Sermon Details

……………………………………………………………………
الخطبة العاشرة[1]
ليلة القدر
الحمد لله ربِّ العالمين، أضاء قلوب ذوي القدر بنوره الأعظم في ليلة القدر. سبحانه سبحانه .. ما عظَّمه فهو العظيم، وما كرّمه فهو الكريم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خصَّ بساطعة النور، عباده المقربين في الدنيا ويوم النشور. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صفوة المقربين، وإمام الأنبياء والمرسلين، ونور سرائر العُبَّاد والزاهدين، والشفيع الأعظم للخلائق أجمعين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، واحشرنا في زمرة حزبه المفلحين، وارزقنا فتحه في الدنيا وشفاعته يوم الدين، آمين .. يا ربَّ العالمين. (أما بعد)
إخواني وأحبابي: ونحن في ليالي القدر، ما سرُّ نزولها لنا؟ وتخصيصها بنا؟
ورد في سبب ذلك، أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو كما وصفه ربُّه: ] حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [ (128-التوبة)، لشدة حرصه علينا، كان يريد أن يحضر لنا كل خير من عند الله، وكل برٍّ أنزله الله، فهو لنا بمثابة الأب الشفوق العطوف، ولذا طلب من الله عزَّ وجل أن يطلعه على أعمال السابقين في ديوان الأعمال – وهو تحت عرش الله عزَّ وجل ، مسجل فيه جميع الأعمال التي يعملها العباد، بالصوت والصورة، والحركات والسكنات، ويزيد على ذلك النيَّات الداخلية التي لا يعلمها إلا الله عزَّ وجل.
فطلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرى ويطلع على هذه الدواوين، يراها بالعين النورانية التي أعطاها له المولى عزَّ وجل. فعندما اطلع على الدواوين جلس مع أصحابه، وقال لهم: رأيت اليوم أربعة من أنبياء بني إسرائيل، كل واحد منهم له عمل ثمانين عاماً لم يعص الله فيها طرفة عين، وكلها عبادة صالحة لله، لا يوجد فيها معصية واحدة، فتعجبوا!! فقال لهم: وجدت رجلاً آخر من بنى إسرائيل جاهد في سبيل الله ألف شهر، أى أنه كان كل شهر له غزوة يغزوها في سبيل الله، فتعجب أصحاب رسول الله وأخذوا يبكون ويقولون: له ما ذنبنا يا رسول الله؟ إننا في آخر الزمان، وأعمارنا قليلة!!، فعندما وجد أصحابه حزنوا حزناً شديداً، وهو رءوف ورحيم، أرسل برقية عاجلة إلى حضرة الله: { يا ربَّ جعلت أمتي أقصر الأمم أعماراً، وأقلها أعمالاً}.
وعندما توجَّه بهذا الدعاء إلى الله، نزل سيدنا جبريل وقال له: أبشر وبشِّر أمَّتك، فالمولى يقول لك: ] إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [ (سورة القدر).هذه الليلة اسمها ليلة القدر. ما معنى القدر؟ يعني: ليلة الشرف، وليلة المكانة، وليلة التعظيم عند الله عزَّ وجل، لأن الله أنزل فيها القرآن الكريم: ] شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [ (185-البقرة). |