فضيلة الشيخ فوزي: هل هذه الآية القرآنية مكية أم مدنية؟ وما أسباب نزولها؟
فضيلة الشيخ:
هذه الآية آيةٌ مكية وسبب نزولها يرجع إلى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الذين كانوا معه في مكة وكانوا مستضعفين، واشتدَّ أذى الكفار لهم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلَّم أن يهاجروا إلى بلاد الحبشة وقال لهم:
(إذهبوا إلى أرض الحبشة فإنها أرض صدق، وإن فيها ملكٌ لا يُظلم عنده أحد).
فخرج جعفر بن أبي طالب إبن عم الرسول صلى الله عليه وسلَّم ومعه أصحابه الكرام مهاجرين إلى بلاد الحبشة فنزلت فيهم هذه الآية المباركة.
المذيع:فضيلة الشيخ نريد تفسيراً عاماً حول مضمون هذه الآية.
فضيلة الشيخ:
الله سبحانه وتعالى يوضح لنا في هذه الآية أن مفتاح كل خير يحتاجه الإنسان في دنياه، أو يسعد به في أُخراه هو تقوى سبحانه وتعالى، وتقوى الله هو الخوف من الله سبحانه وتعالى.
ويبين الله تبارك وتعالى لنا أن الحياة الدنيا ليست دائمة، وإنما الحياة الآخرة هي التي فيها الدوام وفيها الخلود.
فالمؤمن التقي النقي هو الذي يأخذ من دنياه لأُخراه، بمعنى أن يهتمَّ في دنياه بعمل الطيبات، وعمل الصالحات، فهي التي تنفعه يوم يلقى الله سبحانه وتعالى.
ولو كان في مكان يضيق عليه فيه في فعل الخير فأرض الله واسعة فيهاجر إلى مكانٍ آخر يجد فيه قراراً واسقراراً وعملاً للخير، ويصبر إذا تعرض لأذى أو تعرض لسوء أو تعرض لشدة، أو تعرض لبلاء فإن الصبر هو مُخ العبادات كلها.
المذيع:
فضيلة الشيخ تختار لنا موضوعاً نتكلم عنه في هذه الآية القرآنية العظيمة بإذن الله تعالى.
فضيلة الشيخ:نختار موضوع الصبر، وموضوع الصبر:
الصبر هو عُدُّة كل مؤمن في هذه الحياة، ولا يستطيع الإنسان أن يحيا ويطيع الله بدون أن يكون صابراً مع مولاه:
فإذا عُرضت عليه المعاصي صبَّر نفسه وامتنع عن الاقتراب منها وعن فعلها.
وصبرٌ على الطاعات:
وهو أداء الطاعات ونحن في شهر الصيام، ويسمَّى بشهر الصبر لأنه يحتاج إلى صبرٍ على دوام الصيام نهاراً، وعلى صلاة التراويح ليلاً، وعلى العمل الصالح فيه، فأي عملٍ صالح لابد له من الاستعانة بالصبر.
والصبر على أقدار الله:وهي التي تحدث للمرء بدون تعمد منه أو طلبٍ له، وإنما تحدث فجأة كأن
يموت له ولد، أو يُصاب له قريب، أو يفقد شيئاً من ماله، أو يُصاب بمرضٍ في جسمه، كل هذه الأمور القدرية تحتاج إلى الصبر.
إذا استطاع الإنسان أن يصبر في هذه الأمور كان في أعلى الدرجات عند الله، فإن الناس يوم القيامة منهم من يُحاسب حساباً يسيرا، ومنهم من يكون تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وأعلى الناس شأناً يوم القيامة الذين يدخلون الجنة بلا سؤال ولا حساب، وهم الذين يقول لنا فيهم الله:
فلا سؤال ولا لوم ولا عتاب ولا أي شيئ يتعرضون له من الأذى، وإنما يخرجون من القبور إلى القصور في جنة النعيم لأنهم صبروا الله وعلى طاعة الله وعن معاصي الله في هذه الحياة.
المذيع:
شكراً شكراً جزيلاً فضيلة الشيخ / فوزي محمد أبو زيد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
برنامج من آيات القرآن المذاع على قناة القاهرة الكبرى بالتلفزيون المصرى الأحد 24/5/2018 موافق 7رمضان 1439هـ