• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:58 PM

Sermon Details

16 يناير 2015

خطبة الجمعة_قيمة العمل وحل مشاكل المسملين

ABOUT SERMON:

شارك الموضوع لمن تحب

الحمد لله رب العالمين، أنزل القرآن تبياناً لكل شيئ، وهُدىً ورحمةً وبشرى وشفاءً للمؤمنين. سبحانه .. سبحانه، خلق الأشياء بقدرته، وسيَّرها بإرادته وحكمته، وشخَّص لكل داءٍ دواء – حدث أو يحدث – فى الوجود بين بريّته، وجعل الشفاء فى كتابٍ (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (42فصلت).

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، شهد لله عزَّ وجلَّ بالوحدانية، وكان يتبع كلامه دائماً بالشهادة لربِّ البرية:

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، قرينان لا يفترقان أبداً، فلا تقبل واحدة منهما إلا والأخرى بجوارها، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ النُطق بواحدة منهما مفردة، وإنما لابد لمن أراد أن يكِّرر ويجدد الإيمان أن يشهد بالوحدانية لحضرة الرحمن، وبالنبوة للنبى العدنان صلى الله عليه وسلَّم.

اللهم صلِّ وسلِّمْ وباركْ على سيدنا محمد الذى علمته ما لم يكن يعلم، وكاشفته بكل ما سيحدث فى هذا الوجود، وجعلته الطبيب الماهر الذى يداوى كل موجود بما نزل فى كتاب الواحد المعبود عزَّ وجلَّ. صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وكل من مشى على نهجه إلى يوم الدين.

أيها الأخوة جماعة المؤمنين: تحدث النبىُّ صلى الله عليه وسلَّم عما يحدث فى هذا الزمان من فتن ومشاكل لا عدَّ لها ولا حصر، فقال صلى الله عليه وسلَّم:

(ألا إنها ستكون فتنٌ كقطع الليل المظلم، فقال الإمام علىٌّ رضى الله عنه وكرَّم الله وجهه: وما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله تعالى فيه نبأ ما قبلكم وفيه خبر ما بعدكم، وفيه حُكم ما بينكم، هو الجد ليس بالهزل وهو الذى لا تنتهى عجائبه، ولا تنقضى غرائبه، من قال به صدق، ومن عمل أُجر، ومن دعا إليه دعا إلى صراطٍ مستقيم)[1].

فجعل فى القرآن الكريم علاج كل ما نراه، وما يحيط بنا وما ألمَّ بنا من فتنٍ فى هذه الحياة، ونريد فى هذا اليوم أن نأخذ آية واحدةً من كتاب الله لنجد فيها بفضل الله حلاًّ لكل مشاكل المسلمين فى هذه الحياة، إسمعوها معى من الله عزَّ وجلَّ وأذكروه وأشكروه:

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105التوبة).

أمر المؤمنين شباباً وشيوخاً، صغاراً وكباراً أن يكون لكل واحدٍ منهم عمل، عملٌ فى دنياه يتكسَّب منه القوت الحلال بالطريقة المرْضية التى جاء بها شرع الله، ليحظى بالبركة فى أرزاقه، والقليل يقوم مقام الكثير.

ويكون أيضاً عملاً يسعد به فى أُخراه، بالقيام الفرئض التى كلفه بها الله جلَّ فى عُلاه، فلا يوجد مؤمنٌ يكتفى بعمل الدنيا – ويطلب العمل الذي ينهض به فى الآخرة – لأن هذا مضمون ويقول فى شأنه النبى صلى الله عليه وسلَّم:

(ليس الإيمان بالتمنى، ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل، وإن قوماً خدعتهم الأمانى وغرَّهم بالله الغرُور، وقالوا: نُحسن الظن بالله تعالى، وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل)[2].

كما لا يوجد ف مجتمع المسلمين عاطلٌ أو قاتلٌ أو متسوِّلٌ، لأن المسلم معه عزّة الله، وعزّة المرء لا تكون إلا إذا كان يأكل مما جنت يداه، فإذا أطعمه غيره فقد هذبه التى أمره أن يكون عليها الله:

(وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (8المنافقون).

حتى لو سألوا لأنه اشتغل بعبادة الله، وأن الدنيا تشغله عن طاعة الله، نقول له: خالفت هدى الله وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

لقد دخل صلى الله عليه وسلَّم المسجد ووجد رجلاً جالساً فيه فسأله ماذا تصنع؟ قال: أعبد الله عزَّ وجلَّ، قال: ومن الذى يطعمك؟ قال: أخى، قال: (أخوك أعبد منك)[3]. لأنه قام بالنهضتين، ومشى فى الطريقين، كفَّ نفسه ومن يعوله فى الدنيا بالأرزاق الحلال، ثم بعد ذلك قام بطاعة ذى الجلال والإكرام عزَّ وجلَّ.

ولذلك نجد أنبياء الله ورسل الله – وهم الذين كلفهم الخالق عزَّ وجلَّ لتحمل أعباء الدعوة إلى الله – كانوا كلهم يمارسون أعمالاً شاقة فى سبيل الحصول على الأرزاق، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلَّم محمد بن عبد الله، اشتغل برعى الغنم، واشتغل بالتجارة لخديجة بن خويلد. وموسى نبى الله اشتغل برعى الغنم، وكل أنبياء الله لو تتبعناهم كان لهم عمل، بل إن نبى الله داود وكان ملكاً وقد قسَّم وقته إلى ثلاث، يومٌ يقعد فيه للحكم بين الرعية، ويومٌ يقضى فيه حاجات أولاده وزوجاته، ويومٌ يتعبد فيه لله عزَّ وجلَّ، وكان من شدة عبوديته لله إذا أخذ فى مناجاة الله انفعل، وكان يقول بقلبه لربه، فتنفعل لمناجاته الجبال والطيور فتلتَّفُّ حوله، وتردِّد ما ينادى به الله عزَّ وجلَّ:

(يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (10سبأ).

فمن شدة خشوعه وحضوره مع مولاه كانت الحقائق تنفعل معه وتردد معه المناجاة التى يناجى بها الله، ومع ذلك كان ينزل إليه بعض الملائكة يجالسونه – لصفائه ونقائه وعُلو حاله – فأنس بهم من تكرار زياراتهم لحضرته، وفى يوم قال لهم: أريد أن تدلونى على عيوبى، أليس فىَّ عيبٌ، قالوا: ليس فيك إلا عيبٌ واحد، قال: وما هو؟ قالوا: أنك تأكل من بيت مال المسلمين، مع أنه ملكٌ على المسلمين!!.

ومنذ ذلك الوقت قرر أن يكون له عملٌ خاص يستغنى به عن بيت المال، وعن مدّ يده إلى جميع خلق الله. ولما عزم بصدق – وأقول ذلك لإخوانى الشباب: من يعزم بصدق فإن الله يلبيه، ويعجّل له قضاء حاجته:

(وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (2، 3الطلاق).

فأراد أن يعمل بصنعة بعيدة عن الخلق، ولا ينازعه فيها أحد، ولا ينازع الخلق فى هذه الصنعة لأنه لا يشبهه أحد، فألهمه الله بصناعة الدروع – وهى حديد يوضع على الصدر فى وقت القتال يحميه من ضربات السيوف وضربات الرماح، والحديد يحتاج إلى كور وإلى نار ليلين ويتشكّل – لكن الله – بصدقه فى إرادته، وحُسن نيته – ألان له الحديد!!!، فكان يمسك الحديد بيده فيلين بغير حاجة إلى كورٍ ولا دخان ولا نار، لأنه نوى وأعانه على تحقيق ذلك العزيز الغفار عزَّ وجلَّ.

فالمؤمن لابد أن يكون له عملٌ فى دنياه، وهذا العمل يكون محاطٌ بسياج شريعة الله، يكون هذا العمل فى ذاته حلال، ولا يتخلله خروجٌ عن شرع الله عزَّ وجلَّ.

فالتجارة حلال، لكن إذا كان فيها غشٌ، أو بخسٌ فى الكيل أو الوزن، أو ضحكٌ على المشترين فى الثمن، أو ما شابه ذلك، فقد خرجت عن دائرة التجارة الحلال، ودخل صاحبها فى قوله صلى الله عليه وسلَّم:

(من غشَّ أمتى فليس منا)[4].

الزراعة هى أحلُّ الحلال، لكن لو أراد صاحبها أن يعجِّل الثمار ويضع لها الهرمونات التى تؤذى الأكباد ـــــــــــــ وتؤذى عباد الله المؤمنين، أو قدم لها السماد الزائد عن الحد أو جاء لها بأنواع الكيماويات، فإنه بذلك خرج عن دائرة الحلِّ إلى دائرة الحرام لأنه يغُش إخوانه المؤمنين. ومن خرج عن دائرة الحلال ماذا له؟!! يسلط الله عزَّ وجلَّ هذا الرجل وأهله على إنفاق المال فيما يغضب الله عزَّ وجلَّ، فينفقه على المسكرات والمخدرات والقمار، وما شابه ذلك من الأمور التى انتشرت فى دنيانا الآن!!.

ولذلك كلّف هارون الرشيد فى عصره أخاه لمراقبة الأسواق، وبعد عامٍ استدعاه وقال له: يا أخى أين المحاضر التى كتبتها؟ – وكان من الصالحين – قال: (يا أمير المؤمنين رأيت الله يقتصّ أولاً بأول من الظالمين، فكل مالٍ جمعوه من حرام سلطهم على إنفاقه فى الذنوب والآثام).

إذن قول الله عزَّ وجلَّ الذى معنا الآن قولٌ فصلٌ: (وَقُلِ اعْمَلُوا) (105التوبة). اعملوا فى الدنيا وفق شرع الله، واعملوا للآخرة على نسق سنة رسول الله والإثنان معاً بهما النجاة فى هذه الحياة، وبهما السعادة يوم لقاء الله.

واعلم علم اليقين أن الذى يمنعك من مخالفة ربِّ العالمين، ومن مخالفة تعاليم سيد الأولين والآخرين أن تراقب الله وتخشاه، وتعلم أنه يطلع عليك فى كل وقتٍ وحين، ويعلم خفاياك:

(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (19غافر).

وسيحاسبك على ذلك يوم الدين:

(فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (105التوبة).

وسيُعرض هذا العمل يوم القيامة فيراه الله ورسوله والمؤمنون أجمعون، وإذا كان هذا العمل على غير هدى الله، كانت فضيحة جمّة تنهدل منها الوجوه حياءً وخجلاً فى هذا الموقف العظيم!!!.

        ولابد أن يعتقد المرء على الدوام أن الله عزَّ وجلَّ يطلع عليه ويراه، فهذا هو الحصن الوحيد إن وُجد فهو الذى يحصّنه من مخالفة الله، ومن الخروج عن شرع الله.

(وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105التوبة).

الأمر الآخر الذى ينهى الإنسان عن مخالفة الله، هو أن يعلم أن هناك أمرٌ لابد من دخوله والحضور فيه، وسيُعرض فى عمله كله على الله وعلى جميع خلق الله، فيا هناء المسلم الذى يعمل بكتاب الله، ويعمل بقول الله وحبيب الله ومصطفاه:

(إن الله يحب إذا عمل عملاً أن يتقنه)[5].

وإذا عمل بهذه الكيفية كانت حتى أعماله الدنيوية تكفيراً لذنوبه، قال صلى الله عليه وسلَّم:

(من بات كالاًّ – أى: متعباً – من عمله بات مغفوراً له)[6].

وذات يومٍ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم رجلاً يشتغل بالفاعل – كما نقول الآن – يريد أن يصافح حضرته ولكنه يخشى من خشونة يده بكثرة ما فيها نتيجة العمل، فأقبل عليه النبى وطلب أن يقبِّل يده وأخذها وقبلها وقال:

(هذه يدٌ يحبها الله ورسوله).

اليد التى تعمل، واليد التى تبنى، واليد التى تمنع صاحبها ومن يعول عن سؤال الناس، اليد التى تقوم على وفق شريعة رب الناس، إذا قمنا بذلك انتهى بيننا ما نراه من فتن الآن، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يحوِّل حالنا إلى أحسن حال، قال صلى الله عليه وسلَّم:

(التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب لا ذنب له)

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الذى ملأ قلوبنا بالهُدى والنور واليقين، وجعلنا من عباده المسلِّمين والمستسلمين لما جاء به النبى الصادق الوعد الأمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُحق الحق ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، الصادق الوعد الأمين، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ بعدها إلا هالك.

اللهم صلِّ وسلِّم وباركْ على سيدنا محمد وارزقنا هُداه، ووفقنا أجمعين للعمل بشريعته يا الله، وارزقنا جواره فى جنة النعيم، وشفاعته يوم الدين أجمعين، آمين .. آمين يا رب العالمين.

أيها الأخوة جماعة المؤمنين:

ربَّى النبى صلى الله عليه وسلَّم أصحابه المباركين على ما قلناه، فكان سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه يدخل إلى المساجد، فإذا وجد شباباً جلوساً فيها سألهم: ماذا تصنعون؟ فيقولون: نعبد الله، فيضرهم بدرّته ويقول: لقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، قوموا لتحصيل أرزاقكم، ثم تعالوا إلى المسجد لعبادة الله عزَّ وجلَّ.

وكان يمشى فى الشوارع فيقول: إنى أرى الرجل فتُعجبنى هيئته فأسأله: ألك حرفة؟ فإن قال: لا، سقط من نظرى. وكان يذهب إلى الأسواق ويمتحن أهلها فى أحكام الربا، وأحكام البيع والشراء، ويقول لهم: (من لم يتفقه فى ديننا من أهل أسواقنا، أكل الربا وهو لا يدرى).

ومن أكل الربا فإن الله يُعلن عليه الحرب، وإذا أعلن الله عليه الحرب فإن الله يمحق مكاسبه فى الدنيا، ويكون فى الآخرة فى جهنَّم وبئس القرار والعياذ بالله عزَّ وجلَّ.

نريد جماعة المؤمنين هذا النهج الكريم، نُعلم أبناءنا حِرَفاً عصرية، والحرف العصرية ما أكثرها الآن، ونعلمه أن يُتقن العمل وأن يبتعد عن الغش بالكلية، وأن يراقب الله فى كل أعماله، ويتقى الله فى كل أحواله، وأن يحافظ على الصلوات فى مواقيتها، وأن يصدق فى مواعيده مع الناس، أن لا يتخلى عن شريعة الله طرفة عين، إذا فعلنا ذلك فإن الله عزَّ وجلَّ يقول لنا أجمعين فى ذلك:

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)

(96الأعراف).

ولم يقل الله: لفتحنا عليهم خيرات، لأن رزق سيدنا محمد وصحبه الكرام والتابعين لهم على الدوام على البركة، إذا نزلت البركة فى القليل أغنت عن الكثير، يرفع الله عنه وعنهم جميع الأمراض، فانظر كم يوفَر من نفقات على العلاج وعلى الأطباء؟!!

يبارك الله فى الطعام: (طعام الواحد يكفى الإثنين، وطعام الإثنين يكفى الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفى الجماعة)[7].

يوفق الله الأولاد ليكونوا بررة أتقياء، يحرصون على برِّ الوالدين، ويحرصون على رابطة الأخوة، ويحرصون على صلة الأرحام، ويحرصون على طاعة الله على الدوام، فيكون فرحاً بهم فى الدنيا، ويتباهى بهم – كما أخبر النبى – يوم الزحام.

إذا بارك الله عزَّ وجلَّ للمؤمن فى وقته فإنه يحصِّل فى العمر القصير ما لم يحصله غيره من الأمم السابقة فى العمر الطويل، لأن الله يرزقه لينفق الوقت فى طاعة الله، فيكون دائماً وأبداً ذاكراً لمولاه، ولسانه رطباً بذكر الله، يحفظه الله من مجالس الغفلة، ومن مجالس السوء، ومن مجالس الغيبة والنميمة، ومن مجالس الجحود والخطيئة، ويجعله – كما قال النبى عيسى عليه السلام: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) (31مريم) – يكون مباركاً فى كل خطواته وأوقاته وأحواله.

إذا تزوّج يجعل الله البركة فى هذه الزوجة، وتكون الزوجة صالحة؛ إذا نظر إليها سرَّته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته، وترعى ذريته على ما يحب الله، وتراقب فى أهله وذوى قرباه شرع الله، ويفرح بها الأهل والأحباب، وتُخرج ذرية طيبة للألباب.

وهكذا تكون البركة فى كل أمر، والبركة يا إخوانى هى الجزء الخفى الذى يعطيه الله باللطف الخفى لعباده المؤمنين:

وكم لله من لطفٍ خــــــــــــــــــــــــــفىٍّ   يدق خفاه عن فهم الزكى

إذا ضاقت بك الأحوال يوماً     فثق بالواحد الفـــــرد العلى

نسأل الله أن يوفقنا للعمل الصالح ولصالح العمل، وأن يرزقنا وأولادنا أرزاقاً حلالاً ويبارك لنا فيها، وأن يوفقنا لذكره وشكره وحُسن عبادته على الدوام، وأن يحفظنا من جميع الفتن فى هذه الأيام، ومن جميع الذنوب والآثام.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل هالكاً وزاهقاً وارزقنا إجتنابه.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، والمسلمين والمسلمات، وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات، يا أرحم الراحمين.

اللهم رُدَّ كيد أمريكا وأهل أوروبا عنا وعن المسلمين أجمعين، وألقِ بينهم بأسك الشديد، وخلصنا من اليهود ومن عاونهم، واجعل فلسطين مقبرةً لهم يا أرحم الراحمين.

اللهم أطفئ نار الحروب المشتعلة فى بلدان المسلمين، أطفئ نار الحرب المشتعلة فى العراق وسوريا، وفى أفغانستان وباكستان، وفى اليمن والصومال وفى كل مكان، واقضى على أهل الفتن القتلة والمروِّعين فى بلادنا يا حنان يا منان.

اللهم ارزق ولاة أمورنا وحكامنا العمل بشريعتك، والقيام بسنة خير بريتك، وتحقيق العدل بين عبادك المؤمنين.

عباد الله اتقوا الله: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (90النحل).

اذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة

*****************************

 

 

[1] اخرج الترمذي عن علي كرم الله وجهه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون فتن كقطع الليل المظلم، قلت يا رسول الله وما المخرج منها ؟ قال صلى الله عليه وسلم: كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم ، وخبر من بعدكم،  وحكم ما بينكم . هو الفصل وليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله،. ومن ابتغ الهدي في غيره اضله الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الاهواء، ولا تلتبس به الألسنه،. ولا تتشعب منه الآرآء، ولا تشبع منه العلماء، ولا يمله الاتقياء، ويخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي تنتهه الجن اذا سمعوا ان قالوا: ( إنا سمعنا قرآناً عجباً). من علم علمه سبق، ومن قال به صدق،  ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجــر، ومن دعا إليه هُــدي إلي صراط مستقيم).

[2]  روى أبو نعيم والدارقطني وابن النجار عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه بلفظ: ( لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي وَلا بِالتَّحَلِّي ، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ ، الْعِلْمُ عِلْمٌ بِاللِّسَانِ ، وَعِلْمٌ فِي الْقَلْبِ ، فَأَمَّا عِلْمُ الْقَلْبِ فَالْعِلْمُ النَّافِعُ ، وَعِلْمُ اللِّسَانِ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى بَنِي آدَمَ ). وروى الترمذي عن شداد بن أوس رضى الله عنه: (الكَيِّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسَه هواها وتمنَّى على الله الأماني).

[3] أ أخرج أبو داود في مراسيله عن أبي قِلَابَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفُقُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي رُفْقَةٍ مِنْ تِلْكِ الرِّفَاقِ رَجُلٌ يَهْتِفُ بِهِ أَصْحَابُهُ ،فَقَالُو: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَانَ إِذَا نَزَلْنَا صَلَّى، وَإِذَا سِرْنَا قَرَأَ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ: “فَمَنْ كَانَ يَكْفِيهِ عَلَفُ بَعِيرِهِ؟ “، قَالُوا: نَحْنُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ: “كُلُّكُمْ خَيْرٌ مِنْهُ”).

[4]  روى الترمذى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام ما هذا قال أصابته السماء يا رسول الله قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ثم قال من غش فليس منا قال وفي الباب عن ابن عمر وأبي الحمراء وابن عباس وبريدة وأبي بردة بن نيار

[5] أحمد والبيهقي والطبراني وأبويعلى عن عائشة رضي الله عنها.

[6] البخرى وأحمد البيهقي والطبرانيعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَهُوَ بَاسِطٌ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:مَا أَكَلَ الْعَبْدُ طَعَامًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ كَدِّ يَدِهِ، وَمَنْ بَاتَ كَالًّا مِنْ عَمَلِهِ بَاتَ مَغْفُورًا لَهُ

[7]  البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.

– 9 –             خطبة الجمعة بدهتورة غربية 16/1/2015 موافق 25 ربيع أول 1436 هـ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid