• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

3 مارس 2000

خطبة الجمعة – العشر الأوائل من ذى الحجة

,

شارك الموضوع لمن تحب

•┈••❅♢♢• ❅♢❅♢✿♢❅♢❅• ❅♢♢• ❅♢••┈•

خطبة الجمعة فى مسجد المجفف                                                            3/3/2000

الحمد لله رب العالمين غاقر الذنب .. رؤوف بالعباد .. يدعوا عباده المسلمين لطاعته فيغفر بها ذنوبهم ، ويستر بها عيوبهم .. حتى إذا دعاهم لحضرته يوم الدين فكأنهم أبراراً أطهارا ًمكرمين ..

سبحانه سبحانه .. كل تكاليفه لعباده لرجاء مغفرته ورحمته .. لا فيها عنتٌ لهم ولا مشقةٌ ولا كُلفةٍ ، لأنه عزّ شأنه أخذ العهد على نفسه فقال : â لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا á (البقرة 286)

وأشهد ألا ّ إله إلا ّ الله وحده لا شريك له الواسع العليم الذى يسع بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى كل عباده المؤمنين بل ويشمل بمعانى عظمته وكبريائه الخلق أجمعين ، فيهب لمن يشاء من خلقه إسمه العفوّ ، فيعفوعن كل ما إجترحه من الذنوب والسيّئات ، ويمنح من أحبه .. إسمه الغفور ، فيغفر له ما تقدم من ذنبه وماتأخّر، ولا يتفضّل بذلك على هالك ، وإنما يخصّ بذلك عباده المؤمنين سرّ قوله فى كتابه المبين :       â يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ á (البقرة 105) .

وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبد الله ورسوله .. نبى الرحمة ، ورسول الحنانة والشفقة ، الذى أعطانا الله به مالاعينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر من الفضل الربانّى والعلم الإلهى ، والنور القدسى والغيب الروحانى … اللهم صلى وسلم ّوبارك على سرّسعادتنا ، وباب شفاعتنا ، ومفتاح جنّتنا … سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ٍ  ..       أما بعد .. فيا عباد الله : جماعة المؤمنين :

إذا كان الله عزّ وجلّ قد أكرم الحجيج الذين دعاهم لزيارته فى بيته بمغفرة الذنوب ، وستر العيوب .. ليست الصغائر فحسب بل والكبائر منها إذا صدقوا فى تلبية نداء علا ّم الغيوب ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يضرع إلى مولاه فى المزدلفة .. ثم ضحك ، فقال له سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر:  ما أضحكك ، أضحك الله سنّك يارسول الله ؟ فقال صلوات الله وسلامه عليه :

( إنّى لما كنت بعرفات دعوت الله عزّ وجلّ أن يغفر للحجيج ، ويضمن عنهم التبعات ـ يغفر للمظلومين ويشفع فى الظالمين ويعطى مغفرته لأهل الموقف أجمعين ـ قال : فأهبط الله أمين الوحى جبريل عليه السلام وقال : يا محمد أبشر فإنّ الله غفر لأمتك ومن حضر من أهل الوقف من أتباع شريعتك فيما بينه وبينهم ، ولا يغفر فيما بينهم وبين خلقه .. قال فلما نَزَلتُ إلى المزدلفة وتضّرعتُ بالدعاء وكررت الرجاء نزل الأمين جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد أبشرفإن الله غفر لأهل عرفات وضمن عنهم التبعات ـ أى حقوق العباد ، أى ما بينهم وبين غيرهم ـ قال : فلما سمع ذلك الشيطان ولّى وله ضِرَاط ، فذاك الذى أضحكنى ) .. صلوات الله وسلامه عليه .

كيف يضمن عنهم التبعات .. مادام الله قد وعد بذلك فقد قال صلوات الله وسلامه عليه فى أهل ذلك :

(إذا كان يوم القيامة ينادى الله على العبد الذى إنتهى من الحساب والسؤال ، وإُمر له بالجنّة : من كان له مظلمة ٌعند فلان فليخرج ، فيخرج العبد فيتعلّق فى رقبته ويقول : يارب خذ لى بحقّى من هذا ,, وهنا أُغورورقت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدموع ، لأنه يومٌ لا تضيع فيه مثقال ذرّة من الحسنات ، ويحاسب الله الجميع ، وما ربّك بظلا ّم ٍللعبيد ، فإن كان العبد من الذين ضمن الله عنهم التبعات ، فيقول لمن سأل : أنظر ويكشف له عن قصرمن عقيق أحمر فى الجنّة فيقول العبد : لمن هذا يارب ؟

فيقول الله : لم يملك الثمن .. فيقول العبد : ومن الذى يملك الثمن ؟

فيقول الله : أنت .. فيقول العبد كيف يارب ؟ .. فيقول الله عزّ وجلّ : أنت .. بعفوك عن أخيك .. فيقول العبد : عفوْتُ عنه يارب .. فيقول الله : خذ بيد أخيك وأدخلا معا ًالجنّة .

فمغفرة الله عزّ وجلّ لأهل الله أجمع وأشمل من مغفرة سائر العبادات ، فإن الله يغفر للمصلّين اللمم والصغائر والهفوات .. أما الكبائر فيتاجون بعدها إلى توبةٍ نصوح ، ولذلك يقول الله تبارك إسمه وتعالى شأنه فى الصلوات الخمس : â إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ  á (النساء :31) .

قال سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : { يُكفّر عنكم سيئاتكم بأداء الصلاة } وهذا لمن إجتنب الكبائر : كالقتل والسرقة العمد والزنى وعقوق الوالدين والفرار من ميدان القتال ، وشهادة الوور وقول الزور ، والسحر وعمل قوم لوط ، وأكل الربا ، وأكل أموال اليتامى ظلما ً ، وشرب الخمر وكل مسكر ، وغيرها من أنواع الكبائر فضلا ً من الله ونعمة ، والله عزيز حكيم .

ولم يُقِصر الله عزّ وجلّ هذه المغفرة على من وقف بين يديه فى عرفات وكان ماله حلا لا ً وعمله خالصاً لذى الجلال والإكرام ، وجاءه خاطرسوءٍ فى نفسه ، فإن الله ربما لا يغفر له فقد يكون قد وقع فى إثم ٍعظيم وذنب ٍ كبير ٍ.سرّ قول البشير النذير صلوات الله وسلامه عليه : ( من وقف فى عرفات وظنّ أن لم يُغفر له فقد أكبر على الله الفِريَة ) ـ أى الكذب ـ لأن الله يغفر للجميع .. بل إن الله يغفر للطالحين بشفاعة الصالحين فقد حجّ رجل ٌ من الصالحين ، وكان واقفا ً على عرفات فأخذته سنةٌ من النوم فرأى فى النوم أن نفرا ً من الملائكة الكرام نازلين ويقولون لبعضهم : أتدرى كم حجّ بيت ربنا هذا العام ؟

فقال الآخر : لا .. قال : حجّ بيت ربنا هذا العام ستمائة ألف ، ثم قال : أتدرى بماذا حَكَمَ ربُناَ اليوم ؟ .. قال قبل منهم ستة أنفس ، فقام الرجل الصالح من نومه ومن نعاسه مقبوضا ً مهموما ً مغموما ً ، وقال : قلت لنفسى ماذا أكون أنا فى ستة ِأنفس من بين ستمائة ألف ؟

قال فلما نزلت المزدلفة وصليْت المغرب والعشاء وأخذت مضجعى أخذنى النوم فرأيت النفر من الملائكة الذين رأيتهم آنفا ً يتحدثون ، فقال بعضهم لبعض : أتدرى كم حجّ بيت ربنا هذا العام ؟ .. قال نعم ستمائة ألف .. قال : أتدرى بما حَكمَََ ربك ؟ .. قال نعم تقبّل منهم ستة أنفس .. قال أتدرى بما حكم ربك بعد أن وقفوا بعرفات ؟ .. قال : لا .. قال : وهب لكل واحدٍ من الستّة مائة ألف ، فوهب الستمائة للستة ، وغفر للجميع ببركة هؤلاء الصالحين الذين حضروا بينهم ووقفوا فى وسطهم .. وتلك سنّة الله التى لا تتخلّف بهذه الأمة فى كل عباداتها ، وكل أحوالها ، وكل أدعيتها وكل شئونها ، لأنه صلى الله عليه وسلم قال فى شأنها :

( أمتى هذه أمة مرحومة وربها ربّ ٌ غفور يغفر لطالحيها ببركة صالحيها ) ..

أو كما قال صلى الله عليه وسلم : أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ..

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله أكرمنا بهذا الدين ، وحبانا بسيد الأولين والآخرين ، وأشهد ألا ّ إله إلا ّ الله وحده لا شريك له يحبّ التوّابين ويحبّ المتتطهرين ، وأشهد ان سيدنا محمد اً عبد الله ورسوله السيّد السند العظيم ، والرسول الشافع لنا وللخلائق أجمعين .

اللهم صلّى وبارك على سيدنا محمد وأرزقنا جميعا ً زبارته وأدخلنا جميعا ً فى شفاعة حضرته يوم الدين آمين .. آمين .. آمين .. يارب العالمين ..                أما بعد ، فيا أيّها الأخوة جماعة المؤمنين :

زاد الله هذه الأمة ببركة الحجّ زيادة ٌ لا عدّ لها ولا حدّ تجعلنا ببركة صِلة بعضنا وتوديع إخواننا ، والسلام على من نوى الحجّ لى بيت الله ، فندخل معهم فى الفضل والكرم الذى أعدّه لهم الله عزّ وجلّ ، وهذا ما حذى بسلفنا الصالح إلى الحرص على ذلك ، وقد قلّ هذا الأمر فى عصرنا .. وهذا أمرٌ يحتاج إلى وقفة ٍ ..

لماذا كانوا يحتففون بالحاجّ قبل سفره ويذهبون إليه بعد رجوعه ، كانوا حريصين على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله يغفر للحاج ولمن إستغفر له الحاج ) ، فإن الله قد وعدهم أن يغفر لمن إستغفروا له .. فقد كانوا يذهبون إليهم قبل السفر ، ويوصونهم أن يستغفروا لهم ، لأن الذى لا ينطق عن الهوى قد أخبر بأن الله يفعل ذلك بهم ولهم .. فأمرٌ يسيرٌ وثوابٌ عظيمٌ وكبيرٌ ، لا يدفع الإنسان مالا ً ولا يترك بيته ، ولا يسافر.. كونه يصافح الحاجّ ويودّعه قبل السفر ، ويوصيه أن يذكره ويستغفر له .

فيغفر الله له باستغفار الحاج له ، وهذا العمل لعظمته حرِصوا عليه حتى الذى قال الله فى شأنه ِ :

 â لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَá (الفتح : 2) ، فقد جاءه سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال : يارسول الله : إنى كنت نذرت أن أعتمر وأبيت فى حرم الله فأذن لى .. ولا يذهبون إلا ّ عن إذنه صلوات اله وسلامه عليه … فأذِن له ، ثم قال له : ( لا تنسانا من دعائك يا أخى ) ، ليُشرّع للمؤمنين ، ويَسِن ّ للمُسلمين .. صاحب إجابة الدعاء ومن تهتز لكلماته أرجاء السماء يطلب من عبدٍ ضعيف من أتباعه  وأمله الآ ّ ينساه فى دعائه … فما بالنا نحن جماعة المؤمنين ..

إذن كان سلفنا وآباؤنا وأجدادنا مُحِقِيّن عندما كان الرجل الذى لا يستطيع المشى يطلب من يعتمد عليه ويقول حتى أذهب إلى فلان المسافرإلى الحجّ وأسّلم عليه ليدعوا لى بالمغفرة فى المقام الأمين ، وفى عرفات ، وفى كل موقف ، ويطلب منه أن يبلغّ سلامه إلى سيد الأولّين والآخرين ، وهو صلى الله عليه وسلمّ .

يستمع إلى السلام الذي يبلغه من أي جهة ومن أي فرد ومن أي مكان فقد قال صلى الله عليه وسلم :

(ما من مسلم يسلم عليًّ إلا ردّ الله روحي ورددت عليه السلام ).

فإذا جاءوا متطهرين بعد أن تقبل الله منهم هذه الطاعة , وإستقبلناهم وسألناهم أن يدعوا لنا بالمغفرة ، فإن الله عزوجل يتقبل دعائهم لأنهم لم يقارفوا ذنباً , ولم يلازموا ريبا.ً.

فكانوا يسارعون إلى استقبالهم ويسألونهم الدعاء قبل أن يخالطوا الدنيا ويقارفوا الذنوب .

هكذا حكمة الله عزوجل في عبادة المؤمنين حتى الذي يودّع الحاج يغفر الله له ذنبه , فما بالكم بالحاج .. والذي يستقبل الحاج يقبل الله دعاءه  ؟      قال صلى الله عليه وسلم :

( إن الله يغفر لأهل عرفات ويضمن عنهم التباعات ويشَفعّهُم فيمن يشفعون فيه ويستجيب لهم الدعاء ويحقق لهم الرجاء) .

فنسأل الله عزوجل أن يرزقنا مغفرته أجمعين وألا يحرمنا من نعيم رحمته ويفتح لنا واسع فضله ويشملنا جميعاً بالعفو والعافية ، ونساله عزّ شأنه أن يصلح جميع أحوالنا وأحوال أولادنا وبناتنا , وأحوال زوجاتنا وإخواننا , وأحوال أهالينا وأهل بلدنا وأحوال المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات .

                                      وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid