السؤال الرابع: أُعجب النبي صلى الله عليه وسلَّم بنساء وبنات الأنصار، فما سرُّ إعجابه صلى الله عليه وسلَّم بهن؟
—————————-
الجواب: الحديث واضح، قال صلى الله عليه وسلَّم: (نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهنَّ في دين الله عزَّ وجلَّ)[1]. ما الذي ضيَّع شبابنا وبناتنا في هذا العصر؟ الحياء المصطنع من الآباء والأمهات، كيف؟!!، ابني قد بلغ، من المفروض أن يعلمه أمور البلوغ؟ وشروط البلوغ؟ وما ينبغي فعله عند البلوغ؟ الأب – بالتفصيل وبأسلوب سلس وهين ولين، فلابد أن يكون بيني وبينه أُلفة ومودَّة.
الأب جاعل نفسه ضابطاً في الجيش!!، وعندما يدخل البيت يريد الست أن تقول: حضرة الضابط وصل، إنتباه يا أولاد. أو كل واحد يبحث عن جُحر يختفَّى فيه!!. لا يريد أن يتنزَّل ويكلم أولاده كما ينبغي، فأين يذهب الولد؟ ومن يسأل؟ القرناء!!، ويحصِّل منهم معلومات صحيحة أم غير صحيحة؟!! غير صحيحة، فيأخذوه إلى العادة السرية وكذا وكذا، إن لم يأخذوه إلى منتديات السوء، ويضيع الولد، ومن المسئول؟ الأب.
وكذلك الأم: البنت شارفت البلوغ، تقول لها: تعالى يا بنيتي، أنا شايفة جسمك لف ودار، وعلامات البلوغ بدأت تظهر، وعلامات البلوغ كذا وكذا وكذا، وقبل أن يحدث أى شيء تقول لها: سيحدث لكِ كذا، وينزل عليكِ دم فلا تخافي، وهذا الدم كذا وكذا وينبغي عليكِ أن تفعلي كذا، وحرام عليكِ أن تصلي في هذا الوقت أو تصومي أو تقرأي القرآن أو تمسِّي المصحف. وتسير معها على هذا المنوال. أين الأم التي تفعل هذا في هذا الزمان؟!!، لا يوجد. غاية ما في الأمر إذا نزل عليها دم تقول لها: ضعي فوطة وانتهى الأمر، وحتى كيفية الطهارة في هذا الأمر؟ لا تكلف خاطرها أن تكلمها في هذا المنوال بحجة الحياء؟
وتدخل معها بعض الشيء وتقول لها: طبعاً أنت في سن الشباب، وهذا السن تظهر فيه غريزة أخرى اسمها غريزة الجنس، تجعل البنت تنظر إلى الشباب وتريد أن يكلمها شاب ـ وتتكلم بصراحة على الفور ـ ونفسها في كذا، وانتبهي لكذا ولكذا وكذا، وتصاحبها وتصير صديقة لها، ويكون بينهما خُلطة ومودَّة، وإذا حدث شيءٌ؛ سرَّها أين تقوله؟ عند أمها، فلا تكون البنت تفعل كذا وكذا والأب والأم في غيبوبة!!، والبلد كلها تحكي الحكاية وهما آخر من يعلم!!، لأن الناس يخشون كلامهم فيه، لا ـ الإسلام غير هذا.
نساء الأنصار كن على هذه الشاكلة، يسألون حضرة الحبيب عن كل صغيرة وكبيرة، لماذا؟، ليعلِّمن بناتهن، وكان سيدنا رسول الله معه الممرضة الإلهية، فالحكاية التي لا يستطيع أن يتكلم فيها مباشرةً يقول لهن: عائشة معكن لتفهمكن. ومن حكمة الله عزَّ وجلَّ أن جعل السيدة عائشة لا تتأثر بحمل ولا ولادة، لأن الحمل والولادة يؤدي إلى ضعف الذاكرة – لتؤدي هذه الرسالة للأمة – فهي التي فقَّهت نساء الأمة وهي التي نقلت الأحاديث، والخبايا التي كانت مع رسول الله لنساء الأمة صلوات ربي وتسليماته عليه.
إذن الحياء هنا لا ينبغي، لقول الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (78الحج). الدين ليس فيه حرج، وأضرب مثالاً: لو أن رجلاً مرض أو إمرأةً مرضت بمرضٍ عضالٍ في عضو التناسل فيه، أيكشفه على الطبيب المداوي أم يداريه؟ لماذا؟ للعلاج، وهي نفس الحكاية، فالدين كذلك حتى يُفتي المفتي في المسألة لابد أن يستكشف الأمر كله من جميع جوانبه.
فلابد للأم أن تعرف كل ما يتعلق بالنساء حتى تُحسن تربية أبنائها، ولذلك ورد وقيل: (علموا نساؤكم سورة النور)[2]، لأن فيها أحكام خاصة بالنساء، فيها أحكام الحجاب فتعرف الزيِّ الشرعي الذي تلبسه، فيها أحكام الزنا وما شابه ذلك، فأيضاً تعرف هذه الأحكام، فيها آداب الإستئذان فتعرف كيفية الإستئذان، فيها آداب كثيرة خاصة بالنساء، فتتعلم أحكام سورة النور وتعلمها لبناتها.
هذا ما أمرنا به الإسلام وقال فيه نبي الإسلام: (الرجل راعي في بيته وهو مسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيتها وهي مسئولةٌ عن رعيتها)[3]، وليست مسئولة عن الأكل والشرب والغسيل فقط؟ فهي تظن ذلك، لا ـ إنها مسئولة أولاً عن تعليم بناتها قواعد شرع الله وأحكام دين الله: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) – والأكل والشرب؟ لا شأن لك بهذا – (لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) (132طه). لكن المسئولية الأولى للرجل والمرأة؟ التربية الدينية القرآنية الإسلامية.
********************
السؤال الخامس: زوجي كثير الغضب لدرجة تعدِّي حدود الدين وسبِّه إذا غضب، كيف أتعامل معه؟
——————————
نتعامل بالحكمة الواردة عن سيدنا معاوية رضي الله عنه، كان يقول: (لو كان بيني وبين الأمة شعرة ما انقطعت، إن هم أرخوا شددتُ، وإن هم شدُّوا أرخيت).
طالما أنا أعرف أن هذا الرجل شديد النرفزة، فأنا حالاً أعمل خُطة – كما قلنا الآن – لتجنب إثارته ونرفزته، كيف؟، أريد شيئاً ما أقول له: أنا أريد كذا فإذا غضب، أقول له: لا نتكلم في هذا الموضوع ونفتح فيه في وقتٍ آخر، وأنتظر لوقت يكون فيه رضا بين الطرفين، فأقول له: أنا كنت فتحت معك موضوع كذا ولكنك كنت غضبان، فما رأيك فيه الآن؟
سيكون الرد مختلف لأننا في وقت رضا، فتحتاج إلى الحكمة في التعامل مع الزوج. ولكنها تريد أن تجادله، ومثلها مثله، والكلمة تردَّها بكلمتين، فلابد أن نختلف وممكن أن نتصارع وممكن أن نضرب بعضاً.
هذا لا ينبغي أن يكون بين نساء المسلمين في هذا الزمان ولا عيان، لكن ما بيننا وبين بعضنا: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً) (21الروم) – وليست مودة فقط ولكن معها: (وَرَحْمَةً) (21الروم).
لماذا يغضب؟ جائز واحد أغضبه في العمل، وجائز واحد أغضبه وهو قادم في الطريق، وجائز أنه مُكلف بأمرٍ من العائلة أو من والده أو من إخوته وغير قادر على فعله ولا يستطيع أن يخبرني به، … أمور كثيرة يتعرض لها الرجل ولا يريد أن يُشرك زوجته معه في همه، فألتمس له الأعذار.
ولكن الزوجة تطلب الشيء وتريد منه تنفيذه فوراً، أو تترك له البيت وتمشي، وتقول : أترك لك عيالك تتصرف فيهم، وهل يصِّح هذا الوضع؟!! وهو على الجانب الآخر يزيد في الغضب، ويفلت الزمام بين الطرفين. لكن لابد أن تكون الأمور بيننا وبين بعضنا شعرة معاوية – شعرة معاوية للغريب – ولكن للقريب وللحبيب تكون المودة والرحمة بيننا فتحل كل المشاكل إن شاء الله.
وأحاول قدر الإستطاعة قبل أن أطلب الطلب أن أقدم له بعض المدح والثناء، وأقول له: والله أنا يا فلان لم أجد مثلك في الوجود، ولذلك فأنا أحبك حباً لا يقدر عليه أحد، وأنت كذا وكذا – وتذكر بعض محاسنه. بالله عليكم أي رجلٍ فينا لو كُلم بهذه الطريقة هل سيغضب؟ لا ـ لكن هي تقول له: أنت تارك عيالك عليَّ، ومُلقي الحمل عليَّ ووجودك كعدمه في البيت – مثلاً، وهذا الكلام يحدث، فما ردِّ الفعل؟ يكون العكس على الفور، لكن الحكاية تحتاج إلى الحكمة البالغة التي علمها لنا حضرة النبي في التعامل مع الآخرين.
ندعوا الله عزَّ وجلَّ في هذا الوقت المبارك الميمون أن يمُنَّ علينا برضاه، وأن يوفقنا أجمعين لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا في الدنيا من خيار عباده المقبلين به عليه، وأن يجعلنا من الذين إذا أساءوا استغفروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا ذُكِّروا ذَكَروا. وأن يجعلنا دائماً وأبداً بشرعه عاملين وبسنة حبيبه صلى الله عليه وسلَّم آخذين، وأن يبارك لنا في أبصارنا وأسماعنا وقوتنا كلها، وأن يبارك لنا في أموالنا وأرزاقنا، وأن يبارك لنا في أولادنا وبناتنا، وأن يبارك لنا في بلدنا مصر ويحفظها من شرور الحاقدين والحاسدين وأهل المكر وأهل الشر من أمريكا وأهل أوروبا واليهود أجمعين، ويقضي عليهم قضاءً مبرماً، ويفرحنا بنصره المبين في العاجل القريب، ويملأ بلدنا بالخيرات والبركات والمسرات، ويغنينا عن جميع المساعدات، وينجينا من جميع المؤامرات التي تُحاك لهذا البلد الأمين، ويجعل مصر ووأهلها حاملةً لواء الإسلام إلى يوم الزحام، ويجعلنا دائماً وأبداً من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
وقولوا جميعاً: (نستغفر الله العظيم، الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ونتوب إليه. تبنا إلى الله، ورجعنا إلى الله وندمنا على ما فعلنا وعلى ما قلنا، وعزمنا على أننا لا نعود إلى ذنبٍ أبداً، وبرئنا من شرور أنفسنا، وسيئات أقوالنا، وقبائح أعمالنا، وكل شيء يخالف دين الإسلام).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
أبشروا بمغفرة الله، وانصرفوا مغفوراً لكم، وبارك الله فيكم أجمعين
*********************
[1]روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها : (نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين).
[2]وروى البيهقي (2/ 472/ 2437) عن أبي عطية الهمداني قال :كتب عمر بن الخطاب: (تعلموا سورة (براءة)، وعلموا نساءكم سورة (النور)، وحلوهن الفضة).