وذهبت معهما إلى المدينة المنورة.

وهنا موقفٌ عظيم يدل على أدب السيدة زينب رضي الله عنها، عند ركوبها قال لها زيد: اركبي أمامي على بعيري، قال: لا بل أركب خلفك، وهذا يدل على حُسن التربية الإيمانية التي ربّى عليها النبي صلى الله عليه وسلَّم بناته.

هاجرت السيدة زينب وعاشت مع النبي صلى الله عليه وسلَّم بعيداً عن زوجها الذي تركته في مكة، لكنها رضي الله عنها كانت وفية لزوجها وكان هو يعرف ذلك منها، وكان بينهما محبة ومودة قوية وهو يستشعرها جيداً.

وكانت قد أنجبت منه أُمامة وعلي، وعلي عاش حتى ركب خلف النبي صلى الله عليه وسلَّم في فتح مكة، ولكنه مات في عصر النبي صلى الله عليه وسلَّم، وصلَّى عليه النبي.

أما أُمامة فقد بقيت، وكان يحملها بحنانه العظيم في صلاته، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ:

{ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا }[7]

إذا قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوقوف حملها، وفي الركوع والسجود يضعها بجواره، فإذا قام حملها، وأتم صلاته بهذه الكيفية حناناً عليها رضي الله عنها.

السيدة فاطمة رضي الله عنها في مرض وفاتها أوصت الإمام علي أن يتزوج ابنة أُختها أُمامة، فتزوجها الإمام علي بعد موت فاطمة، وظلت معه إلى أن تُوفي رضي الله عنه وبقيت بعده بفترة.

 

المذيعة: ماذا حدث بعدما هاجرت السيدة زينب إلى المدينة وتركت زوجها في مكة؟

أهل مكة كان عندهم جشع، فاستولوا على كل ما كان يمكله المسلمين من أموال ومن دور ومن تجارات بدون وجه حق، فأراد الله عز وجل أن يعوضهم شيئاً، فتعرضوا لقافلة قادمة من بلاد الشام وكان يقودها أبو العاص بن الربيع، وانتدب الرسول صلى الله عليه وسلَّم لملاقاة هذه القافلة زيد بن حارثة ومعه مائة وسبعين رجلاً، ليعوضوا بعض ما أخذه منهم أهل مكة.

وقع العاص أسيراً ومعه كثيرٌ من المشركين، فدخلوا المدينة في الليل ولأنه يعلم مبلغ محبة زوجته ومودتها تسلل إليها حتى دخل حجرتها وطلب منها أن تُجيره، كأنه استنجد بها.

فالرسول صلى الله عليه وسلَّم خرج إلى صلاة الفجر فإذا بالسيدة زينب من صفوف النساء تقول:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْت أَبَا الْعَاصِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُمُوهُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ }[8]

يعني إذا أحدٌ من المسلمين ولو كان صغيراً أجار، فكلنا نحترم هذا الجوار وهذه الحماية، ثم ذهب إليها وقال لها:

{ أَيْ بُنَيَّةُ، أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا يَخْلُصَنَّ إِلَيْكِ؛ فَإِنَّكِ لَا تَحِلِّينَ لَهُ }[9]

يعني أكرميه ولكن لا يصل إليك لأنه على غير دينك، وطلبت من النبي أن يردَّ إليه تجارته، فرجع النبي إلى الناس، يعني الأمر شورى: ” وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ” (38الشورى) فجاءوا بها جميعاً وردُّوها إليه اكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم.

فأطلقوا سراحه وأخذ تجارته ورجع إلى مكة ونادى في قومه: يا معشر قريش كل من له تجارة فليحُضر، وأعطاهم حقوقهم، ثم قال لهم: هل بقي لكم شيء عندي؟ قالوا: لا، وجُزيت خيراً، قال: أُشهدكم أني آمنتُ بالله رباً وبمحمد نبياً، وعاد للمدينة وردَّها عليه النبي صلى الله عليه وسلَّم زوجة بعد ست سنوات من تركها.

المذيعة: ست سنوات ولم تتزوج غيره؟

نعم، وكذلك هو ست سنوات ولم يتزوج غيرها.

 

المذيعة: نريد أن نأخذ الدرس المستفاد، ونعرف كيف كان يتعامل النبي صلى الله عليه وسلَّم كصهر؟ وكيف نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم؟

بالأخلاق الطيبة والكلمة اللينة يستطيع الإنسان أن يتغلب على كل الصعاب، وأن يُغير العدو إلى صديق، وأن يجعل الناس كلهم يحبونه ويُقبلون عليه ويُنهي كل المشكلات.

المذيعة: متى توفيت السيدة زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلَّم؟

تُوفيت من العام الثامن من الهجرة، والرسول صلى الله عليه وسلَّم صلَّى عليها بعد أن وضع جُبَّته فوق كفنها لتكون رحمة لها عند الله تبارك وتعالى، ودُفنت بالبقيع في المدينة المنورة.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

[1] سنن أبي داود ومسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها

[2] سنن الدارمي عن كعب الأحبار رضي الله عنه

[3] سنن البيهقي والشهاب عن أبي هريرة رضي الله عنه

[4] البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه

[5] مسند أحمد والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

[6][6] الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله عنها

[7] البخاري ومسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

[8] الطبراني والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها

[9] السنن الكبرى

قناة القاهرة ـ برنامج فقه المرأة 4 من ربيع الآخر 1439هـ 22/12/2017م 1

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid