الحمد الله رب العالمين. العزيز فى سلطانه والقوى فى جبروته وعلو شأنه، الواضح فى براهينه فى آيات قرآنه. سبحانه .. سبحانه، خلق الخلق وقدر الأقدار ومدبرها، تَنَزَّه عن المقيل بالنهار ليتوب مسئ الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهٌ قوىٌّ شديد المحال، لا يدانى صنعه صنعُ صانع، ولا يقترب أحد من حضرته إلا بتوفيقه وهدايته، ولا يسطيع مارد ولا شيطان أن يغوى عبداً من عباده إلا إذا خذلته مشيئته، فهو الهادى لعباده والرحيم بخلقه، والشفوق بأحوال عباده المؤمنين، يتولاهم فى الدنيا برعايته، ويشفق عليهم إذا أمرهم بطاعته، ويرحمهم إذا وقعوا فى معصيته ومخالفة أمره، بل يدعوهم لذاته فيقول: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (53- الزمر).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، ومصطفاه من خلقه وخليله، جعله الله عزَّ وجلّ فى الدنيا أماناً لأمته، وفى الآخرة شفيقاً لأهل الموقف عن حضرة عزته، وفطر قلبه على الرحمة بالمؤمنين والشفقة على الكافرين، حتى أن ذرة واحدة من رحمته لو وزِّعت على الناس لكفتْ الخلق أجمعين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والشفيع الأعظم لنا أجمعين يوم لقاء الله، وآله وأصحابه وكل من سار على هداه، ونحن معهم يا الله. (أما بعد)
فيا أيها الأخوة المؤمنون: رنَّ فى سمعنا قبل الصلاة آيات كتاب ربنا عزَّ وجلَّ من سورة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وفى الحقيقة أكرمنى الله عزَّ وجل وجاءت فى صدرى خواطر ومعانى كثيرة من عند الله فى هذه الآيات، فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم، ولكن سأكتفى بآية واحدة منها وجدت فيها الشفاء لنفسى وشفاءاً لإخوانى وشفاءاً للمسلمين أجمعين.
آيـةٌ واحدة من كتاب الله، يا ليتنا نحفظها ونعيها، فنسعد فى الدنيا ويوم لقـاء الله. ماذا يقول لنا فيها الله؟ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (7-محمد).
فهو خطاب لكل مؤمن فى زمانه وبعد زمانه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فبعضنا فهم الآية على أنها خطاب لمن يحارب الأعداء الطاغين فى ميدان القتال، وجعل نفسه منها فى راحة – مع أن الخطاب عام لجميع الأنام، للخاص والعام، للحاكم والمحكومين، للجند والمحاربين، ولجميع المؤمنين على اختلاف أعمالهم وألوانِهم وأعمارهم وشئونِهم، فكل مسلم فى حرب منذ سن البلوغ إلى أن يلقى الله عزَّ وجلّ.
والبعض فهم الآية أن الله يحتاج إلى من يعاونه لينصره – حاشا لله!! وهل يحتاج بعد قوة جبروته وقوة سلطانه إلى سواه؟!! حتى الملائكة محمولة بقوة الله، وتفعل بقوة الله، ولا تتحرك إلا بقدرة الله عزَّ وجلّ. والملائكة لا تفعل أمراً إلاَّ بمعونة ومددٍ من الله وتوفيق من الله، فإن الله هو الغنىُّ عن سواه، والذى يحتاج إليه كل ما عداه، فهو غنىٌّ بذاته وبصفاته عن جميع كائناته – من بدء البدء إلى نهاية النهايات – وكلُّ مخلوق وإنْ علا، وكلُّ قوىٍّ وإنْ طغى، وكلُّ قادر وإنْ سيطر وهيمن، لا يسمعون ولا يتحركون إلاَّ بأمر ممن يقول للشئ كن فيكون.
فكل قادر بغير القادر عاجز، وكل قوى بغير مددِّ القوى ضعيف، وكل جبار إذا سلب منه الجبار جبروته لا يستطيع أن يقضى على بعوضة. لكن الله القوى المتين هو الذى يُمِدُّ الخلق بقدرته، ويسيِّرهم بإرادته، ويحكم أحوالهم وأفعالهم وفق مشيئته، لأنه يقول فى قرآنه: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (68-القصص).
إذن ما النصر الذى هو نصرة الله ؟ وعلى أى أمر يثبت أقدامنا جلَّ فى علاه؟ أمور تحتاج إلى توضيح، فأعطونى آذان قلوبكم لعل الله عزَّ وجلَّ ينفعنا أجمعين – ولو بكلمة واحدة – من مائدة القرآن الكريم. أما نصر الله الذى يطلبه منا أن ننصر شريعته، ونصرها أى نعمل بها فى أنفسنا أولاً، ثم فى أبنائنا وبناتنا وزوجاتنا ثانياً، ثم فى مجتمعنا ثالثاً. قدر استطاعتى نعمل بأمره، وننتهى عن نواهيه، رغبة فى رضاه وطمعاً فى الثواب الذى بشرنا به الله، يوم لقاه عزَّ وجلّ.
هذا نصر الله باختصار شديد، وهل هناك ما يمنعنا من العمل بالشريعة مع أنفسنا وفى أولادنا وفى أهلينا؟ نعم، وهذه هى الحرب – الحرب داخلك، فيك قلبٌ يتلقى عن الله، وجعله الله عزَّ وجلَّ صالحاً لاستقبال الأنوار القرآنية، وسماع الأحاديث النبوية، ثم يترجمها ويصدرها على هيئة أوامر إلى الجوارح المنفذة فيك. يصدر أمره إلى البصر بأن يقرأ كلام الله، وأن يغضَّ عن الحرام إذا سار فى الطريق خوفاً من الله، وأن يتحسس الفقراء والمساكين ليعطيهم فيعطيه ويزيد فى درجته عنده الله. ويصدر أمره إلى اليد، وإلى الفرج، وإلى البطن، وإلى الأذن، وإلى الرجل، وتلك هى الجنود التى تنفذ أوامر الرحمن إذا استجابت إلى القلب، والقلب هو النائب عن السلطان الأعظم فى إدارة هذه المملكة، وجعل الله عزَّ وجلَّ الامتحان ليتبين عند الله، ليعلم الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين!!
جعل هناك نَفْساً تحاول أن تمسك بالسلطة فى مملكتك، وتديريها على وفق أهوائها ورغباتها، فاذا تسلطت على الجوارح – والجوارج لا حول لها ولاطول، وليس لها إرادة فاعلة، وإنما هى تنفذ ما تمليه عليها، فاليد لا تمتنع عن طاعتك، إن مددتها إلى فقير امتدت، وان مددتها الى عصيان امتدت، ولذلك يوم الدين تشهد عليك لأنها فعلت مكرهة، فلو كان فعلها باختيارها لكانت شريكة لك فى الحساب وفى العذاب، لكن الله عزَّ وجلّ أنبأ بأنها ستشهد عليك: ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (24-النور). عندما يقع بين الإنسان وبين آخر مشاحنة، الشاهد يكون غير الجانى والمجنى عليه، فالجوارح تشهد لأنها ليست مسئولة وأنت المسئول، وتصدر لها الأوامر وهى تنفذ ما تريد لأن الله أمرها بذلك.
فإذا كان يوم الدين كانت غير خاضعة لسلطانك، وكان أمرها من رب العالمين، فإذا أمر الله عزَّ وجلَّ أهل الموقف بالسجود، يأمر المرء الذى كان منها وتاب فى صلاته أعضاءه بالسجود فلا تستجيب له!!( وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) (42-القلم)، ويكلمهم: ( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (21-فصلت).
الحرب هنا بينك وبين الجوارح، يقولون: أنت الذى أمرت ونحن منفذون، وقد أمرنا الله أن نكون طوع أمرك، والله عزَّ وجلَّ ينصفنا منك الآن، ينصفهم النصيف عزَّ وجلّ. فالجوارح السبعة التى فيك: العين والأذن واللسان، واليدين والرجلين، والفرج والبطن، تنفذ أمرك، طلبت منها اتباع الشرع فتسارع إلى أمرك، طلبت منها العصيان تفعل ذلك لأنها منفذة لك ولأوامرك فى مملكتك، والسلطان سلطانك، فإذا كانت القيادة فى هذه المملكة الربانية التى يقول فيها الإمام علىٌّ رضى الله عنه: ( أتزعم أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر، دؤاك فيك وما تبصر، ودواؤك منك ولا تشعر!! ).
أنت مملكة عظيمة مملوءة بالعجائب والغرائب، لو نظرت فيها – بعين اكتحلت بنور الله، ولو نظرت فيها بقلب امتلأ بنور كتاب الله، ولو نظرت فيها بفِكْرٍ تشَّرب بالعلوم النافعة من رسول الله – سترى فيك العجب العجاب، من صنع الكريم الوهاب عزَّ وجلّ. ألا تدرى أنك الذى حسدتك الملائكة على مكانتك وخلافتك لحضرة الله؟!! وقالوا لله عزَّ وجلَّ فى صورة أبيك آدم عليه السلام: ( قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (30-البقرة). ألا تدرى أن الله جعل الكون كله – عاليه ودانيه، سماواته وأرضه، إينما كنت أنت طوعاً لأمرك؟!! ( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (13-الجاثية)، كلها مسخره بأمر الله.
فأنت فى حرب!! طرفاها فى داخلك القلب والشيطان، القلب قائد جنود الرحمن فى مملكتك، والنفس قائدة جنود الشيطان والعصيان فى مملكتك. فالنفس تريد السيطرة والهيمنة عليك، والقلب يريدك عبداً من عباد الرحمن ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ) (63-الفرقان)، وتبيت لربك ساجداً وقائما، وراكعاً ومسبحا، وتالياً وذاكرا، وتعمل الخيرات وتنتهى عن المنكرات. فإذا قمت بذلك نصرك النصير: ( إِِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (7- محمد).
ينصركم على النفس فلا تؤثر فيك، ولا تخدعك بخُبْثِها وبحيلها وبدهائها، ولا يستطيع الشيطان الذى سوف يوسوس لها أن يقترب منك، فإن الرجل الذى حارب النفس وأعانه الله عليها، قال فى شأنه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم: (عُمَرُ رَجُلٌ يفرُّ الشيطان منه، ما سلك عُمَرُ طريقاً إلاَّ وسلك الشيطان طريقاً آخر). يترك له الطريق كله بما فيه خوفاً منه، فممَّا يخاف الشيطان؟!! من القلب المملوء بنور الإيمان، فإن نور الإيمان يخرج صواعق محرقة تصعق الشيطان، فإذا اقترب من قلب عامر بالإيمان خرج منه صاروخ من نور الرحمن يصعقه فى الحال. والشيطان حريص على نفسه فلا يقترب من قلب عامر بالإيمان، والأمر كما قال شيخنا الشعراوى رحمة الله تعالى عليه قال: ( هل تسرق الشياطين؟ والسارقون لا يسرقون إلا من بيت عامر، أما البيت الفارغ الذى ليس فيه شئ – والبيت الفارغ هو بيت الكافر والجاحد والمشرك، عشش الشيطان فيه، وباض وأفرخ وانتهى منه – وجمع شياطينه على المؤمنين لأن قلوبهم عامرة بنور الله، وبكلمة التوحيد الذى حفظها لنا الله.
فإن الله جلَّ فى علاه – من رحمته بالمؤمنين – جعل تسلط الشيطان على الصدر، والصدر تصدر إليه الأوامر من القلب، لكن قرار القلب .. ومَكمن القلب .. وداخل القلب المعمور بالإيمان، لا يستطيع أن يقترب منه، يقول ربُّ العزَّة:( مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) (4، 5-الناس). لو قال: ( يوسوس فى قلوب الناس ) ما نجا منَّا أحد. لكن القلب عامر بنور الإيمان، فحفظه الرحمن عزَّ وجلّ. حتى المؤمن الذى ابتعد عن حضرة الله زماناً قلَّ أو كثر، يقول فيه الإمام أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه: ( لو كُشِفَ عن نور المؤمن العاصى لملأ ما بين السموات والأرض، فما بالكم بنور المؤمن المطيع؟!!) ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) (201-الأعراف).
فقلبك ملأه الله بنور الإيمان، ولم يجعل للشيطان عليه سلطان، لكن مهمة النفس والشيطان بعد صدور الأمر من القلب إلى دائرة الصدر، ليتوجه إلى الجوارح والأعضاء فينوى الإنسان الخير، لكن دورهم – بعد أن نوى الخير وتجهز له واستعد له – مازالوا به حتى يقعدوه عن فعله، ويمنعونه عن تنفيذه.
هذه هى مهمة النفس والشيطان، تحاول أن تشغل المرء عمَّا يحبُّه الله من زخارف الدنيا ومطامعها، وملذاتها والعلو فيها بغير الحقّ، حتى تشغل المرء عن الله، فإذا لم تستطيع النفس أن تتغلب على المرء واستقام على طاعة الله، تحاول أن تقتل وقته وتجعله يقضيه فى غفلة أو فى لهوٍ أو فى بعد عن الله، فإن الذى بينك وبين الله هو نفسك، ووقتك وحياتك وعمرك لا يقاس بالسنين، ولا بالشهور ولا بالأيام – إنما يقاس عندنا على حسب دورة الشمس والقمر والأفلاك – أما عمرك عند الله كيف يقاس؟ إن قوماً عاشوا دنياهم حياة طويلة، تسألهم ملائكة الله يوم القيامة: ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ. قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ) (112، 113 – المؤمنون). أن حياتنا فى الدنيا كانت لحظات قليلة: ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ) (55-الروم)، حياتنا فى الدنيا كلها ساعة واحدة.
عمرك يقاس بالأنفاس التى تتردد فى صدرك، نفس يخرج وقد لا يعود، ونفس يدخل ولا يخرج، إلى أن تلقى الله. وقد أحصى العلماء العاملون أن للمرء أربعاً وعشرين ألف نفساً يتنفسها فى الليل والنهار، وكل نفس محاسب عليه يوم لقاء الله، فيما أنفقته – فى خير أو فى شرّ، أو فى لهوٍ أو فى عصيان، أو فى غرورٍ أو فى هلاك، أو فى فسادٍ أو فى أعمال صالحة؟ وهذا الذى يتحسر من أجله العباد، ويقولون يوم التناد: ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) (56-الزمر).
حتى من يدخل الجنة سيندم لأنه لم يستزد، ذهب الإمام كمال الدين الأخميمى رضى الله عنه – ناشر المذهب الحنفى فى مصر – لزيارة الشيخ/ عبد الرحيم القنائى فى قبره – وكان من شفافيته يرى من يزوره ويتحدث معه، ولا حرج على فضل الله، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نلقى عليهم السلام، والسلام سنَّة والرد فريضة – وبعد أن انتهى من حديثه معه قال: أوصنى، فقال: أنا كما ترى فى روضات عالين، ولكنى أقول: ( يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) (110-الزمر)، فلا تغفل عن ذكر الله طرفة عين أو أقل.
قال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن بين خمس شدائد: عدو يحاربه، وشيطان يوسوس له، ونفس تخذله، ودنيا تضره، وصديق يحسده).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( اتقِّ المحارم تكن أعبد الناس ).
أو كما قال، ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد الله الذى هدانا لهذا وما لنا لنهتدى لولا أن هدانا الله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنامحمد عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، واعطنا الخير وادفع عنا الشرّ، ونجِّنا واشفنا وانصرنا على أعدائنا، يا رب العالمين. (أما بعد)
فيا أيها الإخوة المؤمنون: سامحونى إن كنت قد أطلت عليكم، وسنوفى الموضوع بعد الصلاة، وندعو الله عزَّ وجلَّ أن يفقهنا فى ديننا، وأن يرينا الحقَّ حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرنا الباطل زاهقا وهالكا ويرزقنا اجتنابه.
اللهم حسن لنا فعل الخيرات، والمداومة على الطاعات، واحفظنا من المعاصى والمخالفات.
اللهم ارزقنا وبنينا وبناتنا وزوجاتنا التوفيق لما تحب وترضى، واجعل حياتنا فى طاعتك.
اللهم اجعل حسناتنا حسنات من أحببت، وعاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم وفق قادة بلادنا وولاة أمور المسلمين أجمعين لما تحب وترضى. اللهم وفقهم للعمل بشريعتك، وخذ بناصيتهم إلى منهج حبيبك ومصطفاك، وأبعد عنهم حواشى السوء، يا ارحم الراحمين.
اللهم انصر عبادك المسلمين المستضعفين فى كل مكان، وأذلَّ الشرك واليهود، واجعل المسلمين فى كل مكان ينعمون بحلاوة الطاعة يا قيوم يا رحمن.